بغداد ـ عصام العامري
من عاش في العراق خلال السنوات الاخيرة، يكاد لا يصدق انه لا يزال في العراق. كل شيء تغير وما كان محرما اصبح مسموحا، فهواتف الثريا التي كان استخدامها من قبل العراقي يجعله عرضة لاتهامات السلطات بجريمة التجسس والتخابر مع جهات اجنبية مع تعرضه لعقوبة الاعدام، بات استخدامها منتشرا على نطاق واسع. وتقول مصادر مالية ان مبيعات شركة ثريا خلال الشهرين الاخيرين ارتفعت الى معدلات غير مسبوقة لدخولها السوق العراقية.
الصحون الفضائية اللاقطة بالنسبة للعراقيين كانت من المحرمات، فهي جريمة يعاقب عليها القانون وعقوبتها قد تصل الى ستة اشهر سجنا مع المصادرة والغرامة المالية. واعتبارا من نهاية العام المنصرم، تمت مضاعفة عقوبة السجن كما الغرامة المالية. وبالطبع هذا التحريم والتجريم يشمل الجميع بما في ذلك الوزراء والمسؤولين الكبار في الدولة. ربما وحدهم المحيطون بالدائرة الضيقة للرئيس السابق من حقهم استخدام الصحون اللاقطة والفضائيات في منازلهم. اما المسؤولون الاخرون فيتاح لهم استخدامها في مكاتبهم الرسمية فقط.
صار العراقيون الآن يتهافتون لاقتناء اجهزة الصحون اللاقطة ربما فقط لاشباع حاجة نفسية اكثر منها رغبة الاطلاع على العالم الخارجي بدليل ان التيار الكهربائي لا يصل اليهم في معظم ساعات اليوم.
المسرح السياسي في العراق ظل لـ 35 عاما يلازمه التكرار في الوجوه والملامح والنصوص والتعليمات والقرارات التي تتناسخ في كل ساعة وتتكاثر بانشطارات متنوعة للممنوعات. وعندما احترق ذلك المسرح في التاسع من نيسان المنصرم وانهارت خشبته وبرز الممثلون المكررون على حقيقتهم ضامري العضلات وهم يهربون بملايين الدولارات الى سراديبهم المعدة سلفا تناثر كوم ارشيف الممنوعات والمحظورات ليقابله انفتاح بلا ضوابط ولا حدود.
واذا كان البلد ظل سنوات قليلة ماضية تنحصر فيه حالات الادمان على المخدرات بأنواعها، برزت حاليا شبكة او شبكات للمتاجرة والتعاطي بأنواع من المخدرات التي ربما لم تكن ظاهرة لاكثرية ***اء المجتمع العراقي. واذا كان تعاطي الخمور بأنواعها محصورا بالمنازل الشخصية وبيعها محددا بمحال مخصصة لذلك ، اصبحت قناني الويسكي والعرق والجين تباع على الارصفة. وعادت مطاعم عدة في بغداد وربما في مدن اخرى تقدم ل**ائنها مثل هذه المشروبات.
الزمان تغير ومع تغيره اضحى كل محظور مباحا وكل على هواه يستقصي حاجاته. انتشرت في بغداد كما في المدن الاخرى افلام الاباحية والجنس المسجلة على الاقراص المدمجة. فيما بدأت صالات السينما تعاود نشاطها في المدن العراقية التي تحسن فيها انسياب الكهرباء وصارت هذه الصالات تعرض الافلام التي تكتنفها مشاهد الجنس او تظهر لقطات لنساء على قدر اكبر من العري. كما عادت مواخير الدعارة تعود الى سابق عهدها في بعض مناطق العاصمة كما في مدينة البصرة.
ويبدو ان محال بيع هذه الانواع من الاقراص المدمجة كما محال لبيع الخمور تعرضت لهجمات من قبل اصوليين اسلاميين، كما تلقى اصحاب صالات السينما تحذيرات بضرورة اختيار افلام لا تتعارض والدين الاسلامي.
ويرى كثر من العراقيين ، انه في ظل فراغ السلطة والفراغ الامني وغياب سيادة القانون، من المتوقع ان يزداد التطرف بشقيه الانفتاحي والمتزمت ، مما قد يؤدي الى اندلاع اعمال عنف وعنف مضاد.