واسأل الله ان تكتب لك في ميزان حسناتك ..
اختكم .. بريق الماس
——–التوقيع——–
<IMG SRC="http://www.angelfire.com/hi4/diamond/ssss.gif" border=0>
وأما المياسرة فنوعان : أحدهما : العفو عن الهفوات , والثاني المسامحة في الحقوق . فأما العفو عن الهفوات : فلأنه لا ((( مبرأ))) من سهو وزلل , ولا سليم من نقص أو خلل , ومن رام سليما من هفوة , والتمس ((( بريئا))) من نبوة , فقد تعدى على الدهر بشططه , وخادع نفسه بغلطه , وكان من وجود بغيته بعيدا وصار باقتراحه فردا وحيدا . وقد قالت الحكماء : لا صديق لمن أراد صديقا لا عيب فيه . وقيل لأنوشروان : هل من أحد لا عيب فيه ؟ قال : من لا موت له , وإذا كان الدهر لا يوجده ما طلب , ولا ينيله ما أحب , وكان الوحيد في الناس مرفوضا قصيا , والمنقطع عنهم وحشيا , لزمه مساعدة زمانه في القضاء , ومياسرة إخوانه في الصفح والإغضاء .
روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إن الله تعالى أمرني بمداراة الناس كما أمرني بأداء الفرائض } . وقال بعض الأدباء : ثلاث خصال لا تجتمع إلا في كريم : حسن المحضر واحتمال الزلة وقلة الملال . وقال *** الرومي :
وإذا كان الإغضاء حتما والصفح كرما ترتب بحسب الهفوة وتنزل بقدر الذنب .
فعذرك مبسوط لذنب مقدم
وودك مقبول بأهل ومرحب
ولو بلغتني عنك أذني أقمتها
لدي مقام الكاشح المتكذب
فلست بتقليب اللسان مصارم
خليلا إذا ما القلب لم يتقلب
والهفوات نوعان : صغائر وكبائر . فالصغائر مغفورة , والنفوس بها معذورة ; لأن الناس مع أطوارهم المختلفة , وأخلاقهم المتفاضلة , لا يسلمون منها . فكان الوجد فيها مطرحا , والعتب مستقبحا . وقد قال بعض العلماء : من هجر أخاه من غير ذنب كان كمن زرع زرعا ثم حصده في غير أوانه .
وقال أبو العتاهية :
وشر الأخلاء من لم يزل
يعاتب طورا وطورا يذم
يريك النصيحة عند اللقاء
((( ويبريك))) في السر ((( بري))) القلم
وأما الكبائر فنوعان : أن يهفو بها خاطئا , ويزل بها ساهيا , فالحرج فيها مرفوع , والعتب عنها موضوع ; لأن هفوة الخاطر هدر ولومه هذر .
وقال بعض الحكماء : لا تقطع أخاك إلا بعد عجز الحيلة عن استصلاحه . وقال الأحنف بن قيس : حق الصديق أن تحتمل له ثلاثا : ظلم الغضب , وظلم الدالة , وظلم الهفوة . وحكى *** عون أن غلاما هاشميا عربد على قوم فأراد عمه أن يسيء به فقال : يا عم إني قد أسأت وليس معي عقلي فلا تسئ بي ومعك عقلك .
وقال أبو نواس :
لم أؤاخذك إذ جنيت لأني
واثق منك بالإخاء الصحيح
فجميل العدو غير جميل
وقبيح الصديق غير قبيح
فإن تشبه خطؤه بالعمد , وسهوه بالقصد , تثبت ولم يلم بالتوهم فيكون ملوما , ولذلك قيل : التثبت نصف العفو . وقال بعض الحكماء : لا يفسدك الظن على صديق أصلحك اليقين له .
وقال بعض شعراء هذيل :
فبعض الأمر تصلحه ببعض
فإن الغث يحمله السمين
ولا تعجل بظنك قبل خبر
فعند الخبر تنقطع الظنون
ترى بين الرجال العين فضلا
وفيما أضمروا الفضل المبين
كلون الماء مشتبها وليست
تخبر عن مذاقته العيون
والثاني : أن يعتمد ما اجترم من كبائره , ويقصد ما اجترح من سيئاته .
