تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » الإستخبارات الأمريكية تطلب الإشراف على الحج

الإستخبارات الأمريكية تطلب الإشراف على الحج 2024.

  • بواسطة
هيكل يكشف خفايا ما بعد 11 سبتمبر

الاستخبارات الامريكيه تطلب الاشراف على الحج

خليجية

فريق عمل من الـ سي آي إيه قضى ستة شهور في وضع تقرير عن (الشذوذ الجنسي) لدى الزعماء الأفغان، وأهمية استخدامه في تطويعهم! ـ الإمبراطورية الجديدة (أميركا) لديها غرور القوة، إلى جانب وحشية الإعلام، وطغيان الغنى ـ جورج بوش الأب كان أكثر من ألحوا على بوش ال***، أن يتصرف بسرعة ـ الاستخبارات الأمريكية سجّلت 1100 مكالمة ل*** لادن

القاهرة – من محمد جمال عرفه

قال الكاتب المصري المعروف محمد حسنين هيكل، عقب عودته من جولة في عدد من الدول الأوروبية لاستطلاع الأجواء حول النوايا الأميركية، في ضوء الحرب على أفغانستان، إنه استقى معلومات أثناء الجولة من مصادر أوروبية، تفيد بأن وكالة الاستخبارات الأميركية (سي. آي. إيه) طلبت من السلطات السعودية تسهيلات من أجل مراقبة موسم الحج، خلال شهر شباط/فبراير 2024، بدعوى أنها حصلت من "مصادر خاصة" على معلومات، بأن زعماء إرهابيين، ما زالوا مجهولين حتى الآن، قرروا الالتقاء خلال موسم الحج.

وقال هيكل في سياق مقاله الشهري المطول في مجلة (وجهات نظر) المصرية الشهرية (عدد كانون أول – ديسمبر)، التي تنشر مقالات لكبار الكتاب المصريين والعرب، وحظي باهتمام غير عادي هذه المرة، إن الولايات المتحدة، التي لم تستأذن أيا من الدول العربية في أي خطوة تقوم بها في حرب أفغانستان، إلا أنها اضطرت للاستئذان في فعل واحد هو "طلب يوفر لوكالة المخابرات الأميركية إمكانيات وتسهيلات خاصة، تتيح لها مراقبة موسم الحج هذا العام، ذلك أن الوكالة عرفت من مصادرها (هكذا قالت)، أن عددا من القادة غير الظاهرين للإرهاب، وأعوانا لهم تواعدوا على لقاء في مواقع الحج، ووسط مناسكه، ليخططوا للمرحلة القادمة".

وأكد هيكل أنه استقى معلوماته هذه أثناء قيامه بجولة أوروبية خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة، لاستكشاف الوضع بعد اعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) الماضي. ولم يحدد ما إذا كانت السلطات السعودية وافقت على الطلب الأميركي أم لا.

سبع إشارات عن التوجهات الأميركية

وعرض هيكل في مقاله ما أسماه (سبع إشارات) في رحلته، التي قال إنه فضل القيام بها لأوروبا تحديدا، وليس للولايات المتحدة الأميركية، "لأن ما يصل من أميركا بات مزعجا، يعبر عن مناخ هستيري، صار يتملك الجميع هناك"، ولأن "الإمبراطورية القديمة "أوروبا"، مهما كان خلافنا معها، فإن لديها حكمة التجربة وتوازنها، بينما الإمبراطورية الجديدة (أميركا) لديها غرور القوة، إلى جانب وحشية الإعلام، وطغيان الغنى"، كما قال.

واستهل هيكل إشاراته السبع، التي زار خلالها كلا من لندن ثم باريس وروما، ثم لندن مرة أخرى، وأ**فورد، بمقولة شهيرة للرئيس الأميركي الأسبق "دوايت ايزنهاور" يقول فيها "إن السياسات الطيبة لا تضمن النجاح الأكيد، لكن السياسات السيئة تضمن الفشل المحقق"، وحرص أيضا على أن يختم بهذه المقولة إشارته السابعة، وهي حوار طويل مع الأخضر الإبراهيمي مندوب الأمم المتحدة إلى أفغانستان في لندن، حينما طرح الإبراهيمي سؤال الأزمة "ماذا فعلنا بالأمة العربية وقضاياها وحاضرها ومستقبلها؟" وكان رد هيكل: "وهل تريد السهر حتى الصباح؟ في إشارة لطول الحكاية!".

