مقاييس الجمال عند المرأة: بين الغرب والإسلام 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا الموضوع المهم نقلته من احدى المنديات ولاهميته انصح اخواني واخواتي لقرأته كله
حتى تعم الفائدة…………….

مقاييس الجمال عند المرأة: بين الغرب والإسلام إن الفكرة العالمية السائدة عن المرأة اليوم، هي ما يعرف في عالم الغرب بالمرأة الجميلة، الطويلة، الرشيقة، الناعمة، الشقراء الخالية من العيوب.
إن هذه الفكرة عن المرأة تنع** على مظهرها ولباسها، والصورة التي تصبو إليها، في تقديم نفسها جسدياً للعالم. وهذه الصورة تمثّل هويتها، التي ترتكز على فكرة أن المرأة، هي التي تحدّد لنفسها كل مظاهر حياتها، وطريقة لباسها، وعلاقاتها مع الرجال، إنها ترتكز على فكرة أن لا أحد غيرها يحدّد هذه الصورة، حتى الرب الذي خلقها. هذه هي الهوية التي ترتكز عليها صورة المرأة الغربية، لتكون نموذجاً لصورة المرأة في جميع أنحاء العالم بما في ذلك العالم الإسلامي. ويلعب الإعلام الغربي دوراً كبيراً في تقديم هذه الصورة من صناعة الموسيقى، والأفلام، وتقديم الأزياء، ومواد التجميل، وإعلانات التجميل في المجلات واللوحات الإعلانية، ومنه كذلك البث العالمي لمسابقة ملكة جمال العالم. ففي شهر كانون أول من عام 2024 شاهد العرض أكثر من مليوني شخص من أنحاء العالم. وانطلاقاً من هذه الصورة للمرأة الغربية يُنظر للمرأة المسلمة على أنها قبيحة ومتخلّفة. فقد علّقت شاري بلير (زوجة رئيس وزراء بريطانيا) بصراحة في سنة 2001م في مؤتمرٍ صحفي على طريقة اللباس الإسلامي للمرأة المسلمة قائلةً: "لا أعتقد أن هناك ما يمثّل تخلّف المرأة أكثر من البرقع" وقال السياسي الفرنسي جان ماري لوبان عن الحجاب بأنه (يبعدنا عن النساء القبيحات).

لقد أصبحت الصورة والمظهر، مصدر انشغال النساء في الغرب اللاتي ربطن الجمال بالنجاح والثقة وتقديرهن واحترامهن في المجتمع.

هل البحث عن الجمال مسألة اختيارية أم إلزامية؟إن المرأة الغربية ترى أن البحث عن الجمال مسألةٌ اختيارية، وأنها حرةٌ في أن تحدّد لنفسها الصورة والمظهر اللذين تريد أن تتبناهما في الحياة، على الرغم من أن الحقيقة بعيدةٌ كل البعد عن هذه النظرة السخيفة.

لقد حدّد المجتمع الغربي المقاييس التي تمثل المرأة الجميلة وهي أن تكون طويلة، رشيقة، جميلة، شقراء، مبهجة للحواس، وهذه النظرة للجمال تغصّ بها الآلاف من مجلات الجمال والموضة كمجلة فوغ و La. التي تباع يومياً في شوارع لندن وباريس وروما ونيويورك، وتشجعه صناعة الجمال وأدوات التجميل، وتقدمه العارضات اللاتي يستخدمن في صناعة الإعلان حيث الجسم والمظهر المثالي يقذف على منازل الملايين يومياً مثل كلوديا شيفر، وسيندي كروفورد، ونعومي كامبل… فقد أصبحن مقياساً للنساء يطمحن إليه.

ومع هذه النظرة الطاغية للجمال، والمسيطرة على المجتمع تشعر النساء الغربيات بضغطٍ مستمر لتتأكد من أنها ستظهر جذابة للرجال في المجتمع الذين تأثروا بدورهم بمثل هذه المفاهيم عن الجمال. لقد أصبحت المرأة مستهلكة ومهووسة ومنشغلة غالباً بمظهرها أكثر من أية مسألةٍ أخرى ففي الولايات المتحدة تكرّس النساء العاملات ما يزيد على ثلث دخلهن للمحافظة على الجمال، ووجد أن 55% من النساء صنّفن المظهر على أن اكثر ما يجذب في المرأة، و1% فقط قلن الذكاء. وهذا الضغط لمجاراة التوقعات المحددة عن الجمال قد أنتج عقليةً مستمرة لعدم الأمان والرهبة في النساء الغربيات فيما يتعلق بمظهرهن: هل هي سمينة جداً، أو نحيفةٌ جداً، أو طويلةٌ جداً، أو قصيرةٌ جداً… حتى أن تقريراً صدر عام 1985 في نيويورك تايمز يقول: (غالباً ما يظهر المعاقون جسدياً رضاً كاملاً عن أجسادهم، بينما النساء القادرات جسدياً اللاتي رأيناهن لا يظهرن ذلك). وصرّح الدكتور آرثر كي بالين الذي كان رئيساً للمنظمة الأميركية للشيخوخة في 1988م: "إنه سوف يفيد الأطباء النظر للقباحة ليس كشيء تجميلي بل كمرض".

