ما كنت في حلم ولا في يقظة… بل كنت بين يديهما أتململ
أرنو إلى الأفق البعيد فماأرى … إلا دخانا تائهـا يتجول
وحشود أسئلة تجر ذيولها … نحوي وباب الذهن عنها مقفل
أحسست أن إرادتي مسلوبة … وشعرت أن مخاوفـي تترهل
وشعرت أني في القيامة واقف … والناس في ساحاتها قد هرولوا
يسعون كالموج العنيف عيونهم … مشدوهـة وعقولهـم لا تعقـل
والكون من حولي ضجيج مرعب … والأرض من حولي امتداد مذهل
قد أخرجت أثقالها وتأهبـت … للحشر وان**ر الرتاج المقفـل
والناس أمثال الفراش تقاطروا … من كل صوب هاهنا وتكتلـوا
كل الجبال تحولت من حولهم … عهنا وكل الشامخـات تزلـزل
وجميع من حولي بما في نفسهم … لاه فلا معـط ولا متفضــل
كل الخلائق في صعيد واحـد … جمعت فسبحـان الذي لايغفـل
وأقيم ميزان العدالـة بينهـم … هـذا بـه يعلـو وذلك يـنزل
وتجمعت كل البهائم بعضهـا … يقتص من بعض وربـك أعـدل
حتى إذا فرغ الحساب وأنصفت … من بعضها نزل القضاء الأمثـل
كوني ترابا يا بهائم .. عندهـا … صاح الطغاة وبالأماني جلجلـوا
يا ليتنا كنـا ترابـا مثلهــا … يا ليتنا عـن أصلنـا نتحـول
هيهات لا تجدي الندامة بعدما … نصب الصراط لكم وقام الفيصل
ومضيت أقرأ في الوجوه حكاية … إجمالهـا عنـد الذكي مفصـل
ورأيت مالا كنت أحلم أن أرى … حولي وقد كشف الستار المسدل
هذا هو النمرود يندب حظـه … والدمع مـن هول المصيبة يهطل
وهناك فرعون المألـه نفسـه … يسعى بغـير بصيرة ويولول
وهناك **رى تـاه عند إيوانه … مترنـح فـي سـيره متملمـل
وهناك قيصر نفسـه م**ورة … وبقـلبـه ممـا يعانـي مرجـل
وهنا ابو جهل يراجع نفسـه … عينـاه توحـي أنـه يتـوسـل
يارب أرجعنا لنعمـل صالحـا … غير الذي كنـا نقـول ونعمـل
هيهات قد طوي الكتاب ألم يكن … فيكـم نـبي بالهدايـة مرسـل
سبحان ربك هؤلاء جميعهـم … كانـت لهـم دار هنـاك تبجـل
لكنهم كفروا بمن أعطاهــم … ملكـا وعاثوا في البـلاد وقتلـوا
ورموا بشرع الله خلف ظهورهم … عزلوه عن حكم الزمان وعطلـوا
جمع الطغاة هنا وقد هانوا علـى … ربـي وعـد المؤمـن المتبتـل
وقفوا وآلاف الضحايا حولهـم … فاليوم ينظر في الأمور ويبطل
واليوم يسعـد مؤمـن بيقينـه … واليوم يشقى الفاسق المتحلل
واليوم يمتد الصراط فمسـرع … نحو النعيم وزاحف متمهل
ومحمل بالذنب زلـت رجلـه … فهوى ونار جهنم تستقبل
فأجلت طرفي ساعة فرأيت من … أمر القيامة مايروع ويذهل
هذا أب يسعى إلـيه وحيـده … وبمقلته ترقب وتـوسل
أبتاه أرهقني المسـير وحاجـتي .. شيء يسير لايمض ويثقل
شيء من الحسنات ينقذني وقـد … خفت موازيني وفيك أؤمل
أنت الذي عودتني فيما مضـى … بذلا ومثلك في المصائب يبذل
وإزور وجه أبيه عنه مـرددا … نفسي أحق بما تقول وأمثـل
ومضى **يف البال يسأل نفسه … ماذا جرى لأبي .. أهذا يعقل ؟
وبدت له بين الجموع حليلة … كانت تفضله وكـان يفضـل
وغدا يناديها رويدك زوجتي … فأنا الحبيب وليس مثلك يجهل
ريحانتي أنسيت أيام الصبا … أيام كنا من هوانـا ننهـل ؟
أنا من وهبتك في فؤادي منزل … ماكان فيه لغير حبك منزل
شيء من الحسنات ينقذني وقد … خفت موازيني وفيك أؤمـل
قالت له والهـم يشعـل قلبهـا … لهبا وفي أحشائهـا يتغلغـل
عذرا فـأنت رفيق عمري إنمـا … نفسي أحق بما تقول وأمثـل
ومضى **يف البال حتى لاح في … وسط الزحام خيال من لايبخل
أم رؤوم راح يركـض نحوهـا … جذلا وهل بعد الأمومة موئل ؟
