تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » التغلغل الصهيوني في العراق ج

التغلغل الصهيوني في العراق ج 2024.

لا يجادل أحد في أن المستفيد الأول من العدوان الأمريكي على العراق كانت إسرائيل ، ولا يجادل أحد كذلك في أن الخاسر الأول من تصاعد واستمرار المقاومة العراقية الباسلة ضد الاحتلال الأمريكي هي إسرائيل .. وليس ذلك إلا لأطماع إسرائيل ودورها في الحرب على العراق .
أطماع إسرائيل في العراق :
1- شغل العراق شغل بنداً ثابتاً في أجندة المشروع الصهيوني لاسيما فور إعلان الدولة اليهودية ، ففي عام 1949 ناقش مسئولون في أول حكومة لهذه الدولة فكرة توطين لاجئي النكبة الفلسطينية الأوائل في الرحاب العراقية .
ومما قيل في معرض تسويق الفكرة وتبريرها، أن العراق يقع على مسافة جغرافية كافية لإزاحة اللاجئين الفلسطينيين عن مواطنهم الأصلية، على نحو يطفئ حنين العودة لديهم بمرور الوقت.. وأنه يستحوذ على مقدرات وامكانات تجعله مؤهلاً لاستيعاب معظم أولئك اللاجئين .
فهناك القاعدة الزراعية والمائية المؤكدة والطاقة المالية والصناعية الواعدة. وقيل أيضاً أن النوازع العروبية القوية في العراق سوف تسهل قضية استقبال اللاجئين كعرب بين عرب .
ولكن في خمسينيات القرن الماضي طوى ذلك المشروع ، لكنه لم يمت مثل كل الحلول الصهيونية لقضية فلسطين ومشتقاتها.. كما لم يغلق الملف العراقي صهيونياً .
2- وكما رأت إسرائيل في العراق حلا لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين فإن إسرائيل ترى العراق كمصدر للمياه ، فذات يوم أعلنت جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل السابقة ذات يوم أن ‘ التحالف الإسرائيلي مع تركيا وأثيوبيا يعني أن أكبر نهرين في المنطقة ، النيل والفرات ، سيكونان في قبضتنا ‘ .
وبانتهاء حرب 67 وضعت تل أبيب يدها على مصادر مياه نهر الأردن ، ومرتفعات الجولان ، ثم استكملت ذلك بسيطرتها على نهر الليطاني بعد غزوها لبنان عام 1982 .
وفي عام 1990 أعلن ‘ توماس ناف ‘ الخبير الألماني لإسرائيل أن المياه ‘ في الأراضي العربية المحتلة جزء لا يتجزأ من إسرائيل ‘ . وواصلت إسرائيل نشاطها المحموم في أفريقيا للتحكم في منابع مياه النيل ، واستمرت في علاقات وثيقة مع تركيا لحجب مياه الفرات عن سوريا والعراق .
3- رفض كل الحكومات العراقية في العهدين الملكي والجمهوري عن التخلي عن وضع إسرائيل في مقدمة الأعداء، عربياً وعراقياً ، ومشاركة العراق في كل حروب فلسطين ومقاومته نظريات الاستسلام تحت عناوين السلام والتسوية ورفض إبرام أي اتفاق مع ‘إسرائيل’ بما في ذلك هدنات العام 1949، ولأنه عرف كعمق استراتيجي لدول المواجهة مع ‘إسرائيل’ وبخاصة على الجبهة الشرقية، وبسبب ما عرف عن مكوناته من عناصر القوة المتكاملة .
بسبب ذلك كله ونحوه راقبت ‘إسرائيل’ الدور العراقي العربي والإقليمي عن كثب، وظلت تحرض عليه حلفاءها الدوليين، ولم تتورع عن المبادرة بضرب مفاعله الذري عام 1980.
لذلك لقد بات التصدي لمعاملات القوة العراقية بجوانبها المقلقة لإسرائيل، من أولويات الولايات المتحدة فهي في ذات التوقيت الذي تصدرت فيه قمة النظام الدولي ، ولم يعد التحول لأجل إحداث تغيير جذري يقلب معطيات الساحة العراقية رأساً على عقب، الدولة والنظام والثقافة والاقتصاد والتوجهات السياسية والنوازع الفكرية.. الخ، لم يعد ذلك هدفاً للملف الإسرائيلي وحده.
صار هذا الملف جزءاً أصيلاً من سياسة أمريكية أوسع، نحسب أنها الآن أشهر من أن نستطرد إليها في هذا المقام.
المشاركة الإسرائيلية في الحرب :
1- تظهر مشاركة إسرائيل في العدوان على العراق بجلاء منذ اللحظات الأولى للحرب فمشروع الحرب من وضع ثلاثة من غلاة اليهود الأمريكيين هم: ريتشارد بيرل والذي كان كبير مستشاري وزارة الدفاع ا ونائبا وزير الدفاع جون وولفوفيتز ودوغلاس فايث ، فهم الذين صاغوا أهداف الحرب، وقاموا بالدور الكبير في حث الإدارة الأمريكية على شنها.
وبيرل وفايث محسوبان على خط الليكود ويعملان لحسابه، أما وولفوفيتز فهو يقف إلى يمين الليكود، حتى أن واحداً ممن يسمون حمائم في الليكود ميخائيل ايتان انتقده ذات مرة، واتهمه بأنه يحرج نواب الح** بدفعهم إلى تبني مواقف غير معقولة إزاء الفلسطينيين .
