تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » الشباب والبنات بين غرور الموهبة وحسد الموهوبين

الشباب والبنات بين غرور الموهبة وحسد الموهوبين 2024.

الموهبة نعمة من نِعَم الله تعالى عند الانسان، وكلّ نعمة تجب مقابلتها بالشّكر وحُسن الاستعمال .. فمن وهبه الله ذكاء، أو قدرة جسمية، أو قدرة على اكتساب العلوم، أو موهبة شعريّة أو كتابيّة، أو صار إنساناً متفوِّقاً في الدراسة، أو في المجتمع، بسبب ما وهبه الله، وجب عليه الشّكر والتواضع، ومساعدة الآخرين بما وهبه الله سبحانه .

إنّ بعض الناس يسيطر عليه الغرور والتكبّر والاعجاب بالنفس عندما يرى نفسه متفوِّقاً على الآخرين .. والتكبّر يعبِّر عن حالة نفسيّة منحرفة، ومرض أخلاقي سيِّئ . والمتفوِّق عندما يسيطر عليه الغرور، يكون منحطّاً في الجانب الاخلاقي إلى جانب تفوّقه في المجال العلمي أو الفني أو الثقافي أو الاجتماعي ..

وصاحب الموهبة قد يكون أنانيّاً يحرم الآخرين من المساعدة ممّا وهبه الله سبحانه، ويستغلّ مواهبه بجشع مادِّي .. والشخصية السّليمة يمثِّلها الانسان الذي يكون خلقه الايثار، والاهتمام بالآخرين، وتقديم الخبرة والمساعدة لهم . فانّ : «خير النّاس مَن نفع النّاس»، كما يقول الرسول الكريم محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) .

إنّ موهبة الاخلاق هي أعظم المواهب .. والانسان صاحب الخلق الرفيع هو صاحب الموهبة الكبيرة، وهو المتفوِّق على الآخرين ; لذا أثنى الله سبحانه على نبيِّه محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم)، بتفوّق خلقه، فخاطبه قائلاً : «وإنّك لعلى خلق عظيم» .

إنّ الانسان المسلم ذا الموهبة والقابلية المتفوِّقة يكون شاكراً لله على ما أنعم عليه، فهو يُردِّد قول الله دائماً :

(رَبِّي أوزِعْني أن أشْكُرَ نِعْمَتَكَ الّتي أنْعَمْتَ عَلَيَّ وعلى والِدَيَّ وأنْ أعْمَلَ صالِحاً تَرْضاه… إنِّي تُبْتُ إلَيْك ) . ( الاحقاف / 15 )

وهذا الشكر يزيده تواضعاً، وطلباً للمزيد من المواهب من الله سبحانه، وبالشكر والتواضع تدوم النِّعم ويستحقّ المزيد :

(لَئِن شَكَرْتُم لاَزيدَنَّكُم ) . ( إبراهيم / 7 )

فهو يشعر بنقص ما عنده من علم وقدرة وقابلية أمام عظمة الله الوهّاب ; لذلك خاطب الله سبحانه نبيّه الكريم محمّداً (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو أعظم المتفوِّقين بقوله :

(وَقُلْ رَبِّي زِدْني عِلْماً ) . ( طه / 114 )

والعالِم والذّكي، كلّما ازداد علماً وذكاءً، ازداد تواضعاً :

(وَما أُوتيتُم مِنَ العلمِ إلاّ قليلاً ) . ( الاسراء / 85 )

وهذا النبيّ موسى (عليه السلام) ينظر بعين التواضع إلى ما عنده فيقول :

(رَبِّي إنِّي لِما أنزلتَ إلَيَّ مِن خير فَقير ) . ( القصص / 24 )

وكما يسيطر مرض الغرور والكبرياء والاعجاب بالنّفس على بعض الناس، يسيطر كذلك الحسد على البعض الآخر، عندما يرى غيره متفوِّقاً عليه بالمواهب والقابليّات ..

وكثيراً ما يسعى أولئك الناس إلى الانتقام من الآخرين المتفوِّقين عليهم، فيدبِّرون ضدّهم المؤامرات، أو يعملون على إسقاط شخصيّاتهم، أو إفشال مشاريعهم .. وهذه المواقف تعبِّر عن حالة مرضيّة، وانحراف نفسي لدى هؤلاء .. كما تُعبِّر تلك المواقف عن ضعف الايمان بعدل الله وحكمته، فإنّ اّلذي قسّم هذه المواهب بين الخلق هو الله سبحانه، بعدله وحكمته، وبالشكل الّذي يحـقِّق التكامل في المجـتمع، ويُنظِّم الحياة الاجتماعية، ويُشعر بالحاجة إلى الآخرين والتعايش معهم ..

إنّ بعض الموهوبين لا سيّما القادة العسكريين والسياسيين قد تحوّلوا إلى طواغيت ومتكبِّرين ومجرمين بحقِّ البشرية .. نتيجة الغرور والاستخدام المنحرف للمواهب والطّاقات .. وكم هو جميل ما تحدّث به القرآن من قول سليمان (عليه السلام)، حينما رأى المواهب والقابليّات التي وهبه الله إيّاها :

(لِيَبْلُوَنِي أأشْكُرُ أمْ أكْفُر ) . ( النمل / 40 )

فمن الناس مَن يستولي عليه الغرور ويتنكّر لمواهب الله فيكفر بها،

ويحوِّلها إلى كوارث على نفسه وعلى البشرية ; أمثال هتلر وموسوليني وجنكيز خان والحجّاج .. ومن الناس مَن يشكر مواهب الله سبحانه فيحوِّلها إلى خير ومنفعة لنفسه وللناس ; كعلماء الطب والصيدلة والزراعة، والمكتشفون الذين اكتشفوا الكهرباء، أو المهندسون الذين صنعوا السيارات والكومبيوتر وجهاز التلفون .

احمد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.