في خضمّ هذا البحث عن الجمال أصبحت المرأة معاقةً بسبب قلّة الثقة واضطهاد العقل. وأصبحت حتى العارضات لا يثقن بشكلهن، ففي مقالٍ نشرته حديثاً جريدة الأندبندنت أظهر معاناة العديد منهن مثل كارين مولدر التي عانت من مرض فقدان الشهية والإحباط، وأخذت مؤ***ً جرعةً مضاعفةً من كبسولات التنويم التي أدخلتها في غيبوبة. وهنا يبدو واضحاً أن فكرة أن الجمال يقود إلى السعادة وهمٌ وتخليط.

وإذا بحثنا في فكرة أن المرأة الغربية هي التي تقرر لنفسها طريقة لباسها، وتحدد ما هو جذاب، وما هو غير جذاب يمكننا أن نرى أن الحقيقة غير ذلك.

فصناعة الموضة العالمية التي تقدّر بـ 105 ألف بليون دولار (أضخم من نفقة الصناعة العالمية للأسلحة) هي التي تضع الأساس لما هو مقبول من اللباس للمرأة ولما هو غير مقبول، وهي التي تحدّد المظهر الجذاب من غيره مما يجعل المرأة تحسّ مرةً أخرى بالضغط لمجاراة الموضة حتى تُقبل في مجتمعها ولا يسخر منها أصدقاؤها أو زملاؤها. والذي يضع المقاييس في كيفية تقديم المرأة نفسها هم مصممو الأزياء المشهورون في العالم وغالبيتهم من الرجال مثل فرزاتشي وجون جاليانو… ومثل هؤلاء الرجال الذين يؤمنون بمبدأ الحرية التي تنبعث من اعتقادهم الدنيوي يرون أنهم أحرار برؤية المرأة في أي وضعٍ يتمنونه وقد عرفوا الملابس الجميلة أنها التي تظهر شكل المرأة وجسمها، وكلما كانت أقل ستراً كانت أكثر جمالاً.

لذلك فإن البحث عن جمال الجسد ليس اختيارياً بالنسبة للمرأة الغربية. وفكرة أنها حرة في اختيار شكلها بنفسها هي ***فة. وهذا الأمر لم يبنِ الثقة بالنفس، واحترام الذات في المرأة، ولكنه صنع عقلية عدم الأمان والهوس بمظهرها.

توقعات غير واقعية:إن توقّع الوصول إلى قياس طولٍ معيّن، ووزنٍ معيّن، ولون بشرةٍ معيّن، ولون شعرٍ معين، وشكلٍ معيّن وعمرٍ معيّن، للنساء في العالم أو في أي مجتمع، أمرٌ غير منطقي، وغير واقعي. ويصبح حالةً مرضيةً، إذا وجدت النساء أنه يجب عليهن ذلك. ففي استفتاء أجرته جامعة سينسناتي للطب عام 1984 على 33 ألف امرأة وجدت أن 75% من اللاتي أعمارهن من 18 إلى 35 يعتقدن أنهن سمينات بينما 25% منهن كن طبياً فوق الوزن المطلوب، و45% من النساء اللواتي وزنهن دون المطلوب اعتقدن أنهن سميناتٍ جداً، مع لفت النظر هنا إلى أن مقاييس الوزن جمالياً غير صحية ولا تتوافق مع المقاييس الطبية لذلك فإن حقيقة التفكير بهذه المقاييس لا تلائم حقيقة الحياة.

