تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » أثر التربية الإسلامية الحلقة

أثر التربية الإسلامية الحلقة 2024.

أثر التربية الإسلامية في أمن المجتمع الإسلامي الحلقة (73)

المطلب الرابع : ذكر الله في آذانهم عند ولادتهم.

شرع الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، أن يكون أول صوت يقرع آذان الأولاد عند ولادتهم، هو ذكر الله الذي يغيظ عدو الله إبليس ويحصنهم منه، ويطمئنهم أن الذي خلقهم في أرحام أمهاتهم وحفظهم فيها بالغذاء وغيره وهو الله تعالى، هو معهم يرعاهم ويحفظهم، وهو أكبر من كل شيء وهو الإله الحق الذي لا يعبد سواه.

فالسنة أن يؤذن في آذانهم، كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم مع *** بنته الحسن بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنهم..

فقد روى أبو رافع رضي الله عنه، قال:
"رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، أذن في أذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة بالصلاة". [أبو داود (5/333) أحمد (6/9) والترمذي 4/97) وقال: هذا حديث حسن صحيح].

قال *** القيم، رحمه الله:
"وسر التأذين، والله أعلم، أن يكون أول ما يقرع سمع الإنسان كلماته [أي كلمات الأذان] المتضمنة لكبرياء الرب وعظمته، والشهادة التي أول ما يدخل بها في الإسلام، فكان ذلك كالتلقين له شعار الإسلام عند دخوله إلى الدنيا، كما يلقن كلمة التوحيد عند خروجه منها.

وغير مستنكر وصول أثر التأذين إلى قلبه وتأثره به وإن لم يشعر، مع ما في ذلك من فائدة أخرى، وهي هروب الشيطان من كلمات الأذان، وهو كان يرصده حتى يولد، فيقارنه للمحنة التي قدرها وشاءها، فيسمع شيطانه ما يضعفه ويغيظه أول أوقات تعلقه به.

وفيه معنى آخر، وهو أن تكون دعوته إلى الله وإلى دين الإسلام وإلى عبادته، سابقة على دعوة الشيطان، كما كانت فطرة الله التي فطر الناس عليها، سابقة على تغيير الشيطان لها ونقله عنها ولغير ذلك من الحكم". [تحفة المودود في أحكام المولود ص16].

قلت:
وقد صح أن الشيطان يهرب من الأذان..

كما روى أبو هريرة رضي الله عنه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين، فإذا قُضِيَ النداء أقبل، حتى إذا ثُوِّب بالصلاة أدبر، حتى إذا قضي التثويب، أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه، يقول: "اذكر كذا، اذكر كذا" لما لم يكن يذكر حتى يظل الرجل لا يدري كم صلى ) [البخاري (1/151) ومسلم (1/291)].

وقد مضى أنه يشرع للرجل إذا أتى أهله، أن يذكر الله ويدعوه، ليجنبهما الشيطان، ويجنب الشيطان ما ر**هما، وأن ذلك لا يضره أبداً. [راجع المطلب الأول من هذا المبحث].

المطلب الخامس : إشعارهم باستمرار العناية بغذائهم وتمرينهم عليه.

إن الولد لما كان في رحم أمه، كان يأتيه غذاؤه في دمائها عن طريق الحبل السري، وما كان في حاجة إلى شيء يدخل في جوفه من فمه، وإذا خرج من رحم أمه انقطع عنه هذا الطريق السهل المنظم بالتنظيم الدقيق بقدرة خالقه، فأصبح في حاجة إلى وسيلة أخرى غير الحبل السري، الذي يقطع من سرته فور خروجه من رحم أمه.

والوسيلة الجديدة هي عن طريق فمه، ولهذا يتحول غذاؤه إلى ثديي أمه اللذين هيأهما الله له تهيئة تناسب مصهما بفمه.

وليس المقصود هنا بيان هذا الأمر، وإنما المقصود ما شرع الله تعالى بهدي رسوله صلى الله عليه وسلم من تحنيك الطفل عند ولادته بشيء من التمر بعد مضغه وترطيبه، ولعل في ذلك – مع كونه سنة – ما يطمئن الطفل ويجعله آمناً على استمرار غذائه، والعناية به، وبخاصة تحنيكه بالتمر الذي ترتفع فيه نسبة الحلاوة التي يتلذذ بها الطفل، وفيه كذلك تمرين له على استعمال وسيلة غذائه الجديدة، وهي المص بالفم ليألفها.

