تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » ( المشهد الثاني [ انصفوا هذه المرأة العظيمة أيها العقلاء .)

( المشهد الثاني [ انصفوا هذه المرأة العظيمة أيها العقلاء .) 2024.

المشهد الثاني : في غرفة التوليد … في اللحظة الفاصلة بين الحياة والموت ..!
__________________________________

قال الراوي :
يا إلهي ..
ما اشد تعذيب الجنين لأمه المسكينة في أثناء لحطة خروجه إلى الدنيا..!
كأني به يقتتل مع نفسه ليجد فرجة يخرج منها إلى منطقة أفسح من هذا القبر الذي تختلف فيه أضلاعه .. كان يقتتل مع الحياة طلبا للحياة ..
وكانت هي بدورها تقتتل مع الموت خوفاً من الموت ..!
ومع كل محاولة منه ليشق طريقه بمساعدة أيدي القابلة ، وتوجعات أمه المسكينة ..
يكون العذاب الذي ليس مثله عذاب ،
لامرأة ضعيفة ، هشة العظام ، **يرة الفؤاد ، رقيقة المشاعر ، تؤذيها البقة ، وتبكيها الدمعة ..
غير أن لها قلبا يسع الأرض والسماء..!
وهاهي اللحظة .. مستسلمة لقدرها المجهول ، ولا يفصلها عن الموت إلا خيط رفيع يربطها بالحياة …!!
ليت هذا اللون من العذاب كان هو العذاب وحده ..
لقد كان يذيقها وهو في أحشائها ألواناً من العذاب ،
وكان يومها يمتص من مخ عظامها ، إن لم يجد طعاماً يكفيه ،
ويشرب من دمائها ما يعينه على تقوية بدنه ، ويحيا على أنفاسها لتتردد أنفاسه ..!
وهاهو اللحظة .. يعذبها أثناء خروجه عذابا يشيب له الرضيع ،
ولو أن الأم ضربت بالسيوف في وجهها في لحظة خروج هذا الجنين ، لما أحست بضربات السيوف ،
لأن ما هي فيه ، ينسيها ألم حد السيف وهو يمضي شارخا هذا الوجه الذي يئن ويتألم ..!
ثم حتى بعد اكتمل خروجه إلى هذه الدنيا الفسيحة ، هل يكف عن تعذيبها ..!!

