لاشك أن النفس بطبيعتها محبة للخير ، تعمل على التماس السبل التي تسوق لها السعة في الر** والبركة في العمر والأجر ، والرسول صلى الله عليه وسلم يخاطب بهذا الحديث هذه النفس ، فيرشد إلى طريق السعة في الر** وكثرته ، وإلى طريق التوفيق في العمل ، فيهدي العبد إلى العمل الكثير ، ذي الأجر الجزيل ، في عمره القليل ، ووسيلة بلوغ ذلك كله صلة الرحم .
ولاشك أن صلة الرحم باب خير عميم ، فيها تتأكد وحدة المجتمعات وتماسكها ، وتمتلئ النفوس بالشعور بالراحة والاطمئنان ، إذ يبقى المرء دوماً بمنجى عن الوحدة والعزلة ، ويتأكد أن أقاربه يحيطونه بالمودة والرعاية ، ويمدونه بالعون عند الحاجة
ويهدي تأمل جماليات البيان النبوي في الحديث الشريف إلى إدراك شفقة الرسول صلى الله عليه وسلم بأمته وحرصه على توجيهها إلى ما ينفعها ، فالحديث يقوم على أسلوب شرط ، يقوم فعله على سرور السامع وسعادته ، ويكشف جوابه عما يحقق هذه السعادة المرتجاة ، وسبق أسلوب الشرط في الحديث على نحو يثير شوق السامعين ، فالمرء حين يصغي إلى قوله عليه الصلاة والسلام : "من سره إن يبسط له في ر**ه " تهفو نفسه إلى الوسيلة التي تحقق هذه البسط في الر** ، لكن هذه الوسيلة لا تذكر مباشرة بل يؤخرها قوله صلى الله عليه وسلم : "وأن ينسأ له في أثره " وهو ما يضاعف الشوق لدى السامع ، إذ انضافت فائدة أخرى تحققها هذه الوسيلة ، وهي البركة في العمل الذي يؤديه المرء في عمره ، حتى إذا بلغ شوق السامع غاية مداه بتوجيه رسول الله صلى الله عليه وسلم : "فليصل رحمه " يكشف عما يتطلع السامع إلى معرفته .
وصوغ الحديث على قالب أسلوب الشرط على هذا النحو ي**ب معناه إحكاماً وترابطاً منطقياً ، إذ ترتبط أجزاء المعنى فيما بينها ارتباط مكونات أسلوب الشرط بينها : وهو ارتباط السبب بالنتيجة ، وكأن صلة الرحم هادياً حتمياً – إن أخلص المرء النية – إلى سعة الر** وبركة العمل والأجر
والمعنى سوق على نحو يحف الهمم على صلة الرحم ، فالرسول صلى الله عليه وسلم يكشف عن الهدف المرتجى ، ثم يعقب ذلك ببيان وسيلة بلوغ هذه الهدف "من سره أن يبسط له في ر**ه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه " وتأمل طبيعة مفردات الحديث الشريف يكشف عن الطبيعة المتجددة الخالدة التي يتسم بها هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفعال الحديث مضارعة دالة بذاتها على التجدد والاستمرار " يبسط " ، " ينسأ " ، " فليصل " ، أما الفعل "سره " فقد جاء ماضياً دالاً على رسوخ هذه الرغبة في نفس كل إنسان ، والفعلان " يبسط " و "ينسأ " مبنيان للمجهول ، وكأن ثمة تعظيماً للأجر الجزيل يهبه الله للعبد الواصل رحمه أما الفعل " فليصل" فقد جاء مبنياً للمعلوم مقترناً بلام الأمر ليدل بذلك كله على أهمية صلة الرحم وحتمية القيام بحقها .
وجاء شبه الجمله "له" دالاً على القصر ، فهذا الأجر الكبير الذي يخص به الله عباده الواصلين أرحامهم مقصور عليهم لن يناله غيرهم ، وهو ما يجعل السامعين يحرصون حرصاً أن يكونوا ضمن هؤلاء الفائزين بالأجر العظيم "من سره أن يبسط له ر**ه ، وأن ينسأ له في أثره"
نسأل الله أن يجعلنا من عباده الذين يؤدون حق الرحم ، وأن ير**نا سعة الر** ، والبركة في العمر .
بارك الله فيك و نعنا وإياك
المرعب والاجر على الله 😮
اختك:روائع#G#
والي الامام 😉