ذهبت مع أولادي برفقة صديقة لي و***تيها إلى إحدى فاعليات اللجان الشعبية لدعم الانتفاضة، وبينما نحن جلوس على مقاعد المسرح في انتظار طويل لظهور الشاعر على خشبة المسرح، دار هذا الحوار بين الأم و***تها التي لم تتعدَّ السنوات العشر بعد.
البداية كانت حينما أخذت ال***ة تنشد هذا النشيد "الذي حفظته أنا عنها لأعلمه لأولادي بعد ذلك":
أنا الفداء للوطن…. أنا الفداء
أنا له عند المحن….. أنا الدعاء
أنا له يوم الندا…. صدى النداء
قدمت روحي مخلصًا…. في حبه
إن مُتُّ مت مدافعًا….. عن تربه
الأم: من أين لك بهذا النشيد، لم أسمعه من قبل!
ال***ة: تعلمناه في مادة اللغة العربية، فأنا أحب الأناشيد من هذه النوعية.
الأم: ما معني هذه النوعية؟
ال***ة: التي تتحدث عن معاني الفداء والتضحية والشهادة.
الأم: أتحبين الشهادة؟ أيحب إنسان الموت.
ال***ة: إنه ليس موتًا. بل حياة. "أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُون".
الأم: ولكن مجرد فكرة الموت والرحيل عن هذه الدنيا يُثير الفزع والرعب.
ال***ة: طبعًا طبعًا، ولكن حب الجنة يطغى في النهاية.
الأم: لماذا تحبين الشهادة.
ال***ة: لأنني لا أحب الظلم، وما يحدث للمسلمين في فلسطين ظلم، وكما أُحِب إن أنا ظلمت أن أجد من ينصرني، أحبُّ أن أنصر إخوة لي ظُلِموا.
الأم: ما الذي جعلك تتعرفين على معنى الشهادة. نحن لا نعيش في فلسطين ولا على خط المواجهة مع إسرائيل. نحن في بلد بعيد عن الحرب وهدير المدافع وأصوات المروحيات وقذائف الدبابات.
ال***ة: الفضائيات، ورؤية أطفال يرمون الحجارة بلا خوف ولا فزع في أعينهم الثقة والإرادة، وعلى وجوههم ملامح العزة والإباء.
الأم: ما أكثر المناظر التي تأثرت بها؟
ال***ة: منظر الطفل "فارس" وهو يرمي بحجرٍ دبابة تفوق حجمه 10 مرات. رحمه الله، وير**ني الشهادة مثله.
الأم: هل هناك ما ترك في نفسيَّتك أثر غير مناظر أطفال الحجارة وبسالتهم؟
ال***ة: طبعًا. قصصك يا أمي. وأكثرها تأثيرًا: طيارة شراع
تعلمت أن الإنسان – وإن كان فردًا واحدًا – يمكنه فعل الكثير الكثير.
الأم: وماذا أيضًا؟
ال***ة: كل القصص كان لها تأثير، وكانت تحبّبنِي في الشهادة وفي الجهاد أكثر فأكثر. قصة المجاهدَيْن: عزُّ الدِّين القسَّام/ أمين الحسيني
قصص الصحابة – رضوان الله عليهم – وسيرة الرسول – صلى الله عليه وسلم -، وغزواته وجهاده.
الأم: وماذا أيضًا؟
ال***ة: شرائط الفيديو: محمد الفاتح/ أسد عين جالوت، وغيرها وغيرها.
الأم: هل هناك شيء آخر؟
ال***ة: طبعًا الأناشيد، تذكِّرني الأناشيد بالقدس، وتشعل بداخلي شوقًا لرؤية القدس والمسجد الأقصى. هل تتخيلين يا أمي أني ما زلت أتذكر عندما كنت صغيرة جدًّا، وكنت تطلبين مني كل يوم قبل النوم أن أقبِّل: المصحف ومجسَّم قبة الصخرة!!
الأم: كيف تتذكرين ذلك!! كان سنك 3 أو 4 سنوات!
ال***ة: وأنت يا أمي، ألا تحبين الشهادة؟!
الأم: اللهم إنا نسألك الشهادة والجهاد في سبيلك، فإن لم نكن أهلاً لذلك فأعنَّا لنكون أهلاً لذلك، وار**نا الشهادة على أعتاب أرضٍ باركت حولها.
ال***ة: آمين.
أختي السائلة: في النهاية أذكِّر نفسي وإياكِ بالمثل العربي القديم: قالوا لي: من ربَّى "أي قام بتربية ***ك"، قلت: ما ربَّى إلا ربِّي. إن "الْهُدَى هُدَى الله"، "يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَيُضِلُّ مَنْ يَشَاء".
أوصيك بالدعاء… الدعاء… الدعاء…
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
شكر خاص للسيده منى يونس على هذه القصه
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
مراسلتكم من فريج تايمز
خزعبلات