تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » دور وحقوق وواجبات

دور وحقوق وواجبات 2024.

مما لا ينكره أحد أن الرجل والمرأة من حيث إنسانيتهما على حد سواء فهما شطران متساويان للنوع الإنساني مشتركان بالسوية في تعمير التمدن وتأسيس الحضارة وخدمة الإنسانية وكلا الصنفين قد أوتي القلب والذهن والعقل والعواطف والرغبات والحوائج البشرية وكل منهما يحتاج إلى تهذيب النفس وتثقيف العقل وتربية الذهن وتنشئة الفكر لصلاح التمدن وفلاحه، حتى يقوم كل منهما بنصيبه في خدمة الإنسانية، فالقول بالمساواة بين الصنفين من هذه الجهة صواب لا غبار عليه ومن واجب كل تمدن صالح أن يعنى بالنساء عنايته بالرجال في إيتائهن فرص الترقي والتقدم وفقاً لمواهبهن وكفاءاتهن الفطرية، فيحليهن بالعلم والتربية العالية، ويمنحهن من الحقوق التمدنية والاقتصادية مثل ما يمنحه الرجال، وينزلهن في الهيئة الاجتماعية منزلة العز والكرامة، حتى ينشأ فيهن الشعور بعزة النفس. فيتحلين بتلك الصفات الإنسانية الفاضلة التي لا يبعثها في الإنسان إلا هذا الشعور فالأمم التي أبت مثل هذه المساواة بين الصنفين وتركت نساءها جاهلات مهينات غير مثقفات بالتربية ومحرومات من جميع حقوق المدنية، فقد انحطت بنفسها في حضيض الذلة والهوان وذلك لأن إسقاط شطر كامل من شطري الإنسانية معناه إسقاط الإنسانية نفسها ولا يمكن أبداً أن ينشأ من أحضان الأمهات المهانات أبناء شرف وكرامة، ومن أعطاف الجاهلات غير المثقفات أصحاب تربية وثقافة ومن مهود البليدات العاميات الفكر رجال تفكير وشعور عال. على أن الجانب الآخر من هذه المساواة هو أن تكون دائرة عمل الرجل والمرأة واحدة، فيقوم الجنسان بأعمال من النوع الواحد، وتقسم بينهما واجبات جميع شعب الحياة بسوية وتكون منازلهما في نظام التمدن متماثلة والذين يقولون بهذه المساواة ويدعون إليها يحتجون لهذه النظرية بشواهد العلوم التجريبية وتجاربها، فيثبتون بها أن الرجل والمرأة متساويان (Equipotential) في قوتهما ومقدرتهما الجسدية ولكن كونهما متساويين في ذلك لا يكفي في الحكم بأن مقصود الفطرة أيضاً هو استخدام لأعمال من النوع الواحد، ولا يصح أن يرى هذا الرأي. ما لم يثبت أنهما متساويان ومتماثلان أيضاً في نظامها الجسدي وقد كلفتهما الفطرة نوعاً واحداً من الخدمات، وأنهما متشابهان كذلك في خصائصها النفسية أما التحقيق العلمي الذي قد قام به الإنسان إلى هذا اليوم فينفي ويبطل كل هذه الأمور الثلاثة.

المساواة في الإنسانية

لقد خلق اللَّه البشر من ذكر وأنثى، كمل بهما الخلق، وجعل لكل نوع (جنس) منهما خصائص تميزه عن النوع الآخر، في التكوين البدني، والنفسي، والهرموني، والعصبي، ونتج عن ذلك الاختلاف في التكوين، التكامل في الحياة البشرية والقاعدة العلمية تقول: اختلاف التركيب العضوي ينتج عنه اختلاف الوظيفة، فتركيب الأذن ووظيفتها مختلف عن تركيب العين ووظيفتها ونتيجة لذلك الاختلاف الفطري في التركيب الإنساني كان لا بد من أن يوجد الاختلاف المصاحب له في الوظائف الفطرية في الحياة البشرية لكل من الرجل والمرأة، ويتجلى ذلك في اشتغال المرأة بالحمل، والوضع والرضاعة وما يصاحب ذلك من عاطفة ومشاعر نفسية تتناسب مع تلك الحالات البدنية، وهرمونات وجهاز عصبي ينظم تلك الوظائف، بينما نجد القوة البدنية في الرجل، والتخلي البدني عن تبعات النسل، بما يؤهله للاشتغال بالأعمال ذات الطبيعة الخشنة التي تتطلب سعياً ومزاحمة وقوة شكيمة لإنجازها.

ومع وضوح هذه الحقائق الفطرية، فإن الجاهلية المعوجة عندما تسيطر على البشرية تجعلهم يتنكرون لتلك الفطرة الإنسانية فتنطلق هذه الفئات وراء أهوائها وشهواتها بعيداً عن هدي ربها وخالقها فتلتبس عليها الحقائق، وتسلك طرق الاعوجاج! فتارة تبالغ في إظهار تلك الفروق والاختلافات بين النوعين وتجعلها الأساس في تقرير الحقوق والواجبات لكل منهما. وطوراً تتجاهل تلك الفروق، وتلغيها ولا تقيم لها وزناً وفي حالات أخرى تصادر حقوق المرأة، وتظلمها مادياً ومعنوياً، أو تحملّها من التبعات والواجبات فوق ما تقوم به من الواجبات الفطرية بدعوى المساواة بينها وبين الرجل… وكم تصاحب هذه الاختلالات الفكرية من فساد، ودمار للعلاقات الإنسانية بين النوعين، تشهد به قرون التاريخ البشري المتطاولة.