ثم إن صناعة الإعلان تظهر العارضات بالشكل الذي يزيد بيع المجلات وأدوات التجميل أو منتجات الأزياء. يقول بوب كيانو الذي كان مخرج الفن في اللايف ماجازين: "لا توجد صورةٌ لامرأةٍ غير معادٍ ضبطها". وتقول دلماهين التي كانت محررة لمجلتين نسائيتين إن "صور المشاهير الذين تزيد اعمارهم عن الستين تطوّر ليبدوا أكثر جمالاً وأصغر من أعمارهم الحقيقية ووجه المرأة التي في الستين يضبط لأن يكون وجهها في الخامسة والأربعين". والأمر يظهر أكثر في التصوير عن طريق الكمبيوتر حيث يتم تغيير مظهر العارضات وقسمات وجوههن.

حتى النساء المعروفات في الغرب بأنهن في قمة الجمال قد قمن بعمليات تجميل حتى يكون لهن شكلاً معيّناً ووجهاً مثالياً. وقد قالت مرة المغنية وملكة عمليات التجميل شير "لا أدري كم مرةً أستطيع ضرب هذا الوجه حتى الخضوع".

إن هذه التوقعات غير المنطقية الموضوعة للمرأة حتى تصل إلى الجسم المثالي جعلت المرأة العادية لتلحق بالركب مستعدةً للخضوع لعملياتٍ خطيرة. ففي عام 2001 أجرت الجمعية الأميركية للجراحة التقويمية الجمالية إحصاء كان هناك 8.5 مليون عملية تجميلٍ جراحية وغير جراحية مع نساء يشملن 88% ممن أُجري عليهن الإحصاء. وكانت أول خمس عمليات تجميلية هي: جراحة تعويضية لإزالة الدهن، وجراحة الجفون، وتكبير النهد، وتغيير شكل الأنف، وشدّ الوجه.

إن مثل هذه التوقعات للحصول على شكلٍ معيّن ليس فقط غير منطقي بل هو خطير لأنه يسبّب العديد من المشاكل والاضطرابات. فعلى سبيل المثال: إن عارضات الأزياء والممثلات لديهن درجات دهون في الجسم أقل 10% من وزن الجسم بينما النسبة المطلوبة طبياً هي 22-26% وهذا يدفع هؤلاء العارضات والممثلات للقيام بتمارين رياضية شاقة، وتناول مسهلات لمنع امتصاص الغذاء في الجسم وببساطة عدم الأكل. وهذا الهوس بشكل ووزن الجسم ينتج اضطراباً في الأكل، وانخفاضاً في درجة الحرارة، وانخفاضاً في ضغط الدم، واضطراباً في دقات القلب وعدم الخصوبة، ويمكن أن يكون أحياناً قاتلاً.

وفي الولايات المتحدة ادّعت المؤسسة العالمية للصحة العقلية أن كل يومٍ في الولايات المتحدة ينفق الأميركيون بالمتوسط 109 مليون دولار على الحمية. وواحدة من كل 20 امرأة تعاني من فقد الشهية. وواحدة من كل ثلاث ممن يتبعون الحمية يصبح لديهن تصرفات وأخلاق مكروهة، وكل 1 من 2 يصبح لديه اضطراب أكلٍ جزئي. وحسب جمعية بوليميا فإن 1000 امرأة تموت سنوياً بسبب مرض فقد الشهية. وفي عام 2000 نشرت الجمعية الطبية البريطانية في تقريرٍ يناقش أسباب ارتفاع مرض فقد الشهية في المملكة المتحدة قالت فيه: "إن هوس الإعلام بالعارضات النحيفات ساهم بصورةٍ مؤلمة في تضخّم اضطرابات الأكل بين الفتيات الصغيرات". وقد ظهرت على الإنترنت مواقع تشجع النساء على النحافة. ومن ذلك عنوان (وصايا النحافة) ومن هذه الوصايا: إن لم تكن نحيفاً فإنك لست جذاباً – أن تكون نحيفاً أهم من أن تكون صحيحاً – الميزان هو الأهم – أن تكون نحيفاً لا تأكل هي العلامات الحقيقية للنجاح والقوة.

قيمة المرأة في الغربإن المرأة في الغرب تقيّم وفق مستوى جمالها بدلاً من ذكائها. وأغلب الرجال الذين يحملون عقلية الغرب يبحثون عن الشكل عوضاً عن الذكاء في علاقاتهم، يبحثون عن البيضاء، الطويلة، الرشيقة (الغنيمة) ليتباهوا بالصيد أو الجائزة أمام أصدقائهم وعائلاتهم. لذلك ليس من المفاجئ أن لا تشعر المرأة في الغرب بالأمان فيما يتعلق بشكلها فهي لا تستطيع أن تمنع زوجها أو صاحبها من الهروب مع الفتاة التالية التي تكون أجمل أو أكثر رشاقةً، أو أطول أو أكثر بياضاً.

