تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » العرس المغربي امتزاج الثقافات مع الأفراح!!

العرس المغربي امتزاج الثقافات مع الأفراح!! 2024.

  • بواسطة
الدار لبيضاء- وكالة الأبناء المغربية

ليلة العمر

تختلف طقوس الزفاف المغرب من منطقة لأخرى، فهناك الزفاف الرباطي والزفاف بالأقاليم الجنوبية والزفاف بالمناطق الشرقية، والزفاف بالمناطق الشمالية والزفاف ببعض البوادي.

العرس الرباطي

تركت مختلف الدول التي تعاقبت على حكم المغرب منذ تأسيس مدينة رباط الفتح سنة 1150 بصماتها على عادات وتقاليد هذه المدينة المتعلقة بالأعراس.
ولأن الزفاف يعتبر رباطا مقدسا تحكمه القيم المميزة لكل مجتمع فإن مدينة الرباط تبين, عبر مختلف مظاهر الاحتفال بهذا الحدث، إلى أي حد يتم التمازج بين الأصالة والمعاصرة في هذا الحفل.
واليوم، يبدو حفل الزفاف الرباطي بكل تأكيد كلوحة رائعة تمتزج فيها الألوان والروائح والتعبيرات المتعددة عن الفرحة من خلال الحركات والأغاني.
ويظل الزفاف الرباطي شاهدا على تعاقب الثقافات التي طبعت الذاكرة الجماعية لسكان هذه المدينة بما يميزه من تقاليد عربية أندلسية تحيله إلى أوقات فرح غامر.
ويتم تنظيم احتفالات الزفاف بمدينة الرباط وفق جدول زمني يبدأ بتحديد تاريخ حفل الزفاف، وذلك بعد اتفاق أسرتي الزوجين على التفاصيل المرتبطة بالأساس بظروف الحياة المستقبلية للزوجين.
وتقضي التقاليد الرباطية بأن تتم استعدادات الزفاف داخل أسرتي الزوجين كل واحدة على حدة ولا يلتقيان إلا بحلول ليلة الزفاف.
وتنطلق هذه الاحتفالات قبل خمسة عشر يوما من يوم ما يسمى بـ" قش الصينية" التي تعد من بين اللحظات الجميلة التي تميز العرس الرباطي حيث يشرع في تهييء ما لذ وطاب من الحلويات ومن أبرزها (كعب غزال) و (الكحك) و(البريوات) المعدة من عجين اللوز والتي تزيد من لذتها نكهة ماء الزهر والقرفة والمسكة الحرة.
ويشكل "قش الصينية" لحظة خاصة يستعد فيها أفراد أسرة العروس لفراق بنتهم كما تتهيأ فيها أسرة العريس لاستقبال زوجة ال***(أو عروسهم) الضامنة لاستمرار اسم العائلة.
وتتزين العروس بقفطان مطرز، وتشرع في إعداد الحلويات التي تعتبر مقياسا لحرارة الاستقبال. وبمساعدة الأقارب والأصدقاء تتم هذه الاستعدادت التي تحيلها الأغاني والزغاريد والصلاة والسلام على الرسول الكريم إلى لحظات لا تنسى.
وعرفانا بجميل كل من شارك في هذه الاستعدادات، تستدعي أسرة العروس النساء والفتيات لمشاركتها مراسيم ذهاب العروس إلى (الحمام) التي تتم يوم الخميس الذي يسبق موعد الزفاف. وترافق هؤلاء النساء والفتيات العروس إلى الحمام العمومي الذي يتم استئجاره خصيصا لهذه المناسبة.
وتحت قبة الحمام حيث يتم إضاءة الشموع لطرد الأرواح الشريرة وإنارة سبيل السعادة والهناء أمام العروسين، تشرع النسوة والفتيات المرافقات للعروس في العناية بها واستعمال أنواع ممتازة من الصابون والغاسول والسواك والعطور.
طقوس الحناء

