وعي المواجهة 2024.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.

لست من أهل هذه الإمارة، بل من زوارها .. وسأتجرأ وأطرح بعض النقاط التي أرى أنها مهمة .. قد لا يوافقني البعض، وحسبي النصيحة.

أولاً: إذا أردنا أن نتحدث عن واقع الأمة، ونقدم حلولاً لمعضلاتها وأزماتها، وجب علينا أولاً أن نتسلح بالعلم الشرعي مضافاً إليه الوعي بالصراح الحضاري والإلمام بمسارات تفكير العدو، ورسم صورة واضحة للعقلية التي تقوده.
أما أن نتجاهل هذه الأمور، ونترك العواطف تتكلم فهذا لا يليق بطبقة مثقفة تكتب في منتدى يقرؤه القاصي والداني.
عبارات مثل: ( الله ياخذ الأمريكان )، ( اليهود الكلاب )، ( الحكومة الخائنة ) .. إلخ .. لا تجدي نفعاً .. اتركوها للنساء العجائز يهذين بها في مجالسهن. ولا أرى أنها تليق بحملة فكر مهذب مثقف.

ثانياً: عبارات الاستفزاز والسب للحكومات والهيئات والأشخاص، لا تأتي بثمار إيجابية، والذي يفعل ذلك كأنما يعوي في واد مقفر. وهذا ديدن العاجز الضعيف، كما قال ذلك الأعرابي الذي سرق اللصوص إبله عندما سئل عن تصرفه إزاء ذلك، قال:

( أوسعتهم سباً وأودوا بالإبل ) ..

ما فائدة السب والشتم إن كان لا يعيد الحق، ولا يغير الواقع ؟
أخي الكريم: كل ما تفعله أنك تشوّه صورتك أمام أحبابك وأصدقائك في المنتدى، فاربأ بنفسك عن هذا المقام. وقدّم حلولاً مقنعة، وابتعد عن العويل والصياح.

ثالثاً: وهي نقطة مهمة جداً – في نظري – وهي المساس بالعلماء. الكل يهاجم الآخر من خلال العالم الذي يتبعه، لماذا ؟ وهل تظنون أن هذا سيقرب وجهات النظر، ويساهم في إقناع الآخرين ؟
لقد أصبح النيل من العلماء ظاهرة في هذه الإمارة. وأنا أهمس في أذن أخي الأمير قائلاً:

( أنت مسؤول أمام الله عن كل كلمة تكتب، وخصوصاً النيل من العلماء )

أعلم أنها مهمة ثقيلة، لكن سدد وقارب .. والله الله في علماء الأمة، ذودوا عنهم فإنه شرف لكم .. فليس من المقبول أن نتطاول على علماء أجلاء من أمثال: ( *** باز ) و ( *** عثيمين ) و ( الألباني ) .. لقد أسلموا الروح إلى بارئها، وكان لهم فضل كبير علينا، حموا الدين، وكانوا مشاعل في الليل المظلم .. أليس من حقهم علينا أن نذود عنهم بعد وفاتهم.

رابعاً: تطرح مواضيع في هذه الإمارة لا تخدم إلا هدفاً واحداً ( في حقيقتها ) وهو: إظهار ضعف المسلمين وسطوة الكافرين.
لماذا الترويج لأمريكا وحلفائها، وإعلاء شأنها، وبث الرعب منها ؟
لماذا نصر على إبراز ضعف المسلمين وهوانهم ؟
نعم نحن نعلم أن هذا واقع، لكن هذا التصرف ليس حكيماً البتة.

يجب أن تتربى الأجيال على العزة والكرامة، اسردوا لهم قصص الأبطال الأوائل، أججوا نار البطولة في نفوسهم، دعوهم يذوقون طعم العزة والكرامة، احجبوا عنهم مناظر الهوان والخذلان، وهذا ( تكتيكاً ) أصيلاً اتبعه السلف الصالح .. ويكفيكم أن تنظروا ماذا فعل حذيفة بن اليمان عندما توفي النعمان بن مقرن عند أسوار الحصن، لقد قام بتغطيته حتى لا يراه الجنود ويصيبهم الخوف والخور.

ستقولون نحن نواجه الأمة بحقيقتها، ونصفعها على وجهها حتى تفيق .. منذ متى وأنتم تصفعون، هل أفاقت ؟
تواجهونها بحقيقتها المرة فقط، ولا يتطوع أحد منكم لضرب الأمثلة على بطولاتها .. هذه السبيل تميت الأمة ولا تترك لها فرصة للنهوض .. ألا ترى أن المريض بحاجة إلى بث روح التفاؤل عنده ؟ تصبّره وتقول له سيشفيك الله بإذنه، وتبذل له الدواء المناسب. أمّا إذا رددت على مسامعه: أنت ميت، أنت ميت، أنت ميت .. فسوف يموت حقاً.

خامساً: البعض منا – سامحه الله – يضيع أوقات الأعضاء في سرد أمور معلومة للجميع، وأوضح من نور الشمس، وتراه يبذل الأدلة والشواهد ليثبت هذه ( الحقيقة ) .. عجباً .. وهل تحتاج الحقيقة إلى إثبات ؟!!!!!!
كلنا يعلم أن الكفر ملة واحدة، كلنا يعلم أن إسرائيل طفلة أمريكا المدللة. ولا نحتاج إلى براهين على ذلك.
يكتبون اسم الجلالة على الحذاء أم على السروال، أم يسبون النبي .. هذه أمور متوقعة .. أم أنكم تطلبون منهم أن يحيوا سيرة النبي محمد ( إذا كان المسلمون لا يفعلون ذلك، فما بال الكفرة ؟ ) . هل تطلبون من بوش كتابة لفظ الجلالة وتعليقه في مكتبه ؟
والأدهى، أن مثل هذه المواضيع تلاقي إقبالاً منقطع النظير .. تعلمون لماذا ؟ لأننا مازلنا نفكر بعواطفنا .. ندخل ونكيل السباب للأمريكان واليهود .. وكأن سبنا يؤثر فيه أو يردهم.
هذه الأمور تكشف للناس سطحيتنا في النقاشات، وتفضح اختلال الموازين في معرفة المهم والأهم .. وتحرمنا من العلم الجاد للتغيير والإصلاح.

وهناك المزيد .. لكنني أخشى أن أرجم بالجهل، والتدخل في شؤون الغير .. هذا ما أحببت أن أقوله، لعل هناك من يستجيب لي ويعيد النظر في كتاباته ..

وأخيراً .. نريد دعاة مصلحين، ولا نريد ..

( استغفر الله العظيم من كل ذنب وخطيئة )