باريس متعاطفة.. ولكن!

تناولت إشارة هيكل الأولى موقف باريس من الحرب الدائرة حاليا، والذي وصفه بأنه "نوع من التعاطف أحيانا، ونوع من القسوة بالنقد أحيانا". وقال إن الفرنسيين يرون أن الجرائم لا تحاكم بنيران الجيوش، وإنما بنصوص القانون، وأنهم يرون أيضا أن الإدارة الأميركية تتصرف بسرعة وقوة، ودون وجود خطة مدروسة ومتكاملة.

وقارن بين الموقف الفرنسي في الجزائر، والموقف الأميركي في أفغانستان، مشيرا إلى أنه بعد قرابة عشرين عاما مما قام به الفرنسيون، كانت القوات الأميركية في وضع مشابه، لكن رغم أوجه التوافق بين الموقفين إلا أن أوجه الخلاف أيضا كثيرة، لأن "عقل" القوة الفرنسية فرض عليها أن تتوقف بعدما أسماه الرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا ميتران في مذكراته "التشويه السياسي"، لكنه في حالة أميركا فإن جموح القوة الأميركية دفع بالرئيس الأميركي إلى ما هو أبعد، مع تزايد الضغوط عليه، فقرر أن يضرب عارفا أنه لا يملك فرصة أو ترف الانتظار.

.. ويشير هيكل لمعلومة أخرى مهمة، وهي أن الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الأب كان أكثر من ألحوا على بوش ال***، أن يتصرف بسرعة.. وقال له بعد تناول العشاء في منتجع كامب ديفيد، إنه ليس أمامه غير أن يضرب بسرعة، لأن العجز هو الخطيئة، التي لا تغتفر لأي سياسي، وأن الناس يغفرون للرئيس إذا بان خطؤه، لكنهم لن يغفروا إذا تبدى عجزه.

سجلوا 1100 مكالمة ل*** لادن!

وفي إشارته الثانية كشف هيكل – نقلا عن العواصم الغربية – عن أن المخابرات الأميركية حصلت على صور من حوالات مالية تقطع بالصلة بين أسامة بن لادن والمسؤولين عن عملية 11 أيلول/سبتمبر، ولكن الأميركان قالوا للأوروبيين إنهم أجروا تسجيلات لاتصالات هاتفية، قام بها *** لادن طوال السنوات الخمس الماضية، من جهاز هاتف نقال، متصل بالأقمار الصناعية، وأن لديهم أكثر من ألف ومائة تسجيل لمحادثات هاتفية ل*** لادن، دون دليل قاطع.

وقال هيكل إن "إحساس العواصم الأوروبية – كما وصله – انصب على أن الولايات المتحدة قد استعملت قواتها العسكرية بسرعة ضد أسامة بن لادن و"طالبان"، دون أن يكون لديها اليقين الكامل بأن أسامة يتحمل مسؤولية أحداث 11 أيلول/سبتمبر، أو على الأقل يتحملها وحده". وأضاف أنه ركز في اجتماعات التشاور في العواصم الأوروبية على سؤالين، الأول: هل هناك دليل على مسؤولية *** لادن، ومن ثم طالبان، ومن ثم أفغانستان، "ومن ثم الإسلام" على ما جري في 11 أيلول/سبتمبر؟. والثاني: ما هي اتجاهات العمل العسكري الأميركي الحالي، وما هو الهدف الاستراتيجي منه؟.

وبالنسبة للسؤال الأول كان الرد علي المستوى الوزاري الأوربي أنه "ليس لدينا دليل قاطع على مسؤولية *** لادن في ما حدث.. وأنه لابد أن يكون لدى الأميركان شيء يستندون عليه، لكنهم لم يقولوه لنا"!.

الأوروبيون: 11 أيلول/سبتمبر تحمل بصمات الصرب!

وفي هذا الصدد ذكر هيكل جزءاً من حوار مع أحد الوزراء الأوروبيين، سأله الوزير الأوروبي عن شكوكه في نسبة ما حدث لأسامة بن لادن، وعلاقة عناصر الصرب والبلقان عموما بالحدث، وهو ما كان هيكل قد ذكره في مقاله في العدد قبل الماضي من "وجهات نظر" (عدد شهر تشرين أول – أكتوبر)، ويستطرد هيكل في أجابته عن سؤال الوزير الأوروبي، بأن ما طرحه سبق أن طرحه كثيرون في برو**ل في مقر حلف الأطلنطي، وأكد هيكل أن حدثا بهذا المستوى لا يمكن لأحد أن يستبعد شيئا من حسابه دون تروٍ، أو يدخل شيئا في حسابه دون أساس.