حملته في أحشائهـا وتحملـت … من أجل راحته الذي لايحمـل
أمـاه ياأمـاه مـدي لي يـدا … فلكم بذلت إذا أتيتك أسـأل
شيء من الحسنات ينقذني وقد … خفت موازيني وفيـك أؤمـل
قالت له والدمع يغلب صـبرها … نفسي أحق بما تقـول وأمثـل
ونقلت طرفي لحظة فرأيت مـا … لاتستريح له النفـوس وتقبـل
بشر كأنهم الحوامل قد مشـوا … مشيا ثقيـلا والمصيـبة أثقـل
من هؤلاء ؟ فقال من يدري بهم : … أهل الربا بئس المقام المخجـل
أكلوا الربا جهرا ولم يتورعـوا … عن أكله ومشوا إليه وأرملـوا
ماصدهم عن أكلـه بطلانـه … وكذاك باطل كـل قـوم يبطـل
وأخذت ناحية أفكـر بالـذي … يجري وأرسل ناظـري وأنقـل
ماذا أرى رجل يحيـط برأسـه … طوق وفي رجليه قيـد محجـل
من ذلك الرجل التعيس ؟ فقال لي … من عنده خـبر يقـين ينقـل
هذا الذي خان العهود وعاش في … دنياه يغتصب الحقوق ويأكـل
يسطوا على مال الضعيف وأرضه … واليوم يجـني ماثـراه ويحمـل
الشبر في الدنيـا يقابلـه هنا … سبع من الأرضين بئس المحمـل
ورأيت قومـا يدعسون كأنـهم … نمل وقد ذاقـوا الهوان وجللـوا
من هؤلاء البائسـون أراهـم … هانوا ومن كتب الكرامة أعقلوا
فأج***ي : هم كل مختـال لـه … فيما مضى كـبر عليـه يعـول
وذهلت عنهم حين أبصر ناظري … رجل يساق الى الجحيم ويعتــل
ووراءه امرأة يحيـط بجيدهـا … حبل يلف مـن الجحيـم ويفتـل
من ذلك الرجل الشقي وهذه … تجـري علـى أعقابـه وتولـول
هذا أبو لهب وزوجتـه الـتي … كانت تجول على النـبي وتجهـل
وأخذت ناحية فـلاح لناظـري … روض وأزهـار ونـور مقبـل
غرف بطائنهـا الحريـر وتربها … مسك بماء المكرمـات مبلـل
ونساؤهـا حور فوجه مشـرق … كالشمس ساطعة وطرف أكحل
أنهارهـا عسـل وخمـر لـذة … للشاربـين وشربهـا لايثمـل
وبناؤها من فضـة من فوقهـا … ذهب وعند الله ماهو افضـل
أقـل من فيهـا نصيبا حظـه … أضعاف دنيانا وربـك يجـزل
رأيت فيها الساكنين ربوعهـا … نحو الجنان وفي المنازل أنزلـوا
على الأرائك يجلسون حديثهم … مستبشرين بما رأوه وحصلـوا
يتذكرون حوادث الدنيا الـتي … صمدوا لها وعلى الإله توكلـوا
طوبى لكم هذي منازلكم فمـا … خابـت مساعي من يجد ويعمل
أجلت طرفي في الوجوه فـلاح لي … وجه بدا وكأنما هـو مشعـل
وجه الرسول يشع نورا صادقـا … قد جاء في حلل السعادة يغفل
ورأيت أصحاب الرسول وقد مضوا … نحو الجنان وفي المنازل أنزلـوا
ورأيت مؤمن آل فرعون الـذي … نبذوا .. وصفحة وجهه تتهلل
والكوثر الرقراق لاتسـأل فمـا … مثلي يجيب وليس مثلي يُسأل
نهر كأن الـدر يجـري بينـه … أو أنه النور الذي يتسلسـل
سبحـان ربك هاهنا حصل الذي … ماكان لولا فضل ربك يحصل
ورفعت طرفي لحظة فرأيت مـن … لاشيء يشبهـه وليس يمثـل
نور تجلـى للخـلائـق كلهـا … فتواضعـوا لجلالـه وتذللوا
وقعوا سجودا يلهجون بذكـره … والكون بالصمت المهيب مكلل
سجدوا وأما المبطلون فحاولـوا … أن يسجدوا لكنهم لم يفعلـوا
وصحوت من حلمي ونفسي بالذي … شاهدت مؤمنة وعيني تهمـل
وشعرت أن مظاهر الدنيا الـتي … لهوى ..مظاهر نشوة لا تكمـل
وعلمت ان الله يمهـل عبــده … عطفـا عليـه وأنـه لا يهمـل
وهنا وقفت وفي فؤادي دوحـة … تحنـو علي غصونهـا وتظلـل
هي روضة الإيمان يجري نهرها … عذبـا ويشدوا في رباها البلبل
:rolleyes:
جزاك الله خير أخي المشتاق .. اشتاقت لك الجنان بإذن الرحمن ..