في وقت قريب شاء الله أن التقي مع شخص تربطني به معرفة سابقة …
فبعد ترحيبي به والتعبير له عن مدى سروري بلقياه … لاحظت أن ملامحه تعلوها
الكآبة وأنه يخفى في صدره هموماً أثقلت كاهله ولم يعد يقوى على حملها ؟
شدني الفضول لأسأله عن سبب تغير ملامح وجهه وأن الحزن ي**وها بعد أن كانت البشاشة
لا تفارقها ؟
وتنهد في حسرة …. أحسست معها أن في جوفه ناراً تتقد وتتأجج …
ثم أردف قائلاً : لقد حلت بي مصيبة عظيمة فالحمد على كل حال .
قلت له : خير إن شاء الله … أي مصيبة سلمك الله .
قال : لقد طلقت زوجتي ؟؟؟ ولكن لعلي أنا السبب في حدوث هذا الأمر .
قلت : أنت السبب … ؟ كيف … ولماذا طلقتها وهي أم أولادك ولك معها فترة طويلة
من الزمن … فأنا أذكر منذ صغري عندما تزوجت بها أنك تزوجتها عن حب وقناعة ؟
ما الذي حدث ؟
نظر إلي وجفونه ذابلة ولا تكاد عيناه تراني … وقال : لأني كنت أحبها فقد تركت لها
الحبل على الغارب … وكنت ألبي كل ما تطلبه دون تردد …
أستغلت هذه الطيبة ولم تعرف معناها الحقيقي ولم تستدل من خلالها على مدى تعلقي بها ؟
ولكن سامحها الله .
قلت : أريد معرفة السبب ولو تكرمت بعض التفاصيل حتى أفهم أكثر وأعرف السبب
الحقيقي وراء هذا الطلاق … وإن كنت حشري على قول إخواننا المصريين .
أبتسم إبتسامة … أشك في أن ملامحه هجرتها منذ مدة … وقال :
منذ فترة لاحظت أن سلوك زوجتي قد تغير … لم تعد تهتم بي ولا بأبنائنا الأربعة والذي أصغرهم يبلغ من العمر سبع سنين … لاحظت كثرة أتصالاتها ببعض رفيقاتها ممن لايعجبني سلوكهم … ولكن كان يمنعني من ردعها حبي الأعمي لها والذي أحمله السبب الرئيس في تمردها علي .
وفي أحد الأيام أفتعلت مشكلة في البيت وعلى الفور فاجأتني بطلب الطلاق … ضحكت على حسن نيتي وقلت لها لاتمزحي بمثل هذه الألفاظ فإنت تعرفين مدى حبي لك ؟
ولكن كان الأمر في غاية الجد وأخذت تصرخ وتطلب مني أن أطلقها … فلما لم أعرها أي إهتمام … أخذت ت**ر كل محتويات البيت من أثاث … غرفة النوم والمطيخ وغيرها … لك أن تتخيل لم يبقى شيء في البيت إلا وناله التحطيم والت**ير .
أبناؤنا أصابتهم الدهشة .. وظنوا للوهلة الأولى أن أمهم أصابها الجنون أو أن بها مس ؟
وأمام هذا الواقع المؤلم وافقت على طلبها على أن تتوقف عن هذه التصرفات وطلبت مني
أرجاعها إلى أهلها بمفردها فهي لاتريدني ولا حتى تريد أبنائها ..ففعلت ما أرادت .
بعدها أص***ي الهم والغم … بيتي أثاثه محطم تماماً .. بل إن نفسيتي أكثر تحطماً منه ؟
أبنائي ينظرون إلى بفزع خوفاً من أن يحدث من أي تصرف مشابه لما قامت به والدتهم
أخذت أهدأ من روعهم … وأذكرهم بالله وأن هذا حال الدنيا وأن مثل هذه الأمور قد تحدث
في أي بيت … وأن يلتفتوا لدراستهم وسأقوم بخدمتهم وتلبية كل طلباتهم رغم إمكانياتي
المادية الضعيفة .. والحمد لله على كل حال .
