قاسيت الأمرين من حرماني حنان أمي , و وجودي وسط عائلة لا تعرف معنى الرحمة و الشفقة و يحاولون الإنتقام من أمي في شخصي الضعيف .. طفلة صغيرة بلا سند و لا حماية , ذقت مرارة الظلم و عذاب المحاباة و دموع الأيتام , نشأت و ترعرعت وسط أجواء مثقلة بأنفاس الغيرة و الحقد مشحونة بالقلق و التوتر و هبوط متواتر في عواطفي و إحساسي , قادني البرود و البرود التام تجاه كل شيء و أي شيء .. لا شيء يثيرني , لا شيء يحركني , مما ادى بي الى الإصابة بمرض غريب و أنا في مرحلة المراهقة اغماء نادر , حار َ الأطباء بتفسيره , كنت اشعر بضيق شديد في التنفس و كأن أيد ٍ قوية تغتالني ثم اغيب عن الوعي غير عابئة بشيء , لم يستطع العديد من الأطباء الذين عرض عليهم ابي حالتي ان يدلوا بتفسير معين أو مرض محدد و لم يكن لديهم علاج لحالتي سوى الأدوية المقوية و الفيتامينات .. حتى سمعت ذات يوم حديثا ً بين ابي و عمتي تقول له باصرار: صدقني يا اخي , علاج البنت بزواجها .. ان " حصة " مكتملة الصحة و العافية و لا ينقصها سوى الزواج .. رد عليها ابي بارتياح ٍ واضح: انها مازالت في السادسة عشر , ثم من هو الزوج المنشود , فحتى الآن لم يتقدم لها اي رجل للزواج .. اجابت بثقة: الزوج موجود , انه ***ي " عمر " .. جاءني صوت ابي ضعيفا ً متهافتا ً و هو يقول: و لكن , " عمر " لا وظيفة له ثم انه قد خرج من السجن حديثا ً .. و قاطعته بصوتها الأجش: لن نجد أفضل منه زوجا ً لها , يكفي ان والدتها …. و لم أستمع لبقية كلماتها , فقد غبت عن الوعي و عاودتني حالة الإغماء العجيبة في تلك اللحظة و كأنما لتحميني مما يؤذيني سماعه و يعذبني معرفته …
و أفقت لنفسي هذه المرة و أنا مخطوبة ل "عمر" *** عمتي الشاب السكير العربيد صاحب السوابق الذي لم يدع خطيئة على وجه الأرض إلا ارتكيها .. حاولت إبلاغ ابي برفضي , لكن محاولاتي ضاعت وسط زخم الإستعدادات للزواج المرتقب .. احسست بأنني ضعيفة , هشة , بدون اسلحة و لا حماية من اي نوع .. تلفت حولي ابحث عن صدر حنون يخفيني عن التطلع لمصير ارهب منه بمجرد تصوره , ابحث عن كلمة حنان ضاعت في ابخرة الحقد و الغيرة .. بحثت عن دموعي , عن جدار أتكىء عليه خلال معركتي مع الحياة , لكن الزمن خذلني فواجهت حياتي المقبلة وحيدة إلا من حزني , خائفة إلا من امان مزيف يطرق ابوابي , تزوجت "عمر" و امل بعيد يداعب مخيلتي و حلم مازال رغم كل شيء يحتل مساحات شاسعة من تفكيري , فربما يتغير "عمر" بعد الزواج و ربما يسمح لي بزيارة أمي و رؤيتها .. حتى فوجئت به ليلة زفافي يقول لي بنبرة آمرة: انسي ان لك ِ أما ً على وجه الأرض . أفهمت؟ سألته و كل من جزء من جسدي يتداعى في صمت: و لماذا؟ و بقي سؤالي معلقا ً دون اجابة , حائرا ً يطرق رأسي آلاف المرات و بعذاب يفوق احتمال البشر .. ماذا فعلت أمي ليقف منها الجميع هذا الموقف البشع؟ و لأول مرة أسأل نفسي: لماذا طلقها أبي؟ و لماذا يزج بي ابي بهذا الزواج غير المتكافىء؟ اذ لم تكن فعلة أمي فوق قدرة الناس و طاقاتهم على التسامح و الغفران؟ لم يكن تساؤلي هو بداية عذابي بل بدأ زوجي معي سلسلة أخرى من العذاب , كان يبالغ في إيلامي و تجريحي , و حينما أتضجر و أشكو ينصب عليّ سيل من الإهانات تفوق كل حد و تعلو اي صبر , لكنني ابتلع دموعي في صمت و أتعذب في صمت و حين قررت يوما ً ان اشكو لعمتي فاجأتني بقولها: مثلك لا يشكو و مثلك يَصبر و يَتحمل , ثم اخذت تدعو على أمي و تكيل لها بالشتائم .. سألتها برفق: يا عمتي , لماذا طلق أبي أمي؟؟!! أشاحت بوجهها عني و هي تقول: انت صغيرة , لا شأن لكِ بهذه الأمور…
انسابت دموعي لتغرق وجهي و تيلل ثيابي , و لماذا الآن اصبحت صغيرة يا عمتي؟ لماذا لم تدركي صغر سني قبل ان تقحميني في دوامة التفكير و العذاب بزواجي من ***ك؟ سامحك الله يا عمتي ..
