( أنا أزعم أن هذا الموضوع يصلح أن يكون جوابا وردا شافيا
على ما اثاره الموضوع السابق بعنوان ( صناعة الغيبوبة )
– – – –
من المحراب ننطلقُ *** بغير الله لا نثقُ
.. لو أنك قرأت سيرة الجيل الفريد الأول الذي رباه رسول الله صلى الله عليه وسلم
على عينه ، و تحت يده ، لوجدت أن هؤلاء الرجال و النساء :
قد مزجوا أنفسهم بوحي السماء .. فتطهرت قلوبهم بشكل عجيب ، و تلألأت أرواحهم
فأصبحت الأمور _ كل الأمور _ واضحة أمام أعينهم ، يرونها رؤية صحيحة
بلا مغالاة ، و لا إفراط ولا تفريط ..
لا يقدمون عليها إلاّ على بينة واضحة من دينهم ,
وكذلك لا يحجمون عنها : إلاّ على بينة أيضاً..
على ضوء نصوص الوحي يتحركون ، و إليها يحاكمون ،
و الحب و البغض مقيدّ بها ، و الإقدام والإحجام موزون من خلالها،
و على ضوئها يوالون من يوالون ، ويعادون من يعادون ،
و في سبيلها يهجرون البلد ، و يقاتلون الولد ،
الحق كل الحق عندهم : ما نصت عليه و أشارت إليه النصوص ..
و الباطل كل الباطل : ما حذّرت منه ، وشنت الحرب عليه ،
و بهذا يكونون قد قرروا يضعوا أهواءهم تحت نعالهم ،
لا يبالون بها مهما شق ذلك على نفوسهم .. يصدق عليهم قول القائل :
أخاطر في محبتكم بروحي **** و أركب بحركم إمّا و إمّا !!
ولا أصغي إلى من قد نهاني **** ولي أذن عن العذال صمّا
ومن ثم.. فقد أصبحوا خالصين لله و بالله ومع الله .. ربانيين وهم يطأون بأقداهم الأرض ..
تركوا كل أهوائهم من أجل الله حباً فيه ، وشوقاً إليه ، و خشية منه ، و رجاء له ,
و لذا ما أروع ما وصفهم به الواصف حين قال :
أنهم قد أخرجوا حظوظ نفوسهم من نفوسهم … نعم .. حظهم انحصر في ما يرضي الله فحسب.
ومن هنا قال القائل : ( لا يصلح أمر هذه الأمة إلاّ بما صلح به أمر أولها )
وأمر أولها كان على هذه الصورة من التجرد و الإخلاص و التضحية بالأهواء
من أجل الله ، و التمسك بكتاب الله ، و الشوق لدار النعيم في مقعد صدق عند مليك مقتدر…
فعلى ضوء ذلك حاسب نفسك ، وزن أمورك ، واعرف محلك من الأعراب..!
و إياك أن تقول : ولكن الآخرين..!! فكم دحرجت هذه الوسوسة من رؤوس.!.
وتذكر أن المسئولية فردية ، وسوف يحاسبك الله عن نفسك ،
كما قال تعالى (( ولا تزر وازرة وزر أخرى))
وقد قيل في الأمثال : كل شاة معلقة بعرقوبها ..!
ويبقى سؤال مر : إذا كان هذا شأن إصلاح القلب ،
فكيف يمكن أن تتم عملية الإصلاح هذه وكل ما حولنا ملئ بالميكروبات
التي تغزو القلب فتجعله أسود مليئاً بالشهوة الحرام ، مفعماً بالمصالح الشخصية ،
مترعاً بالأهواء الجامحة، ومن ثم فليس غريباً أن يبقى الواحد منا ينظر إلى أمام أنفه فقط ،
ولا يتطلع إلى الأفق البعيد ، و يطأطئ تحت رجليه ،ولا يرفع رأسه إلى السماء..!
أنه ما لم يجنّد كل شئ لصالح إصلاح القلوب ، فإننا نكون كمن يحرث ماء البحر ،
ويكتب على الهواء ، ويقبض على الريح ..!!
وسنظل نراوح في أماكننا لا نبرحها ، بل سنتراجع عن موقعنا التي نحن فيها
من سيئ إلى أسوأ ، ومن أسوأ إلى ما هو أسأ منه ..
ولا حرج على الأجيال القادمة إن هي لعنت و سخطت و.و..ألخ
لابد بادئ ذي بدء من إصلاح القلوب ، تلك هي بداية البداية ،
و شرارة الانطلاق و مربط الفرس ،يقول الرسول صلى الله عليه وسلم
معبراً عن ذلك في عبارة و جيزة و لكنها كالشمس في رابعة النهار :
(( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت ، صلح الجسد كله ،
وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب ))
معنى ذلك :
أن كل جوارحك تنضبط ، بل حتى خواطرك تغدو طاهرة متوضئة …
إذن فصلاح الإنسان بكليته مرتكزعلى صلاح هذه المضغة ،
و الفشل في إصلاحها هو فشل في الصميم ،
وكل محاولات الإصلاح في غيرها ، إنما هي لغو و لهو و غفلة و عبث..
