الذكــــــــــــــاء العاطفــــــــــــي 2024.

80% من احتمالات النجاح والفشل فى الحياة ورائها:
الذكاء العاطفى

5 قدرات مختلفة تحدد مستواه لدى الإنسان
السنوات الأولى من عمر الطفل
حاسمة فى تكوينه

بقلم : د. وليد أحمد فتيحي

ظهرت في الآونة الأخيرة دراسات وكتب تتحدث عن نوع من الذكاء أطلق عليه "الذكاء العاطفي" (Emotional Inteligence) ويعتقد بأنه أهم بكثير من الذكاء المتعارف عليه الذي يحدده اختبار الذكاء (I.Q)، بل ويعتقد أن الذكاء العاطفي ساهم بأكثر من 80% في تحديد احتمالية نجاح الشخص أو فشله في الحياة العملية، في حين أن الذكاء التقليدي (I.Q) يساهم بـ 20%، فما هو الذكاء العاطفي؟ .
يكون كتاب "الذكاء العاطفي" للدكتور دانيل غولمن (Daniel Goleman) من جامعة هارفارد الذي صدر عام 1995م من أهم وأوائل المراجع في هذا الموضوع،ويمكن تعريف هذا النوع من الذكاء بقدرات خمس مختلفة:
1 – قدرة الشخص علي معرفة وفهم مشاعره الخاصة:
إن قدرة الشخص علي مراقبة ماشعره النفسية أثناء حدوثها وإدراكه أسبابها وفهمه لأبعادها في سكونها وتقلباتها هو من أهم أسباب بناء الذكاء العاطفي.
وعندما يعجز الإنسان عن فهم هذه المشاعر فإنه يصبح ضحية ورهينة لها يرضخ تحت رحمتها فتسيره تقلبات الظروف المحيطة به،أما الأشخاص الأكثر تفهماً لما يشعرون وتيقناً بصحة فهمهم وإدراكه لمشاعرهم، فهم أكثر قدرة علي إدارة دفة حياتهم وأكثر ثقة في قراراتهم الخاصة.
2 – المقدرة علي السيطرة والتحكم في المشاعر النفسية:
ولا تتحقق هذه القدرة إلا بتحقق القدرة الأولي، والأشخاص العاجزون عن تحقيق السيطرة علي المشاعر النفسية هم دوماً في حرب نفسي وتحت ضغوط عصبية،أما الأشخاص الأكثر قدرة علي التحكم في مشاعرهم، فإنهم أكثر قدرة علي النهوض بعد السقوط ومعاودة المحاولة عند الفشل والتغلب علي المحبطات والن**ات والشروع في العمل من جديد بروح متفائلة طموحة ونظرة مشرقة للحياة.
3 – القدرة علي حفز النفس علي العمل:
القدرة علي حفز النفس والعواطف والمشاعر علي العمل لتحقيق الأهداف والتحكم في النزوات والشهوات وتقديم العمل وتأخير الراحة هي من أهم عوامل النجاح، والقدرة علي الإندماج في العمل والذوبان فيه بكل العواطف والمشاعر، هي من أهم عوامل الإبداع.
4 – القدرة علي ملاحظة وفهم وإدراك العواطف والمشاعر الإنسانية لدي الآخرين:
القدرة علي العطف، والتعاطف هي من أهم عوامل النجاح في العلاقات الإنسانية، والأشخاص ذو القدرة العالية في هذا المجال قادرون علي التقاط وملاحظة التغييرات الاجتماعية البسيطة فيمن حولهم وفهم احتياجاتهم النفسي، وهم بذلك أفضل من غيرهم في أعمال كثيرة تتطلب التعامل مع البشر (وهل هناك من أعمال لا تتطلب التعامل مع البشر).
5 – القدرة علي التعامل مع العلاقات الشخصية والتحكم فيها:
وهذه القدرة هي أحد العوامل الأساسية للنجاح في الحياة، وجزء كبير منها يكمن في القدرة علي التحكم في مشاعر الآخرين (فهم مشاعر الآخرين والتعامل معها)، وهذه القدرة هي التي تحدد مدي شعبية الشخص وتقبل الناس له وقدرته علي الرئاسة والقيادة، والممتلكون لهذه القدررة هم ناجحون في كل ما يعتمد علي التعامل مع البشر بيسر وسهولة. فهم نجوم في هذا المجال، والخطير في الأمر أن كثيراً من الآباء والأمهات لا يدركون ولا يعلمون أن القدرات الخمس السابق ذكرها تتكون في السنوات الأولي من حياة الطفل، وما فقد منها يصعب استدراكه، وعلي مدي نجاح الآباء في تربيتهم الأبناء يكون ذكاؤهم العاطفي، فالدماغ يستمر في النمو بعد ولادة الطفل ويبلغ ذروته في السنوات الأولي من حياة الطفل، ويقوم المناخ المحيط بالطفل بحفز الخلايا العصبية في الدماغ علي العمل خلال السنوات الأولي من العمر، وبذلك يحدد قدرة الشخص المستقبلية لتلقي المعلومات وتحليلها والتعامل معها.
