المطلب الثالث: أصول الحياة الطيبة.
وهذه الأصول التي لا تكون الحياة طيبة بدونها، هي التي يسميها العلماء بالضرورات الخمس، وهي: الدين، والنفس، والنسل، والعقل، والمال، وبعضهم يضيف إليها ضرورة سادسة وهي: العرض.
هذه الضرورات إذا لم تحفظ لأي أمة، فإن بقاء تلك الأمة الحقيقي مستحيل، وانقراضها أو ذوبانها محقق.
ولذا قال الإمام الشاطبي رحمه الله: "فأما الضروريات فمعناها أنها لابد منها في قيام مصالح الدين والدنيا، بحيث إذا فقدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة، بل على فساد وتهارج وفوت حياة، وفي الأخرى فوت النجاة والنعيم والرجوع بالخسران المبين" [الموافقات (2/8) بتحقيق الشيخ عبد الله دراز]
وإذا رجعنا إلى نصوص القرآن والسنة وكتب الشريعة الإسلامية وجدنا أن هذه الأصول التي لا حياة بدونها، هي الهدف الذي يجب أن يكون نشاط الإنسان كله متجهاً لحفظه وحفظ ما يكمله أو درء ما يضعفه.
وقد فصلت القول فيها في كتاب مستقل فليعد إليه من شاء فإنه يغني عن التطويل هنا [راجع: الإسلام وضرورات الحياة، صدر عام 1406].
أثر التربية الإسلامية في أمن المجتمع الإسلامي(9)
الفصل الأول:
وفيه مباحث:
المبحث الأول: في المقصود بالعلم.
المبحث الثاني: العلم بالله تعالى.
وفيه مطالب:
المطلب الأول: العلم بألوهية الله.
المطلب الثاني: العلم بإحاطة علم الله بكل شيء.
المطلب الثالث: العلم بقدرة الله التامة على كل شيء.
المطلب الخامس: العلم بأسماء الله وصفاته.
المبحث الثالث: العلم بكتاب الله وسنة رسوله.
المبحث الرابع: العلم برسول الله صلى الله عليه وسلم.
المبحث الخامس: العلم باليوم الآخر.
المبحث السادس: العلم بالملائكة ووظائفهم.
المبحث السابع: العلم بوجوب محبة الله ورسوله.
المبحث الثامن: العلم بأن الله واهب الحياة والر**.
المبحث الأول: المقصود بالعلم
العلم المقصود هنا هو هدى الله تعالى الذي أوحاه إلى رسله عليهم السلام لهداية الناس، وقد أخبر الله تعالى نبيه آدم أبا البشر عليه السلام وزوجه حواء، وإبليس لعنه الله، عندما أهبطهم إلى الأرض، أنه باعث إليهم ذلك العلم، فمن اتبعه نجا في الدنيا والآخرة، ومن عصاه هلك فيهما، كما قال سبحانه وتعالى: )قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون، والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون( [البقرة: 38-39].
وهو – أي العلم المقصود هنا – الذي أخبر الله سبحانه وتعالى أن من اتبعه نال السعادة ونجا من الضلال والشقاء، ومن أعرض عنه نزل به الضيق والشدة في الدنيا ونال العقاب الشديد في الآخرة، كما قال سبحانه وتعالى: )قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى، ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا، ونحشره يوم القيامة أعمى، قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا، قال كذلك أتتك ءاياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى( [سورة طه: 123-126].
قال *** كثير رحمه الله عند تفسير هذه الآيات: "يقول تعالى مخبراً عما أنذر به آدم وزوجته وإبليس حين أهبطهم من الجنة، والمراد الذرية، أنه سينزل الكتب ويبعث الأنبياء والرسل، كما قال أبو العالية: الهدى الأنبياء والرسل والبينات والبيان. قال مقاتل بن حيان: الهدى محمد صلى الله عليه وسلم، وقال الحسن: الهدى القرآن، وهذان القولان صحيحان، وقول أبي العالية أعمّ.
)فمن تبع هداي( أي أقبل على ما أنزلت به الكتب وأرسلت به الرسل )فلا خوف( أي فيما يستقبلونه من أمر الآخرة )ولا هم يحزنون( على ما فاتهم من أمور الدنيا، كما قال في سورة طه: )قال اهبطا منها جميعاً فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا يضل ولا يشقى( قال *** عباس: "فلا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة". )ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى(، كما قال ههنا: )والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون( [تفسير القرآن العظيم (1/82)، وانظر الكتاب نفسه (3/186)].
وهذا العلم هو الذي ألهم الله خليله إبراهيم و***ه إسماعيل أن يدعواه جلّ وعلا بأن يمنّ به على ذريتهما الذين يخلفونهما في عمارة بيت الله الحرام، مع رسول يكرمه الله به ليتلوه عليهم ويعلمهم إياه ويطهرهم به، بحيث يعبدونه ولا يشركون به شيئاً، كما قال سبحانه وتعالى: )وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم، ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين( [سورة البقرة: 127-130].
قال *** كثير رحمه الله: "يقول تعالى إخباراً عن تمام دعوة إبراهيم لأهل الحرم أن يبعث الله فيهم رسولاً منهم أي من ذرية إبراهيم، وقد وافقت هذه الدعوة المستجابة قدر الله السابق في تعيين محمد صلوات الله وسلامه عليه رسولاً في الأميين إليهم وإلى سائر الأعجميين من الإنس والجن …" [تفسير القرآن العظيم (1/184)].
قلت: وقد بيّن سبحانه وتعالى في كتابه أنه بعث فيهم رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم بكتابه لتعليمهم وتطهيرهم بالعمل الصالح، كما قال تعالى: )لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم ءاياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين( [سورة آل عمران: 164].
وقال تعالى: )هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين( [سورة الجمعة: 2].
جهد أدعو الله أن يثيبك بالأجر الكبير عليه …
فما تبذله من جهد ..يعتبر كبير جدا ..
بارك الله فيك وفي جهودك..
أختك الاحلام