وهذا سياق لبعض نصوص السنة الدالة على وجوب الحجاب ، من ذلك :
الدليل الأول : عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات ، فإذا حاذَوْا بنا سدَلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها ، فإذا جاوزونا كشفناه " ، وفي هذا بيان من عائشة رضي الله عنها أن المرأة إذا كانت محرمة بحضرة رجال أجانب فتعمل بالأصل ـ وهو فرض الحجاب ـ فتغطي وجهها ، وإذا لم يكن بحضرتها أجانب كشفت وجهها وجوباً ، وهذا واضح الدلالة على وجوب الحجاب .
الدليل الثاني : وعنها رضي الله عنها قالت : " يرحم الله نساء المهاجرات الأُوَل ، لمّا نزلت { وليضربن بخمرهن على جيوبهن ..} شققن مرطهن فاختمرن بها "
قال الحافظ *** حجر : قولها " فاختمرن أي غطين وجوههن . أ.هـ
وهو دليل واضح في أن نساء المهاجرات فهمن لزوم ستر الوجه من الآية ، إيمانأ بهذا التنزيل .
الدليل الثالث : عن أم عطية رضي الله عنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر بإ***ج النساء إلى مصلى العيد قلن : يارسول الله إحدانا لايكون لها جلباب ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " لتُلْبِسْها أختها من جلبابها " ووجه الدلالة : هو أن المرأة لا يجوز لها الخروج من بيتها إلا متحجبة بجلبابها الساتر لجميع بدنها .
الدليل الرابع : أحاديث الرخصة للخاطب أن ينظر إلى المخطوبة ، ونكتفي هنا بذكر حديث جابر رضي الله عنه حيث قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل " يقول جابر : فخطبت جارية فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها وتزوجتها . ودلالة هذه السنة ظاهرة من وجوه :
الوجه الأول : أن الأصل هو تستر النساء عن الرجال .
الوجه الثاني : الرخصة للخاطب برؤية المخطوبة دليل على وجود العزيمة وهو الحجاب .ولو كنّ سافرات الوجوه لما كانت الرخصة .
الوجه الثالث : تكلّف الخاطب ـ جابر رضي الله عنه ـ بالإختباء لها ، ولو كنّ سافرات الوجوه لما احتاج أن يختبىْ لها .
ثالثاً : القياس الجلي المطرد :
دلّ القياس المطّرد على وجوب الحجاب لسائر البدن ـ بما في ذلك الوجه والكفان والزينة ـ ومن هذه المقايسات المطردة :
أولاً / الأمر بغض البصر وحفظ الفرج ، وكشف الوجه أعظم داعية في البدن للنظر وعدم حفظ الفرج .
ثانياً / النهي عن الضرب بالأرجل ، وكشف الوجه أعظم داعية للفتنة من ذلك .
ثالثاً / النهي عن الخضوع بالقول ، وكشف الوجه أعظم داعية للفتنة من ذلك .
رابعاً / الأمر بستر القدمين ، والذراعين والعنق وشعر الرأس ، بالنص والإجماع وكشف الوجه أعظم داعية للفتنة من ذلك فيدخل في وجوب الستر من باب الأولى .
تنبيه : جميع مايستدل به دعاة السفور عن الوجه والكفين لا يخلو من ثلاث حالات :
الأول / دليل صحيح صريح ، لكنه منسوخ بآيات فرض الحجاب .
الثاني / دليل صحيح لكنه غير صريح لا تثبت دلالته أمام الأدلة القطعية من الكتاب والسنة الدالة على حجب الوجه .
الثالث / دليل صريح لكنه غير صحيح ، وهذا لا يُحتج به ولا يجوز أن يُعارض بها النصوص الصحيحة الصريحة على وجوب تغطية الوجه وسائر البدن .
هذا مع أنه لم يقل أحد في الإسلام بجواز كشف الوجه واليدين عند وجود الفتنة ، بل هم مجتمعون على سترهما في هذه الحالة ، وهذه الظواهر الإفسادية قائمة في زمننا فهي موجبة لسترهما والحمد لله رب العالمين .
المسألة الرابعة : في فضائل الحجاب .
إن وراء افتراض الحجاب حكم وأسرار عظيمة وفضائل منها :
حفظ العرض ، وطهارة القلوب ، ومن مكارم الأخلاق ، وعلامة على العفيفات ،وقطع الأطماع والخواطر الشيطانية ، وحفظ الحياء ، والحجاب حصانة ، وحفظ الغيرة …..
الأصل الرابع
قرار المرأة في بيتها عزيمة شرعية وخروجها منه رخصة تقدر بقدرها .
الأصل لزوم النساء للبيت ، قال الله تعالى :" وقرن في بيوتكن .." فهو في حقهن عزيمة شرعية ، وخروجهن لا يكون إلا لضرورة أوحاجة ، ولهذا عقب الله بعده بقوله : " ولا تبرّجن تبرّج الجاهلية الأولى .." أي لا تكثرن الخروج متجملات أو متطيبات كعادة أهل الجاهلية ، وبحفظ هذا الأصل تتحقق المقاصد الشرعية الآتية :
· مراعاة ما قضت به الفطرة وحال الوجود الإنساني وشرعة رب العالمين من القسمة العادلة بين عباده من أن عمل المرأة داخل البيت وعمل الرجل خارجه.
· مراعاة ما قضت به الشريعة من أن المجتمع الإسلامي مجتمع فردي ـ أي غير مختلط ـ فللمرأة مجتمعها الخاص وهو البيت وللرجل مجتمعه الخاص وهو خارج البيت .