وفي اليوم التالي أي الجمعة تتواصل مراسيم الاحتفال بتنظيم طقس الحناء باستدعاء (النقاشة) التي يعهد إليها بتزيين يدي العروس ورجليها بنقوش جميلة تعبر عن مشاعر البهجة والسرور، وتبشر بقرب مغادرة العروس لحضن والديها إلى حياة الزوجية. وعلى أمل أن يكون حظ هؤلاء الفتيات مثل حظ العروس يتم نقش سبابة وإبهام كل بنت بنفس الحناء التي استعملت لتزيين العروس.
ومن أهم فقرات هذا الحفل مراسيم عقد القران التي تضفي الشرعية على علاقة الزوجين. ويتم هذا الحدث بحضور والد العروس وصهره بالإضافة إلى العديد من أفراد العائلتين. وبعد طلب رأي العروس, كما تقضي بذلك الشريعة, يحرر العدلان عقد الزواج.
ويحل يوم السبت ولم يبق سوى بضع ساعات على التقاء العروس بزوجها ومعانقتها لوضعها الجديد.
فبعد صلاة الظهر تتوافد النساء والفتيات اللواتي لبسن أجمل ما تملكنه من لباس وحلي لتشاركن العائلة فرحتها ب(المبيتة). وخلال هذا اليوم تسدل العروس غطاء من ثوب حريري شفاف على وجهها وتقوم بالتتالي بلبس مجموعة من (التكاشط) المهداة لها من قبل زوجها وأمها والتي تندرج ضمن اللائحة الطويلة لما يسمى (بالشوار).. (أي مجموعة الهدايا التي يقدمها الأبوان لبنتهما).
ولا ينتهي هذا الحفل إلا بغروب الشمس، حيث يغادر المدعوون الحفل باستثناء أفراد العائلة والأصدقاء المقربين الذين يواصلون الاحتفاء بالعروس التي ترتدي (تكشيطة) بيضاء مرصعة بخيوط مذهبة.. ينتظرون قدوم عائلة العريس لاصطحابها إلى بيت الزوجية.
وبدوره يقيم العريس مساء يوم السبت حفل (التقصيص ) الذي يقتصر حضوره على الرجال. وبعد ذلك يتوجه العريس مصحوبا بأصدقائه وأقاربه لاصطحاب من اختارها شريكة حياته.
وفي صباح يوم الأحد يقوم أقارب العروس بزيارة بنتهم في بيت الزوجية حيث يقدمون للعروسين فطورا شهيا (فطور الصباح). وبدوره يقوم الزوج بدعوة عائلة العروس لتناول وجبة الغداء في نفس اليوم تعبيرا عن سعادته بحلول عضو جديد بين ظهراني العائلة وبداية حياة جديدة..