ولا يخلو فيما أتاه من أربع أحوال : فالحال الأولى : أن يكون موتورا قد قابل على وترته وكافأ على مساءته فاللائمة على من وتره عائدة , وإلى البادئ بها راجعة ; لأن المكافئ أعذر , وإن كان الصفح أجمل . ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : { إياكم والمشارة فإنها تميت الغيرة وتحيي الغرة } . وقال بعض الحكماء : من فعل ما شاء لقي ما لم يشأ .
وقال بعض الأدباء : من نالته إساءتك همه مساءتك . وقال بعض البلغاء : من أولع بقبح المعاملة أوجع بقبح المقابلة . وقال صالح بن عبد القدوس :
إذا وترت امرأ فاحذر عداوته
من يزرع الشوك لا يحصد به عنبا
إن العدو وإن أبدى مسالمة
إذا رأى منك يوما فرصة وثبا
والإغضاء عن هذا أوجب , وإن لم تكن المكافأة ذنبا لأنه قد رأى عقبى إساءته , فإن واصل الشر واصلته المكافأة . وقد قيل : باعتزالك الشر يعتزلك وبحسن النصفة يكون المواصلون .
وقال بعض الحكماء : من كنت سببا لبلائه وجب عليك التلطف له في علاجه من دائه . وقد قال أوس بن حجر :
إذا كنت لم تعرض عن الجهل والخنا
أصبت حليما أو أصابك جاهل
والحال الثانية : أن يكون عدوا قد استحكمت شحناؤه , واستوعرت سراؤه , واستخشنت ضراؤه , فهو يتربص بدوائر السوء انتهاز فرصه , ويتجرع بمهانة العجز مرارة غصصه , فإذا ظفر بنائبة ساعدها , وإذا شاهد نعمة عاندها , فالبعد منه حذرا أسلم , والكف عنه متاركة أغنم , فإنه لا يسلم من عواقب شره , ولا يفلت من غوائل مكره . وقد قالت الحكماء : لا تعرضن لعدوك في دولته فإذا زالت كفيت شره .
وقال لقمان ل***ه : يا بني كذب من قال إن الشر بالشر يطفأ , فإن كان صادقا فليوقد نارين ولينظر هل تطفئ إحداهما الأخرى , وإنما يطفئ الخير الشر كما يطفئ الماء النار . وقال جعفر بن محمد : كفاك من الله نصرا أن ترى عدوك يعصي الله فيك . وقال بعض الحكماء : بالسيرة العادلة يقهر المعادي .
وقال البحتري :
وأقسم لا أجزيك بالشر مثله
كفى بالذي جازيتني لك جازيا
والحال الثالثة : أن يكون لئيم الطبع خبيث الأصل قد أغراه لؤم الطبع على سوء الاعتقاد , وبعثه خبث الأصل على إتيان الفساد , فهو لا يستقبح الشر ولا يكف عن المكروه . فهذه الحالة أطم ; لأن الأضرار بها أعم , ولا سلامة من مثله إلا بالبعد والانقباض , ولا خلاص منه إلا بالصفح والإعراض , فإنه كالسبع الضاري في سوارح الغنم وكالنار المتأججة في يابس الحطب لا يقربها إلا تالف ولا يدنو منها إلا هالك .
روى مكحول عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { الناس كشجرة ذات جنى ويوشك أن يعودوا كشجرة ذات شوك إن ناقدتهم ناقدوك , وإن هربت منهم طلبوك , وإن تركتهم لم يتركوك قيل : يا رسول الله وكيف المخرج ؟ قال : أقرضهم من عرضك ليوم فاقتك } . وقال عبد الله بن العباس : العاقل الكريم صديق كل أحد إلا من ضره , والجاهل اللئيم عدو كل أحد إلا من نفعه . وقال : شر ما في الكريم أن يمنعك خيره , وخير ما في اللئيم أن يكف عنك شره .
وقال بعض البلغاء : أعداؤك داؤك وفي البعد عنهم شفاؤك . وقال بعض البلغاء : شرف الكريم تغافله عن اللئيم . ووصى بعض الحكماء ***ه فقال : يا بني إذا سلم الناس منك فلا عليك أن لا تسلم منهم فإنه قل ما اجتمعت هاتان النعمتان . وقال عبد المسيح بن نفيلة :
الخير والشر مقرونان في قرن
فالخير مستتبع والشر محذور
يتبع
نقله لكم
محب الجهاد
——-((التوقيع))——–
((وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ))الاية (6) العنكبوت