· قرار المرأة في بيتها ي**بها الوقت والشعور بأداء وظيفتها المتعددة الجوانب في البيت : زوجة ..، أما.. ، راعية لبيت زوجها ، ووفاء بحقوقه ، من سكن إليها وتهيئة مطعم ومشرب وملبس ، ومربية جيل ، وقد ثبت عن *** عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " المرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها "
· قرارها في بيتها فيه وفاء بما أوجب الله عليها من الصلوات المفروضات وغيرها .
· تحقيق ما أحاطها به الشرع من العمل على حفظ كرامة المرأة وعفتها وصيانتها وتقدير أدائها لعملها في منزلها ، وبه يُعلم أن عمل المرأة خارج البيت ومشاركة الرجل في اختصاصه يقضي على هذه المقاصد أو يخل بها ، وفيه منازعة للرجل في اختصاصه ، وتعطيل لقيامه على المرأة وهضم لحقوقه ؛ إذ لابد للرجل من عالمين :
أ / عالم الطلب والاكتساب للر** المباح ، والجهاد والكفاح في طلب المعاش ، وهذا خارج البيت .
ب / عالم السكينة والراحة وهذا داخل البيت وبقدر خروج المرأة عن بيتها يحصل الخلل في عالم الرجل الداخلي ، ويفقد من الراحة والسكون ما يخل بعمله الخارجي ، بل يثير من المشاكل بينهما ما ينتج عنه تفكك البوت .
الأصل الخامس .
الإختلاط محرم شرعاً
إن العفة حجاب يم**ه الإختلاط ، ولهذا صار طريق الإسلام التفريق والمباعدة بين المرأة والرجل الأجنبي عنها ، كل هذا لحفظ الأعراض والأنساب ، وحراسة الفضائل والبعد عن الريب والرذائل ، وعدم إشغال المرأة عن وظيفتها الأساس في المنزل
ولذا حرّم الإختلاط لما يترتب عليه من هتك الأعراض ومرض القلوب ، وخطرات النفوس ، وخنوثة الرجال ، واسترجال النساء وزوال الحياء وانعدام الغيرة ……..
ولذلك لم يُعهد في تاريخ الإسلام اختلاط النساء بالرجال الأجانب عنهن ، وإنما حصلت أول شرارة قُدحت للإختلاط على أرض الإسلام من خلال " المدارس الإستعمارية الأجنبية العالمية " التي فُتحت أول ما فُتحت في " لبنان " ، ومن المعلوم أن من أعظم أسباب انهيار الحضارات وزوال الدول التبذّل والإختلاط ، ولهذا حُرم في الإسلام الأسباب المفضية للإختلاط وهتك سنة المباعدة بين الرجال والنساء فمن تلك التدابير الواقية :
· تحريم الدخول على الأجنبية والخلو ة بها ، ومنها خلوة السائق والخادم والطبيب وغيرهم بالمرأة .
· تحريم سفر المرأة بلا محرم .
· تحريم النظر من أي منهما للآخر .
· تحريم دخول الرجال على النساء حتى الأحماء .
· تحريم مس الرجل بدن ألأجنبية حتى المصافحة للسلام .
· تحريم تشبه أحدهما بالآخر .
· وأُسقط عنها وجوب الجمعة ، وأُذن لها بالخروج للمسجد وفق الأحكام الآتية :
أ / أن تُؤمن الفتنة بها وعليها . ب / أن لا يترتب على حضورها محظور شرعي .
ج / أن لا تزاحم الرجال في الطريق ولا في الجامع . د / أن تخرج تفِلَة غير متطيبة .
هـ/ أن تخرج متحجبة غير متبرجة بزينة . و / إفراد باب خاص للنساء في المساجد .
ز / أن تكون صفوف النساء خلف الرجال ، وخير صفوف النساء آخرها
الأصل السادس
التبرج والسفور محرمان شرعاً
حقيقة التبرج والسفور : التبرج أعم من السفور ، فالسفور خاص بكشف الغطاء عن الوجه ، والتبرج : كشف المرأة وإظهار شيئ من بدنها أو زينتها المكتسبة أمام الرجال الأجانب عنها ، وقد دل الكتاب والسنة والإجماع على تحريم التبرج والسفور .
مظاهر التبرج :
خلع الحجاب . الضرب بالأرجل .
إبداء شيئ من الزينة المكتسبة . الخضوع بالقول .
الإختلاط بالرجال الأجانب ، وملامسة أبدانهم .
التزاحم في المراكب والممرات الضيقة
التّ**ّر والتبختر في المشية .
أدلة تحريم التبرج : من القرآن /
قول الله تعالى : " ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى .. "
ومن السنة /
حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صنفان من أهل النار لم أرهما : قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البُخت ، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا "
فدل هذا النص على أن التبرج كبيرة من كبائر الذنوب ، لأنه تُوُعِّد عليه بحرمان من الجنة .
وقد أجمع العلماء على تحريم التبرج بالإجماع العملي من نساء الصحابة في عصر النبوة على ستر أبدانهن وزينتهن .
بارك الله في جهودك الله يحفظك ويحفظ شيخنا بكر أبو زيد
محبكم34
جهد يستحق كل الشكر والتقدير .
بارك الله فيك..
أختك الأحلام
وترقبوا الحلقة الثالثة وان شاء الله اتمكن من تنزيله على الشبكة للتحميل
ويكتبلك الأجر على هذا الجهد
وصال
بااااي