هذا تعليق عبد العزيز الحكيم رئيس المجلس الشيعي الأعلى في العراق و رئيس مجلس الحكم الانتقالي للعراق في أول رد فعل له عن علمه بنبأ أسر الرئيس العراقي صدام حسين قالها و الفرحة تكاد تقفز من وجهه.
و يمثل الحكيم في موقفه هذا الشيعة في العراق عندما أتاهم خبر الاعتقال فتباروا في إظهار الفرح بإطلاق الصواريخ في الجو ابتهاجا و انهمر الرصاص في الأحياء التي يسيطر عليها الشيعة سواء في مدينة الصدر أو غيرها و في المدن التي تسكنها أغلبية شيعية كالنجف و كربلاء حيث تراقص هؤلاء الناس في الشوارع فرحا و نكاية في صدام و في الجانب الآخر أفاد مراسل الجزيرة الإخبارية في مدنية الرمادي السنية الواقعة غربي بغداد أن الهدوء التام يسود أنحاء المدينة ولا يرى فيها ما نراه في غيرها من المدن العراقية.
والشيء نفسه حدث في مسقط رأس الرئيس العراقي صدام حسين تكريت حيث أفاد مراسل الجزيرة الإخبارية هناك أن شبه حداد يسود المدينة ، والشوارع خالية تماما من المارة ، وذكر المراسل أن أهل المدينة انقسموا ما بين مصدق ومكذب لنبأ اعتقال الرئيس العراق السابق ، غير أنه أشار إلى أن غالبية أهل تكريت لا يريدون أن يصدقوا نبأ اعتقال رئيسهم وسط حالة من الذهول تسود أهل المدينة .
و يبقى السؤال الأهم لماذا فرح هؤلاء الشيعة بهذا الذي اعتبروه نصرا مبينا مؤزرا أي بالقبض على الرئيس العراقي صدام حسين ؟
لنبدأ منذ بداية استلام صدام حسين الحكم فبعد أن استولى ح** البعث على السلطة عام 1968، ترأس البلاد رسميا في 16 يوليو 1979، فجمع بين مهام رئيس الدولة ورئيس الوزراء وأمين عام ح** البعث ورئيس مجلس قيادة الثورة والقائد العام للقوات المسلحة.
تميز نظام صدام حسين بسرعة الحسم في القضايا المصيرية التي تواجه العراق بغض النظر عن النتائج و الكوارث الناتجة عن هذه المواجهة و سرعة الحسم هذه و أمثلة ذلك كثيرة منها ما يتعلق الشيعة عندما لاحظ صدام حسين أن نسبة المهاجرين الإيرانيين أصبحت كبيرة داخل المجتمع العراقي و أصبحت تهدد الميزان الديومغرافي في البلاد لصالح هذه الطائفة المدعومة من دولة الجوار القوية و هي إيران سارع الرئيس العراقي باتخاذ إجراءات من شأنها الحد من ميل هذا الميزان الطائفي الأعوج عندما أوقف إعطاء الجنسية العراقية لهؤلاء الإيرانيين الشيعة و قام بطرد بعض من هؤلاء إلى بلادهم الأصلية كما عمل على توطين كثير من أبناء الدول العربية في العراق و خاصة من مصر و السودان و المغرب و ساعد في إعطاءهم الجنسية و الغريب أن كثير من البلدان الخليجية تعاني من تهديد هذا الميزان الديموغرافي لصالح الشيعة مثل البحرين و دبي و غيرها و يتعالى صرخات أهل الصلاح و العلم بضرورة حسم هذا الأمر و لكن لا مجيب .
لا شك أن الإجراءات التي اتخذها صدام و لعل أهمها قمع الانتفاضات الشيعية التي حاولت استغلال الفترات التي شعرت فيها بضعف النظام و هبت تلك الطائفة لتحاول الاستيلاء على حكم العراق فتم قمعها من جانب صدام بقوة في موقف لا يتوانى فيه أي نظام أن يستخدم نفس الأساليب في سبيل تثبيت حكمه و نظامه .
و يظل موقف صدام خاصة في العشرية الأخيرة من حكمه عندما منع ممارسات الشيعة الشركية من موالدهم و مواسمهم في اللطم و الذبح و غيرها كما منح أهل السنة مزيدا من الحرية في إظهار مذهب السلف كل ذلك أجج كثيرا من الحقد في نفوس الشيعة خاصة مع عودة و توبة كثير من شبابهم و رجوعهم لمذهب أهل السنة .
نجح صدام أيضا في إيقاف المد الشيعي القادم من إيران و دخل معها في حرب عنيفة امتدت لثمان سنوات و كانت ثورة الخميني في إيران قد ألهبت آيات الله و سولت لهم أنفسهم أن يمدوا مذهبهم إلى أنحاء العالم الإسلامي فكان العراق يومئذ بمثابة الجدار المتين الذي حال دون أن يمتد المد الشيعي إلى البلاد المجاورة و دفع العراقيون بزعامة صدام كثير من الدم و الخسائر ثمنا و وفاء لمنع تصدير هذا المذهب للعراق و لكن صدام كان يجب أن يدفع الثمن .
و عندما اتجهت النية لدى الإدارة الأمريكية لخلع صدام من الحكم بعد أن نجحت في عقد صفقات قذرة مع بعض رموز النظام سارع الشيعة إلى الارتماء في الأحضان الأمريكية و أصدر السيستاني بيانه الشهير الموجه للشيعة بالحياد كما جاء كثير من قادة الشيعة على دبابات أمريكية ليوليهم الأمريكيين زمام الحكم و جعلهم يشكلون الأغلبية في مجلس الحكم صنيعة الأمريكيين .
و لكي يموه الحاكم المدني بريمر على الشعب العراقي أتى بالمنسوب للسنة عدنان الباجة جي عضو المجلس الإنتقالي ليعلن نبأ سقوط صدام.
و لكن هل يهنأ الشيعة بالعراق بعد اعتقال صدام ؟
كل المؤشرات لا تشير لذلك فالسلوك الذي أبداه الشيعة منذ دخول القوات الأمريكية بغداد من تعصب و تح** و ممارسات طائفية تنم عن حقد دفين قد أيقظ الحس العقيدي داخل كثير من أبناء الطائفة السنية الذين يشعرون أنهم أبناء هذا البلد أصلا و أن غيرهم غرباء قد أتوا يسلبوهم سلطتهم و نفوذهم و قبل كل ذلك يمارسون طقوسهم الوثنية من جديد و خوفا من تكرار المأساة التي يعيشها نظراؤهم في إيران
تحيات صوت الغرب