توقف لحظة عن الحديث … وكأني ألمح في قسمات وجهه أن الدافع وراء طلبها
الطلاق هو الطامة الكبرى التي تجثم على صدره .
ثم واصل الحديث بقوله : تعرضت بعدها لوعكة صحية قرابة الشهر …
وبعد فترة من الزمن … وبعد إنقطاع أخبارها عنا … علمت بأنها تزوجت …
هنا بدأت أبحث لماذا تتزوج … هل قصرت معها في شيء ؟
إذا كانت ترى أن الحياة في ظل زوج وأبناء لا يروق لها ؟
إذن لماذا تكرر الزواج مرة أخرى ومع شخص آخر ؟
ولكن بعد التحري ظهرت لي خفايا طلب الطلاق …
أتذكر في بداية حديثي عن رفيقاتها اللاتي لم أكن أرتاح لهنَّ .
هنَّ السبب ؟
أتدري كيف ؟
قلن لها إن حياتك هذه مملة وستعيشين في فقر دائم … وستهرمين قبل موعدك
وأنت في ريعان الشباب ؟
وكنَّ قد وصفنها لشخصٍ يعرفنه ميسور الحال فأغراهنَّ بأن تطلب من زوجها الطلاق
وسيتزوجها ويغدق عليه المال الوفير ؟
هنا لعب الشيطان بعقلها .. ودارت بينه وبينها اتصالات عديدة دون علمي ..
وكان موعد التنفيذ وتم لهما ما خططا له .
وفعلاً … تزوجها وهي تعيش معه حتى هذه اللحظة .
وقد عرضت عليها عن طريق أخيها أن تسمح لأبنائها بزيارتها من باب ( ولاتنسوا الفضل بينكم ) ولو لمدة ساعة أضعهم عند بابها وأرجع لهم فيما بعد ..
ولكن أتدري ماذا كان ردها … !
قالت : أنا لا أريد رؤيتك ولا رأيت أبنائك … وإذا لم تكف عن هذا الموضوع سوف ترى
ما لا يسرك ؟
تعجبت في نفسي وقلت هل يعقل أن يصل الأمر ببعض النساء إلى هذه الشدة والجفوة
حتى على أبنائها أي قلب تملك هذه المرأة … ؟
ولكن ما أٌقول إلا : حسبي الله ونعم الوكيل والحمد لله أولاً وآخر .
من القصة السابقة والتي حصلت بالفعل وقد يحصل الكثير من أمثالها وأكثر في مجتمعاتنا
ولكن لو وقفنا مع هذه القصة المحزنة وسألنا أنفسنا يا ترى ما هو السبب الرئيسي وراء
تمرد هذه الزوجة على زوجها ؟
ولعل السبب في نظري هو الإنشغال عن الزوجة والأبناء بأمور الحياة وعدم المتابعة الدقيقة
لتحركاتهم وتصحيح الأخطاء التي يقعون فيها … ( مع من يجلسون ؟ ماذا يناقشون ؟ ما صفات رفقائهم وهل يصلحون للرفقة أم لا ؟ وسائل الإعلام ماذا تعرض ومدى تأثيرها
عليهم ؟ ) وأمور كثيرة يغفل عنها الزوج ويضنها أمور عادية وأن الثقة
موجودة وسلامة النية هي الأصل … فل يفعلوا بعد ذلك ما شاءوا ؟
وفي النهاية تكون قاصمة الظهر … وحينها لا ينفع الندم … وينبعث من الجرح الألم
ولي في الختام كلمة مع كل ما سبق ذكره من تبرير لحدوث مثل هذا المأساة
هل يعقل أن يكون للمرأة قلب بكل هذه القسوة لدرجة التخلي عن فلذات كبدها
ومن أجل ماذا من أجل حطام الدنيا وزينتها … وأي لذة هذه التي طغت حتى
على جانب الحنان والعطف والرحمة والتي عرفت بها النساء ؟؟؟
…………………………………..
soh210el@hotmail.com