الولادة والنشأة : أصله من السعودية ، من بلاد نجد ، وتحديدا من منطقة الرياض ، حيث إن أسرته أسرة معروفة بالتجارة ، وخاصة تجارة الغنم والإبل ، وانتقل جده للكويت ليسكن بها ، وولد أبوه هناك ، وكان رجلا صالحا ، ومحافظا على الصلاة في الجماعة – كعادة جميع أهل الكويت في تلك الفترة – ،
ولد فهد في عام 1328 هـ / 1910 م ، في الكويت ، وتحديدا في منطقة تسمى بـ " سكة عنزة " ، ودرس في مدارس الكويت التقليدية ، ثم في المدرسة المباركية ردحا من الزمن ، وقد كانت المدارس الكويتية الأهلية في تلك الفترة تدرس اكثر ما تدرس : القرآن الكريم ، وبعض أصول الدين ، وبعض مباديء القراءة والكتابة والحساب ،
ودرّس فهداً في تلك الفترة مجموعة من مدرسي الكويت المعروفين ، أمثال الأستاذ الشاعر : محمود شوقي عبدالله الأيوبي ، والشيخ : عبدالله نوري ، والأستاذ : سيد عمر عاصم ، وغيرهم ،
تخرج من المرحلة الابتدائية وهو متديّن ، محافظ على صلاته وعبادته ، بارا بأبيه للغاية ، وكان أبوه يحبه جدا ، حتى إنه اصطحبه في إحدى سفراته إلى بلاد الهند ،
وقد كانت طبيعة الكويت وأهلها في تلك الفترة متدينة ، ومحافظة للغاية ، ولها عوائدها وتقاليدها المعروفة ، من حيث المحافظة على الأخلاق ، وشعائر الدين ، ونبذ من يخرج عن ذلك ،
وقد ذكر الذين ترجموا له أنه كان شديد المحافظة على الصلاة ، وشعائر الدين الظاهرة ، وكان يؤذن للصلاة من سطح بيتهم ، حتى يدعو الناس للصلاة ويذكرهم ،
وكان مع تدينه شخصا مرحا ، طريفا ، يحب المداعبة والنكتة والطرفة ، وكان يحب مداعبة ضعاف العقول ، والمجانين ، وغيرهم من ذوي العاهات والإعاقات ، ويلاطفهم كثيرا ، ويحنو عليهم ،
وإضافة لذلك فإنه بدأ يقرأ في كتب غريب اللغة ، وفي كتب الأدب ، مما زاد ثقافته منها ، وبدأ ينظم الشعر ويقرضه ، ثم انصرف للقراءة في دواوين الشعراء ، وحفظ منها ما حفظ ، وكان يستعين ببعض مدرسيه ليشرحوا بعض الكلمات والعبارات الغريبة ،
وبدأ ينبغ في الشعر ، حتى قال يوما قصيدة في الملك : عبدالعزيز – رحمه الله – ، وشاعت وانتشرت ، فطلب الملك لقاءه في الرياض ، وبالفعل ذهب للقاء الملك ، والتقاه فأكرمه ، وعرض عليه العمل معه ، وبالفعل عمل معه فترة ، ثم اأدركه الشوق للكويت ، فعاد إليها مرة أخرى ،
إلى هنا والصورة مشرقة زاهية عن هذا الشاعر ! ،
وفجأة حصل ما لم يكن بالحسبان ، حيث تحول هذا الشاعر المتدين ، والشاب البار بأبيه ، والرجل الاجتماعي ، إلى ملحد ، وفاجر ، ومدمن خمرة لا يكاد يصحو من سكره حتى يعالج نفسه بسكر جديد ، واعتزل الناس وهرب من نفسه قبل أن يهرب من واقعه !! ،
تبدأ القصة من مكتبة *** رويح ، وهي أكبر مكتبة في الكويت إذاك ، حيث كان المترجم له يذهب إليها ويقرأ فيها ، ويستعير منها بعض الكتب مقابل مبلغ من المال ،
ولكن قراءات المترجم له لم تكن في الأدب ، ولا في علوم الشريعة ، ولا حتى في العلوم الطبيعية ، بل في الكتب التحررية !! ،
نعم الكتب التحررية ،
