الأربعاء,أيلول 06, 2024
أئمة المساجد … في ذاكرة النسيان
في الوقت الحالي أصبحت الدوائر والمؤسسات تهتم في جانب تدريب وتطوير الموظفين، من خلال تنسيبهم في دورات تزيد من كفاءة الموظفين، وتطور أساليبهم في العمل، بل بعض الدوائر والمؤسسات فتحت الباب أمام خريجي الثانوية العامة للدراسة الجامعية في تخصصات تحتاجها هذه الدوائر والمؤسسات، مع دفع تكاليف الدراسة، وتخصيص رواتب لهؤلاء الطلبة.
إلا أن هناك بعض الدوائر لا تهتم في هذا الجانب، أو يمكن القول بأنها تهتم بجانب تطوير الموظفين الإداريين فقط، أما الموظفين الآخرين أو ما يسمون بصغار الموظفين، فهناك إهمال كبير في تطويرهم.
واقصد في حديثي هذا دائرة الشئون الإسلامية والعمل الخيري بدبي بشكل خاص، ووزارة العدل والشئون الإسلامية بشكل عام، حيث لاحظت كثيراً على الدائرة والوزارة عدم الاهتمام بأئمة المساجد والمؤذنين من ناحيتين:-
الناحية الأولى: الاختيار غير الموفق لأئمة المساجد والمؤذنين، فمنهم من لا يجيد اللغة العربية، ومنهم من لا يعرف أحكام التجويد، فضلاً عن اقتصار الكثير منهم على حفظ جزء أو اثنين فقط، ولو رجعت إليه بعد عشر سنوات لاكتشفت أنه لا زال يحفظ هذا الجزء مع الأخطاء التي يقع فيها عند التلاوة، بالإضافة إلى تعيينهم لأشخاص لا يعرفون أحكام الصلاة بشكل صحيح.
الناحية الثانية: عدم تأهيلهم لهؤلاء الأئمة بالشكل المطلوب من خلال إدخالهم دورات شرعية وتربوية ونفسية، فالأئمة أكثر احتكاكاً وتعاملاً مع أفراد المجتمع من الخطباء، فالاهتمام بهم أولى من غيرهم.
فمثلاً كثير من شباب منطقتنا بدأوا يذهبون إلى مساجد أخرى بسبب أن إمام المسجد لا يعرف أحكام التجويد، فضلاً عن وقوعه في أخطاء لفظية عند القراءة، كما أن أسلوبه فظ وغليظ في التعامل مع المصلين وخاصة المصلين من الجالية الهندية.
واذكر أنه حصل لي موقف مع هذا الإمام يدل على جهلة باللغة العربية، حيث وضعت مطوية في المسجد عن حكم القنوت في صلاة الفجر، وكان الإمام يرى أن قنوت الفجر واجب، وبعد توزيع المطوية أتاني الإمام يقول: "كيف تقول بأن الكفار يدعون على الرسول عليه الصلاة والسلام؟" فاستغربت من سؤاله، وقلت له: "من قال بذلك؟" فقال: "هذا الأمر مذكور في المطوية التي وزعتها"، فتذكرت أن ما ذكر في المطوية كان حول دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على الكفار لمدة شهر، وهذا أكبر دليل على جهل هذا الإمام باللغة العربية.
وللأسف أن كثير من الأئمة لا يهتمون بتعليم المصلين أحكام الصلاة، وكأن لسان حاله يقول: وظيفتي أن أصلي بالناس فقط، أما تعليمهم فليست من ضمن وظيفتي، بل من الأئمة لا يهتم في مسألة تسوية الصفوف، فيقف ووجهه للقبلة ويقول للمصلين: "استووا…استووا"، وهو لا يعرف إذا استوى المصلين أم لا !!
بالأمس صلى على يساري أحد المصلين، يبعد عني ما يقارب "الشبرين"، ولم يقف على المستوى الذي وقف عليه المصلون، مما أدى إلى اختلال الصف، وحاولت نصيحته ولكن خرج قبلي من المسجد.
وهناك العديد من الحالات والمواقف التي تحصل في المساجد يومياً وفي كل صلاة، وكنت أتمنى أن تطبق دائرة الشئون الإسلامية معايير الجودة على أئمة المساجد والمؤذنين، وأتعجب من الوزارات والدوائر التي تختص بهذا الجانب عندما تدعي بأنها ستحارب الإرهاب، والأفكار المتطرفة، في حين أنها لم تأهل موظفيها بالشكل المطلوب.
وكما قلت سابقاً بأن أئمة المساجد أكثر احتكاكاً بالمجتمع، فالأولية بتعليمهم، وتطويرهم أكثر من غيرهم، ومن هذا المنطلق اقترح بعض المقترحات لعلها تصل إلى من يهتم بهذا الجانب:-
1. إعادة اختبار أئمة المساجد لمعرفة مستوياتهم العلمية وكيفية تعاملهم مع الجمهور، ووضع خطة لتطوير من يستحق التطوير، وإبعاد الأشخاص الذين لم ينجحوا في الاختبار.
2. بعد البدء بالمقترح الأول، يوضع نظام لاختبار أئمة المساجد كل ستة أشهر، للنظر في مدى تطور الأئمة، وهل زادت نسبة حفظهم للقرآن ؟ وإذا كان الشخص حافظاً للقرآن الكريم ينظر في مدى حفظه للسنة النبوية ؟ بالإضافة إلى محاولة تنسبيهم في الدورات التي يحتاجها أي إمام مسجد.
3. تكليف أئمة المساجد بإلقاء الدروس والمحاضرات لتعليم المصلين أحكام الدين، وبالذات أحكام الصلاة.
الخبير الإماراتي
الأمور التي ذكرتها جميعها صحيحة ومهمة جدا …
أصلح الله الجميع … بارك الله فيك على الطرح الطيب