وعلي حسب نوعية البيئة المحيطة والتفاعلات التي يعيشها الطفل تنشط أجزاء معينة من الدماغ وتقوي فيها الإرشادات والاتصالات العصبية، فينمو ذلك الجزء من الدماغ، أما في حالة عدم وجود المناخ الصحي المناسب فإن أجزاء من الدماغ تضمر وتموت خلاياها، وغالباً ما يحدث هذا للأطفال الذين يعيشون السنوات الأولي من عمرهم في عزلة أو مناخ غير صحي وغير ملائم لنموهم العقلي السليم بسبب جهل المحيط العائلي أو المجتمع ككل.
والأهم من ذلك أن الدماغ لا يحتفظ ويخزن المعلومات فقط أو يحدد قدرة الطفل المستقبلية علي التحليل العقلي فحسب، بل ويخزن كذلك جميع العواطف والأحاسيس التي تكون القدرة علي التفاعل والتعامل معها والتحكم فيها في جزء من الدماغ يسمي (Amygdala) (أميجدلا).
وتشير الدراسات العلمية إلي أن مجموعة التفاعلات والمشاعر التي يعايشها الطفل في أيالمه الأولي وسنواته الأولي تؤسس وتؤصل لديه مجموعة دروس عاطفية تبقي مدي حياته كمرجعية قوية وثابتة وراسخة للتعامل مع محيطه والبشر من حوله. وعلي الرغم من أهميتها وقوة تأثيرها ومدي تأصلها إلا أنه من الصعب علي صاحبها أن يفهمها أو يحللها، إذ أنها قد خزنت في الدماغ في مرحلة مبكرة من العمر بطريقة بدائية، عندما كان لا يستطيع الكلام أو التحليل. ولذلك عندما تستثار هذه العواطف يكون أول تصرف يقوم به الشخص هو هذه العواطف يكون أول تصرف يقوم به الشخص هو تعبير وانعكاس لهذه العواطف الدفينة التي تذهل الشخص نفسه بحد حدوثها والانتهاء من رد الفعل التلقائي السريع. وهذا ما يسمي في علم النفس: "اختطاف العقل"
(Brain Hijack).
وقد كان الدكتور جوززف ليدو** عالم الأعصاب من جامعة نيويورك من أوائل من اكتشفوا الدور المهم الذي تقوم به (الأميجدلا) في تكوين تصرفات العقل، وبين أن هذه الغدة تستطيع السيطرة علي أفعالنا في الوقت الذي لا يزال العقل الواعي يفكر لاتخاذ القرار، وذلك لأن الإشارات العصبية تنتقل من هذه الغدة أولاً وبسرعة قبل أن تذهب للدماغ الواعي (Neocrtex) مما يعطيها فرصة الاستجابة السريعة قبل العقل الواعي (الذي يقوم بتحليل التصرفات بطريقة عقلانية مدروسة ملائمة للإشارة والحدث).
وبذلك تستطيع هذه الغدة التصرف بانفرادية عن العقل الواعي، فهناك ردود فعل عاطفية تنطلق من الشخص دون أن يكون للعقل الواعي أي دور فيها.
وقد وجد أن هذه الغدة تنمو سريعاً في مراحل تكوين دماغ الجنين حتي أنها تكاد تكون كاملة عند الولادة بخلاف باقي الدماغ، وعملها أشبه ما يكون بالكاميرا أو الفيديو التي تسجل كل ما تقع عليه العين وتخزنه ليشكل المرجعية النفسي لطفل اليوم ورجل الغد أو امرأة الغد، ولذلك فإن عالم النفس يقول أعطني الخمس الأولي من حياة الطفل أعطك رجلاً. أي أن الذي يحدد شخصيتنا وقدراتنا هو ما نعايشه في سنوات حياتنا الأولي.
إن المجتمعات التي لم تحظ بنصيب كاف من العلم ينظر فيها إلي الطفل نظرة الجاهل الذي لا يدرك ولا يفقه، علماً بأن الطفل يفهم آلاف الكلمات قبل أن يصل إلي الخامسة من عمره، وإن كان لا يستطيع استعمال جزء بسيط منها. وأكثر الناس تأثير علي الطفل هم والديه، فهما مرآته ونافذته علي الدنيا، فإن فتحا له نافذة مشرقة أشرقت الدنيا في قلبه، وإن أغلقا عليه نوافذها لم ير من الدنيا إلا جدراً وظلمة تستمر طوال حياته وتشكل لديه أسس التعامل المستقبلية وذكاءه العاطفي.
أيها الآباء:
إن أطفالكم أمانة في أعناقكم وهم أرض خصبة بين أيديكم، وما تزرعونه اليوم تحصدونه أنتم ومجتمعاتكم في الغد، وإنكم لمحاسبون بما تزرعون خليجية