وبالنسبة للسؤال الثاني عن اتجاهات العمل العسكري الأميركي وعن الهدف الاستراتيجي منه، كان الجواب الذي وصل للأوروبيين هو أن الإدارة الأميركية كانت واقعة تحت ضغط رهيب، يدفعها إلى الحركة بسرعة، وإلى الحركة نحو نوع من العقاب، يصل إلى أقصى درجات القسوة، بحيث تكون مشاهد الدم والحريق ظاهرة أمام الشعب الأميركي، تطفئ ناره، وتشفي غليله، وإلا واجهت الإدارة الأميركية أزمة يصعب تقدير عواقبها، لكن الإدارة انتظرت وفكرت ووازنت بين خيارات وبدائل".

وفي هذا الصدد فكر الأميركان في خطة لخطف *** لادن من منطقة جبلية في قندهار، ورصدوا وجوده فيها، لكنهم تذكروا ما حدث يوم 24 نيسان (أبريل) 1980 في محاولة إنقاذ الرهائن الأميركيين، الذين احتجزهم شباب الثورة الإيرانية في مبنى السفارة الأميركية بطهران.

شارون عرض خطف *** لادن!

وكشف هيكل، نقلا عن مجموعة التشاور الأوروبي، التي التقاها، أن الولايات المتحدة اعتذرت لرئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون، عندما عرض استعداد القوات الإسرائيلية الخاصة لخطف *** لادن، نيابة عن الإدارة الأميركية، إذ رأت الإدارة الأميركية أن ظهور إسرائيل على المسرح في هذا الدور، وفي هذا التوقيت لا يفيدها، وحتى إذا نجحت العملية سوف يسبب الأمر إحراجا سياسيا واستراتيجيا في العالمين العربي والإسلامي.

.. وكان اعتذار الولايات المتحدة للخيار الإسرائيلي أهم أسباب إلغاء زيارة شارون المقررة لواشنطن، واعتبر شارون الاعتذار الأميركي عدم اعتراف بوجود إسرائيل، كطرف أصيل في التحالف الدولي. وقال شارون إن الحقائق عفت على زمن كانت واشنطن تخفي فيه شواهد علاقتها الخاصة بتل أبيب عن عيون العواصم العربية، لكن حكومته مصممة الآن على أداء دورها في العلن، ثم إن شارون يضايقه أن يكون سبب الاعتذار الأميركي هو مجرد مساعدة عدد من القادة العرب يريدون "ستر" علاقتهم بالولايات المتحدة، وتسايرهم واشنطن في ذلك، بمقولة عدم إحراجهم أمام شعوبهم.

أما الخيار والبديل الآخر، الذي فكرت فيه واشنطن لخطف *** لادن، فكان تكليف تحالف الشمال الأفغاني بالمهمة، لأنه جاهز على الأرض، ولديه حوافزه القوية للقتال، لكن هذا الخيار البديل قد استبعد وقتها، لأن هذا التحالف مهزوم في أعماقه ومم**، ولو كان قادرا على النصر، لانتصر لحساب نفسه، مع كل المساعدات التي تلقاها من قبل، ثم إن زعماء التحالف الشمالي، حينما أحسوا أن هناك اتجاها للاعتماد عليهم، بدأوا يزايدون في طلباتهم، ويسابقون بعضهم في الانفراد، بما يمكن أن تعطيه الولايات المتحدة الأميركية، لمن تعهد إليه بالعملية.

المخابرات الأميركية أعدت تقريرا عن الشذوذ الجنسي للزعماء الأفغان!

