* بمنطق علماء الاقتصاد نستمد الزاد ونستشف المراد من قولهم "من لا يملك قوته لا يملك حريته" وبمفهوم موارد المخاطر من قول الشاعر:
أحسن إلي الناس تستعبد قلوبهم ****فطالما استعبد الإنسان إحسان
* ومن ثم تصبح أنفة المؤمن امتداد لعزته.. وعزته امتداد لحريته.
وحرية المؤمن مرجعها إلي ما وقر عنده من القيم والفضائل تميزت بها شخصيته.. سبحان الله الذي خلق فهدي.
* إذن السعي علي الر** وابتغاء الفضل من الرا** يحمي صاحبه من ذل العبودية والاسترقاق لغيره والمن عليه..
لذا نفرنا الرسول وحذرنا من القعود والنكوص عن العمل فاستثمار فينا العزيمة والرحمة فقال صلي الله عليه وسلم:
"اليد العليا خير من اليد السفلي وفي كل خير استعن بالله ولا تعجز ولا تقل إن أصابك شيء لو أني فعلت كذا كان كذا فإن لو تفتح عمل الشيطان".
وفي الحديث لا يكن أحدكم إمعه يقول: أنا مع الناس إن أحسنوا أحسنت وإن اساءوا اسأت. ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس تحسنوا وإن اساءوا تجتنب اساءتهم"
* وتلك صورة حية تنطق بسلوك طيب من الشموخ والعزة وتعفي صاحبها من العبودية والتبعية لغيره..!
فيصبر عنواناً للحرية التي هي أساس إيمانه بالله.. فسعي الإنسان علي ر**ه ليعف نفسه ومن يعول يعفيه من الاحتياج لغيره ويحرره من العبودية بالتبعية..!
* بينما رسول الله صلي الله عليه وسلم وصحابته يجلسون ذات يوم إذ يرون شاباً ذا جلد وقوة وقد بكر يسعي فقال الصحابة: ويح الشاب لو كان شبابه وجلده في سبيل الله.. فنظر إليهم رسول الله صلي الله عليه وسلم نظرة تدل علي عدم رضاه عما قالوا وقال لهم:
"لا تقولوا هذا فإنه إن كان يسعي علي نفسه ليكفها عن المسألة ويغنيها عن الناس فهو في سبيل الله.. وإن كان يسعي علي أبوين ضعيفين أو ذرية ضعافا ليغنيهم ويكفيهم فهو في سبيل الله".
* فقد استنكر رسول الله صلي الله عليه وسلم نظرة صحابته إلي الشاب بغير تمحيص لهويته ومقصده وأخبرهم بأنه تكريم وتقديرمن الدين وأن سعيه من أجل نفسه وأهله يضعه في مرتبة عظيمة لها شرفها.. حيث قال صلي الله عليه وسلم "فهو في سبيل الله" بل إن الدين جعل منزلة السعي علي الر** مع أداء العبادة أسمي من منزلة الانقطاع للعبادة وأهوال تحصيل الر**.
* وورد أن قوما قدموا علي رسول الله صلي الله عليه وسلم فقالو: إن فلاناً يصوم نهاره ويقوم ليله ويكثر الذكر..
فقال لهم رسول الله صلي الله عليه وسلم أيكم كان يكفيه طعاماه وشرابه؟ فقالوا: كلنا.. فقال: "كلكم خير منه".
إذا فرسول الله صلي الله عليه وسلم قرر أن من يسعي علي معاشه مع أداء واجبه نحو ربه أسمي منزلة وأعلي درجة ممن يكون عالة علي غيره بحجة العبادة والانقطاع عن السعي علي ر**ه وينبغي علي المؤمن أن يكون حصيفاً شريفاً عفيفاً فلا يخنع و بالخضوع لغيره فمن لا يملك قوته لا يملك حريته!! وبالتالي عبادته يشوبها الرياء والعياذ بالله ..
والله من وراء القصد؟؟
بقلم الشيخ: علي موسي النويهي
من علماء وزارة الأوقاف المصرية