http://www.almujtamaa-mag.com/detail…InSectionID=75
بقلم : د. توفيق الواعي.
مصيبة العملاء في عالمنا العربي أصبحت كبيرة، ومهمتهم صارت معقدة، لأن الشعوب بدأت تصحو وتميز بين الطيب والخبيث، وبين مصالحها ومصالح العملاء وسادتهم، وهذا ما أوقعهم في حيص بيص!!.
يطالب الصهاينة اليوم، بتغيير السلطة الفلسطينية، وأن يستبدل بها فريق آخر من أتباعهم الجدد، كما استطاعوا بالتعاون مع الولايات المتحدة الضغط على الكثير من الدول العربية لتبني هذا الرأي، وقد ظهر من التصريحات والمواقف الأخيرة للإدارة الأمريكية أنها أصبحت تمتلك داخل الصف الفلسطيني مرتكزات فعلية وذات نفوذ من المتطلعين إلى الحكم في السلطة، يؤيدون ما تسعى إليه من تصورات سياسية، ويتفقون معها على تنازلات كبيرة يدعون أنها خطة لحل القضية، كما يعدون معهم مخططاً لإصلاح منشود بالضغط على عرفات، للقبول بذلك.
ولعل اتجاه عرفات نحو إبداء عدم القدرة على قبول هذا الاتجاه، يرجع إلى الزخم الشعبي للوقوف في وجه أي تنازلات، والاستعداد لتحمل أنواغ الضغوط كافة ومواجهة أمريكا واليهود، كما أنه يتوجس خيفة من عصيان مدني يختلط فيه الحابل بالنابل، لأن صمود الشعب وجهاده بكل ألوانه، وتراص صفوفه، أصبح لا يستثني حتى منظمة فتح، ح** عرفات نفسه، وهذا في الواقع هو ما أربك المطبخين الصهيوني والأمريكي معاً، إذ لابد وأن يكون العملاء الجدد الذين يراد لهم أن يتسلموا الأمور ممن يتمتعون ببعض الشعبية، أو لهم ح** أو شبه قاعدة حتى يستطيعوا خدمة أهداف الصهاينة وأمريكا في القضية، وذلك ما جعلهم أيضاً يحافظون على عرفات مع الضغط عليه حتى يرضخ وينفذ ما يريدون، من إجهاض الانتفاضة والاستعداد للتنازلات المطلوبة، حتى يُعطى دولة صورية يكون من أكبر مهامها الحفاظ على دولة الصهاينة والائتمار بأمرها، وجعلها خادماً مطيعاً لتعليماتها، وحينئذ لا داعي لتغيير عرفات فسيكون هو خير من يقوم بالمهمة.
وبعد أن عجز الصهاينة عن قهر الشعب الفلسطيني والانتصار عليه، وبعد أن عجزوا عن استبدال العملاء رغم استعداد البعض للقيام بتلك المهمة، ورغم الحيل التي استخدمت للإتيان بهم تحت مسمى إصلاح السلطة، لوضع رجال إسرائيل فيها وزرع أجهزة أمن موالية لضرب المقاومة ومطاردة رجالها، ورغم حبس عرفات، لم يتحرك الموقف لصالح الصهاينة والولايات المتحدة، إذن فلابد من تحريك آخرين لضرب هذا الكيان المتماسك الصلب.
اتجهت الجهود إلى بعض الدول العربية للقيام بدور معين في تصفية القضية تحت الترغيب والترهيب، وبالمثل القائل: "ذهب المعز وسيفه" حيث استغلت مسألة الإرهاب ومساعدة الإرهاب، وانطلاق الإرهاب كوسائل ضغط مفضوحة، واتهامات مكشوفة لدغدغة المواقف، فمثلاً عمدت لجنة الاستخبارات في الكونجرس الأمريكي إلى اتهام مصر بأنها تساعد محور الشر، وهذا التقرير تم إعداده ليكون مطروحاً على الطاولة في لقاءات الرئيس مبارك مع بوش والإدارة الأمريكية، كما جرى التلويح في أكثر من مناسبة باستخدام أوراق الضغط الاقتصادي بحجة عدم التعاون، والمقصود الضغط على مصر لكي توافق على الأجندة الأمريكية الكاملة دون تعديل، تلك الأجندة التي تطلب من مصر ما يلي:
أولاً: دوراً فاعلاً في الضغط على سلطة عرفات للاستجابة لشروط التغيير الذي يريده الصهاينة والأمريكان والإتيان بعملائهم للسلطة.
ثانياً: استجابة كاملة للدولة الفلسطينية في المفهوم الصهيوني الأمريكي، وهي لا تتعدى دولة ورقية يحكمها عملاء الموساد، والمخابرات الأمريكية، تمثل جزراً بشرية فلسطينية محاصرة، كما تمثل مرحلة من مراحل تصفية القضية وطي ملفها.
وثالثاً: أن تقبل القاهرة بالركائز التي ستقوم عليها المفاوضات النهائية وتتضمن الإقرار بالقدس عاصمة أبدية للكيان الصهيوني مع السماح بالإشراف الأردني والفلسطيني على الحرم القدسي الشريف، والإقرار بحق الصهاينة بتعديل حدود 1967م ووضع نهاية لمشكلة اللاجئين بشكل يتفق وأمن الكيان الصهيوني.
ولا يعلم إلا الله تعالى، ثم أصحاب القرار ما تم في ذلك، غير أن ملامح الأمور قد انفلق ليلها، وظهر ظلامها، فأعلن عن رفض العنف بجميع أشكاله، وتم تفسيره أمريكياً وصهيونياً بأنه إدانة للعمليات الاستشهادية وهي الخطوة التي تسبق التعاون الأمني، ونزع الشرعية عن العمليات الاستشهادية بما يحرم الفلسطينيين دون مقابل من أهم أوراق الضغط على الاحتلال، حيث سيصبح المحتل في غير حاجة إلى التفاوض أو الدخول في عملية التسوية، وسيفرض إرادة المنتصر.
وقد يحاول الجميع اليوم بمن فيهم العرب إلغاء القرار الفلسطيني وتنفيذ المتطلبات الأمريكية، فواشنطن تريد أشياء محددة لابد أن يسارع الكل في تحقيقها، ومدير الاستخبارات تينيت جاء بملف يرتب التعاون الأمني مع الاحتلال ومصر والأردن، وسبقه مساعد وزير الخارجية وليام بيرنز يحمل كذلك الاقتراحات والمطلوبات التي منها قيام تعاون أمني صهيوني فلسطيني، لا لِلجم الاحتلال الذي يفعل الأفاعيل في الشعب المحتل الأعزل ويقوم بجرائم حرب بشهادة الجميع، ولكن لضرب المقاومة الفلسطينية التي تحاول دفع البلاء، ورد العدوان، ومنع القتل والإعدامات للأبرياء.
أي ضمير يرضى بهذا التعاون المشبوه ويساهم في بيع جهاد هذا الشعب، وأي قلب يحمل على عاتقه خيانة جديدة وأي كبد تكلس وتحجر يشرب دماء شعبه، ويمضغ لحم أمته! اللهم كف البلاء واحجز الشر وارحم العباد.
===============
انتهى النص.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نقلهُ راجي عفو ربهِ.
أخوكم المُحب في الله تعالى / أبو محمد ؛ عساس بن عبد الله العساس.