الزواج في الأقاليم الجنوبية
لتقاليد الزواج كرباط وكعلاقة ذات حمولات ثقافية واجتماعية ودينية طقوس خاصة بالاقاليم الجنوبية تعطي لهذه التقاليد سمة مميزة تعبر عن قيم أصيلة في الجنوب المغربي.
وتضفي ظروف البيئة الطبيعية والاجتماعية التي يعيشها الإنسان في هذه الأقاليم، في ارتباط مع محيطه، خصوصيات على هذه الطقوس سواء في طابعها الاحتفالي أو في الممارسات الاجتماعية المرتبطة بها. وسواء تعلق الأمر بالمشهد الاحتفالي أو بأنماط السلوك والعادات المتبعة، فإن الزواج كطقس من الطقوس الاجتماعية بهذه الأقاليم له خصائصه التي تختزل قيم المجتمع ومكونات شخصية أبنائه التي يعبر من خلالها سكان الأقاليم الجنوبية عن ذاتهم في إطار ممارسات الحياة اليومية الجارية.
وترتبط طقوس الزواج بالمنطقة بالنظام القيمي المرتكز على تعاليم الدين الإسلامي الحنيف في إطار نسق يرسم مراجع الهوية الشخصية التي تقوم على العفة والكرامة والحشمة والوقار ومكارم الأخلاق. وانطلاقا من هذه الخصال والمزايا تبدأ الخطوة الأولى من الزواج بالاتفاق الذي يحصل بين الآباء أو كبار السن من القبيلة أو القبيلتين، بعد اختيار العريس لشريكة حياته المستقبلية، وهو اختيار تلعب فيه النساء المتزوجات عادة الدور المحوري.
ويتم التعارف بين "الخطيبين" قبل إتمام الخطبة من خلال حفلات الزواج التي تشكل مناسبة للتعارف في مجتمع يقوم أساسا على ثقافة تقليدية محافظة وخصوصا عن طريق ما يعرف بـ"الحوصة" و"الطليسة".
و"الحوصة" عملية تقوم بها نساء تنتمين لسلم بسيط في الوسط الاجتماعي تقمن بنزع قطعة حلي من فتاة ما من الفتيات غير المتزوجات وتطلبن من الحاضرين العمل على فك القطعة المحجوزة من خلال التعويض عنها ماديا.
وتتردد عبارة "شايلة رأس النعامة" تعبيرا مجازيا على أن صاحبة قطعة الحلي المحجوزة ذات مكانة رفيعة وقيمة عالية وإعلانا ضمنيا عن خلق مسابقة بين الحضور من المعجبين على الخصوص لافتكاك المحجوز "الطليسة" وتقديم تعويض مالي لهذا الغرض قد يصل إلى آلاف الدراهم. وغالبا ما تكون كلمة الفصل "للعريس المستقبلي" الذي يكون بعمله وبسخائه وتلبيته لرد الاعتبار لـ "عروس المستقبل" قد أعلن أمام الملأ من خلال عملية "الطليسة" موقفه الواضح والصريح من مشروع الزواج.
وفضلا عن العمليتين المذكورتين فإن الزواج بالأقاليم الجنوبية يتميز بمتطلبات "الواجب" وبغلاء المهور وكثرة مستلزمات "الدفوع" وتنوعها ضمن الطقوس التي كانت سائدة في الماضي والتي بدأت مع متطلبات الحياة العصرية تتلاشى بعض الشيء.
ويعد "الواجب" أو الإعلان عن الخطوبة، والذي يتطلب ذبيحة وأكياسا من السكر، أحد مظاهر الحفاظ على التقاليد المتبعة قبل مرحلة "الدفوع"، التي تأتي بعد تحديد موعد الزواج والتهييء له وإتمامه وسط طقوس تجمع بين ما هو احتفالي وفني وثقافي.
وتتمثل واجبات ما يعرف في مهر لا يحدد، غير أنه يتراوح مابين خمسة ملايين إلى عشرة ملايين سنتيم، فضلا عن "نحيرة أو نحيرتين" من الإبل، وأكياس من السكر لا تقل عن 10 أكياس، وصناديق من الشاي وزرابي حديثة وتقليدية، وما بين30 الى 100 من الملاحف ومثلها من الأحذية النسائية، وكميات من العطور والحناء والقرنفل، وكلها مستلزمات توضع رهن إشارة أهل العروس لتوزيعها على الأقارب والأصدقاء، فرحة بهذا "الزواج المبارك"، وعلى بعض الفئات الاجتماعية من خارج علية القوم التي تجد في الأعراس ضالتها.