تشكري على هذا المنقول

يا حبذا لو وجدتم بعض الامثله العمليه لهذا الموضوع

اكون لكم من الشاكرين

تحياتي

<center>

الامـــارات

يجزيك الله على هذه المعلومه…..ونرجو المزيد…
أخي الامارات العفو أيها الكريم…

وسأحاول البحث لك عن المزيد.

تحياتي

******

أختي شوق..وجزاك الله بالخير …سأحاول إن شاء الله ..

تحياتي لك…

أختكم الاحلام

الأحلام..
موضوع جميل وشيق.. جانب آخر نكتشفه في أديبتنا الأحلامخليجية
طبعا الموضوع شدني بقوة لأنني أقوم ببحث له اتصال بالموضوع.
ولكن أتساءل.. هل تعتقدين أن هنالك ثمة نوع ثالث من الذكاء لم تسبره مجاهرنا حتى الآن وربما رابع وخامس؟؟
هذا ما أبحث له عن إجابة!!
أعتقد أن النوع الأول المذكور في النص ينقسم إلى أكثر من قسم، واكتشاف هذه الأقسام وتحديد معالمها كل على حدة من شأنه أن يرتقي بكفاءة الإنسان إلى حد لا نتخيله.
هذا ما نتج عنه البحث في هذه الموضوع على حسب طلبكم ….

************

البحث عن الذكاء العاطفي
داليا يوسف 29/1/2001

اعتدنا أن يرتبط الحديث عن عالم المشاعر والعواطف بالعلاقة بين الرجل والمرأة على وجه الخصوص؛ لذلك فقد تتوقع حينما تمسك بين يديك بكتاب "الذكاء العاطفي" لدانييل جولمان، أن تتلقى دروسًا في فن التعامل مع مثل هذه العلاقات، وقد يشعر البعض بالأسف؛ فتوقعاتهم ستتبدد بعد قراءة السطور الأولى، ولكن أسفهم لن يدوم؛ إذ نكتشف أننا أمام كتاب يخرج بالعواطف والمشاعر من هذه المساحة الضيقة إلى آفاق رحبة قد تتعجب لها؛ بل وليواجه الكاتب بها موجات العنف التي تجتاح عالَمنا، والتي يبررها بعدم قدرتنا على قراءة عواطف الآخرين.

العواطف في أنبوبة اختبار

قد تختلف أو تتفق مع جولمان في أنه لكي يخرج بالعواطف إلى تلك الآفاق أدخلها إلى المختبَر، أو بمعنى أدق تابع دخولها، وكان كتابه نتاج متابعة دؤوبة لدراسات وأبحاث مختصة؛ حيث أوضح من البداية أن التكنولوجيا الحديثة لتصوير المخ سمحت برؤية المجموعة المعقدة من الخلايا في الأثناء التي نشعر أو نتخيل أو نحلم فيها، مما يجعلنا نفهم أكثر من أي وقت مضى كيف تُحركنا مراكز المخ الخاصة بالعاطفة؛ فنشعر بالغضب أو نبكي أو..

وهو يرى أن الوقت قد تأخر كثيرًا لوضع العواطف في مكانها الملائم في العلم السيكولوجي.