وقد أجمع مراسلو ومعلقو القناتين التلفزيونيتين في إسرائيل أن اليهود الأمريكيين الثلاثة عكفوا بعد شهر من هجمات 11 سبتمبر 2001 على الاجتماع بكل من افرايم هلايفي الذي كان وقتذاك رئيساً للموساد ثم تولى لاحقاً منصب مدير [مجلس الأمن القومي] الإسرائيلي. وشارك في تلك الاجتماعات رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية عاموس مالكا وخلفه اهارون زئيفي فركش، إلى جانب رئيسا قسم الأبحاث في كل من الموساد وجهاز الاستخبارات العسكرية بإسرائيل… وكان هدف الاجتماعات هو صياغة أهداف الحرب الميدانية والاستراتيجية، وقد اتفق الجانبان على تشكيل لجنة تنسيق عسكرية مشتركة تقوم إسرائيل خلالها بتقديم كل ما يتطلبه الجهد الحربي الأمريكي وقت الحاجة .
بالتوازي مع ذلك، شكلت لجنة أخرى للتنسيق السياسي، يقف على رأسها من الجانب الأمريكي بشكل خاص المستشارة لشؤون الأمن القومي كوندليزا رايس وتضم أعضاء من فريقها في مجلس الأمن القومي، ومن الجانب الإسرائيلي دوف فايسغلاس مدير مكتب شارون وبعض كبار موظفي وزارة الخارجية الإسرائيلية، وقد تعاملت هذه اللجنة بالذات في خلق الظروف السياسية المساعدة على الحرب، وكان على رأسها خطة خارطة الطريق .
من الملاحظات المهمة في هذا الصدد أن اللجنة العسكرية المشكلة ضمت جنرالات في هيئة أركان الجيش الإسرائيلي إلى جانب هيئة أركان الجيش الأمريكي، وكان ضمن الأخيرين الجنرال تومي فران** قائد المنطقة الوسطي في الجيش الأمريكي، الذي أُنيطت به مهمة قيادة الحرب على العراق .
وحسب قنوات التلفزيون الإسرائيلي، إلى جانب إقرار عاموس مالكا رئيس الاستخبارات العسكرية السابق ، فإن مهمة اللجنة العسكرية انحصرت في نقطتين رئيسيتين هما: تقديم معلومات استخبارية عن الأوضاع في العراق تساعد على حسم المعركة ضد بغداد والمساعدة في تقديم خطط ميدانية للمساعدة في الحرب .
2- لم يقتصر دور الإسرائيليين على صياغة الأهداف وتقديم المعلومات ، بل تبنى الأمريكيون خطة إسرائيلية لاغتيال الرئيس صدام حسين أطلق عليها اسم [تسئيلم] ، هذا ما ذكرته عدة مرات قناتا التلفزيون الإسرائيلي الأولى والثانية ، إضافة إلى شبكة الإذاعة العامة المعروفة بـ[ريشيت بيت] ، وهذه الخطة كان قد وضعها الإسرائيليون في صيف عام 91، لتصفية حسابهم مع الرئيس العراقي الذي كان أول من تجرأ وأطلق الصواريخ على إسرائيل إبان حرب الخليج الثانية ، وقد اشرف عليها الجنرال ايهود باراك، الذي كان وقتذاك رئيسا لاركان الجيش الاسرائيلي. وكانت هناك ثقة شديدة في إمكانية نجاحها، نظراً لتوفّر معلومات دقيقة عن تحركات الرئيس العراقي وأماكن تواجده، وتقرر أن تقوم بها وحدة <<سييرت متكال>> أي سرية الأركان وهي أكثر الوحدات نخبوية في الجيش الاسرائيلي. وقامت عناصر تلك الوحدة بالتدريب على تنفيذ الخطة في منطقة تسمّى <<تسئيليم بيت>>. تقع على بعد 35 كيلومترا الى الجنوب الشرقي من مدينة بئر سبع في الجنوب، واثناء التدريب وقع خطأ فني اطلقت بمقتضاه احدى القذائف التي قتلت خمسة جنود على الفور، فصدر قرار رئيس الوزراء آنذاك اسحاق شامير بإلغاء المخطط.
حسب معلومات وسائل الاعلام الاسرائيلية فإن الاميركيين تبنوا الخطة، بعد إدخال عدة تعديلات عليها في ضوء ما استجدّ من معلومات. وقد تدرّب افراد من عناصر الوحدات الخاصة الاميركية على تنفيذ الخطة في صحراء النقب وفي منطقة المناورات السابقة نفسها. وقد استعانوا بالخطة لاقتناعهم بأن الحرب على العراق لن يكتب لها النجاح ما لم يتم التخلص من الرئيس العراقي. ولذلك فإن اغتياله سيظل هدفا ثمينا سيسعون الى تحقيقه طوال الوقت .
وفي الختام أشارت صحف بريطانية وأمريكية إلى مشاركة وحدات عسكرية إسرائيلية في سير المعارك ، وقالت بعض هذه المصادر أن ثمة وحدتين عسكريتين إسرائيليتين اجتازتا الحدود وتعملان في غرب العراق ، لهذا لم يكن عجبا أن يدعو الحاخامان الأكبران في إسرائيل، ومجلس حاخامات المستوطنات، يدعوا إلى إقامة الصلوات من اجل سلامة جنود الاحتلال الذين يحاربون في العراق ، حيث شارك السفيران الأمريكي والبريطاني في تل أبيب شاركا في تلك الصلوات .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.