ويخصص للعروس ملاحف ثمينة يتراوح عددها ما بين 10 إلى 30 من أنواع مختلفة، بالإضافة إلى أحذية وحقائب جلدية ومجموعة من الحلي والساعات اليدوية وأدوات للزينة وعطور ثمينة، فضلا عن كمية من البخور المكون مما يعرف محليا بـ" تديكت".
وعلى الرغم من أن هذا الكم الهائل من المتطلبات قد بدأ في التراجع، غير أن مظاهره لا زالت قائمة إلى حد ما، حتى مع تقليص النفقات التي أصبحت تقل شيئا فشيئا بالمقارنة مع ما كان سائدا إلى سنوات قليلة مضت.
ويتم في إطار الطقوس المرعية تفادي تقديم ثلاثة أشياء من صنف واحد ضمن مستلزمات "الدفوع"، باعتبارها لا تشكل فألا حسنا في زواج لا ينبغي أن يذكر فيه أي ثالوث بالطلاق بالثلاث.
ولكي "تعقد البنت" فإن بعض القبائل تضع شروطا لإتمام عقد الزواج، ومنها أن لا يكون الراغب في الزواج متزوجا، وأن يتعهد بعدم الزواج لاحقا، بحيث يتحقق المثل السائر" لا سابقة ولا لاحقة". وفي حالة ما إذا تزوج على امرأته فـ"أمرها بيدها".
ومن ضمن الشروط التي توضع على العريس أيضا ما يسمى "أجمج الخالفة" وهو ما يعني ضرورة بقاء العروس مجاورة لبيت أهلها. وباعتبار أن "الخوالف" هي الأوتاد التي تشد بها الخيام، فإن هذا الشرط يستمد معناه من ملازمة ومجاورة بيت الأهل، خصوصا منهم كبار السن لخدمتهم أو لرعاية الإخوان والأخوات إذا كانوا أيتاما.
ويستقبل أهل العروس أهل العريس بالحليب والتمر رافعين ثوبا أبيض كناية على المحبة والصفاء يسمى "البند"، يقوم الجانبان بجذبه للظفر به، في عملية يقال عنها باللجهة المحلية أنهم " يتكالعوا البند"، وهو ما يزيد من تقوية أواصر العائلتين والتعارف أكثر فيما بين أفرادها.
ويستمر حفل الزفاف ببيت العروس ثلاثة أيام، وسط طقوس احتفالية تعطيها نكهة، خاصة الأجواق المحلية والرقصات التي تعتمد على حركات أصابع اليدين ودقات الطبول والنغمات.
وتتم خلال الليلة الثانية عملية "الترواغ"، التي تقوم فيها صديقات العروس بتهريب هذه الأخيرة ومواراتها عن الأنظار بهدف خلق جو من التشويق والتنافس بين الإناث والذكور.
وتسعى الإناث إلى استخدام كل ما لديهن من حنكة في إخفاء العروس، فيما يسعى أصدقاء العريس إلى الخروج من الورطة التي وضعوا فيها باستعمال كل ألوان "التجسس" و"التلصص" حتى لايغلبوا على أمرهم، وحتى يكونوا السباقين بدل العنصر النسوي إلى زف العروس بالطبول إلى "خيمة الرك" الخاصة بالعريس وأصدقائه.
وأي دار تختبئ فيها العروس يقوم أصحابها بالاحتفاء بها وإعطائها هدايا وتزيينها بالحناء. وتتم "الدخلة" في اليوم الثالث ببيت أهل العروس، قبل أن يتم موعد ما يعرف بـ "الرحيل" حيث تلتحق الزوجة ببيت زوجها، وهي عملية تتم في فترة زمنية تتراوح ما بين أسبوع إلى سنة كاملة، وأحيانا إلى حين وضع المولود الأول، وكل ذلك حسب التقاليد المتبعة داخل كل أسرة.
و"الرحيل" يتطلب بدوره مصاريف تتكفل أسرة العروس بكبيرها وصغيرها، بمساعدة أقرباء الأسرة في إطار من التكافل الاجتماعي، يضاف إليها ما يعرف بـ"الفسخة" وهي عبارة عن هدايا لأسرة الزوج تتضمن زرابي وملاحف ونعالا وأحذية ونحيرة وغيرها من الهدايا التي تقدم عادة في مناسبات الزواج. وخلاصة القول فحفلات الزواج بالأقاليم الجنوبية مناسبة يعلو فيها الوجدان على متطلبات الحياة المادية، وينطلق خارج حدود المكان والزمان ليختزل علاقات إنسانية تقوم على أسس من ثمار الفكر الحضاري للأمة المغربية، في غنى تقاليدها وتنوعها من منطقة لأخرى بكل خصوصياتها ومميزات طقوسها.