كلا .. !!
بل لقد بدأت فصول رواية جديدة لتعب جديد مع هذا المخلوق ( الحبيب !!)
مع أنه يجرعها ألوانا من المرارة تجعلها ترى نجوم الظهر بلا غبش ولا تشويش …!!
أما في ساعة الولادة ..
أما في ساعة الولادة ..
فإن العذاب يكون على أشده ، تتصاغر إلى جنبه جميع ألوان الآلام الأخرى مهما اشتدت ..
وتأتي الساعة الموعودة ..
ويقف الكون كله إجلالاً لهذه اللحظة السماوية الخالصة ، التي يخرج فيها حي من حي ..!!
لحظة تصنع فيها المعجزة عيانا بياناً ..!
لحظات مهولة .. مروعة ..
تمتلئ الأجواء فيها بصيحات وصراخ ، يم** القلب ، ويخترق طبلة الأذن ، ويدمي العين ، ويعتصر الفؤاد ، وتبكي له الروح بكاءً مرا دامياً ..!
– – –
كانت المسكينة في صراخها وأنينها وألمها ،
كالذبيحة في لحظة احتضارها __ غير أنها لا ترفس __..
كانت تتلوى متوجعة . وهذا الألم المروع يعتصرها عصر الآلة لنصف برتقالة .. !!
وقد يحدث أن تتناول يد زوجها الواقف بقربها ليواسيها ويشجعها ،
تختطف يده لتنهشها بأسنانها بمنتهى القوة ، ظناً من المسكينة أن ذلك سيخفف ما بها من الآم ..!!
ويتعالى صراخها .. وهي التي لم تكن لترفع صوتها أكثر مما يصل إلى سمع محدثها
هاهي الساعة ترفع صوتها إلى آخر حده ، لا تبالي أن يسمعها الأنس والجن معاً ..!
– – –
إنها الآلام التي تفقد الإنسان عقله ، ويطير معها لبه ، ولا يبالي معها أن يفعل العجائب ..!!
يا لله ..!
يا لهذه المسكينة كم تتعذب ، وكم تعاني ، ثم هي لا تجد من ينصفها ..
حتى الزوج نفسه ، ناهيك عن هذا المولود الذي أتعبها في أحشائها ، وأذاقها مر العذاب أثناء خروجه إلى الدنيا ..
بل في كثير من الأحيان نراه يكون أول المعتدين عليها ..
فأول عضاته إنما تكون في جسمها .. وأول صفعاته على وجهها .. وأول شتائمه إنما هي موجهة إليها ..!!!
ومن يدري ..؟
ما أكثر ما سمعنا أن هذه العملية تتوالى بعد ذلك..
تتوالى الصفعات ، والشتائم ، ونحو ذلك ..
حتى تقضي حياتها شهيدة ، أو يريحها منه ملك الموت ، فيمضي به إلى حيث أعد الله لأمثاله من العاقين لأمهاتهم ..!!
غير أن العجب الذي لا ينقضي منه العجب ..
أن نراها مع ذلك لا تزال تحن إليه ، وتعطف عليه ، وتشتاق إليه ، وتخاف عليه ، وتدعو له ، وتحتمل سفاهاته كلها ، وتعدد مناقبه لغيرها
_ بل تخترع له مناقب ليست فيه _ ..!!
– – –
وتأتي اللحظة الحاسمة ..! اللحظة التي تصنع فيها المعجزة .. !
اللحظة التي يعجز فيها اللسان عن التعبير ..
بل وأحسب أن الملائكة وهي تشهد هذا المشهد المبهر ، لا تدري كيف تسجل أجر هذه المسكينة وهي الآن تذبح ذبحا من غير سكين ..!!
يا لله كم من أجر مذخور لك أيتها المسلمة إذا صبرت واحتسبت ..!
ففي الحديث الشريف يخبر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم
أن الشوكة _ مجرد الشوكة _ إذا آذت المسلم فإن الله يمحو بها من سيئاته …فكم يا ترى سيكون أجر هذه المرأة وهي في هذه اللحظة تعاني أهوالا تريها الموت ..!! ومخلوق جديد على الحياة ، يشق طريقه من منفذ ضيق بصعوبة بالغة شديدة ..
وأحسب والله أعلم ..
لو أن إنساناً رأى موسى عليه السلام وهو يشق البحر بعصاه .. أو رأى انشقاق القمر ،
لما كانت دهشته وانفعالاته وتأثره بأكثر منها الآن وهو يرى لأول مرة معجزة خروج حي من حي ..!!
هاهي المسكينة الآن تولول وتصيح .. تصرخ .. تستغيث .. تسترحم .. ترجو .. تدعو .. تتوسل .. .. تتضرع ..تنوح … تبكي بكاء يتفتت الصخر !!
وهذا المخلوق الجديد يخرج بصعوبة تكاد الروح تخرج بخروجه ، وما أن يستوي خارجا حتى يرتفع صوته بالصياح والبكاء ..!
وكأني به قد أفزعته هذه الصيحات المهولة التي استقبلته بها الحياة ..!!
أو كأني به ساخطاً على أمه كيف تستبدل الفرح به بالبكاء والصراخ ..!!
أو كأني به يصيح مفزوعاً ، كمن كان يتوقع أن يرى شيئا جميلا في الحياة ، فلما خرج رأى غير ما توقع وفكر وقدر .. !!
– – –
أما الأم المسكينة فما زال في حبال صوتها بقية باقية تصيح بها إلى آخر الشوط ، حتى بعد خروج هذا الحبيب إلى دنيا الناس ..فالآلام لم تنته بعد ..
يا لله ..!
متى رأيت شخصاً يتحدث عن الأم بحرارة فاعلم أنه إنسان ..!!