الذكاء أنواع

وقد كرر جولمان -ما فعله بالعاطفة – في دراسته لمفهوم الذكاء؛ فحرره من نطاقه الضيق كَمُعْطًى وراثيٍّ ثابت لا يتغير مع الخبرات الحياتية، وكان السؤال: "لماذا أحيانًا يتعثر في الحياة مَن يتمتعون بمعامل ذكاء مرتفع؛ بينما ينجح آخرون من أصحاب الذكاء المتواضع نجاحًا غير متوقع؟!"

في حالات كثيرة نلمس الإجابة بأنفسنا؛ فتكون تلك القدرات التي أطلق عليها جولمان "الذكاء العاطفي"، والتي قد تتمثل في ضبط النفس، الحماس، المثابرة، القدرة على حفز النفس، ويرى فيها أمورًا يمكن تعليمها لأطفالنا؛ حتى نضمن لهم فرصًا أفضل من إمكاناتهم النفسية بالمعنى الجيني (الوراثي).

تحية اليوم "دعني وشأني"

لقد حاول جولمان في كتابه أن يتمثل دور سائق الشاحنة الذي وصفه في مقدمته بأنه أطلق "فيروس المشاعر الطيبة" بتعليقاته المبهجة ومداومة الابتسام وسط الركاب المتجهمين في مساء شديد الرطوبة، وكانت تلك بداية ليؤكد لنا أن المشاعر والعواطف تلعب دورًا شديد الواقعية في حياتنا.

أراد جولمان أن يجعل من كتابه تميمة ضد العنف، أو ما فضّل تسميته "بالانحراف العاطفي"، والذي لمسه من خلال التقارير المُنذِرة بالخطر، والتي تتوالى فيها موجات العنف المتفجرة في المجتمع الغربي على وجه الخصوص: استخدام المراهقين الأسلحة النارية في المدارس، حوادث "الطرق الحرة" التي تنتهي بتبادل إطلاق النار، الموظفون المفصولون الذين يقتلون زملاءهم السابقين، وربما تراه مبالغًا حينما أكد أن الاعتناء بالعواطف والمشاعر في التنظير والتطبيق يمثل طوق النجاة الذي يواجه به تحلل البنى الاجتماعية، وانتشار العنف الذي حوّل التحية من "نهارك سعيد" إلى "دعني وشأني".

القلب يفكر!!

"جاري وماري تشونسي: هما زوجان كرَّسا حياتهما ل***تهما المقعَدَة، كانت الأسرة تركب قطارًا سقط في النهر بعد أن مرَّ على جسر متهاوٍ، وأول ما فكَّر فيه الزوجان: هو كيف يمكن أن ينقذا ***تهما؟!، ومن ثمَّ بذل كل منهما أقصى جهده، بينما تندفع المياه داخل القطار الغارق، ونجحا في النهاية في دفعها من إحدى النوافذ؛ ليتلقفها رجال الإنقاذ وبعدها اختفى الوالدان تحت المياه مع عربة القطار الغارقة!"

هكذا يدخل بك الكاتب إلى التفاصيل العلمية في عالم العواطف عبر سرد العديد من القصص الإنسانية التي تشرح فكرته عن "المخ الانفعالي"، وليبرز ما يريده من أن العواطف ترشدنا أحيانًا في مواجهة الأخطار والمآ**، وأن كل عاطفة تكون على استعداد للقيام بعمل ما. وقد يسوق لذلك قصصًا أو مشاهد اعتدنا السماع عنها؛ لكنه يعرضها في إطار التعديل من إدراكنا لدور العاطفة.

ففي دماغنا عَقْلان: "العاطفي والمنطقي"، وبينهما تنسيق رائع؛ إذ المشاعر ضرورية للتفكير، والتفكير ضروريٌّ للمشاعر.

مرشح القرن القادم

لقد طال انتظارك لأن تعرف: ماذا يعني جولمان حقًّا بالذكاء العاطفي؟! وهو بدأ يرسم ملامح لطبيعته، فيصفه بأنه "يشمل القدرة على أن تتميز وتستجيب استجابة ملائمة للحالات النفسية والمزاجية والميول والرغبات الخاصة بالآخرين". إن ثقافتنا وصلت بنا إلى قصر القدرة على الذكاء الأكاديمي متجاهلة الذكاء العاطفي المرشَّح بقوة للتعامل في القرن القادم مع عالم مليء بالاضطرابات والتقلبات؛ فالعجز عن امتلاك قدرات مثل التحكم في النفس والتعاطف يلقي بنا في غيابات العنف الاجتماعي، وتكرار الن**ات بين الناس.

