فجر المكتب الإقليمي لشرق المتوسط في منظمة الصحة العالمية عددًا من المفاجآت ‘الرقمية’ غير السارة، فالمصريون الذين لا يزيد متوسط دخل الفرد منهم على نحو ألف دولار سنويًا ينفقون 545 مليون دولار سنويًا على كلفة علاج الأمراض التي يسببها التبغ، غير ما ينفقونه على شراء التبغ ومنتجاته، وتتعدى بذلك نسبة إنفاق المصريين على التبغ ما ينفقونه على العلاج والرياضة والثقافة.
وجاء عدد من بلدان المنطقة في مراكز متقدمة في الملف الذي صدر عن منظمة الصحة العالمية أمس الاثنين، فالكويت احتلت المرتبة الـ 19 عالميًا في استهلاك التبغ، بينما احتلت السعودية المركز الـ23، وعلى رغم الانخفاض النسبي لمجموع سكان دول مجلس التعاون الخليجي الست، فإنها تنفق نحو 800 مليون دولار سنويًا على التبغ، أما المغرب فينفق على استهلاك التبغ إجمالي إنفاقه على التعليم.
الشعار الذي رفعته منظمة الصحة العالمية في احتفالها هذا العام باليوم العالمي للامتناع عن التبغ: ‘الفقر والتبغ دائرة مغلقة’ اسم على مسمى، فعائلات العالم الفقير تنفق على التبغ بين 15 و45 % من دخلها اليومي، وتصل النسبة إلى حد الجنون في الصين حيث ينفق فقراء الصين 60 % من دخلهم على التدخين، وفي بنغلادش يمكن للآباء المدخنين إنقاذ 10 ملايين من أبنائهم من أمراض سوء التغذية لو اشتروا لهم طعامًا بدلاً من تدخين السجائر.
الملف الذي فتحته منظمة الصحة كشف أوضاعًا مذهلة لنمط ترتيب أولويات الإنفاق بين الأسر، حيث أوضح أن هناك عائلات تجد بالكاد النفقات الضرورية للمأكل والملبس، ومع ذلك لا يتورع عائلها عن توجيه ثلث دخله المتواضع لشراء السجائر.
وكان علماء المسلمين قد تنبهوا مبكرًا لضرر التدخين فأصدروا عدة فتاوى تحرم التدخين، خاصة لأنه يسبب مخاطر صحية، بالإضافة إلى الأضرار الاقتصادية.
وتشير التوقعات إلى أن الـ3,1 بليون مدخن في العالم حاليًا سيزيدون إلى 7,1 بليون في عام 2025، وهذه الزيادة ستكون من نصيب البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط، ورغم اتساع رقعة الفقر في دول إقليم شرق المتوسط، إلا أن معدلات انتشار استهلاك التبغ وصلت حد الوباء ويكفي أنها زادت بنحو 24 % بين عامي 1990 و1997.
ويبدو أن الصمت الرسمي العربي لا يسري فقط على النطاق السياسي، إذ امتد ليشمل الصحة كذلك، فحكومات عدة تحجم عن زيادة نسبة الضرائب المفروضة على السجائر المحملة بالقطران خوفًا من خفض الطلب عليها ومن ثم خفض عائداتها،.،
نقلا عن مفكرة الإسلام
الثلاثاء 12 ربيع الآخر 1445هـ – 1يونيو 2024 م.