وقال هيكل إنه كان هناك بديلا رابعا ورد ذكره في اجتماعات التشاور الأوروبية، مؤداه "أنه يمكن الاتفاق مع بعض أو أحد زعماء القبائل الأفغان، وضمنها قبائل علمتها الحروب أن تبيع ولاءاتها لكي تتولى هي خطف *** لادن، وهذا ما كانت تروج له المخابرات المركزية الأميركية، لكنها طلبت اعتمادات عاجلة، ووقتا مفتوحا، بينما الرئيس لا يقدر على الصبر، وقيل كذلك إن المخابرات المركزية تورطت "حتى الركب" في أفغانستان، وشطحت وشردت لدرجة أن فريق عمل من رجالها قضى ستة شهور في وضع تقرير عن "الشذوذ الجنسي" لدى الزعماء الأفغان، وأهمية استخدامه في تطويعهم!

أما الخيار الخامس فجرى استبعاده بعد ساعات، ومؤداه أنه ليس عسيرا تكليف وحدة خاصة من المخابرات البا**تانية لتنفيذ عملية خطف *** لادن أو قتله، دون أن يؤدي ذلك إلى إحراج الرئيس البا**تاني برفيز مشرف، خاصة إذا توافقت تلك الخطة مع حزمة مساعدات اقتصادية لبا**تان، وضمان سلامة المنشآت النووية من أي ضربة مفاجأة (من الهند أو من إسرائيل)، لكن هذه الفكرة ترافقت مع قلاقل داخل القيادة العليا البا**تانية، اضطر فيها برويز مشرف إلى إعفاء صديقه ونائبه محمد عزيز خان، وهو الرجل الذي دبر وقاد الانقلاب الذي جاء به للحكم.

ولم يبق بديل إذن غير بديل العمل العسكري الأميركي المباشر. وربما يشير سير الأحداث الآن، وهجوم زعماء القبائل على قوات طالبان والقاعدة، إلى اتباع الأميركيين خيار الاعتماد على زعماء القبائل.

البريطانيون يرون أن أميركا تسعى لإثبات أنها القوة الأوحد في القرن الـ 21

وكانت إشارة هيكل الثالثة من على مائدة الصحفي البريطاني الشهير "أنطوني سامبسون" في لندن، أما ضيوف الغداء، فكانوا من صفوة العارفين بمكامن السياسة وميادين الحرب، وكان السؤال الأساسي الذي طرحه هيكل على كثيرين هو بسبب قرب لندن الزائد من القرار الأميركي وموجباته، وقد لخص هيكل خلاصة المناقشات في النقاط التالية:

1- إن هدف التحركات العسكرية الأميركية الأولى قبل بدء العمليات هو الوجود في قواعد الخليج والسعودية وغيرها بشكل فاعل على الأرض، ورفع درجة الاستعداد فيها، دون إذن من أحد، بالإضافة للحاجة الملحة لانتشار أوسع من شبه الجزيرة العربية، بحيث يكون في مقدور هذا الانتشار أن يطال أي هدف يراد الوصول إليه.

2 – إذا لم تحقق مشاهد الانتشار العسكري هدفها النفسي، وضمنه احتمال أن تقوم طالبان بتسليم *** لادن توقيا لضربة عسكرية، أو احتمال قيام بعض الحكومات العربية، التي تحتفظ بعلاقة خاصة مع طالبان، بمسعى مباشر، (جرى تداول اقتراح قيام وفد من علماء المسلمين بالتوجه لقندهار وإقناع قيادة طالبان وأسامة شخصيا بأن الوقت قد حان لفداء الأمة الأفغانية والإسلامية من شر مستطير، بتضحية رجل واحد)، فإن الفعل العسكري يستطيع أن يبدأ بضربات الطيران الكاسحة، مما يحقق الهدف النفسي في إقناع الملا عمر أن الخطر جدٌ لا هزل فيه، وأن أبواب جهنم قد فتحت.

3- إن بدء الضرب الجوي واشتداده يريح للرأي العام الأميركي على عدة مستويات نفسيا، ويشفي غليله، ويقنعه بأنه أخذ حقه بيده وتصرف، بعد أن دوت صيحة (الوطنية) زئيرا بدائيا، تردد في كل الولايات، ولم يعد في مقدور أحد أن يرفع صوته طالبا المراجعة، كما أن الإعلام الأميركي سمح وقبل أثقل قيود رقابية وضعت عليه، بل إن الرقابة عبرت المحيط إلى بريطانيا.

4- بعد هذه الأهداف العسكرية والنفسية كان أول تقدير هو أن القصف سوف يجعل مخابئ (القاعدة) تضيق عليهم، فإما أن (نفعصهم) داخلها، وأما أنهم سيضطرون للخروج منها إلى حيث نستطيع اصطيادهم.