فأخذ يقرأ كل ما يدعو للإلحاد ، وللتمرد على القيم والواقع والأخلاق ، ويدعو إلى عبادة الفرج والذات ،
وتدريجيا بدأ دينه يرق ويضعف ، ولم يستطع مقاومة بريق التحرر والانفتاح ، خصوصا أنه شيء جديد وفد عليه ، وأمر لا يعرفه غيره ، فما المانع من المغامرة والتعرف على ذلك العالم المجهول !! ،
ومع كثرة المطالعة في تلك الكتب ، وإدمان النظر فيها ، مع ضعف الدين ورقته ، وقلة الزاد من العلم الرباني ، انسلخ المترجم له من دينه تماما ، وتحول إلى مسخ ، لا يعرف أي معنى للقيم ، أو الاخلاق ! ،
تحول إلى رجل ملحد ، وأخذ يتململ من جميع المورثات الدينية والفطرية ، ورمى عنه جلباب الحياء والأخلاق ، فأخذ يجاهر بالتحلل الأخلاقي ، وبالتفسخ من كل معاني القيم ، ويدعو للرذائل والقبائح بشعره ونظمه ،
وفي هذه الفترة بدأت الناس تجفوه وتتركه ، وأخذ بعضهم يحاوره ويقنعه بالرجوع ، ولكنه كان ممتطيا لصهوة شهوته ، مرخيا العنان لرغباته ، مما حدا بأهله إلى أن يعلنوا براءتهم منه ، ويقطعوا جميع صلاتهم به ،
ومع هذه العزلة ، لم يجد هذا المسخ من علاج له سوى الخمر !! ،
نعم الخمر والخمر فقط ،
فأخذ يعاقر الخمر ، ويشربها ليل نهار ، وأدمن عليها أكثر من إدمانه على الهواء والشراب والطعام ، وأخذ ينسج لنفسه كفنا من الدمار والعار والشنار ، وتحول إلى مجرد كتلة حيوانية لا يعرف سوى الشهوة والجنس والخمر !! ،
بئست الحياة ورب الكعبة !!
يقول واصفا لنفسه ولحاله :
هات يا ساق هات بنت النخيل ********** فعساها تشفي عساها غليلي
هاتي كأسي فيم التردد واشرب ********** فهي حسبي في محنتي ووكيلي
جاء تحريمها وليس علينا ********** بل على كل سافل وجهول
ويقول في نفس هذه القصيدة – وهي بعنوان يا ضفاف الخليج – :
ليلة ذكرياتها ملىء ذهني ********* وهي في ظلمة الأسى قنديلي
ليلة لا كليلة القدر بل خير ********** وخير والله من ألف جيل
أنا ديني الهوى ودمعي نبيي ********** حين أصبو ووحيه إنجيلي
رب صمت يا صاح أوقع بل ********** أبلغ في سحره من التنزيل
نعوذ بالله من هذا الخذلان والعمى والضلال !! ،
ويقول أيضا ، في قصيدة تجسد كل معاني القذارة والتفاهة وعبادة الجنس والكأس والسيجارة :
بك بالشوق بالضنى يا حارة ********** اسعفيني بالكأس والسيجارة !
يا ***ة الجار أرمض الصحو قلبي ********** وشجا خاطري وشق المرارة
أخرجيني من الظلام إلى النور ********** وفرض أن يسعف الجار جاره
يا عروس الأحلام بالله هاتي ********** وخذي ، ولنفض هذي البكارة !
ودعيني ما بين سيجارتي والكأس ********** أبكي الصبا وآخذ ثاره !! ،
وهذه القصيدة مليئة بالوقاحة والعفن ، ولهذه اجتزأت منها هذه الأبيات فقط ،
ويقول في أحد أبيات قصيدته ، مبينا معبوده الجديد :
ما إن أقول لها : خذي ! معبودتي ********** إلا وقالت هاتي يا معبودي !!
نسأل الله العفو والعافية ، فمن عبادة الله تبارك وتعالى ، ومن التشرف للتذلل له وبين يديه ، إلى عبادة الفروج ، والنت ، والعفن ،
ويقول أيضا :
يا صاحبي قد كان ما شاء الهوى ********** فإلى الكنسية سر بنا لا المسجد !!