كل هذا قد تداولته البشرية بالرغم من أن الإسلام أول من ساوى بين الذكر والأنثى في الحقوق والواجبات وراعى في التكاليف الاختلافات العضوية والنفسية لكل منهما. وإنه أي الإسلام أول من حث وحض على تعليم المرأة، وحذر من أن تهضم حقوقها المالية والاجتماعية.

ولكننا بالرغم من هذا كله نرى اليوم في الشرق »موجة« تسمى حقوق المرأة. وفي وسط هذه الموجة التي تشبه الحمى، يهذي البعض فيقول إن الإسلام عدو للمرأة ينتقص كرامتها ويهين كبرياءها، ويحطم شعورها بذاتيتها ويدعها في مرتبة أقرب للحيوانية، متاعاً حسياً للرجل وأداة للنسل ليس غير، وهي من هذا في موضع التابع من الرجل يسيطر عليها في كل شي‏ء، ويفضلها في كل شي‏ء.

وهؤلاء لا يعرفون حقيقة الإسلام، أو يعرفونها ثم يلبسون الحق بالباطل ابتغاء الفتنة ونشراً للفساد في المجتمع، ليسهل الصيد لمن يريد الصيد في الأقذار.

احترام مكانة المرأة

نقول رداً على هذه الادعاءات الكاذبة عن حقوق المرأة في الإسلام وبأنها مخلوق دون الرجل إن المرأة في عرف الإسلام كائن إنساني، له روح إنسانية من نفس النوع الذي منه روح الرجل قال تعالى: «يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء». فهي إذاً الوحدة الكاملة في الأصل والمنشأ والمصير والمساواة الكاملة في الكيان البشري تترتب عليها كل الحقوق المتصلة مباشرة بهذا الكيان.

حق الملكية للمرأة

والجزاء في الآخرة واحد للجنسين: »فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض«.

وتحقيق الكيان البشري في الأرض متاح للجنسين: الأهلية للتملك والتصرف فيه بجميع أنواع التصرف من رهن وإجارة ووقف وبيع وشراء واستغلال… إلخ. قال تعالى: )للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء يصيب مما ترك الوالدان والأقربون( (للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن).

وهنا يحق للإسلام أن يفخر بما أعطى للمرأة من كيان اقتصادي مستقل، فصارت تملك وتتصرف وتنتفع بشخصها مباشرة بلا وكالة وتعامل المجتمع بلا وسيط.

الحرية في اختيار الزوج

ولم يكتفِ الإسلام بتحقيق كيان المرأة في مسألة الملكية بل حققه في أخطر المسائل المتعلقة بحياتها وهي مسألة الزواج فلا يجوز أن تتزوج بغير إذنها ولا يتم العقد حتى تعطي الإذن.

كما قال رسول اللَّه (ص): «لا تزوج البنت حتى تستأمر ولا تزوج البكر حتى تستأذن وإذنها صماتها». ويصبح العقد باطلاً إذا أعلنت أنها لم توافق عليه. وقد كانت المرأة في غير الإسلام تحتاج إلى طرق ملتوية لتهرب من زواج لا تريده، لأنها لا تملك شرعاً ولا عرفاً أن ترفض، وقد أعطاها الإسلام أن تخطب لنفسها وهو آخر ما وصلت إليه أوروبا في القرن العشرين وحسبته انتصاراً هائلاً على التقاليد البالية العتيقة!!!

حق التعليم

ويبلغ من تقدير الإسلام لمقومات الكيان البشري أن اعتبر العلم والتعلم ضرورة بشرية للجنسين معاً وجعله ضرورة لازمة للذكر والأنثى بل جعله فرضاً وركناً من الإيمان وهنا يحق للإسلام أن يفخر بأنه أول نظام في التاريخ نظر إلى المرأة على أنها كائن بشري لا يستكمل مقومات بشريته حتى يتعلم، شأنها شأن الرجل سواء بسواء، فجعل العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة ودعاها أن ترتفع بعقلها، كما ترتفع بجسدها وروحها، إلى هذا الحد وصل تكريم الإسلام للمرأة، ولا يستطيع أحد أن يقول إن فكرة الإسلام في كل هذه الأمور قائمة على أن المرأة مخلوق ثانوي أو تابع في وجوده لمخلوق آخر أو إن دورها في الحياة دور ضئيل لا يؤبه له، فلو كان الأمر كذلك ما عني بتعليمها.

مؤتمرات حقوق المرأة

إن مزية الإسلام الكبرى أنه نظام واقعي يراعي الفطرة البشرية دائماً ولا يصادمها أو يحيد بها عن طبيعتها وهو يدعو الناس لتهذيب طبائعهم والارتفاع بها، وهو يسير في مسألة الرجل والمرأة على طريقته الواقعية المدركة بفطرة البشر، فيسوي بينهما حيث تكون التسوية هي منطق الفطرة الصحيح ويفرق بينهما كذلك حيث تكون التفرقة هي منطق الفطرة الصحيح.

K.Al7efaity بارك الله فيك وجزاك الله خير
الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.