كما لا يحتاج أن يكون متخصصا في مجال الأمن والاستخبارات، وتتبع الآثار والبصمات .
الأمر أوضح من كل هذه التعقيدات ؛ فالكل – بما فيهم الرئيس بوش والإدارة الأمريكية – مجمعون على أن الدافع لهذه العمليات هو السياسة الأمريكية، وهدف المهاجمين هو تغيير هذه السياسة، لا خلاف في هذا بين مؤيدي هذه الهجمات ومعارضيها ، إنما الخلاف في أمر آخر وهو هل المهاجمون محقون فيما قاموا به أم لا ؟ وهذه مسألة ليس هذا مجال الكلام فيها، فالكلام هنا هو في البحث عمن قام بالعمل، فالذي يهمنا هنا هو الإجماع على أن السياسة الأمريكية هي الدافع الحقيقي وراء تلك الهجمات .
إذا أضفنا إلى ذلك أن الأجهزة الأمنية والعسكرية الأمريكية من (CIA) و (FBI) ووزارة الدفاع وغيرها هي المكلفة رسميا بحماية أمريكا والأمريكيين من مثل هذه الهجمات، وهي المسؤولة قانوناً عن ذلك، وأنه لتمكينها من القيام بعملها ذلك، رصدت لها أضخم الميزانيات الأمنية والدفاعية في العالم، ووضعت تحت تصرفها أحدث الأجهزة التكنولوجية والأقمار الصناعية والمحطات الأرضية التي يقال إنها ترصد الخواطر والأفكار قبل الأحاديث والأخبار ، فضلاً عن ملايين المخبرين والجواسيس في مختلف أنحاء العالم، ومع كل ذلك استطاع أسطول كامل من الطائرات المختطفة أن يشق طريقه داخل أمريكا فيسدد لها أعنف ضربة عسكرية وسياسية واقتصادية ومعنوية دون أن يعترض طريقه أحد !!
إن السؤال الذي يطرحه كل مواطن أمريكي في ظل هذه الأحداث الرهيبة هو أي معنى لهذه المليارات الذي يدفعها الشعب الأمريكي في شكل ضرائب، وتنفق على هذه الأجهزة الأمنية والعسكرية، بل أي معنى لهذه الأجهزة نفسها التي أثبتت فشلها في حماية نفسها قبل حماية الأمريكيين الآخرين ؟
إن أقل ما يمكن أن تتهم به هذه الأجهزة هو الإهمال وعدم القيام بالمسؤولية الموكولة إليها، هذا إذا لم تتهم بالتورط في الهجمات .
وإذا كانت السياسة الأمريكية الخارجية هي التي دفعت المهاجمين للقيام بهجماتهم، وكان الإهمال من قبل الأجهزة الأمنية والعسكرية هو الذي سهل القيام بتلك الهجمات، فإن الحقيقة الواضحة هي أن الإدارة الأمريكية هي المسؤولة الأولى عما تم من هجمات؛ وهي التي يجب أن تحاسب من قبل شعبها على سياستها التي كانت وراء إثارة هذا العداء المنقطع النظير لأمريكا ، وعلى فشل أجهزتها الأمنية والعسكرية في التصدي لتلك الهجمات .
بقلم المولوي محب الله