دريفوس (هو كابتن يهودي خدم بالجيش الفرنسي عام 1890 ،اتهم بقضية تجسس وحوكم وأبعد إلى غيانا).
وفي تاريخ الحركات والأعمال الصهيونية التي أثرت على الولايات المتحدة تبقي قضية دريفوس على جانب من الأهمية والخطورة (1897_1899) وإذا كانت هذه القضية قد سببت شقاقا عميقا في الوطنية الفرنسية بإثارة الكره للفرنسيين في البلدان الانكلوسا**ونية لمصلحة اليهود وبنوع خاص يهود الولايات المتحدة ، لاسيما في مدينة نيويورك ، فإنها ساعدت (هرتزل )على شن حملته الصهيونية الذي دعا ممثلي المجتمعات اليهودية الأميركية إلى المؤتمرات السنوية التي عقدتها الصهيونية في مدينة بال 1895و1898،ثم عقدتها في لندن .
إن هذه القضية الرجعية المتعلقة بإدانة يهودي من باريس ،من بين الملايين من الفرنسيين المتأثرين من أزمة الضمير الخطيرة التي هيمنت على فرنسا بعد 1871 لم ترتد الطابع السياسي إلى هذا الحد العميق في فرنسا إلا لتدعم الحملة الصهيونية التي قام بها هرتزل (الصحافي المجرى ) مؤلف كتاب (الدولة اليهودية 1895 ) وقد اقترح فيه: ((حكومة يهودية في فلسطين تتمتع بشكل ملكية دستورية أو ديموقراطية أرستقراطية تؤسسها (جمعية يهودية ،أو شركة يهودية من شأنها تصفية المؤسسات آلتي يملكها اليهود في دنيا الأعمال ))
عندما وجهت الدعوة إليهم لحضور مؤتمر بال ، انضم ممثلو اليهود الأميركيين إلى الوفود الأوربية من أجل تأسيس (المصرف اليهودي والمال القومي اليهودي)1901 بما في ذلك حركة الدعاية الصهيونية التي انتشرت في العالم 1899 والتي جمعت ما ينيف عن 100 ألف مشترك فعال .
إن النزعة الدينية أو القومية لعودة اليهود إلى فلسطين ، سواء أكان في سبيل البكاء على حائط المبكى في ***ب الهيكل الذي دمر سنة 70 م . أم في سبيل الإقامة فيها ، تعود إلى أجدادهم القدامى وغير المؤكد منهم أولئك الذين طردوا من أورشليم (القدس) في القرن الثاني بأمر من الإمبراطور إدريان .إن اليهود الذين شتتتهم الإمبراطورية الرومانية شمالا وغربا وجنوبا وعلى شطآن أفريقيا وفي المناطق المنشقة عن روما .
لقد تسربوا إلى المناطق العربية واختلطوا بسائر الأقوام المتوسطية ، فقام عدد (قليل)بالعودة إلى فلسطين التي أصبحت عربية بعد الفتح الإسلامي . أما الأكثرية ، فقد شاركت في الحياة الأوربية والأفريقية ومن هناك رحل بعضهم إلى أمريكا .
ولما فشلت المنظمات في محاولتها شراء الأرض المقدسة (فلسطين ) من السلطان عبد الحميد قرر اليهود ( انتزاعها بأية وسيلة ) من الإمبراطورية العثمانية . لقد كانت هذه الإمبراطورية مؤلفة من فسيفساء من الأعراق والأديان يسيطر عليها الأتراك من بني عثمان المسلمين ،كما كانت تشمل على طوائف مسيحية ، أرثوذ**ية وكاثوليكية أرمنية ويونانية في الأناضول وسوريا – فلسطين ، وموارنة معظمهم في لبنان قد حافظوا على معتقدتهم
المسيحي مدة 1260 سنة انتابتها شتى التقلبات البطولية.و كانت كل طائفة محمية من دولة أوروبية: كروسيا و النمسا – المجر ، وفرنسا . وكانت هذه الدول حامية الأماكن المسيحية المقدسة .
و كان ينبغي قيام الثورة لإرغام الحكومة العثمانية على تسليم فلسطين – الأماكن الإسلامية المقدسة- لليهود و لكن كان يقتضي من أجل جعل الدول الأوروبية تتخلى عن حراسة الأماكن المقدسة المسيحية ،إحداث حرب عالمية تتخللها مذابح المسيحيين الشرقيين .
و في القاهرة على طريق الهند و في لندن ، تردد القادة الإنجليز أمام مسؤولياتهم السياسة العربية الإسلامية . و تأجلت المطالب الصهيونية بدبلوماسية إنجليزية أمام الأخطار المحدقة بها .
أما مشروع الدولة اليهودية ، بشكل مستعمرات صهيونية صغيرة كما قدم آنذاك إلى الإمبراطور غليوم الثاني بغية الحصول على دعمه لدى السلطان (1898) ، فقد اعتبر منافيا للمخططات الخارجية الألمانية و العثمانية في الشرق التي كانت تسهم فيها الدولة النمساوية- المجرية.
من كتاب : العار الصهيوني.. آفاته وكوارثه
للكاتب : لوسيان كافرو – ديمارس