أما عمليات إفساد القلب المركزة و المتوالية ، فهي الدمار بعينه ،
حيث أنها بمثابة الجرعات التي تنسف كل محاولات الإصلاح الأخرى
مهما أخلص أصحابها ، واجتهدوا فيها …
فإذا استطعنا من خلال حملات التوعية المثمرة ، و تكثيف الأنشطة المتعددة
بوسائل متنوعة جذابة في كل الميادين و المجالات المختلفة ،
إذا استطعنا بذلك أن نحرك القلوب نحو دائرة النور ،
ونغمسها فيها حتى تصبح شفافة مليئة بالنور ،
فإنها عند ذلك سوف تبصر كل شيء بمنظار جديد ،
و من خلال رؤيتها الجديدة .. وهي الرؤية الوحيدة الصحيحة ..
تبدأ تتفاعل مع واقعها لتبني مجتمعاً نظيفاً مثالياً فاضلاً ،
قال تعالى منبهاً إلى هذه النتيجة :
((إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم..))
إن كثير من الأشياء في أمتنا لا زالت تعمل صباح مساء على مسخ القلوب وتدميرها ،
و لذا فلا تستغرب إذا رأيت هذه الأمة تكتفي بالنواح و البكاء و الأنين و الحوقلة ،
وستظل على ذلك حتى تراجع نفسها ، بل حتى يراجع كل منا نفسه ،
و يعمل على إعادة ترتيب وضعه الشخصي مع الله سبحانه ،
ومن يدري لعل في صلاح إنسان إصلاح أسرة .. وفي إصلاح أسرة إصلاح مجتمع
…فلماذا لا تكون أنت ذلك الإنسان المتلألئ ، حتى ترى _ ونرى معك _ ما يسر الخاطر ؟!
لقد قيل قديماً: إنك لن تجني من الشوك العنب ..
كذلك فإنك لن تجني من البعد عن الله و الإعراض عنه إلا الضياع و الدمار و الخسارة في الدنيا قبل الآخرة ….
لا ينبغي بحال أن تيأس ، وذلك لأن اليأس كفر
0(( إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون))
وأما الأمل فإنه يحتاج إلى عمل .. وأول العمل أن تعزم على أن تستقيم مع الله
(مهما خالف ذلك هواك ، وشق على نفسك )
ألست تزعم أنك تحب الله ؟؟؟ فهل رأيت حبيبا لا يضحي بشهوته من أجل من يحب ؟؟ !
ثم لا يضرك أن ترى الآخرين يهيمون في دروب الضياع و بين شعاب الهلاك.
نعم عليك أن تجتهد في نصح غيرك بالتي هي أحسن ، و إرشاده قدر الإمكان و بالأساليب المتاحة.
ولكن إياك ثم إياك أن تتأثر بالرديء فتردى معه ،
اجعل سيرة رسولك العظيم صلى الله عليه و سلم هادياً لك على الطريق
تهتدي بهداه ، كما يهتدي المسافرون ليلاً على ضياء القمر ..
و محمد صلى الله عليه وسلم هو قمر الحائرين في دروب الحياة ،
بل هو شمس و ضياء ، و نور و شفاء، و هداية و بهاء ، و رحمة ودواء …
صلى الله عليه و سلم ..
)لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ
وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) (الأحزاب:21)
يقول محمد إقبال .. بعد أن تحدث عن أمجاد المسلمين:
كيف انقضت أيامهم وهم الأولى *** نشروا الهدى وعلوا مكان الفرقد
يا قلب ! ويحك لن تلم بطيفهم *** إلا علـى مصباح وجه محـمد
تلك هي المسألة ، وهذا هو الطريق ، وهذه هي نقطة البداية ، ومرتكز الانطلاق.
ذلك إذا كان أمر دنياك وآخرتك يعنيك .. وأمر قلبك واسرتك وأمتك يهمك ..
فاستعن بالله ولا تعجز ..
واعلم أن الطريق أوضح من الضحى لا يلتبس على مبصر !!
وبالله التوفيق ..
الأخ العزيز / العوق
… رحم الله والديك ورفع قدرك
جزاك الله خير الجزاء
وتقبل الله منا ومنك .. وغفر لنا ولك
بارك الله فيكم واحسن اليكم الوالد بوعبدالرحمن
المرعب والاجر على الله 😮
والله لا يحرمنا من مواضيعك الشيقة والمفيدة واااااااااايد…وأنا مع إخوي المرعب أطالب بتثبيت هاذي المواضيع ..لأنها تصحي النايم
وعساك على القوة00
اللهم إنا نعوذبك أن نشرك بك شيئاً نعلمه ونستغفرك لما لا نعلمه
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا
وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا
وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا
وأجعل الحياة زيادة لنا في كل خير وإجعل الموت راحة لنا من كل شر
القلوب بين يدي الرحمن يقلبها كيفما يشاء اللهم يامقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على طاعتك ……..
بارك الله فيك و جزاك خيرا و نفع بك وجعل ما تكتبه في ميزان حسناتك يوم القيامة
الكرام الفضلاء الأجلاء :
حريجة _ أوراق الورد _ المرعب _ السوسة _ دنيا الوله
رعاكم الله .. حفظكم الله .. حماكم الله .. رفعكم الله
جزاكم الله خير الجزاء على هذه المتابعة التي
أسأل الله بأسمائه الحسنى أن تجدوا صداها في قلوبكم
زيادة إقبال على الله سبحانه .. وتنوير قلب وعقل .. ورفرفة روح أيضا
اللهم آمين ..
لا تنسوا أخاكم من دعواتكم الطيبة المباركة