هو : الطلاق مقابل تنازلك عن جميع حقوقك بما في ذلك الأبناء !!
هي : لكنني لا أرغب في الطلاق .
هو : ليس لرغبتك أي أهمية ، فأنا الرجل ، وأنا صاحب القرار ، والعصمة بيدي ، ولن يثنيني أي شيء عن الطلاق .
ليس هذا مشهداً تمثيلياً بل هو حوار دار بين زوج وزوجته أمام ناظري وأنا أتأمل الزوج تارة والزوجة تارة أخرى .
تدخلت لتهدئة الموقف بعد أن ارتفع صوتهما وبدأ بتبادل التهم واللوم .
بدأت مع الزوج حيث جلس بعد أن أخذ نفساً عميقاً حاول من خلاله طرد الكثير من الهموم التي يحملها في صدره .
وتحدث قائلاً : أعيش في حيرة من أمري ، فأنا أرغب بالانفصال عنها منذ زمن لكنني ترددت كثيراً من أجل أبنائي ومن أجل حبي لها ، أما الآن فأنا مصمم أكثر من أي وقت مضى وبداخلي رغبة حميمة في تركها بعد أن تتنازل عن جميع حقوقها .
قلت : أرجوك اهدأ قليلاً واشرح لي السبب الذي جعلك تصر على الطلاق بهذا الحزم ودون أي تراجع .
قال : تعرفين ما معنى أن أكون زوجاً مخدوعاً ، أن أجد السحر في بيتي بين ملابسي !! هذا ما لم أكن أتوقعه في حياتي وإذا كنت ستطلبين مني أن أغفر لها فأقول لك من الآن لا .. ولن يحدث ذلك أبداً ، لسبب بسيط جداً وهو أنني لا أستطيع أن أهنأ بطعامي أو بشرابي أو بنومي ، ولن أستطيع أن آمن شرها على نفسي أو على أبنائي .
قاطعته وقلت : أرغب في سماع الموضوع من البداية ، فبدأ يسرد في قصته بعد أن هدأ قليلاً وقال : كثرت الخلافات بيننا في الفترة الأخيرة بسبب ومن دون سبب ، مما جعلني أهجرها فترة في بيت أهلها ، وخلال هذه الفترة نشأت علاقة بينها وبين شخص لا أعرفه ، وطبعاً لم أكن أعلم بذلك ، وبعد انقضاء تلك الفترة أرجعتها إلى بيتي ، لست أدري لماذا كان يراودني الشك من جانبها ؟ لذلك راقبت حركتها وتصرفاتها إلى أن علمت بموضوع خيانتها وبعلاقتها مع شخص آخر ، ولم أتوصل لذلك فقط ، بل علمت أنها تتردد على السحرة والمشعوذين لكي تسيطر عليّ ، وعندما عرفت المكان الذي وضعت السحر فيه انطلقت كالمجنون باحثاً عنه ، وبالفعل فقد طار عقلي حين وجدت ذلك الشيء ( الملفوف ) الذي لا أعلم ما هو ! وقد عرفت فيما بعد بأنه عملاً وضعته زوجتي لي لتمتلكني امتلاك السيد للعبد ومن أجل ذلك جئنا إلى هنا لأضع النهاية المناسبة لحياتي معها .
بعد أن أنهى حديثه استأذنته لسماع زوجته ، وإذا بتلك المرأة التي يرتسم الحزن على ملامح وجهها تسير باتجاهي بخطى بطيئة ، جلسَت والدموع تشق خديها تعبر عن ندم كبير وحسرة على ضياع بيتها وأبنائها وزوجها ، وعلى ما آلت إليه حياتها .
قالت والحزن يعتصر قلبها : كنت أرغب بامتلاكه فضاع من بين يديّ إلى الأبد !
قلت : كيف حدث ذلك ؟ قالت : إنني أحبه ولا أرغب في الطلاق منه لكنه أجبرني على ذلك ، أعترف لك أنني كنت مخطئة ولكنه هو السبب في دفعي إلى الخطأ .
قلت : وضحي ليّ ذلك ؟
استرجعت ذكرياتها وأخذت بسرد تاريخها معه فقالت إنها تزوجته عن قصة حب كبيرة وأنجبت منه البنين والبنات ، ثم تنهدت قليلاً وأضافت : ولكن للأسف لم يُقدر حبي له ولم يُقدر أنه أصبح أباً أنعم الله عليه بالأبناء وبنعمة المال ، ولم يكن ينقصني شيء غير وجود زوجي الذي كان يعشق الترحال ، والتنقل بين أحضان النساء مما أدى لزيادة مشاكلنا خصوصاً بعد أن أصبح يجاهر بجميع علاقاته ، وبدأت أنا أفقد ثقتي بنفسي .
وفي يوم ليس بالبعيد احتد بيننا النقاش فتركت له البيت وذهبت إلى بيت أهلي ولم يسأل عني شهوراً عدة ، حتى إنني كنت أتوقع بين لحظة وأخرى وصول ورقة طلاقي منه ، وفي أثناء هذه الفترة تعرفت على ذلك الشاب الذي لم تدم علاقتي به فترة طويلة ، وبمجرد أن جاء زوجي يطرق باب أهلي ليأخذني أنهيت علاقتي به فوراً ونسيت كل شيء وعاهدت نفسي أن أبدأ حياتي من جديد ، ولكي أضمن ذلك فكرت بطريقة أمتلك بها زوجي وأبعده عن نزواته ، فذهبت إلى سيدة يقال لها ( أم .. ) لتقوم بعمل شيء يزيد من محبة زوجي ليّ ، وأن يغلق عينيه بحيث لا يرى إنسانة أخرى غيري ، ويا ليتني ما ذهبت ، فقد اكتشف زوجي ذلك . واتخذ من هذا الأمر دليلاً على إدانتي وأنا الآن في قمة الندم بعد أن فقدت كل شيء .
إلى هنا انتهى الحديث بيني وبينها وبعد أن اعترفت بأخطائها متمنية أن يسامحها زوجها على ما قد فات .
مرة أخرى جلس الزوج أمامي وتحدثت إليه محاولة إقناعه بالعدول عما عزم عليه ، لكن دون فائدة ، فقد فات وقت الاعتذار والغفران ، وطلب وأصر على تحقيق ما جاء من أجله وبأسرع وقت .. وقد تم له ذلك .