التعاطف بداية المناصرة

ومن أكثر ما استوقفني في هذا من الكتاب، هو وصف جولمان للتقمص الوجداني كجذور للإيثار، ربما لأن للاصطلاح أصوله في ثقافتنا؛ فهو يرى أن تمثلك لمواقف الآخرين يجعلك نصيرًا محتملاً لهم؛ حيث تكون على استعداد للتحرك للمساعدة، وهو بالتالي يقف وراء الكثير من الأفعال والأحكام الأخلاقية ومن أمثلته "الغضب العاطفي" الذي أطلق عليه الكاتب الإنجليزي جون ستيورت ميل "حارس العدل"، فهو ما يُحوِّل التعاطف مع الآخرين إلى فعل أخلاقي، وبدون ضمان مثل هذا التعاطف؛ فقد تهددنا أمراض الانحراف الاجتماعي.

الإشارات العاطفية.. سلعة اجتماعية

هناك أشخاص تشعر في صحبتهم أنك بخير، ربما تكون قد قابلتَ أحد هؤلاء، وقد تكون واحدًا منهم، على كل حال يقول جولمان: إن مثل هؤلاء هم القادرون على مساعدة الآخرين، فنحن نرسل إشارات عاطفية للمحيطين بنا تؤثر فيهم، وبقدر ما نكون حاذقين اجتماعيًّا تكون قدرتنا أفضل فيما نرسله؛ فالذكاء العاطفي يمثل إدارة تبادل هذه الإشارات.

وتعبير هذا الإنسان محبوب وجذاب نستخدمه حين نصف أشخاصًا نشعر أننا بخير في صحبتهم، وهؤلاء يملكون سلعة اجتماعية ذات قيمة خاصة كما عبّر جولمان، وقد تتعدى تلك القدرات لديهم إلى ما يُعرَف بالذكاء الاجتماعي الذي يتطلب قدرة على تنظيم المجموعات والحلول التفاوضية، وإقامة العَلاقات الشخصية بما تستدعي من تعاطف وتواصل، وكذلك التحليل الاجتماعي الذي يعني القدرة على اكتشاف مشاعر واهتمامات الآخرين ببصيرة نافذة.

وإذا اجتمعت هذه المهارات معًا؛ فهي المكونات الضرورية للنجاح الاجتماعي؛ بل "للكاريزما"، وأصحابها هم القادة الطبيعيون الذين يمكنهم التعبير عن أحاسيس الجماعة الصامتة بقيادة نحو هدفها.

رياضة الجودو العاطفية

إذا كان اختبار المهارة الاجتماعية هو القدرة على تهدئة انفعالات الآخرين في محنة أصابتهم؛ فإن التعامل مع مَن يكون في ذروة غضبه يُعتبَر أعلى مقياس لقدرة الإنسان وبراعته في السيطرة والتحكم، ومِن الإستراتيجيات الفاعلة للتعامل مع مَن يكون في هذه الحالة المزاجية السعيُ بصرف الغاضب عن موضوع غضبه، والتعاطف مع مشاعره وأحساسيه، ثم جذبه إلى مركز اهتمام بديل بمجموعة من المشاعر الإيجابية، وهذه القدرة إنما هي ما أُطلِقَ عليها: "رياضة الجودو العاطفية".

مركز صيانة العَلاقات

أراد جولمان أن تلعب نظريته في الذكاء العاطفي دورًا على مسرح العَلاقات الزوجية في عرضه لصيانة العلاقات الأكثر أهمية، وقد استعان أولاً بتحديد فكرة اختلاف البيئة الشعورية للرجل والمرأة منذ سن الطفولة الأولى، وتعامل بتكتيك هادئ مع ذلك الاختلاف بوصفه حالة كل طرف أثناء الخلاف وردود فعله المختلفة، وكان من أهم نصائحه هو عدم انتقاد الطرف الآخر في شخصه؛ بل تحديد الفعل الذي أنشأ الخلاف وانتقاده، وكذلك تمثُّل موقف الآخَر فيما يُعرَف بالـ Merroring أو الانعكاس، وهو أن يحاول كل طرف تَكرَار ما يقوله الطرف الآخر؛ حتى يعي حقيقة موقفه.

ثم كان انتقال جولمان من الزواج إلى العمل داخل المؤسسات، ودور الذكاء الجمعي لها، وتداول النقد بين أفرادها الذي ينصح مَن يقوم به بأن يكون: محددًا، يقدم حلاًّ، حاضرًا، حساسًّا.