أعراس حواضر الجهة الشرقية

لم تسلم طقوس الزفاف وتقليده بحواضر الجهة الشرقية، وجدة وفجيج، من اندثار جزء منها ودخول أخرى عليها أوصلتها إلى العقول والبيوت عوامل متعددة، كالانتشار الذي عرفته وسائل النقل البرية والجوية التي كثفت اللقاءات بين الناس، ووسائل الاتصال الجماهيري، خاصة المرئي منها، التي أصبحت تشكل نافذة على العالم بفضل انتشار الإرسال عبر الأقمار الاصطناعية، الذي واكبه تطور الصورة الرقمية مما سمح بصورة لا نظير لها في التاريخ من تبادل التعرف على العادات بين الشعوب، وأصبح يشكل سكة لقاطرة العولمة الثقافية التي أصبحت تخترق كيانات وذاكرة المجتمعات الإنسانية .
فبداية الزواج أصبحت تتم باتفاق ورضى طرفيه، بخلاف ما كان في السابق حيث كان البحث عن عروس من اختصاص الوالدين، تبدؤه الأم من بين الأقارب أو باستعانة من نساء أخريات، ثم تقترح العروس على الأب الذي يقوم بالاتصال الأول مع أبي العروس لطلب يدها، قبل أن يتبعه لقاء بين النساء بعد موافقة عائلة العروس. ولم يكن أمام العروس شأنها شأن العريس إلا الامتثال لأوامر الوالدين وتنفيذ قرارهما.
وبعد الموافقة وإبرام عقد الزواج تبدأ عائلة العريس والعروس في الإعداد لحفل الزفاف، الذي يتضمن إقامة وليمة قد تمتد لعدة أيام، تقدم فيها أنواع الأطعمة حسب القدرة المادية لكل عائلة. والسائد في هذه المأدبات هو تقديم الدجاج بالمرق في الأول، يتبعه مرق بلحم الأغنام أو الأنعام مصحوبا بالبرقوق المجفف واللوز المقلي والفلفل والسلاطة ومشروبات غازية قبل الاختتام بطبق من الفواكه، وفي غالب الأحيان شرب الشاي قبل انصراف المدعوين.
وبالنسبة للعائلات الميسورة تتضمن ولائم العرس ما يعرف عند البعض "بلمصور" أي خرفان مشوية يسبقها تقديم البسطيلة وهي أكلة منقولة بطبيعة الحال من منطقة مغربية أخرى.
وكانت المآدب السائدة في المناسبة عند الأجيال الماضية، كما يتذكر بعض كبار السن، تتكون من ال**** المعروف محليا بـ "الطعام" قبل أن يتطور الأمر إلى الشوربة والمرق بالزيتون.
وتمر حفلة الزفاف في العصر الراهن بإلباس العروس ثوب الزفاف الأبيض، على غرار القائم في التقاليد الغربية، ثم يأتي العريس في موكب من السيارات ليصطحبها، وسط الرقص ودق الطبول والدفوف بعد التقاط صور تذكارية. وبعده يقوم الموكب بجولة عبر شوارع المدينة الكبرى المؤدية إلى بعض معالم المدينة، **احة القطار وساحة حديقة الأميرة "للا عائشة" كما هو الحال بالنسبة لـ"وجدة"، وتؤخذ أيضا صور تذكارية للعروسين وسط الأقارب والأصدقاء المرافقين .