5- وكان الهدف التالي المباشر للضرب الكثيف هو ردع الآخرين (لا أحد يعرف أين هم) عن القيام بهجمات انتحارية جديدة.

6- وكان رأي عدد من الجالسين حول مائدة (انطوني سامبسون) كما يضيف هيكل: أن العمل العسكري الأميركي له فوق أهدافه الإقليمية هدف استراتيجي عالمي، هو التأكيد لكل الأطراف في العالم، أن الولايات المتحدة مصممة أن تكون القوة الأوحد في القرن الواحد والعشرين.

7 – وثمة رأي آخر يعتقد أن الولايات المتحدة تقوم في ذات الوقت بتأكيد وتطوير وامتحان نظرية الحرب الجديدة (الحرب غير المتوازية)، ضد أنواع من التهديدات تواجهها، أخطرها (الإرهاب).

8 – أحد الخبراء المشاركين في الحوار قال إن كل رئيس أميركي يحتاج إلى حرب يثبت فيها للكل وللتاريخ أنه زعيم حقيقي على مستوى الخلود، زيادة على ذلك فإن كل دولة عظمى تحتاج لإثبات قدرتها وتجربة أسلحتها في ميدان حقيقي.

*** لادن.. "شهيد" بالصدفة!

وقد جاءت إشارة هيكل الرابعة من جامعة أ**فورد، ودارت حول تعريف الإرهاب، من خلال السير مايكل هوارد، أستاذ علم الصراع في جامعة أ**فورد، الذي زاره هيكل في مكتبه عدة مرات. وهنا يقول هيكل إن اجتهادات هوارد في توصيف الإرهاب تختلف عما يتردد في بعض العواصم العربية، باقتراح مؤتمر عالمي على مستوى القمة، لبحث قضية الإرهاب، إذ يؤكد أن فكرة المؤتمر العالمي لبحث القضية فات أوانها، فقد سبق وضع الإرهاب على الخريطة الاستراتيجية الأميركية (1981) في لجنة عليا أنشأها الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان، وأشرف عليها جورج بوش، يضاف إلى ذلك أن فكرة مؤتمر دولي للإرهاب طرحت نفسها مرات، وانعقدت بالفعل لهذا الغرض قمة دولية في شرم الشيخ بمصر (آذار – مارس 1996)، ومن سوء الحظ أن تلك القمة قصد منها إنقاذ الفرص الانتخابية لشمعون بيريز، حتى تتأكد له رئاسة الوزارة في إسرائيل، لأنه (حمامة السلام) المرجوة والمهددة بمخالب الصقور الليكودي بنيامين نتنياهو، لكن القمة فشلت ونجح نتنياهو وفشل بيريز!.

ويعلق هيكل على آراء هوارد بقوله: لكني أظن أن قوة العنف الأميركي بحملة من الكراهية أولا دون دليل، ثم بالسلاح دون مشروعية، ثم بالضرب فورا دون تمييز، خلقت ردة فعل مناهضة على نحو ما للولايات المتحدة، متعاطفة مع شعب أفغانستان.. ثم تداخلت الصور فوق الأرض المخضبة بالدم.. وإذن ليست المسألة تعاطفا على الإطلاق مع طالبان و*** لادن، وكذلك فإن *** لادن قد يصبح بطلا بالرغم عنه، وشهيدا بمحض (الصدفة).

التحالف غطاء وأميركا لا تنتظر إذنا من أحد!

وفي إشارته الخامسة من روما، يرصد الكاتب المصري هيكل صورة التحالف الدولي، ولكن هذه المرة من العاصمة الإيطالية، إذ يقول إن صورة التحالف الدولي تختلف إذا نظرنا إليها من إحدى العواصم الأوربية المطلقة، كما هو الحال في العاصمة الإيطالية (روما)، ويرفض هيكل القياس على صورة التحالف الدولي إبان حرب العراق، فهذه المرة ليس مطلوبا من أحد إذنا، لأن الولايات المتحدة موجودة بالفعل، وليست هناك مشروعية يستطيع طرف أن يمنحها، لأن ما جري في نيويورك وواشنطن يعطي القوة الأميركية حق الرد بالعقاب دون اعتراض من أحد.