كذلك، فإن توظيف المرأة، وترقيتها في العمل تأثر إلى حدٍّ كبيرٍ بصورة المرأة هذه. وشمل هذا التأثّر كل القطاعات تقريباً. ففي الولايات المتحدة قالت امرأةٌ أميركية أن رئيسها أبدلها في أحد الأيام دون سابق إنذار قائلاً لها: "إنه يريد أن ينظر إلى امرأةٍ أصغر حتى ترتفع معنوياته".

أما الوظائف التي تحصل عليها المرأة في الغرب ويدفع لها أكثر من الرجل هي عرض الأزياء والبغاء. ويمكن أن تتقاضى عارضةٌ مشهورةٌ في بعض الأحيان 10 آلاف دولار في يومٍ واحد.

وكثير من النساء يحصلن على ترقيةٍ في العمل لا على أنها تحسن أداء عملها وإنما على أساس أن رئيسها يراها كشيءٍ يداعب رغباته ببساطة.

أما التحرّش الجنسي فقد بات منتشراً في كل جزء من المجتمع، ففي دراسةٍ سجلت من قبل الجمعية الأميركية للمرأة الجامعية عام 1993 صرّحت أن 85% من فتيات المدارس قد تمّ التحرّش بهن جنسياً. وفي أرقام المكتب الرئيسي البريطاني أن 1 من 20 امرأة في إنكلترا وويلز يغتصبن كل يوم. وبحسب مجلة مسز الأميركية عام 1988 أجاب 83.5% من الرجال بـ(نعم) للعبارة التالية (بعض النساء يبدين كأنهن يردن أن يغتصبن).

تجارة الجمالوهكذا تبدو الحقيقة واضحة: إن الجمال لم يجلب الاحترام للمرأة في الغرب، ولم يرفع حتى من مكانتها أو يجعل لحياتها قيمة. لقد أصبحت المرأة الغربية مادة تقيم بالمظاهر الخارجية عوضاً عن تفكيرها وذكائها. وصدق فيهم قول اللَّه تعالى: ] وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ[، وصدق فيهم حديث رسول الله r: «تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة، إن أعطي رضي وإن لم يعطَ سخط، تعس وانت**، وإذا شيك فلا انتقش» رواه البخاري؛ والخميصة نوع من الثياب المزركشة.

إذا كان هذا هو الواقع، وهذه هي الدراسات والإحصاءات التي تدل عليه، فلماذا تستمر المرأة الغربية في نظرتها هذه؟، ولماذا لا تلاحظ النساء أنهن يخدعن كل يوم؟ ثم لماذا تقدم المرأة الغربية كقدوةٍ للنساء في العالم لتقليدها؟

إنها الشركات الرأسمالية البغيضة. إن المال، والفائدة، والجمال، والتجميل، وتجارة جراحة التجميل تقودها مؤسسات متعددة البلايين، ويجب أن يحافظ على عملية البحث عن الجمال حتى يحافظ على احتياطي الفائدة لهذه الشركات. تقول نعومي وولف في كتابها (***فة الجمال): "صورة المرأة في الغرب تستمر بكونها القدوة للنساء في مختلف بقاع العالم لتغذية الشهية لبعض مدراء الشركات الطامعين وملاّك المؤسسات".

إن صناعة الجمال في المملكة المتحدة تؤمن 809 بليون باوند كمصدر دخلٍ كل عام. ولصناعة الأزياء مصدر دخلٍ عالمي هو 105 بليون دولار. ومواد الحمية تجني 74 بليون دولار في الصناعة السنوية في الولايات المتحدة بحسب مجلة تايم 1988. ويمكن لجراحٍ تجميلي **ب مليون دولار في السنة. وعندما فازت الهند بمسابقة ملكة جمال العالم لسنتين، علّقت عدد من الجماعات النسائية بان السبب في ذلك ليس الجمال الأخاذ لملكة جمال الهند، ولكنه رغبة الشركات العالمية للتجميل في التغلغل في السوق الهندية.

بالإضافة لذلك تستقبل وسائل التلفزيون والمجلات مئات الملايين في الإعلان حتى تقدم صورة المرأة الجميلة التي من المفترض أن تلبس أو تستخدم منتجاتهم.

