التعليق : صعقت الآذان لما سمعت شيوخا في ديار الإسلام وديار الغرب رضوا بأن يكونوا مطية لحملة فرنسا المسعورة على الحجاب الإسلامي. وليتهم ‘رضوا بأن يكونوا مع الخوالف’! بل تحمسوا ليكونوا عونا للشيطان على أخواتهم المسلمات.
صدرت بعض الفتاوى هنا وهناك من شخصيات رسمية تتبوأ مناصب علمية إسلامية تجيز لفرنسا أن تصدر قانونا يتيح لها تعرية رؤوس الطالبات المسلمات في مدارس فرنسا بدعوى أن ذلك منها ‘شأن فرنسي داخلي’ لا يجوز لغير الفرنسيين التدخل فيه!!
وليتهم إذ قالوا ما قالوا ؛ أردفوا ذلك بالقول بأننا كذلك في بلداننا سنلزم غير المسلمات بلبس الحجاب سواء من الأقليات غير المسلمة أو أولئك السائحات الذين تعج بهم بلدانهم وتتسع الصدور والأريحيات لهم بأن يدخلوا مساجدنا الأثرية كاشفات الشعر والصدر والأرجل باعتبار أن ذلك أيضا ‘شأن داخلي عربي’ , ليتهم اعترتهم الحماسة ذاتها فقالوا :’هذا حقنا .. هذا حقنا .. هذا حقنا’ !!
بيد أن شجاعتهم تخذلهم أن يفعلوا , فذهبُ المعزِّ خير من سيفه , وشيراك لن يرضى إن فعلوا , وغضب شيراك غضب لأمريكا ..
فمن حق كل أحد ـ بحسب معتقدات ‘علماء آخر الزمان’ ـ أن يعبث بديننا ومقدساتنا بل وأعراضنا كذلك لأن ذلك ‘شأن داخلي’ لا يجوز لنا المساس به ولا التحرك لرفضه ؛ فيما لا يجوز لنا في المقابل أن نستر عوراتهم الماثلة أمام أعيننا في بلادنا !! فأي ‘دين’ يبشرنا به هؤلاء ؟! وأي سلوك يدعوننا إليه ‘حكماء الأمة’ المتأخرون؟!
داخليا , كان هؤلاء ‘العلماء’ يصوبون فتاواهم على صدورنا ؛ وكان المسلمون في الديار المسلمة تحتملها باعتبارها غير ملزمة , وكل منا يختار ما يطمئن إليه قلبه من فتاوى العلماء ؛ إن بشأن تحليل ‘فوائد’ البنوك أو بتحريم ‘العمليات الفدائية’ أو بشأن تحليل مسابقات ‘رجال الأعمال التليفزيونية’ أو… لكن المزري هذه الأيام أن تأتي هذه الفتوى الأخيرة لتضع النصل على جيد المسلمة الطاهرة في أرض فرنسا , وتعطي للفرنسيين مبررا قويا لحمل المسلمات هناك على الإذعان للقرار الجائر بدعوى أن ‘المرجعيات الدينية الرئيسة’ في العالم الإسلامي قد أقرت مبدأ الإلزام الفرنسي تحت زعم أنه ‘شأن داخلي فرنسي’.
هل نما إلى مسامع الحفنة المعولمة أن جهات غير إسلامية قد تحركت في فرنسا ذاتها منددة بالقرار الجائر ؛ من بينها أحزاب يسارية . وهل علم أولئك أن عمدة نوجون القريبة من باريس لما منع حفل عرس لزوجين مسلمين في قاعة البلدية لأن العروس محجبة تأسيا بقرار شيراك ثارت ‘الحركة المناهضة للعنصرية والمؤيدة للصداقة بين الشعوب’ في وجهه واصفة موقفه بـ’العلامة المثيرة للقلق وبداية ممارسات عنصرية تتخذ من العداء للإسلام شعاراً لها’ مشيرة إلى احتمال ملاحقة العمدة قضائياً في حال إصراره على مواقفه , فأين هؤلاء من هذا؟!
وإذا كان الأمر على هذا النحو من السوء , فإن ذلك لابد أن يسترجع لدى النخبة الإسلامية ضرورة بحث هذه الإشكالية وصولا في الأخير إلى حتمية استبدال العلماء الربانيين المخلصين بهذه الحفنة الرسمية غير المسؤولة ؛ حتى لو تطلب الأمر إطلاق حملة شعبية ضخمة لحث الحفنة التي تلبس أثوابا فضفاضة لا تليق بأجسادها النحيلة العليلة أن ترحل طوعا مخلفة أثواب الإخلاص والعلم لمن هم خليقون بها.
وما أضحى للمسلم الغيور على دينه إلا أن يطالب الربانيين من داخل المؤسسات الدينية وغيرها بالتقدم , وعلماء السلطة الفرنسية بالرحيل ؛ زاعقا في وجوههم : ‘استقيلوا يرحمكم الله’ !!
مشكورر أخوي على الموضوع
تحياتي لكم