السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حال وحال
هاتفتني صديقتي وطلبت مني أن ألبي لها حاجة ضرورية من السوق، فذهبت وقضيت طلبها وفي أثناء ذلك كان السوق يعج ويضج بالنساء، فهممت بالخروج، وأثناء طريق العودة.. لمحت رجلاً رث اللباس غير مهندم يسير على جنبات الطريق بخطى غير ثابتة، وقد ارتسمت علامات الفقر على هيئته من كل جانب وبسطت نفوذها بكل قوة..
فرُحتُ في إغماءة من التفكير بين حال وحال.. فيا سبحان الله مقدر الأقدار..
في السوق وجدت امرأة تقلب آنية من فضة قد ملكت فؤادها وأخذت منه مرتعاً..
وفي الطريق كان هذا الرجل يقلب العلب الصدئة لعله يجد ضالته في علبة تصلح للاستعمال..
في السوق وجدت امرأة تمسك بفستان قد أعجبها وسلب لبها..
وفي الطريق وجدته بالي اللباس متشقق الأطراف..
في السوق وجدتها تسير باطمئنان وتشرب العصير..
وفي الطريق وجدته يبحث عن لقمة قد تكون مختبئة في مكان ما ليرضي بها جوعه..
هو القدر .. جعل هؤلاء في سعة ونعيم من العيش وجعله في ضيق منه.. وفي ذلك حكمة من العليم الحكيم ليمحص إيمانهم.. فدارنا الدنيا دار ابتلاء وبلاء وفيها عمل بلا حساب وبالآخرة يكون حساب بلا عمل، فلتنفق أيدينا على من هم بكدة من العيش.. ولنعطيهم مما ر**نا الله فهو ر** منه وحده وملك له وحده، وما خلقنا إلا لطاعته ورضاه.. فلا يغلبنا الشيطان على أمرنا ونتبعه ونسير في إغوائه لنا؛ فهو يزين لنا أعمالنا ويزيد من محبتنا في الدنيا.. أخبر تعالى بأن الشيطان عدو، وخبره حق وصدق. فالواجب على العاقل أن يأخذ حذره من هذا العدو الذي قد أبان عداوته من زمن آدم، وبذل نفسه وعمره في إفساد أحوال بني آدم، وقد أمر اللّه تعالى بالحذر منه فقال جل من قائل:
"ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين"
"الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء" [البقرة: 268]
أي أن الشيطان يثبط من عزمنا عند الإنفاق ويخوفنا بالفقر.. فلنقهره ونستعيذ بالله منه، اوهذا ما أصي به نفسي قبل أن أوصيكم.. فالدنيا
زائلة ومتاعها فانِ، وماعند ربي أجل وأعلا وأبقى..
الصدقه باب رحمة الله بعبده..
وتطفيء غضبه سبحانه..
قد نكون نحن مكان هذا الفقير فماذا نصنع؟
الحمد لله حمداً كثيراً على نعمه.. فطوبى للمنفقين وطوبى للمحسنين وسيجدون ماعملوه يوم القيامة واقياً لهم ودرعاً من جهنم ويدخلون دار الخلد التي وعد الله عباده المتقين..
{ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين و*** السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون} المقصود أن يتصدق المرء في هذه الوجوه وهو صحيح شحيح يخشى الفقر ويأمن البقاء.
وإن تعلقت القلوب بحب الدنيا وزخرفها فلابد من تأديبها بذكر الموت وأن كل ما نملكه الآن لن يدفن معنا..
فنسأل الله القبول والمغفرة..
تذكروا لنا إخوة في الدين يعانون ويقاسون الفقر والفراق؛ فانصروهم بالمال والدعاء..
اللهم أعنا على شكرك وذكرك وحسن عبادتك..
وصلِّ اللهم وبارك على نبينا محمد..
جزاك الله خيرا اختاه على هذه المواضيع القيمة