ومع هذا فكل ما قيل ويقال وسوف يقال من زخارف الكلام ، فإنه لا يفي بعشر معشار العشير مما تستحقه هذه المرأة العظيمة التي تصنع الحياة بتقدير الله ..!
– –
يخيل إلي أن هذه المسكينة في لحظة الولادة المروعة ، لو خيّرت أحد أمرين أحلاهما مر ..إما أن يخرج الجنين ميتاً وتنتهي هذه الآلام ..
وإما أن تتصاعد تلك الآلام وتشتد ثم يخرج حيا ..
أحسبها ( في تلك اللحظة العصيبة ) لن تتردد في اختيار الأمر الأول وإن شق على النفس …!!
بل أحسبها .. لو استطاعت أن تمد يدها إلى عنق ذلك الصغير ، وهو يجالد نفسه بمعاونة يد القابلة ليشق طريقه كأنما هو يشق صخرة ليخرج منها ،
لو طالت يدها عنقه لخنقته بلا تردد ، ولبادرت تسحبه بقوة ، لتقذفه إلى أقرب حائط ..! حتى تتنفس الصعداء مما هي فيه من عذاب يشيب له الرأس ..!
لكن انظروا يا سادة ..!
تأملوا العجب الذي يعجب منه العجب نفسه ..
ألا ترون رحمة الله سبحانه تتجلى لكم عياناً في هذا المشهد ، كالشمس في ضحاها ، والقمر إذا جلاها ..!؟
هاهي وقد تنفست الصعداء ..
وأخذت تبكي فرحا بسلامتها ، وسلامة جنينها ..
هاهي والعرق لا يزال يتحدر من على جبينها .. وأطرافها لا تزال ترتعش .. وآثار الدموع لا تزال مرتسمة على وجهها .. وبركة الدماء لا تزال من حولها ..
هاهي تمد يديها المرتعشتين ، تطلب ( جلادها الصغير ! )
الذي لا زال يملأ الأرجاء بصراخه ، غير مبال بأحد من حوله …!! ولا مراعٍ أنه ضيف جديد نزل لتوه على هذه الحياة ..!
لكن .. ترى هل نسلمه لها .؟
– – –
من يدري ..
ربما أرادت أن تشفي غيظها ، وتطفئ ثائرتها ، وتثأر لنفسها منه ، بعد أن أذاقها تلك الألوان من العذاب المتصل ..!؟
كلا .. كلا .. إنها تأخذ في حنو .. وتقبله في شوق ..وتضمه هي نبكي فرحاً به .. وتمتم له بالدعاء ، ثم تنخرط في بكاء وهي تزيده تقبيلا وضماً ..!
ألم أقل لكم ..؟ هاهو نموذج مصغر لرحمة الله سبحانه يتجلى لعيون ، لو كانت القلوب تعي وتفقه ..!
سبحانك ربنا سبحانك ما أعظم شأنك .. !!
– – –
ترى هل انتهت قصة العذاب إلى هنا ..؟؟
ذلك ما سنحاول أن نتناوله في الحلقة القادمة …
فتابعونا يرحمكم الله ..! .. ودعواتكم لنا يغفر الله لكم ..

ومشهد اخر من روائع كلماتك …

ترجمته هذه المرة بطريقة تبكي من يتجول بين كلماتك…

يشعر بها وكأنه يعيش تلك اللحظات القاتلة …

لكن لا أعتقد بأن هناك أم تنوي حين خروج طفلها رغم الآلام …ورغم العذاب …

تنوي قذفه أو قتله ….

وأحسبها تقول خلصوني لكن لاتؤذه…

جزاك الله خيرا أخي ….وغفر الله لك …وكتب لك بكل حرف درجات وحسنات لا عد لها …

وسامحني على التقصير …

أختك الاحلام

فظييييييييييييييع هذا المشهد 😮 .. أعان الله الأمهات لتخطي هذه المراحل بسهولة ويسر ..

وأنا أتفق مع أختنا الأحلام في رأيها ..

وجزاك الله الفردوس الأعلى من الجنة يا بو عبد الرحمن ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.