من منا لا يحب أن يكون محط الأنظار و الاهتمام و العناية، سواء أكنا صغارً أم شباباً أم كهولاً؟!
إن الاهتمام صفة تدخل السرور و الغبطة إلى النفوس، فكيف بالأطفال الذين يسعون إلى هذا الاهتمام، خصوصاً في حالة المرض، في تلك الحالة يتزايد الاهتمام خوفاً و قلقاً على صغارنا الأحباء لعد قدرة أجسامهم الغضة على المقاومة، فننهال عليهم بالعطف و الحسنان و شراء الهدايا و تلبية الطلبات، ما يجعلهم في دهشة و تعجب من ذلك الوضع! ماذا حصل؟ لم كل ذلك الاهتمام و العطف؟ بعض أطفالنا الأذكياء لا يطرحون هذه الأسئلة بل يستغلون ذلك الوضع فيبقون في حالة تمارض لنيل أكبر قسط من الاهتمام، كما أن البعض الآخر ممن حرم من العطف و الحنان و الاهتمام في سالف الأيام يجعل من حالة التمارض وسيلة للحفاظ على ذلك الذي استأثر به.
حنان في ربيعها الرابع، غيابها طال عن المدرسة، فهي تأتي يوماً و تغيب أسبوعاً. دعوت الأم لمقابلتي، فبرنامج الفصل الأول انتهى، و لم تحضر حنان من ذلك الفصل إلا أياماً معدودة، عند المقابلة حدثتني الأم عن ارتفاع الحرارة التي تنتاب حنان بعد عودتها من المدرسة. سألت الأم: ما إذا كانت حرارتها ترتفع حين تكون في البيت؟ فأجابت بالنفي. و الحصيلة معروفة، فارتفاع الحرارة عامل نفسي، أرادت به حنان الاحتفاظ بالاهتمام التي حظيت به أثناء المرض، طلبت من الأم إرسالها إلى المدرسة على الرغم من ارتفاع الحرارة و الكف عن الاهتمام بها و العناية و القلق عليها.
لم يمض أسبوع على العلاج، حتى عادت حنان إلى حالتها الطبيعية و لم تعد تعاني من أي مرض أو تمارض علينا كأهل أن نعرف أن 90% من أمراض الأطفال تبدأ في الشفاء في غضون بضعة أيام كما يجب أن نعرف أيضاً أنه بعد مدة الشفاء تنشب الصدمات بين الطفل و أمه بسبب تعوده على نمط معين من التدليل و تلبية الطلبات.
و من الأمور المهمة عند مرض الطفل، عدم إظهار القلق و الخوف أمامه و الاهتمام المتزايد، بل الأفضل أن يشعر بأن كل إنسان يمرض و يتعافى، و هذا أمر طبيعي، و أنه في غضون أيام سيعود للممارسة نشاطاته فيلعب و يركض كبقية الأطفال. بهذا الأسلوب تقوى عزيمة الطفل للتغلب على المرض، و لا نحمله على التمارض لينال قسطاً من الاهتمام و الحنان. حقاً إن الطفل لا يستطيع أن ينمو بشكل سوي و صحي سوى بالعاطفة، و لكن خير الأمور الوسط، فلتكن الأمور الوسط مسلكاً و طريقاً لتربية أولادنا الأحباء.
كثيرا ما يضعف الانسان ويستسلم لأوهامه وما تجره اليها هذه الاوهام