تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » كلمات للمرأة المسلمة .لفضيلة الشيخ د. سفر الحوالي

كلمات للمرأة المسلمة .لفضيلة الشيخ د. سفر الحوالي 2024.

الحمد لله وحده ، و صلى الله و سلم على عبده و رسوله نبي الرحمة و محرّر الإنسانية من عبودية الشهوات و الوثنية ، و على آله و صحبه أجمعين ، و بعد ..

ففي الوقت الذي يرسم التاريخ فيه معلماً من معالمه الفاصلة في تاريخ هذه الأمة المبتلاة ، و تشتدّ المعركة بين الحق و الباطل ضراوةً على أرض الإسلام و في حصونه ، بل في كل بيت من بيوته ، تتطلع الأنظار إلى موقع المرأة المسلمة من هذا الصراع الدائر في جانب عظيم من جوانبه عليها هي !!

فدعاة التقى و العفاف و الطهارة و الفضيلة قائمون على الثغور يذودون عن دين المرأة و كرامتها و عرضها و شرفها ، و ذئاب الشهوة يتهارشون على القطعان الهائمة في أودية الشهوات و مستنقعات الرذيلة ، و يتحفزون للانقضاض على المرأة المسلمة ، هذا يمزّق الخمار و ذاك يعرّي الصدر و الآخر يروم نزع الإزار ، لتصبح فريسةً مم**ةً بمخالب الفاحشة و طعماً لإيقاع الأمة كلها في شباك المفسدين .

و يتلفّت الإنسان في عالمنا المعاصر شرقاً و غرباً و شمالاً و جنوباً فلا يرى إلا سعار الشهوات و حمى المغريات ، و يرى المرأة المسكينة تترنّح تحت سياطها و تصطلي بلظاها ، و يرى تحت طلاء " العصرية و الحرية و الحضارة " لهيبَ الشقاء و النكد و العبودية ( فمن أَعرَضَ عَن ذِكرِي فَإنَّ لَهُ مَعيشَةً ضَنكَاً وَ نَحشرهُ يَومَ القِيَامَةِ أَعْمَى ) .

إنَّ جولةً واحدةً في إحدى كبرياتِ مدنِ الغربِ أو الشرقِ تكفي لإدراكِ هذه الحقيقةِ ، و لكن من الذي يبصرُ ذلك حقاً ؟

إنهم الذين ينظرون بنور الإيمان و عين البصيرة ، الذين عرفوا الله و ذكروه فعرفهم قيمة أنفسهم و ذكرهم فيمن عنده ، إنهم الذين فقهوا عن الله أمرَه و أخذوا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم هديَه ، فأدركوا أنه لا سعادة و لا طمأنينة لهذه القلوب في العاجلة و العقبى ، إلا بالعبودية لله وحده و اتباع سبيله وحده .

أما الآخرون الذين اجتالهم قرنائهم من شياطين الجن و استعبدهم أسيادهم من شياطين الإنس ، فمهما رأوا و سمعوا فإنهم تراهم ينظرون إليك و هم لا يبصرون .

في مطار نيويورك حيث مشعل الحرية يرى كل واحد من ملايين المسافرين المرأة الأمريكية التي يغبطها سائر نساء الدنيا المغرورات على ما نالت من حريةٍ و مساواةٍ ، و هي تحمل الحقائب من الطائرة إلى المطار أو الع** على متنها بلا عربة ، هكذا رأيتها بأم عيني و قلت لمرافقي انظر حال هؤلاء المنكوبات ، فقال : لكن أكثرهم من السود ! قلت : وهذه طامةٌ أكبر و سوأةٌ أعظم !!

و في داخل المطار كانت الموظفة و هي بيضاء تتضجر من إرهاق العمل ، فأراد أن يعزيها و يواسيها ، فقالت : " رغم كل هذا العناء فأنا سعيدة ما دمت في المطار " ، و لم أفهم أنا شيئا ، فقالت : " إنهم اللصوص خارج المطار ، فمدينة نيويورك مدينة إجرام فظيع و أحيانا أقول الشقة أنكد من المطار و أحيانا أخرى أقول بل المطار أنكد من الشقة " !!

