قبل تقديم تفاصيل هذا الخبر السري للغاية والذي تسرب دراسةً وتحليلاً عن قيادة الأركان للجيش الإسرائيلي ، هناك سؤال يطرحه كل من يقرأ الخبر وهو لماذا جمعنا كلمة الجيوش ولم نفردها فإسرائيل لها جيش واحد بفروعه الأربع جوي وأرضي وبحري ومخابراتي وعدو إسرائيل اليوم عدو واحد وهو الشعب الفلسطيني ؟
الجواب بسيط للغاية ويتمثل في أن الجيش الإسرائيلي له جيوش أخرى تسانده قولا وفعلا ضد الشعب الفلسطيني الوحيد ، و من هذه الجيوش من تساند إسرائيل بصفة مباشرة بكل ما تملك من تكنولوجيا وعلوم ومعلومات واقتصاد وجيوش أخرى تساندها بصفة غير مباشرة وقد يحدث ، في مراحل عديدة من زمن الحرب الدينية الدائرة رحاها بين المسلمين واليهود على أرض فلسطين أن الجيوش التي تساند الجيش الإسرائيلي بصفة غير مباشرة يجني منها هذا الأخير فاعلية أكبر من فاعلية الجيوش التي تسانده بصفة مباشرة ولهذه الأسباب الموضوعية وغيرها التي بعرفها المهتمون بالشؤون العسكرية والإستراتيجية الحضارية جمعنا كلمة جيش ولم نفردها لأنها حقيقة حربية معاشة فعلا على أرض فلسطين وليست جدلا سياسيا عقيما وهروبيا ( بفتح الهاء ).
بعد هذه المقدمة نعود إلى موضوع الخبر الذي تناقلته وسائل الإعلام العالمية منذ أسابيع والذي يتضمن تصريحات عديدة لمسؤولين فلسطينيين ومسؤولين في الحكومات العربية أن شارون يعد العدة لاجتياح أراضي السلطة الفلسطينية وتعد هذه التصريحات بمثابة قراءة عن بعد لما يدور في ( عقل ) شارون من تخمينات وأفكار يحاول أن يجهض بها ثورة الشعب الفلسطيني المتمثلة في الانتفاضة ضد الاحتلال الإسرائيلي ورغم أنها ليست كذلك فلا بأس استعمالها واستعمال غيرها من الوسائل الحربية ضد الإحتلال ومن هذه الوسائل شن حملة إعلامية لتحسيس الرأي العام العالمي بخطورة تخمينات وتفكير شارون وجيوشه مع العلم سياسيا أن مثل هذه التخمينات لن تتحقق بالمرة وهذا ما هو مدون في اتفاقية أوسلو لكن في نص الاتفاقية الذي عند الإسرائيليين وليس في النص الذي عند الفلسطينيين والدليل على ذلك أن تنفيذ اتفاقية أسلوا في حد ذاتها حسب النص الموجود عند الفلسطينيين بإعطائهم قطع أرضية هنا وهناك قد أسقط احتمال نشوب أي حرب مستقبلية و لزمن طويل بين الجيش العربي والجيوش الإسرائيلية لاسترجاع القدس الإسلامية من الاحتلال الإسرايئلي وهذا هو لب المادة الرمادية الموجودة في عقول السياسيين الإسرائيليين و هو اللب أيضا الذي دفع إسرائيل بجميع طبقاتها السياسية والثقافية والفكرية والدينية لتوقيع اتفاقية أوسلو بنصين مختلفين ، مما يعني بالبداهة الإسرائيلية أن جيوش شارون لن تخرق اتفاقية أوسلو باجتياحها للأراضي الفلسطينية مهما بلغت ذروة الانتفاضة ضدها لأن ذلك يعني البدء الفعلي في الحرب الدينية الآتية لا محالة بين المسلمين واليهود لاسترجاع القدس وتلك الظروف لم تتوفر بعد حسب تخمينات رجال الدين اليهود ، القادة الحقيقيين للجيوش الإسرائيلية ، لقيام هذه الحرب رغم أنهم يعلمون أن الانتفاضة هي من المكونات التي توفر أسباب حدوثها حتى ولو طال وقت مجيئها .
واستنتاجا لما سبق ذكره فإن خبر عدم اجتياح جيوش شارون لأراضي السلطة الفلسطينية خبر سري للغاية ولابد من تصديقه لأن عدم ذلك يعني الرجوع إلى مرحلة ما قبل اتفاقية أوسلو وهذا يعني زيادة احتمال وقوع حرب بين جيوش شارون والجيش العربي وهذا ما لا يريده لا شارون ولا بيريز ولا أي عسكري أو سياسي آخر في إسرائيل ولا أي سياسي أيضا أو عسكري من الحكومات العربية في الوقت الحالي. الباحث عبد اللطيف بن أم هاني