تسمم خبرة الطفولة

حدث أن وقف "باتريك بيردي" التلميذ بإحدى مدارس كاليفورنيا عند طرف الملعب في أثناء فسحة العصر، وأطلق موجة وراء موجة من النيران برصاصات مدفع عيار7.22)) على مئات الأطفال. وظل "بيردي" يطلق رصاصاته لمدة سبع دقائق، ثم صوَّب مسدسًا إلى رأسه وقتل نفسه.

طوال رحلتنا عبر فصول الكتاب كان جولمان دائم الاستشهاد بحوادث العنف إلاَّ أنه رسم في القسم الأخير من كتابه صورة شديدة القتامة للواقع الاجتماعي المُعَاش، في المجتمع الغربي على وجه الخصوص، وكان أقسى ما فيه أن تطول شراسة عالَم الكبار وصراعاته عالَم الأطفال، وأن تتلون السنوات الأولى في عمر الإنسان التي تصفو فيها رؤيته، وتتخلق فيها مشاعره وملكاته بكآبة عالَم تحكمه مقاييس مختلفة، وربما كانت ظاهرة إطلاق النار في المدارس الأمريكية هي جرس الإنذار الحقيقي الذي دفعه لكتابة هذا الجزء؛ بل ولِتَبَنِّي تلك النظرية "الذكاء العاطفي" لضبط الانحراف الاجتماعي، ورغم أنه ركَّز في أغلب الإحصائيات والوقائع التي ذكرها على الولايات المتحدة والدول الأوروبية واليابان في أحسن الأحوال؛ فإنه عاد لينبِّه بأن الظاهرة كونية.

مجرد سؤال

ظل جولمان حريصًا على أن تقديم العاطفة كمنهج، يمكن تعليمه للصغار في مواجهة العنف والتفكك، وكان عرضه لنماذج واقعية تُعرَف بمدارس "محو الأمية العاطفية" مدعمًا لهذا الحرص، كما كان سؤاله حول أسباب اكتئاب الأطفال التي أشارت الإحصاءات أنها أصبحت ظاهرة تعم أغلب أنحاء العالم موحيًّا بحقيقة الأزمة المجتمعية التي نحياها، وكانت الإجابات تدور حول:

تآكل نواة الأسرة – تضاعف معدلات الطلاق – انخفاض الأوقات التي يقضيها الأطفال مع آبائهم.

وربما شغلتْ إجابة مارتن سليجمان – العالِم السيكولوجي بجامعة بنسلفانيا – مساحة أشمل عن الأزمة بصفة عامة حين قال: "إن الفردية تصاعدت في الثلاثين سنة أو الأربعين سنة الماضية، وقل الاهتمام بالعقائد الدينية، وبتضامن المجتمع والأسر الكبيرة، ومعنى ذلك كله فقدان مصادر الوقاية من الن**ات والفشل، وذلك يجعلك إذا فشلتَ في أي شيء، تضخم فشلك دائمًا؛ فتفسد عليك حياتك؛ فإذا بالإحباط اللحظي يتحول إلى مصدر دائم لفقدان الأمل، أما إذا كنت تتمتع بمنظور أكبر مثل: الإيمان بالله، والحياة الآخرة، وقد فقدتَ وظيفتكَ؛ فسوف تشعر بأن الإحباط ما هو إلا إحباط مؤقت".

لقد انتهيتُ من قراءة الكتاب، ومازلت أتساءل حول أهمية الذكاء العاطفي في مواجهة الواقع الاجتماعي المختلف، لكن السؤال الأكثر إلحاحًا كان: هل الخصائص الشعورية والثقافية لمجتمعاتنا مازالت تحصننا ضد التفكير في تنشيط آليات لمواجهات مشابهة ضد العنف والتفكك القيمي، أم أن الأمر غير ذلك؟! مجرد سؤال.

خليجية

حياك الله من جديد…

أما عن سؤالك اخي فأنا لاأستبعد وجود نوع ثالث ورابع وخامس …الخ

لأن الانسان في نظري كتلة معقدة لا تفسرها معادلة رياضية ولا تركيبة فيزيائية…فقط

فهو مجموعة غير متناهية من الشعور ….

تحتاج للكثير جدا من الذكاء في كل نوع ومجال …قد ندركة بعقلنا الواعي وقد نمارسه بدون وعي كامل منا…بفطرتنا وتكويننا ….

أشكرك اخي على هذه الإطلالة القيمة والتي أقدرها لك…

أختك الاحلام