و في الفندق كانت الموظفة عجوزاً متغضنة الإهاب محدودبة الظهر شاحبة الوجه ، تنوء يدها بمفاتيح الغرف ، و تحدثنا معها قليلاً فكانت مأساةً من نوع آخر ، الزوج طلقها من عقود و الأبناء أحدهما ضائع لا تعلم عنه شيئاً ، و الآخر في ولاية نائية و لا يهمه من أمرها شيئاً ، و مصيرها إلى دار العجزة التي تقول إنها أنكد سجون أمريكا ، و لهذا اضطرت إلى عمل إضافي تضيع فيه وقتها و تجمع قدراً أكبرَ من المال ! و بالطبع لم نسألها لأي عمرٍ تجمعه ؟ و لم تكنزه ؟

فالحياة كلها هناك سفينة هائمة لا يدري راكبها و لا ربانها إلى أين ستمضي ( بَل إدّارَكَ عِلمهُم في الآخِرَة بَل هُم فِي شَكٍّ منهَا بَل هُم عَنهَا عَمُونَ ) .

كان مرافقي الكريم طوال الوقت يواسيني و يصبرني على المضايقات التي لم آلفها من قبل .. الأجساد العارية .. و النظرات الزائغة .. و الإباحية الساقطة .. و لكني كنت في وادٍ و هو في وادٍ آخر . و أخيرا صارحته : صحيح أن الإنسان يصعب عليه أن يغض نظره هنا ، و إن الفتنة تضطرم في كل مكان ، و لكنني لم أجد نفسي في مكان ما أشد أمناً على نظري و قلبي من هذه البلاد ، إنها تنّورٌ هائلٌ و أهلها مسجورون فيه و أكاد أرى اللهيب يشوي هذه الأجساد العارية ، فأي فتنة حينئذ ؟

إنها هذه المناظر مدعاة للإشفاق و الرثاء و إن الإنسان مهما انحطّ في الشهوة لا إخاله يتلذّذ بمناظر المعذبين !

أقول لك إنني لم أكن أظن أن الشفقة على الكافرين ، تبلغ بي إلى هذا الحد ؟

نعم نحن نتألم و نبكي لمصاب المرأة المسلمة في الفلبين و أفغانستان و تايلاند و بورما و أريتريا و غرب أفريقيا و في كل مكان ، و مع ذلك فإن ديننا دين رحمة يدفعنا أيضاً إلى الرثاء لحال هؤلاء النسوة المنكوبات في بلاد الظلمات .

و الآن يا أخي عرفت أكثر بكثير أن مروجي الحياة الغربية في وسائل الإعلام المختلفة و دعاة التبرج و السفور ، و كل دعاة العلمانية في البلاد الإسلامية ، لا يقلون خطراً علينا من الدمار النووي الذي يهددنا به أعداؤنا ؟!

و لكن الفرق أننا ندرك خطر هذا و لا ندرك خطر هؤلاء .

و من هنا كان كل إسهام في توعية المرأة المسلمة بشرهم و إفساد خططهم و كشف لعوارهم ، جهداً مشكوراً و بلاءاً حسناً في سبيل الله ، و هذا ما يقوم به العلماء الكرام بفتاواهم النافعة و الدعاة بمحاضراتهم القيمة و المؤلفون بكتبهم المفيدة ، و قد كثرت هذه الأعمال و الحمد لله و لا تزال الحاجة شديدة كما أن الأساليب ينبغي أن تنوّع .

—————————————

د. سَفَر بن عبد الرحمن الحوالي .

رئيس قسم العقيدة بجامعة أم القرى سابقاً .

من مقدمة كتاب : كلمات عابرة للمرأة المسلمة " للمؤلف / محمد أمين مرزا عالم .

——-((التوقيع))——–
وكم لله من لطف خفي **** يدق خفاه عن فهم الذكي
وكم يسر أتي من بعد عسر**** ففرج كربةالقلب الشجي
إذا ضاقت بك الاحوال يوما**** فثق بالواحد الفرد العلي

<IMG SRC="http://www.send4fun.com/IMAGES/bestfriends_shimmer_lg_clr.gif" border=0>

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.