السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أختي في الله :
ها هي امتحانات الفصل الدراسي قد انتهت بعد سهر و جد و زرع دام أياما .. وبعدها يأتي يوم الحصاد .. يوم إعلان النتائج .. فيحصل كل زارع بقدر ما زرع في تلك الأيام التي كنت تصارعين فيها النعاس ..
و تنسى تلك الأيام حين يزفوا لك الخبر السعيد ..و يقولوا لك :أنت ناجحة، آلا تنسين تلك الأيام التي قد تكون من أصعب الأيام التي تواجهك أثناء دراستك ..
ولكن إن انتهيت من امتحانات الفصل الدراسي لا يعني هذا أنك انتهيت من امتحانات الفصول الدراسية .. بل عليك أن تعلمي أن حياتك التي تحيينها بين أحضان هذه الدنيا الفانية منذ بلوغك إلى أن تنتقلي إلى الرفيق الأعلى..
هي امتحان و ابتلاء لا يفارقك أبدا ..و بعدها يأتي يوم الحصاد .. و هل تعلمين ما هو يوم حصاد ؟
إنه يوم يفر المرء من أخيه و أمه و أبيه و صاحبته و بنيه .. ففي ذلك اليوم تقف الخلائق بين يدي الجبار.. ويكون في ذلك اليوم إعلان نتائج الامتحان كما قال الله تعالى ( فأما من أتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا و ينقلب إلى أهله مسرورا و أما من أتي كتابه و راء ظهره فسوف يدعوا ثبورا و يصلى سعيرا ).
و لا بد أن يكون لكل نتيجة من مكافأة فأما المكافأة الأولى فهي كما قال الله تعالى : ( إن المتقين في جنات و عيون ) .
و أما المكافأة الثانية فهي كما قال الرب جل وعلا 🙁 إن جهنم كانت مرصادا ) .
و لا بد أيضا أن تمتاز كل مكافأة بمميزات تميزها عن الأخرى فيكون الإقبال للحصول عليها أكثر ..
أما المكافأة التي قال الله فيها ( إن المتقين في جنات و عيون )..فإنها تتميز بمميزات لا يتصورها عقل إنسان ، و إن تصورها فإنها تفوق العقل والحسبان في الروعة و الجمال ..فقد قال الله في صفتها :(لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية ) .. و قال أيضا :(فيها سرر مرفوعة و أكواب موضوعة و نمارق مصفوفة و زرابي مبثوثة ).. و قال أيضا : (و دانية عليهم ظلالها و ذللت قطوفها تذليلا ).. و قال أيضا ( جنات عدن تجري من تحتها الأنهار ) .. و قال في صفة تلك الأنهار ( أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه و أنهار من خمر لذة للشاربين و أنهار من عسل مصفى )… و قال في صفته لخدم الجنة 🙁 يطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا) ..
و أفضل ميزة في هذه المكافأة هي رؤية الرب جل وعلا فقد قال : ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ).. و فيها أيضا نعيم نفسي فلا هم و لا حزن و لا سب و لا عراك كما قال الحق : ( و نزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين )…
ماذا تقولين بعد أن قرأت ما في هذه المكافأة من نعيم .. آلا تتمنينها ؟
أما مميزات المكافأة التي قال الله عنها ( إن جهنم كانت مرصادا )..
فعليك أيتها الأخت المسلمة أن لا تستهيني بها فإنها مميزات ترعب القلب و تدمع العين و تقشعر الأبدان من سماعها ..
فقد قالوا عنها :-
سوداء مظلمة شعـثاء موحشـة دهماء محرقة لواحة البـشـر
فيها العقارب و الحيات قد جعلت جلودهم كالبغال الدهم و الحمر
لها إذا ما غلت فور يقـلبـهـم ما بين مرتفع منها و مـنـحدر
يا ويلهم تحرق النيران أعظمهم بالموت شهوتهم من شدة الضجر
وكل يوم لهم في طول مدتـهم نزع شديد من التعذيب و السعر
فيها غلاظ شداد من ملائكــة قلوبهم شدة أقسى من الـحجـر
فيها السلاسل و الأغلال تجمعهم مع الشياطين قسرا جمع مـنقهر
و قال الرب جل و علا في وصفها( إنها ترمي بشرر كالقصر ) ..
فمن نال هذه المكافأة فمأكله و مشربه كما قال الله في كتابه:(ثم إنهم أيها الضالون المكذبون لآكلون من شجر من **وم فمالئون منها البطون فشاربون شرب الهيم هذا نزلهم يوم الدين ).. و لو تعلمين ما هي حالهم في ذلك المكان الموحش فقد قال الله عن حالهم (لهم فيها زفير و شهيق )..
أتعلمين ما هذا الزفير و الشهيق إنه عويل أصحاب النار بأصوات منكرة من شدة ما يعانونه من عذاب .. و يبدل الله جلودهم التي احترقت بنار جهنم جلودا أخرى حتى يذوقوا العذاب الأليم جزاءا بما كانوا يعملون في الدنيا..
و فيها من العذاب النفسي ما فيها فقد قال الحق في ذلك العذاب ( كلا إنهم يومئذ عن ربهم لمحجبون ).. فهل رأيت كم يعانون من عذاب نفسي وجسدي ..فماذا تقولين أيتها الأخت المسلمة بعد أن عرفت النتائج من ذلك الامتحان الطويل فلك أن تختاري أي نتيجة ترغبين في الحصول عليها لتنالي مكفئتها.. فهذا الأمر بيدك فقفي أختاه مع نفسك وقفة تأمل ومحاسبه .. و اعقدي العزم و النية للسير على طريق الخير لتصلي إلى جنة عرضها كعرض السماء و الأرض أعدت للمتقين..
فكوني أيتها المسلمة من أولئك المتقين ..
منقول