روت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما، أنها حملت بعبد الله *** ال**ير بمكة، قالت:
"فخرجت وأنا متم، فأتيت المدينة فنزلت قباء، فولدت – بقباء، ثم أتيت به رسول الله رسوله صلى الله عليه وسلم فوضعه في حجره، ثم دعا بتمرة فمضغها، ثم تفل في فيه، فكان أول شيء دخل جوفه، ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم حنكه بالتمرة، ثم دعا له وبرَّك عليه". [البخاري (6/216) ومسلم (3/1690)].

وكذلك حنك صلى الله عليه وسلم غلاماً لأبي طلحة، وسماه عبد الله. [البخاري (6/216) ومسلم (3/1689)].

قال الحافظ بن حجر، رحمه الله:
"والتحنيك مضغ الشيء ووضعه في فم الصبي، ودَلْك حنكه به، يصنع ذلك بالصبي ليتمرن على الأكل ويقوى عليه". [الفتح (9/588)].

المطلب السادس : اختيار الاسم الحسن له.

إن اللفظ الحسن ترتاح له النفس ويستسيغه السمع، واللفظ السيئ لا يحب الإنسان أن يطرق سمعه ولا أن ينطق به، وإن الاسم الذي يختاره أبو المولود وأسرته له يلتصق به، ويصبح علماً عليه، وقد يصعب تغييره في كبره.

فإن كان الاسم حسناً محبباً، سر به المسمى عند كبره وأحب أن يدعى به، وسر به غيره – أيضاً – ممن يناديه به أو يسمعه، وإن كان قبيحاً ساءه سماعه حين يدعى به، وساء من يدعوه ومن يسمع النداء به، والمسمى لا ذنب له في ذلك، لأنه لم يختره لنفسه..

لذلك كان المشروع أن يختار له أهله الاسم الحسن الذي يسره ويسر غيره، وقد ظهر ذلك في عناية الله بتسمية بعض أنبيائه، وفي اهتمام رسول الله صلى الله عليه وسلم بتسمية بعض الأطفال عند ولادتهم، أو تغيير بعض الأسماء المكروهة.

قال تعالى لزكريا عليه السلام: (( يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيّاً )) [مريم:7 وراجع المطلب الثالث من هذا المبحث].

وسمى الله تعالى الرسول صلى الله عليه وسلم "أحمد" وبشر به عيسى عليه السلام بهذا الاسم..

كما قال تعالى: (( وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرائيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ )) [الصف:6].

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاء إليه بالمولود، فيحنكه ويدعو له ويسميه ويسأل عن اسمه، فإن رآه حسناً تركه، وإن لم يعجبه سماه، كما كان يغير أسماء الكبار إذا كانت قبيحة.

فقد ولدت أسماء بنت أبي بكر، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ***ها وحنكه، وصلى عليه ـ أي دعا له ـ وسماه عبد الله. [راجع صحيح مسلم (3/1690) وما بعدها..].

وكذلك فعل صلى الله عليه وسلم ب*** أبي طلحة رضي الله عنهما، حنكه وسماه عبد الله.. [سبق قريباً في آخر المطلب الخامس].

وجاء أبو أسيد رضي الله عنه بمولود له إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ( ما اسمه؟ ) قال: فلان، قال: ( ولكن اسمه المنذر ). [البخاري (7/117) ومسلم (3/1692)].

وقدم جد سعيد بن المسيب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: ( ما اسمك؟ ) قال: اسمي حَزْن، قال: ( بل أنت سهل ) قال: ما أنا بمغير اسماً سمَّانيه أبي، قال *** المسيب: فما زالت فينا الحزونة بعد.. [البخاري (7/117) (و) وغير اسم "عاصية" إلى جميلة" [راجع صحيح مسلم (3/1686)].

وأمر بعض أصحابه أن يسمي ***ه عبد الرحمن.. [البخاري (7/116ـ117) ومسلم (3/1684)].

وروى *** عمر رضي الله عنهما، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن أحب أسمائكم إلى الله: عبد الله وعبد الرحمن ). [مسلم (3/1682) والترمذي (5/132)].

وروى أبو الدرداء رضي الله عنه، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم، فأحسنوا أسماءكم ). [أبو داود (5/236) وحسنه *** القيم في تحفة المودود في أحكام المولود ص66 وقد بسط في هذا الكتاب الكلام في هذا الباب فراجعه في ص 66ـ87].

بارك الله فيك وجزاك الله خير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.