أكدت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية أن الحرب الأمريكية على أفغانستان كانت مقررة منذ عدة أعوام، وأن أحداث 11-9-2001م لم تكن إلا الفرصة الذهبية أمام الولايات المتحدة لاختراق منطقة وسط آسيا، والاستفادة من الخيرات البترولية لبحر قزوين.
وقالت الصحيفة في عددها الصادر السبت 5-1-2002م: إن المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي جورج بوش في أفغانستان الأمريكي من أصل أفغاني "زلماى خليل زاد" Zalmay khalil zAD اقترح ضرورة إسقاط نظام طالبان؛ لكي تسهل مهمة السيطرة الأمريكية على المنطقة.
وفي مقال نُشر تحت عنوان: "أفغانستان.. ترويض دولة المتمردين" في دورية "واشنطن كوارتلي" الربع سنوية في عددها الصادر في شتاء 2000م.. قال خليل زاد: "هناك أربعة أسباب رئيسية للقضاء على طالبان:
1 – أنها تؤوي أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة.
2 – سماح نظام طالبان بزراعة المخدرات والاتجار فيها.
3 – حكم طالبان حكم يقهر الشعب الأفغاني.
4 – والأهم من وجهة النظر الأمريكية هو البترول.
وقد بنى خليل زاد هذا الرأي -الذي أوصله لأمريكا على الفور- بناء على خبرته السابقة؛ حيث كان المستشار الرئيسي لشركة "أونوكال Unocal " الأمريكية للبترول بولاية كاليفورنيا، التي كانت تقوم بمشروع مد لخطوط أنابيب بترولية بين تركمانستان وبا**تان عبر أفغانستان.
وقال خليل زاد: "إن أهمية أفغانستان ستبرز في السنوات القادمة؛ حيث إن بترول آسيا الوسطى ومخزون الغاز بها سيجعلانها تلعب دورًا هامًّا في سوق تجارة الطاقة العالمية"، حيث تمثل أفغانستان الممر الأسهل للوصول إلى منابع البترول في آسيا الوسطى، خصوصًا منطقة بحر قزوين التي يشبهها البعض بمنطقة الخليج العربي كمصدر للطاقة.
الاتصال بطالبان
وقالت صحيفة ليبراسيون: "إنه في عام 1997م، وبمساعدة حكومة الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، وبمساندة با**تان قامت شركة Unocal بإجراء مقابلات مع مسئولين في نظام طالبان التي كانت حديثة الوصول إلى حكم أفغانستان".
وأضافت ليبراسيون: "لقد قُدّر المشروع في ذلك الوقت بملياري دولار، وكانت خطوط أنابيب البترول ستمتد عبر أفغانستان؛ لتوصل مخزون منطقة دولت آباد Douletbad في جنوب شرق دولة تركمانستان إلى منطقة ملتان Multan جنوب غرب مدينة لاهور ببا**تان، ومن خلالها يمكن توصيل البترول إلى ميناء كراتشي Karachi ".
وأكدت الصحيفة "أن أفغانستان في حد ذاتها لا تملك مصادر عديدة للطاقة، إلا أن الولايات المتحدة تسعى منذ عدة سنوات إلى إلغاء سيطرة روسيا على مصادر الطاقة من بحر قزوين، ومن هنا بدأ التفكير في أفغانستان؛ لتكون طريقًا لتصريف مصادر طاقة تركمانستان عبر الخليج أو الهند التي تتمتع أمريكا بنفوذ قوي فيها".
وتقول ليبراسيون: "إن الولايات المتحدة تحلم منذ عدة سنوات بالسيطرة على طرق النفط والغاز لبحر قزوين في السوق العالمية وهو ما سيتيح لها فرصة عدم الاعتماد شكل أساسي على بترول دول الأوبك opek .
بن لادن أعاق المشروع
وأشارت الصحيفة إلى أن أسامة بن لادن الذي اتهمته الولايات المتحدة بتفجير سفارتيها في كينيا وتنزانيا في أغسطس 1998م، قد أعاق إتمام المشروع الذي يمثل الذراع الأمريكية في منطقة آسيا الوسطى.
وأضافت "أنه بهروب أسامة بن لادن إلى الأراضي الأفغانية وتكوين منظمة القاعدة أصبح المشروع الأمريكي على الأراضي الأفغانية يشوبه قدر كبير من الخطورة، وخشيت الشركة البترولية توجيه أي ضربات إلى مصالحها في أفغانستان".
ومن جانبه يقول "إمي جافي" المتخصص في مجال مصادر الطاقة بمعهد "جيمس بيكر" بولاية ت**اس الأمريكية: "إن الحرب الأمريكية على أفغانستان استهدفت ترويض الدولة، وإيجاد حكومة صديقة لأمريكا، وكانت حكومة طالبان لا تحتوي على المميزات التي تجعل منطقة أفغانستان مستقرة كي تستطيع شركة Unocal الأمريكية البدء في مشروع توصيل أنابيب بترولية بين تركمانستان وبا**تان عبر أفغانستان".
وتقول صحيفة ليبراسيون: "إنه من السذاجة أن نعتقد أن الولايات المتحدة تدفع كل تكاليف حرب أفغانستان للقبض على أسامة بن لادن الذي لم تثبت عليه حتى الآن أي أدلة منطقية بشأن اعتداءات الولايات المتحدة 11-9-2001 دون أن تحقق مكاسب ضخمة من ورائها.
وأضافت الصحيفة "أن العقلية الأمريكية تسعى وراء البترول، فالرئيس جورج بوش له خبراته الواسعة في مجال البترول منذ أن كان في ولاية ت**اس، بل إن نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني كان مديرا لأهم شركات البترول العالمية (هاليبورتون Halliburation)"، كما أن "كوندليزا رايس" كانت المستشارة الإدارية لشركة شرفون Chervon البترولية؛ وبالتالي فالأعضاء الرئيسيون في حكومة بوش على دراية كاملة وخبرة بالأهمية الإستراتيجية لوجود أمريكا في آسيا الوسطى، ولن يتأتى ذلك –من وجهة نظر خبراء البترول الثلاثة- إلا من خلال حكومة صديقة في أفغانستان.
واستدلت الصحيفة على موقف أمريكا المسبق من أفغانستان من خلال قول ديك تشيني؛ حيث أعلن عام 1998 "أن بزوغ منطقة بحر قزوين كمنطقة غنية بالطاقة يمثل عاملاً إستراتيجيًّا لم يسبق له مثيل في التاريخ"،، وقال تشيني في تقرير "سياسة الطاقة الأمريكية" الذي أشرف على إعداده العام الماضي: "يجب إيجاد طرق في آسيا الوسطى لتوريد الطاقة وتصديرها في منطقة بحر قزوين".