وبعدها يتجه الموكب إلى مكان الحفل الذي لم يعد بالضرورة في بيت العريس، بل كذلك في قاعات وفيلات مخصصة لهذا الغرض. وعند الوصول إلى قاعة الحفل، يجلس العريسان على كرسي خاص لتتبع الرقصات التي يختلط فيها الذكور والإناث على أنغام جوق من الأجواق العصرية، التي تتنافس في تهييج المتتبعين بعزف الموسيقى الصاخبة خاصة من نوع الراي.
وتمتد السهرة في جل الحالات إلى طلوع الشمس، وأثناءها تلبس العروس أنواعا من الألبسة التقليدية المحلية والوطنية من فاس والرباط وسوس وغيرها، وذلك على يد ما يعرف بـ "النكافة" التي تمتلك تلك ال**وة ومختلف أنواع الحلي، وتتولى إسباغ مظاهر الزينة على محيا العروس باستعمال منتوجات الزينة "الماكياج" .
ويقتصر دور العريس في هذه الحالة على مرافقة عروسه ذهابا وإيابا إلى غرفة التلبيس.
وفي الصباح يصطحب العريس عروسته إلى المنزل أو إلى إحدى غرف الفنادق، ويتفرق بعدها الحاضرون إلى منازلهم حيث يقومون بتعويض ساعات النوم التي قضوها في السهر.
وبطبيعة الحال فإن مظاهر الاحتفال هذه، والتي لا تختلف عن مثيلاتها في المناطق الأخرى، نهضت على أشلاء تقاليد في الموضوع حيث كانت العروس تزف إلى بيت الزوجية وهي مغطاة بالحايك، وهو الغطاء الذي كانت تضعه المرأة على جسدها لئلا يظهر منه إلا العيون، ثم يتم إيصالها من طرف أقرباء العريس إلى بيت الزوج، ثم يؤتى بالعريس ممتطيا حصانا أو راجلا وسط غناء وتصفيقات أصدقائه، ليجلس في مكان السهرة التي كان يحييها شيوخ الطرب البدوي أو الطرب الغرناطي لدى العائلات الارستقراطية.
وكان حضور السهرة مقتصر على الرجال، ولا يسمح للنساء بالمشاهدة إلا من الأسطح. وحوالي منتصف الليل يدخل العريس إلى بيت الزوجية وتنتهي السهرة بما كان يعرف بـ "إ***ج القميص" وهو القميص الذي يحمل آثار الدم التي تعتبر شهادة على أن العروس جاءت بكرا.
وتحمل هذا القميص إحدى قريبات العروس بعد أن يسلمه "السلطان" لهم، وهو الشخص الذي يختاره العريس لربط الاتصال بينه وبين ذويه، وهو داخل البيت، فترقص النساء وتزغردن للحدث ثم تنتهي السهرة.