و لم أسالها عن شيء بعدها و لا لمّحت لها بشيء .. اكتفيت بملامح اليأس المرتسمة على وجهي و الحزن الناطق في عينيّ و حالات الإغماء التي تعاودني بين الفنية و الأخرى اكثر مما كانت عليه قبل زواجي .. و بعد شهر فقط من زواجي دخل زوجي السجن في قضية مخدرات , و عدت ذليلة الى بيت ابي الذي كرهته من اعماقي كما لم اكره شيئا ً في حياتي .. و بدأت الهمسات تدور من حولي , و تعالت الهمسات الى أصوات حادة تصرخ في اذني .. وحيدة و جميلة و زوجها في السجن و ماضي امها لا يشفع لها , يجب التشديد عليها , لا خروج إلا بإذن و لا مكالمات إلا بستئذان و حتى الكلام ممنوع .. دارت الدنيا من حولي و عاودني الإحساس الشديد بالضيق في صدري و ازدادت عدد مرات غيابي عن الوعي حتى تجاوزت الحد المعقول , و ادخلت الى المستشفى و سلسلة طويلة من الفحوصات و التحاليل لينتهي بي الأمر عند الطبيب النفسي .. اذهلني مرآه للمرة الأولى , كان شابا ً وسيما ً لم تقع عيناي على شبيه له من قبل , و حنونا ً لدرجة لا تصدق .. سألني برقة: جميلة و حزينة لماذا؟ نبض قلبي بعنف و وجدت نفسي أحكي له كل شيء عن مأساتي و مع كل كلمة دمعة , و مع كل دمعة آهة و قطرة جديدة تزرع في قلبي ذرة حب .. تجاوب قلبانا في انسجام غريب غير مألوف , فوجدت نفسي أطلب الطلاق من زوجي يؤازرني ابي و من ورائه الطبيب دون أن يعلم احد عن امري شيئا ً .. و ما ان حصلت على الطلاق حتى هربت مع الطبيب , و تزوجنا بعيدا ً عن الأعين و عن كل رابطة تربطني بالماضي الكئيب الذي احاول نسيانه .. و وجدت السعادة معه و لم احاول البحث عن أمي او نبش ماضيها الذي لا اعرفه .. يكفيني ما اسمعه من الناس و كلامهم المكرر ( الماضي يعيد نفسه , و البنت ترث امها ) و اصم اذني عن كل شيء إلا سعادتي مع زوجي .
وأن يجازيك على صبرك بالجنة .
فالجئي إلى ربك في كل حين وعليك بقيام الليل والدعاء في وقت تنزل الرب جل وعلا للسماء الدنيا .. واطلبي منه سبحانه أن يعينك على طاعته وأن يوفقك في الدنيا والآخرة .
مع تمنياتي لك بحياة ملؤها السعادة .
و صاحبة القصة طلبت مني أشكرك بالنيابة عنها و تقولك مشكور على النصيحة الغالية …
و قال الله تعالى في كتابه (و عسى ان تكرهوا شيئا و هو خير لكم)
و انتي صبرتي و نلتي ……. ادعي لج من كل قلبي (((( الله يوفقج))))
اختج:
heart’s light
بالتوفيق الغاليه والله يسعدج في كل لحظه
الصبر مفتاح الفرج إختي وصدقيني رب العالمين أدرى ما في الأنفس
والله أتمنى لج السعادة الأبديه من كل أعماق قلبي والله يوفقج
الهنوف
بس حبيت اني أوضح شيء .. صاحبة القصة هي أعز صديقاتي و أنا كتبت قصتها لأن حبيت ابين ان الذي يصبر على مصائبه الله يفرج عليه و يجازيه على صبره …
و مشكورين مرة ثانية …