وأهم ما يقوله هيكل هنا، نقلا عن الصورة الأوروبية، إنه ليس هناك تحالفا واحدا، وإنما هناك جملة تحالفات، ثم إن التحالفات أنواع، فهناك تحالف دول وهناك تحالف مهام، وهناك تحالف توقيت:

– ففي (الدرجة الأولى) من تحالف الدول، توجد بريطانيا وحدها، بإيمانها بالعلاقة، التي تربط مجتمع الناطقين بالإنجليزية، وقد ظن رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير أنه حين يعطي أميركا بغير شروط، فإن الولايات المتحدة سوف تعطي بريطانيا بغير حدود.

– وفي (الدرجة الثانية) من التحالف توجد روسيا والصين، فروسيا بالإضافة لتشوقها لتحصيل ديون قديمة وجديدة، وثأرية مع المجاهدين القدامى والمحدثين، أصبحت روسيا – بقدر من الشراكة – قابل للاتساع، حليفا لأميركا، شرطه الرئيس أن لا يتم في المستقبل إجراء سياسي أو اقتصادي (بشأن موارد وسط آسيا من النفط وغيره) إلا بعد التشاور معها والاتفاق.

أما الصين فهي لا تريد أن تترك أميركا لروسيا وحدها، ولا تريد تسوية أمور وسط آسيا في غيبتها، ولا تريد للهند أن تصبح القوة الغالبة في شبه القارة الهندية، إذا سقطت با**تان في بحر الفوضى.

– وفي (الدرجة الثالثة) تأتي با**تان ومجموعة دول الخليج، حيث القواعد العاملة على أراضيهم، وليس هناك من يستطيع الاعتراض، وإذا اعترض بالكلام فحرية العمل لا تحجر عليها الكلمات مادام فعل الاعتراض معطلا بالعجز على الأقل!.

وهنا يشير هيكل إلى معلومة طلب المخابرات الأميركية إذنا وحيدا يتعلق بمراقبة موسم الحج، دون أن يوضح ماذا كان رد الفعل السعودي؟.

مطلوب من العرب إبعاد قضية فلسطين عن أفغانستان!

أما عن "تحالف المهام الموكلة بدول"، وهو ما يؤكده وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفلد بقوله: في المرة الماضية في الخليج كان أطراف التحالف هم الذين يحددون مهام الحرب، وأما هذه المرة فإن مهام الحرب، هي التي تحدد أطراف التحالف، وفي تحالف المهام فإن الدولة التي تتصدر القائمة تركيا القريبة من وسط آسيا، والقاعدة العسكرية الأميركية المجاورة لأرض المعركة، بالإضافة لاستثمار حلمين تركيين آن لهما أن يستيقظا: الأول حلم اعتراف سوريا تحت ضغوط ما بشرعية انضمام قضاء الإسكندرونة لتركيا، والحلم الثاني حلم ولاية الموصل، التي تأمل تركيا في سلخها من العراق العربي.

وإلى جانب تركيا يجيء الدور في تحالف المهام على مصر وعدد من الدول العربية، ضمنها السلطة الفلسطينية، وأول المطلوب من هؤلاء، على المشاع، معلومات مخابراتية، أما المهمة الأكثر حساسية فهي إبعاد القضية الفلسطينية وتفاعلاتها عن الحرب في أفغانستان وتطوراتها، وهنا فإن الدول العربية خصوصا مصر والأردن مطالبة بالعمل على وقف العنف في فلسطين (دون تحديد لمصدر العنف وسببه)، كما أنها مطالبة بالعمل على استئناف المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين (دون أن يكون هناك مشروع معقول يمكن التفاوض عليه)، وهي أيضا مطالبة بضبط التصعيد الإعلامي، وما يثيره من أجواء نفسية معادية لإسرائيل والولايات المتحدة.

وفي تحالف التوقيت تبرز إيران كأهم طرف في التحالف السلبي في أدائه، والإيجابي في تأثيره، ذلك أن إيران حتى بالسكوت عنصر ضاغط على حركة طالبان، بحكم الحدود المشتركة، والتداخل السكاني، ونفاذ المذهب الشيعي وسط أفغانستان. ومع ذلك يظل الطرف الأهم في تحالف التوقيت هو أوروبا: ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، ثم بعيدا عن أوروبا كندا واستراليا.

