تتغير وتتبدل سياسات أميركا الخليجية باستمرار فقد اعتمدت في السبعنات علي قطبين هما السعودية وايران الشاه، ومالت في الثمانينات باتجاه دعم العراق للحيلولة دون انتصار ايران، واعتمدت في التسعينيات سياسة الاحتواء المزدوج لكل من العراق وايران مع التواجد العسكري في الخليج، واعتمدت بعد ذلك سياسة القوة المباشرة وتغيير النظام. وهي الآن في مرحلة اعادة صياغة سياسة جديدة.
الثابت أن اهتمام أمريكا باستقرار المنطقة والهيمنة عليها هو السيطرة علي البترول حماية لاقتصادها الذي أدمن وفرة الطاقة ورخصها وتأكيد أمن اسرائيل بمنع نشوء نوع من التوازن العربي الاسرائيلي فيما لو نجح العراق في صنع الأسلحة.
معضلة أمريكا الراهنة تكمن في صعوبة الموازنة بين أهداف متناقضة، فصمود العراق أمام مطامع ايرن يتطلب عراقا قويا، لكن العراق القوي يشكل تهديدا لحلفاء أمريكيا في الخليج! واستمرار الوجود العسكري في المنطقة يؤمن الاستقرار ولكنه يفرخ الارهاب. والانسحاب الامريكي في ظل ضعف العراق يجدد مطامع ايران. ودعم أمريكا لحركة الاصلاح في ايران يضعفها ويعزز مصداقية المحافظين. وحماية الأنظمة الخليجية يضعف حوافزها للاصلاح السياسي والاقتصادي.كل فعل أمريكي لتحقيق هدف مرغوب فيه له تداعيات غير مرغوب فيها، مما يفسر ارتباك الادارة الأمريكية.
التوجهات الراهنة في دوائر طبخ القرار الأمريكي الاستراتيجي تدور حول حلول توفيقية مستمدة من تجارب سابقة في المنطقة أو تجارب راهنة في مناطق أخري فلماذا لا تحافظ أمريكا علي تواجدها في المنطقة من وراء الأفق أي من البحر بحيث لا تكون مرئية للشعوب ومثيرة للاستفزاز ومع ذلك تبقي قادرة علي فرض الهيمنة من بعيد اذا أمكن ومباشرة اذ لزم.
ويدعو البعض لاحياء فكرة الأحلاف باعادة تشكيل حلف بغداد بمشاركة دول المنطقة ورعاية أمريكية. وهنا يأتي الخلاف حول ما اذا كانت ايران ستدعي الي الحلف مما يعطي المحافظين فيها شرعية جديدة أم تستبعد منه، وما قد ينشأ عن ذلك من إقلاق راحة الأنظمة الخليجية.
تطور الوضع في العراق سيقرر استراتيجية أمريكا، فهل ستنجح أمريكا في تشكيل نظام عراقي علي مقاسها أم أن الاحتلال سيحمل عصاه ويرحل مضطرا؟ جميع الاحتمالات مفتوحة.
:confused: :confused: :confused: