تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » الداء الفتاك وداعي الهلاك الهوى

الداء الفتاك وداعي الهلاك الهوى 2024.

قرأت عن داء عضال .. يصيب القلوب فيفتك بها .. ويحلق الدين .. ويورِث التعاسة في الأُولى .. والعذاب في الآخرة .. إن لم تصبنا رحمة من الرحمن .. فننجو ..
اخواني .. قرأت لكم هذه الكلمات .. نسأل الله الشفاء والسلامة والنجاة ..
هي مقتطفات من كُتَيِّبٍ رائع ..

اسم الكتيِّب: الداء الفتاك وداعي الهلاك .. الهوى
اسم الكاتب: أزهري أحمد محمود


الحمد لله على نِعمه وأعظمها نِعمة الهداية الى الإسلام .. وكفى بها من نِعمة .. والصلاة والسلام على رسول الله .. معلِّم الناس الخير وعلى آله وصحبه ومن سار على هديِه الى يوم الدين ..

ما أسعد من جعل هذا الدين منهجاً له في الحياة .. وما أتعس من حاد عن الجادة ولم ينهَ النفس عن الهوى ..

أخي: هل وزنتَ نفسك يوماً بميزان الهدى الإلهي؟
أخي: هل عرَّضتَ نفسك يوماً على التَّشخيص السَّماوي؟!
أخي في الله .. ما أكثر الأدواء والأمراض ! وما أقلّ الصّحة والعافية! أمراض حار فيها الحكماء .. واستعصى علاجها على العلماء ..
أخي .. أتدري أيّ أمراض هذه؟!

إنها أمراض القلوب وأدوائها المزمنة .. أهلكت العباد .. ورانت على القلوب .. وأصلها الدَّاء الأعظم : ذاك هو الهَوَى ! الهوى ! داعية المعاصي .. مدَّ فيضانه فأهلك الخلائق وأكثَر الفساد ..

أخي .. بأي وصف أصِف لك الهوى؟! أَلا يكفيك أخي ما قاله الشَّعبي (رحمه الله) : " إنّما سُمِّيَ الهوى هوى لأنه يهوي بصاحبه في النّار!" نسأل الله السلامة والغفران ..

أخي الحبيب .. إنه الهوى .. الذي يعني السقوط ! الوقوع في الشهوات المُحرَّمة !

قال *** عباس (رضي الله تعالى عنه) " ما ذكر الله عزَّ وجلّ الهوى في موضع من كتابه إلا ذمَّه "

وقال الإمام *** رجب (رحمه الله) : " والمعروف في استعمال الهوى عند الإطلاق أنه الميل إلى خلاف الحقّ كما في قوله عزَّ وجلّ: " ولا تتَّبع الهَوَى فَيُضِلَّكَ عن سبيلِ الله " (ص-26)

وقالوا:
"الهوى مَيْل الطبع إلى ما يلائمه" (*** الجوزي)
"الهوى ميلان النفس إلى ما تستلذه من الشَّهوات من غيير داعية الشَّرع" (الجرجاني)

أخي في الله ..
إن معركتنا مع الهوى هي معركة حامية الوطيس! لا يخبو أوارها .. ولا تخفت نارها .. فالنفس دائماً تتمنّى وتتطلع .. وتلتمس المزيد من الملذات .. وإن قيل لها : هذا حرام .. قالت: دعوني أجرِّبه! ثم قالت مرة أُخرى: دعوني !
حتى يكون الإدمان والعياذ بالله .. ويستعصى العلاج مع المُعالِج .. فنار الهوى نار لا تعرف البرودة والسكون ! فكم أهلكت من أقوام .. وكم أحرقت من قلوب !
والسعيد من أطفأها ببرد الطاعات .. وماء الصالحات ..

قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: " والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله، والمهاجر من هَجَر الخطايا والذنوب " رواه أحمد و*** ماجه / السلسلة الصحيحة: 549

قال رجل للحسن البصري: يا أبا سعيد أيّ الجهاد أفضل؟ قال: جهادك هواك !
وقال *** المبارك في قوله تعالى: " وجَاهِدوا في الله حقَّ جِهادِه" (الحج-78) هو جهاد النفس والهَوَى.

فلو أصاب أحدنا المرض في بدنه ألا يهرع للطبيب؟ فما بال الأمراض قد اجتاحت القلوب وتساهلنا أو تغافلنا عن علاجها؟ وهي أشد وأخطر ؟

قال بِشر بن الحارث(رحمه الله تعالى) : " إعلم أن البلاء كله من هواك! والشِّفاء كلّه في مخالفتك إيَّاه!"

وقال *** السمّاك (رحمه الله تعالى): " إن شئت أخبرتك بدائك وإن شئت أخبرتك بدوائك. داؤك هواك ودواؤك ترك هواك. "

أخي في الله .. إذا حاسبنا أنفسنا على خطراتها لوجدنا أن كل بليّة سببها الهوى..
أخي .. هل يا تُرى إن أشكل علينا أمران ولا ندري في أيهما يكون الصّواب .. هل نحن كحال من قال: " خالِف أقربهما إلى هواك فإن أكثر ما يكون الخطأ مع متابعة الهوى. "

قال الحبيب المصطفى الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وآله وسلّم : "إنَّ مما أخشى عليكم بعدي بطونكم، وفروجكم، ومُضِلاّت الأهواء" (رواه أحمد والطبراني في الصغير/تخريج ظلال الجنة: ح14)

وكم كان الإمام *** الجوزي صادقاً عندما قال: " رأيتُ الخلق كلَّهم في صفّ محاربة والشياطين يرمونهم بنبل الهوى، ويضربونهم بأسياف اللَّذة. "

يقول الحقَّ جلَّ وعَلا في كتابه الكريم: " أَفَرَاَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَاَضَلَّهُ اللهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيه مِنْ بَعْدِ الله أَفَلا تَذَكَّرُون " (الجاثية-23)

فما نتيجة اتباعنا لهوانا؟
يا رحمن .. الضلال والختم على السمع والقلب والغشاوة على العيون .. من يَقوى على العيش مع كل هذه الابتلاءات وما ذلك الا بما جنَت يداه.. وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ..

ولنقف قليلاً مع آية من آيات الله تعالى حيث يقول جلَّ من قائل: " يا دَاوودُ إِنّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالحَقِّ ولا تَتَّبِعِ الهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ الله " (ص-26)

فهذا نبيٌّ من أنبياء الله تعالى داوود عليه السلام يحذِّره الله تعالى من الهوى وعواقبه الرديّة!
قال *** عباس (رضي الله عنهما) في تفسير هذه الآية : " إن ارتفع لك الخصمان فكان لك في أحدهما هوىً فلا تَشْتَهِ في نفسك الحق له؛ ليفلج على صاحبه، فإن فعلت محوتُ اسمك من نُبُوَّتي ثم لا تكون خليفتي ولا أهل كرامتي. "

إنَّ الهوان هو الهَوَى قُلِبَ اسمُهُ *** فإذا هَوِيتَ فقد لَقِيتَ هَوَانا

وإذا هَوِيتَ فقد تعبَّدَكَ الهَوى *** تَخْضَعْ لِحبِّكَ كائناً مَنْ كَانَا

يقول الفضيل بن عياض (رحمه الله) : " من استحوذت عليه الشَّهوات انقطعت عنه مواد التوفيق "

ولا أقبح من عبودية الهوى !