وبعد هذا العرض، فهل على المرأة أن تخدع بهذه الأكاذيب وصور الغش التي تحاط بها المرأة الغربية أم أن عليها أن تفكر ملياً بالهوية الصحيحة والصورة التي يجب أن تتبناها للحياة؟

يتبع…………….
http://www.al-waie.org/home/

لقد حدّد المجتمع الغربي المقاييس التي تمثّل المرأة الجميلة، وهي أن تكون طويلة، رشيقة، جميلة، شقراء، مبهجة للحواس، خالية من العيوب… وصارت المرأة تقيّم بناءً على هذه المقاييس عوضاً عن تفكيرها وذكائها، وهذا ما صنع عند المرأة عقلية عدم الأمان، والهوس بمظهرها. فهل على المرأة أن تخدع بهذا؟ أم أن تفكر ملياً بالهوية الصحيحة، والصورة التي يجب أن تتبناها للحياة؟
لسوء الحظ أثّرت مقاييس الجمال، بحسب مفهوم الغرب، على الكثير من النساء، في العالم الإسلامي. والأمر ليس مفاجئاً؛ لأن الثقافة الغربية قد غزت عقول المسلمين، ولقد كان لإعلامهم الموجّه تأثيره البالغ في نقل صورة المرأة النموذجية بنظرهم، فالمجلات التي تتحدث عن طرق الحياة الغربية، وتعرض صورة المرأة النموذجية من مثل (فوغ) و(كوزموبوليتان) و(ماري كلير)… تنتشر في مدن، با**تان، وبنغلادش، وتركيا، ولبنان، ومصر،… وسائر مدن العالم العربي والإسلامي.
ودور التجميل، التي تهتم بإبراز صورة المرأة الغربية المرغوبة، تتزايد بصورةٍ واضحة. ففي شهر تشرين الأول عام 2024 قدمت الـBBC تقريراً عن قصةٍ في أفغانستان تسمى (حرية أحمر الشفاه الأفغاني)، وناقشت القصة مشروعاً ممولاً من الولايات المتحدة، لتزويد المرأة في أفغانستان بمدرسة جمال ذات طابع غربي، وتبنى في كابول، داخل مجمع وزارة أفغانستان لشؤون المرأة، على أن يكتمل إنشاؤها في أيار 2024، هدفها تدريب بعض نساء أفغانستان على قص الشعر، وتجارة الجمال، مع تزويدها بمساحيق التجميل، من أرقى شركات أدوات التجميل مثل (ريفلون) و(ماك). فمن بين كل المشاكل التي تواجهها النساء في أفغانستان، من مثل المجاعة، وقلّة الوصول إلى المياه النظيفة، وتفشّي الأمراض، قرر الغرب أن الأولوية للمرأة الأفغانية، ويبدو واضحاً أن الهدف هو غرس الرغبة، في تقليد مظهر المرأة في الغرب، داخل عقول النساء.
ولسوء الحظ، مرةً أخرى، تبنّى عددٌ كبير من النساء المسلمات، صورة المرأة الغربية المبنية على الهوية الغربية،
والنظرة الغربية للحياة، التي تقوم على فصل الدين عن الحياة، وصار معيار الجمال عندهن أن تكون الواحدة منهن: طويلة، شقراء، رشيقة، شابة، نحيفة، جميلة… وعند البحث عن فتاةٍ للزواج، ربما يبحث الولد أو والديه، عن فتاةٍ تلائم هذه المواصفات عوضاً عن البحث عن قوة دينها، عملاً بفكرة «الأكثر شقراء الأكثر جمالاً»، وصارت الفتيات يستخدمن أشياء متنوعة، لتفتيح لون جلودهن حتى التبييض، غير مباليات بالعواقب (أحد أنواع منتجات التبييض يسمى جولن، ارتبط اسمه بالسرطان).
والممثلة الهندية (أشواريا راي) المشهورة تعجب بها الكثير من الفتيات الآسيويات بسبب بشرتها الفاتحة، وعينيها الزرقاوين بالإضافة إلى أن جراحة التجميل، والأنورو**يا (مرض فقد الشهية) أصبحا أكثر انتشاراً، بين النساء المسلمات اللاتي يعشن في الغرب، وفي العالم الإسلامي. ومؤ***ً ناقش البرنامج الوثائقي (الإيمان والأزياء)، على الـBBC بالتحديد، موضوع كيفية استطاعة المرأة أن تكون مسلمة، وتكون في الوقت نفسه جزءاً من دائرة الأزياء،
وكان الهدف الأساسي من هذا البرنامج هو التركيز على المرأة المسلمة التي تعيش في الغرب، لتتبنّى فكرته عن الجمال، وكذلك العمل على تصدير صورة الجمال إليها، بهدف إدماجها في المجتمع على الطريقة الغربية، مما يسبب خسارتها لهويتها الإسلامية، ونسيانها لمسؤولياتها والتزاماتها كامرأةٍ مسلمة.

الإسلام وفكرة الجمال

على ع** الهوية الغربية التي جعلت العقل ورغبات الإنسان أساساً يحدّد كيف يعيش الإنسان في هذه الحياة، فإن الهوية الإسلامية مبنيةٌ على الإيمان باللَّه الخالق المدبر. فهو سبحانه وحده الذي خلق، ووحده الذي يعلم ما خلق، ووحده الذي يعلم ما يصلح لهذا الخلق من نظام وتدبير، ومعرفة وتنظيم…
وعلى ع** طريقة الحياة، التي تقوم على الحريات العامة بحسب المفهوم الغربي، والتي منها الحرية الشخصية، التي تقضي بحرية كل من الرجل والمرأة، في تحديد طريقة لباسهما، وشكل صورتهما، ونظرتهما لبعضهما، والعلاقات التي تنشأ بينهما، فإن المسلم، رجلاً كان أو امرأة، يعيش حياته على أساسٍ من طاعة ربه، ويعتقد أنه محاسب يوم القيامة على أعماله، على اعتبار أن ما يقوم به يجب أن يكون متقيداً بأوامر اللَّه ونواهيه. لذلك لم يترك الإسلام للمسلم، ذكراً كان أو أنثى، أن تكون حاجاته وغرائزه هي التي تقرر له نظامه، بل ما جاء في القرآن والسنة. قال تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا[الأحزاب/36].وقد حدّد الإسلام للمرأة المسلمة الصورة التي يجب أن تتبناها في ظروف عديدة، ولمن تظهر جمالها الكامل.
– إن الصورة التي فرضت على المرأة المسلمة، في حضور غير المحارم (الذين يمكن أن تتزوج منهم)، هي أن كل جسدها عورة ما عدا وجهها وكفيها. ويحرم أن تكون ملابسها خفيفة بحيث تصف لون بشرتها، أو أن تكون ضيقة بحيث يمكن رؤية تفاصيل جسدها،

فقد روى أبو داود عن قتادة عن النبي : «إن الجارية إذا حاضت لم يصلح أن يرى منها إلا وجهها ويداها إلا المفصل». وقال تعالى: وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[النور/31].

بالإضافة إلى ذلك، لا يجوز للمرأة المسلمة، في حضور غير المحارم أن تتبرّج، أي أن تتزيّن بزينة تلفت النظر، قال تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا[الأحزاب/33].

– إن الإسلام قد فرض على المرأة المسلمة اللباس الشرعي في حياتها العامة، عندما تخرج من منزلها، وهذا اللباس مؤلّف من الخمار (غطاء للرأس بأكمله، والرقبة، وفتحة الثوب على الصدر) والجلباب (فستان من قطعةٍ واحدة يغطي ملابسها المنزلية، ويتدلى للأسفل حتى الأرض). وإذا غادرت المنزل بدون هاتين القطعتين من الملابس فسوف تكون مذنبة لأنها خالفت أمر خالقها. وعندما سئل رسول اللَّه  عن التي ليس لديها جلباب، قال: «لتلبسها أختها من جلبابها».

ثم إن المسلمة بعد ذلك عليها أن تهتم بجمالها الخاص بحيث يكون لافتاً للنظر أمام زوجها فقط، وأن تظهر بما يجعلها جميلة، وأنيقة، ونظيفة، ومبهجة للنفس، في نظر زوجها، ومن غير أن تكون مهووسة بمعايير الجمال الغربية التي جعلت المظهر مقدماً على الجوهر، والتي جعلت المرأة **لعة وليست كإنسانة، واستغلت أنوثتها استغلالاً غريزياً ممجوجاً. وهي باهتمامها بنفسها، ضمن تعاليم الإسلام، من غير مجاراة لطريقة الحياة الغربية، تضمن لنفسها رضى خالقها، ورضى زوجها، وحماية أسرتها من التفكك، والضياع، كما هي الحال في الغرب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.