حفلات الزفاف بفجيج

لئن كان النسيان قد بدأ يلف مدينة فجيج، وهي من المواقع الحضارية العريقة لمنطقة ما قبل الصحراء، فإن ذلك يعود في جانب منه إلى التألق المتزايد لمدينة وجدة، التي أضحت بمثابة عاصمة المغرب الشرقي، غير أن ذلك لم يحل دون تمسك تلك المدينة الصغيرة بتقاليدها، حيث إنها عرفت كيف تحافظ بغيرة على عاداتها العريقة من خلال توارثها من جيل لآخر.
وتعد فجيج، الواقعة في سافلة الأطلس الصحراوي على مقربة من الحدود مع وتتجلى في حفلات الزفاف في فجيج ببهاء مختلف أوجه ثقافة المنطقة، التي تمتزج فيها التقاليد والبساطة، علاوة على أن الزفاف غالبا ما يكون عربون ترابط بين أسر نفس القصر، أو بين أسر من القصور المجاورة.
وبعد الخطوبة التي لا تدوم لوقت طويل، يأتي حفل الزفاف الذي لايكون الإعداد له مرتجلا أو متسرعا، حيث شاع القول المأثور بأن "زواج ليلة تدبيره عام" وبالتالي يكون الاحتفال المخلد للزواج ثمرة فترة طويلة من التحضير، وذلك حتى تتمكن الأسرة من توفير جميع ما يلزم لهذه المناسبة.
وقد تمتد الاحتفالات الخاصة بالزفاف لعدة أيام للتدليل على مدى ثراء الأسرة واعتزازها بأصولها، فتتخلل تلك الأيام جملة من التقاليد والعادات الراسخة التي تجتمع مدلولاتها على تأكيد الإرادة القوية في إبرام رباط دائم.
وعشية إبرام عقد الزواج، يتم بدء حفل الحناء من قبل فتيات يحطن بالعروس، التي غالبا ما ترتدي وشاحا أحمر يغطي الرأس، وفي أثناء ذلك يتوافد على سكنى أبويها أقارب العريس جماعات وأفرادا وهم يحملون الهدايا، التي غالبا ما يكون في مقدمتها كبش يذبح بالمناسبة لتهييء الوليمة التي يحتضنها بيت والد العروس.
وتخصص أسرة العروس استقبالا حارا للمدعوين، حيث تقدم لهم كؤوسا من الشاي والحلويات المغربية، ثم يتم الانتقال إلى بيت العريس حيث تكمل العروس حفل الحناء.
وفي اليوم التالي تأتي أسرة العريس، قبل صلاة الظهر لتحضر إلى جانب أقارب العروس مأدبة غداء، ليتم بعد صلاة العصر كتابة العقد من طرف عدلين. وبصفة عامة فإن أسر فجيج نادرا ما تفرض مهرا مرتفعا، فتتم الإشارة في الغالب إلى مبلغ رمزي أو آيات من القرآن الكريم.
وبعد إبرام العقد، تعود أسرة العريس لاستكمال الإعداد لحفل ليلة الزفاف الذي يسميه أهل المنطقة بـ"التقصيرة"، والذي يدعى إليه الرجال فقط، فيما تكتفي النساء بمتابعته خلسة، ثم يتم بعد ذلك نقل العروس إلى بيت العريس وهي محاطة بعدد من أفراد أسرتها.
وفي اليوم الثاني يبتدئ الحفل الخاص بالنساء، والذي تبقى العروس خلاله وسط قريباتها وهي ترتدي ملابس وحليا تقليدية، وخلال هذا الحفل الذي يسمى بـ"التقييل"ترتدي العروس أنواعا مختلفة من اللباس التقليدي. وبقدر تعدد تلك التشكيلات تظهر المكانة التي تحظى بها العروس بين أهلها.
وتحيي فرقة تتكون من النساء فقط حفلا بالمناسبة يتم خلاله ترديد أهازيج تقليدية وبعض الأغاني ذائعة الصيت.
وقبل ذلك تكون أم العروس قد حملت وجبة تدعى "الفطور"، وتتكون في الغالب من صحن من ال**** يتناول منه العريس أولا ثم يقدم بعد ذلك للعروس.
وفي اليوم الرابع ترافق مجموعة من الفتيات العروس إلى الحمام التقليدي، الذي تكون الأسرة قد حرصت على كرائه ليكون رهن إشارتها طيلة فترة الصباح، ليتم إثر ذلك إحياء حفل "الحزام" حيث يقوم الأخ الأصغر للعريس أو الأخ الأصغر للعروس بوضع "الحزام" حول خاصرتها تيمنا بأن تكون ذات ذرية كثيرة من الذكور بالخصوص.
وقد أخذ هذا التقليد يتوارى مع مرور الأيام، حيث أصبحت الأسر تفضل التبسيط، وذلك حرصا على تقليص التكاليف، فيما بدأ السكان المنحدرون من فجيج والمقيمون في مناطق أخرى ينظمون حفلات زفاف لا تمت كثيرا بصلة إلى عادات المنطقة.

dnyailwalah بارك الله فيك وجزاك الله خير
العفو
شكرا على الموضوع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.