تفويض على بياض للجيش الأميركي

وعن توسيع نطاق العمليات الأميركية، يكشف هيكل عن أن التوجيه الاستراتيجي الموجه من البيت الأبيض للقيادة المركزية الأميركية، التي يتولاها تومي فران**، توجيه مفتوح، كأنه تفويض على بياض!. فالجنرال فران** يقول: ليس هناك موقع مقصود بذاته، وليس هناك موقع مستبعد من الأصل، لأن التوجيه الرئاسي الصادر إلي بتحديد الهدف الاستراتيجي للعمليات هو بالنص: "عليك أن تعثر عليه وتقوم بتدمير قواعد ومواقع وخطوط شبكة الإرهاب العالمي، والقوى التي تساعده، على أن تكون البداية بتنظيم القاعدة ونظام طالبان."

إسرائيل صديق مشا** ولكن يعتمد على نفسه والعرب لا

وقد خصص هيكل إشارته السادسة من لندن التي عاد إليها مرة ثانية، للحديث عن دور العرب وإسرائيل في التحالف الأميركي، ولماذا الانحياز الأميركي لإسرائيل دون العرب؟. وفي هذا الصدد طرح هيكل سؤالين: الأول: أين إسرائيل في خريطة هذه التحالفات؟ والثاني: لماذا تلوح الآن في العلاقات الأميركية العربية علامات سوء الفهم؟

وفي إجابته على السؤالين يقول: "سمعت وسمع معي الصديق الأخضر الإبراهيمي (ممثل الأمم المتحدة في أزمة أفغانستان الحالية)، من يقول في ذات العاصمة الأوروبية: (لتكن الأمور واضحة.. إسرائيل صديق وحليف متعب ومشا**، لكنها حليف قادر، يستطيع أن يعتمد على نفسه في تحقيق مطالبه ومطالب أصدقائه.. أما على الجانب الآخر فإن العرب أصدقاء، لكنهم ليسوا حلفاء، ونحن نسلم بأنهم صديق طيب ومريح، لكنه صديق لا يستطيع أن يعتمد على نفسه في تحقيق مطالبه، ويطلب من غيره أن يحققها له).

ويواصل القائل كلامه: لقد سمحت واشنطن لبعض الأطراف العربية بأن يعلنوا على الملأ آراء ومواقف مخالفة لما تسمعه منهم في الاجتماعات المغلقة، وكان ذلك عن تقدير لعلاقة هؤلاء الأطراف بشعوبهم، لكننا الآن في ظرف لا يحتمل هذه الدرجة من المرونة، وهي في رأيهم ميوعة.

ولعلم الجميع – كما يضيف القائل الغربي- فإن الحكومة الأميركية لم تطلب من أي طرف عربي شيئا إلا واستجاب للطلب بالكامل، ومع ذلك راح بعض العرب يقولون (إنهم تحفظوا)! رغم أن بعضهم كان من المطالبين والمحرضين على امتداد الضربة لإنهاء ما بقي معلقا منذ حرب الخليج، وسرعة التخلص من نظام صدام حسين، الذي يراه بعض العرب أخطر بكثير من نظام طالبان!.

وفي رصده لمناخ العلاقات الأميركية العربية، يشير هيكل إلى ما حدث من رفض الرئيس الأميركي لقاء الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وإشارة المندوب الأميركي إلى إمكانية لقاء مصادفة في ممرات الأمم المتحدة.

ماذا بعد أفغانستان؟

وفي إشارته السابعة والأخيرة من لندن أيضا يؤكد هيكل: أن ما سموه بالحرب في أفغانستان قارب نهايته، لكن البركان سوف يواصل الفوران، ويطرح احتمالات سيناريو ما بعد الضربات الأولى أمام طالبان على النحو التالي (بعدما ناقشها في لقائه مع الأخضر الإبراهيمي، الذي كان في طريقه من باريس إلى نيويورك، مرورا بلندن، ليقدم تقريره للسكرتير العام للأمم المتحدة):

1- احتمال أن يرى أصحابها أن فرصتهم ضاعت بالوقوع في الأسر أو الانعطاف للنسيان.

2- احتمال مواصلة المقاومة عن طريق حرب عصابات تساعد عليها طبيعة أفغانستان، بعد تحرر طالبان من مسؤولية المدن.

3- أن تعاود طالبان تأهيل نفسها للاشتراك في ائتلاف ح**ي أفغاني.

4- الكمون في انتظار تورط غيرهم من أطراف التحالف في تدمير بعضهم بعضا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.