ومِن البلاءِ وللبلاء علامةٌ *** أن لا يُرى لك عن هواكَ نُزُوعُ

العبدُ عبدُ النَّفس في شهواتِه *** والحرُّ يشبعُ تارةً ويجوعُ

" فلا نوم أثقل من الغفلة! ولا رقّ أملك من الشَّهوة! ولولا ثقل الغفلة لم تظفر بك الشَّهوة. "

قال الإمام *** القيِّم (رحمه الله) : " وإذا سلم العبد من فتنة الشُّبهات والشهوات؛ حصل له أعظم غايتين مطلوبتين بهما سعادته، وفلاحه، وكماله! وهما : الهُدى والرَّحمة. قال تعالى فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رحمةً مِن عندِنا وعلَّمناهُ من لَدُنَّا عِلما (الكهف-65) "

أخي .. حقاً .. ذلك هو السعيد في الدنيا .. من صبر على الشهوات ..

قال الإمام *** الجوزي (رحمه الله) : " فالعاقل من حفظ دينه ومروءته بترك الحرام، وحفظ قوَّته في الحلال، فأنفقها في طلب الفضائل من علم أو عمل، ولم يسع في إفناء عمره، وتشتيت قلبه في شيء لا تحسن عاقبته "

وقال مالك بن دينار (رحمه الله) : " من غلب شهوات الدنيا فذلك الذي يفرق الشيطان من ظلّه. "

أخي .. هل تدري أن من ترك شيئاً لله عوَّضه الله تعالى خيراً منه؟

قال الإمام اين القيِّم (رحمه الله) : " والعِوَض أنواع مختلفة وأجلّ ما يُعَوَّض به الأُنسُ بالله، ومحبته، وطمأنينة القلب به، وقوته، ونشاطه، ورضاه عن ربه تعالى. "

وإنك لو تأملت حديث السبعة الذين يظلهم الله تعالى تحت ظله لرأيتهم ما نالوا ذلك الا لمخالفتهم الهوى ..

ول*** القيِّم درَّتين يقول فيهما:

إذا طالبَتْكَ النَّفسُ يوماً بِحاجةٍ *** فكان عليها لِلقبيح طَريقُ

فَدَعْهَا وخالِفْ ما هَوِيتَ فإنَّما *** هواكَ عدوٌّ والخلافُ صَديقُ

أخي الحبيب .. ذاك هو الهوى .. ألست معي أنه الداء الأعظم ؟ وأنه السرطان الذي انتشر شره؟ وأنه سبب كل مصيبة وشر؟ وأنه سبب الغفلة والإعراض عن الله تعالى ؟

إنما هو داء .. ولكل داء علاج !

وكما قال *** الجوزي رحمه الله تعالى .. أن زوال هذا الداء يبدأ أولاً بالعزم الصادق وهذا يحتاج الى صبر ومجاهدة. ويهوِّن عليك ذلك اخي:

* التفكُّر في أن الانسان لم يُخلق للهوى وإنما هُيِّئ للنَّظر في العواقب والعمل للأجل!

* التفكُّر في الآفات القبيحة للهوى من مرض وقُبح ذكر وغير ذلك.

* التفكُّر في انقضاء غرضه من هواه، ثم التفكُّر في الأذى الحاصل فيجده أضعاف ما ناله من الشهوة.

* التفكُّر في عاقبة النصر على الهوى وما يعقب ذلك من عزّ النَّصر.

* التفكُّر في عاقبة ترك الهوى وما يناله من اكتساب الذكر الجميل بين الناس والأجر في الآخرة .

أخي في الله .. إن هزيمتك لجنود الهوى طريقك لسلوك طريق السعادة الحقيقية .. سعادة تجد لذَّتها في الدنيا .. طمأنينة .. وسكينة .. وقرة عين .. وسعادة دائمة في دار الخلود .. في جنّات الله ونعيمه المقيم

" وأمَّا من خافَ مقامَ ربِّهِ ونَهَى النَّفسَ عن الهَوى فإنَّ الجنَّةَ هي المأوى " (النازعات-40/41)

وأيَّدني الله تعالى وإياك على غَلَبَة الهوى، وجعل مأواي ومأواك فردوسه الأعلى ..

اللهم آمين ..

نرجو الدعاء ..
منقول للامانة ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.