والواقع ان الذي ميز هذه الحرب كان الاعتماد الامريكي المكثف على تكنولوجيا المعلومات، والفعالية العسكرية لتكنولوجيا الكمبيوتر، حيث ان قوات قليلة العدد نسبيا من الامريكيين والمعارضة الافغانية تمكنت من تحقيق اهدافها العسكرية في غضون اسابيع محدودة، بينما كانت التوقعات تشير في البداية الى ان هذه الحرب مرشحة لان تدوم عدة اشهر.
ومن الناحية العسكرية، فإن الامريكيين اعتمدوا على ثلاثة اسلحة اساسية وهي القاذفات الجوية الطويلة المدى من نوع (بي ـ 52) و(بي ـ 2) انظمة الاتصالات الرقمية والطائرات دون طيار من طراز (بريدايتور) Predator.
واذا تكلمنا بلغة الارقام، فإن 70% من القنابل التي تم اسقاطها كانت من الاسلحة الموجهة بدقة بالتكنولوجيا الرقمية المعلوماتية (مقابل 30% في حرب «كوسوفو» و10% في حرب الخليج الثانية)، حيث ان عناصر القوات الخاصة Special Forces» الذين انتشروا على ساحة العمليات كانوا يرسلون المعلومات الى الطائرات القاذفة التي تتلقى ايضا الصور المفصلة الملتقطة بواسطة الاقمار الاصطناعية، فيتم تنسيق المعلومات وتحديد الاهداف بدقة، وتنفذ عمليات القصف بسرعة. وقد حصل ان بعض العمليات تم بعد مرور اقل من 20 دقيقة على تحديد الهدف المطلوب قصفه.
لعبت الاقمار الاصطناعية المعتمدة على نظام تحديد المواقع الجغرافية (جي بي أس) F P S دورا اساسيا في حرب افغانستان. والواقع ان هذه الاقمار الاصطناعية المخصصة لتحديد المواقع، باتت قادرة على تحديد المواقع بدرجة من الدقة تصل الى امتار معدودة، مع ارسال المعلومات على نحو شبه فوري الى الطائرات القاذفة، او الى الصواريخ الباليستية الموجهة.
اما الطائرات من دون طيار المعتمدة على التقنية المعلوماتية، فإنها اثبتت فعالياتها العسكرية. فهي تستطيع التحليق على ارتفاعات عالية مدة 24 ساعة دون توقف ومن غير ان تكتشفها القوى المعادية لامريكا. كما ان هذه الطائرات مزودة بآلات تصوير فيديوية ذات نسبة وضوح عالية وقادرة على توفير تغطية حية للتطورات الجارية على الارض على نحو فوري. ويمكن لهذه الطائرات ايضا ان تحمل صواريخ موجهة بدقة، وهو ما يعني من الناحية العملية انه بات بإمكان الولايات المتحدة ضرب قواعد متحركة للصواريخ الاستراتيجية مثل صواريخ (سكود).
خلاصة القول ان الحرب اخذت ترتدي طابعا جديدا، وان التفوق العسكري لم يعد مرهونا بعديد القوات المسلحة، وانما بنوعية ودقة الاسلحة، مع اعتماد هذه الاسلحة على التقنية الرقمية المعلوماتية بالدرجة الاولى.
——————————————————————————–