إن قيل : جن ، فإن عذري واضح ********** أو قيل تاه ففي يديها مقودي
أو قيل : ضل ، فلست قبل زيارتي ********** وتدلهي ، بالزاهد المتعبد
إلى غير ذلك من شعره السخيف ، والذي ملأه استهتارا بالدين ، وشعائره ، وأكثر فيه من الغزل ، والتوصيف للجسد ، وللخمر ، وحصر كل همومه وحياته بعد أن ألحد في الخمر ، والنساء ، والشكوى من الزمان ،
وقد بلغ به القلق مبلغا عظيما ، لدرجة أنه كان لا يصحو من سكره ، حتى لا تعود له الآلام ، وما إن يشعر بوخز الضمير ، أو بداعي القلق في نفسه ، إلا ويعالج ذلك بالخمر والسكر ،
اعتزله كل الناس ، حتى سكن في غرفة مظلمة صغيرة لوحده ، ليس معه أنيس إلا الخمر فقط ، وتارة يزوره بعض محبيه من الأدباء ، ولشدة وفرط تناوله الخمر وإدامنه له أصيب بضعف النظر التدريجي ، حتى فقد بصره نهائيا !! ، فأصبح أعمى البصر والبصيرة ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ،
ومع تزايد شربه للخمر ، وشدة اضطراباته النفسية ، وتزايد قلقه ، أخذت صحته تتدهور ، وأصيب بالدرن في الرئة ، ونقل إلى المستشفى الأميري ، ومكث هناك ثلاثة أشهر ،
وفجأة في يوم الأربعاء الموافق 13 / 11 / 1370 ، فاضت روحه إلى الله ، وتوفي غير مأسوف عليه ،
ولم يصل عليه أحد من أهله ، أو من أقاربه ، أو معارفه ، بل صلى عليه خمسة أشخاص فقط !! ، ثم حمل إلى المقبرة ودفن هناك ، في لحظة خزي وعار ليس لها مثيل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم !! ،
وما إن مات حتى بادر أهله إلى إحراق جميع شعره ودواوينه وأوراقه ، ولم يبق منها شيء أبدا ، ولم يبق من شعره إلا القليل جدا ، مما نشر في الصحف أو الدواوين أو بقي عند بعض أصدقائه ، وقد كان شعره الذي لم ينشر يحمل في طياته الدعوة للإلحاد والفجور والتمرد على الأخلاق ، وقد خاف هو من نشره حتى لا تثور عليه ثائرة الناس !! ،
ولاحظوا أن ما نشرت لكم من شعره يتضمن أبشع المعاني وأقذرها ، ويدعو للكفر والتمرد على الدين ، ويدعو للرذيلة وهدم الفضيلة ، فكيف بما لم أنشر منها ، مما خشيت من نشره أن أجرح قارئيها به ، فكيف بما أحرقه أهله من شعهر ، مما كان الغاية في الفجور والتحرر ؟! ،
أهذا ما يريده دعاة التحرر الفكري !! ،
أيردون أن تتحول مجتمعاتنا إلى نسخة مكررة من فهد العسكر !! ، إلى حفنة من البهائم التي لا تصحو من سكرها ، ولا تفيق من عبادتها للجنس !! ، همها الكأس والغانية والسيجارة !! ،
أليست هذه هي النتيجة الحتمية لما يرمون له !! ،
بالأمس القريب انتحر إسماعيل أدهم في الاسكندرية غرقا !! ، وطلب من أهله ألا يدفنوه في مقابر المسلمين ، وأن لا يصلوا عليه ، وأن يحرقوا جثته ، لأنه – كما يقول – ملحد !! ، بل ألف رسالة سماها : لماذا أنا ملحد ؟! ،
وبعده هلك وتوفي الملحد السعودي : عبدالله القصيمي ، والذي تحول من العلم والدين إلى مسخ حائر قلق ملحد ، لا يعرف أي معنى للقيم أو الفضيلة ، وتجرد حتى من أبسط معاني الإنسانية ، وأخذ يمجد اليهود ، ويصفهم بأحسن الأوصاف !!
" فالقصيمي لا يكف عن إطراء الموهبة الإسرائيلية ، ليس من ناحية الدهاء والخبث ، بل من ناحية الأخلاق والفضيلة !! ، وإنه ليرى المخنث اليهودي أنموذجا لكمال الإنسان !! ، ويعتبر إسرائل الناخرة في قلب الأمة الإسلامية : بمثابة نملة وديعة !! ، بل يقول القصيمي : إن وجود إسرائيل ضرورة حتمية لتثقيف العرب الهمجية وتعليمها الفضيلة والكرامة !! " ،
هؤلاء هم ملحدوا العرب والمسلمين ، وهؤلاء هم ضحايا ما يسمى بالتحرر الفكري !! ، وبالتمرد على الواقع والاخلاق والقيم !! ،
لماذا ألحد فهد العسكر ، ولماذا ألحد إسماعيل أدهم ، ولماذا ألحد القصيمي ، ولماذا ألحد صادق جلال العظم ، ولماذا ألحد غيرهم !؟ ،
أسئلة مهمة تحتاج إلى دراسة وبحث ، ولا بد أن تنتخب الأمة مجموعة يدرسون أسباب جنوح هؤلاء إلى الإلحاد ، مع ظهور براهين الربوبية ، بل وظهور صدق دين الإسلام ، وتميزه عن بقية الأديان بصفات لا ينكرها إلا جاحد ، أو معاند ، أو جاهل لم يعرف الإسلام على حقيقته ،
شخصيات تحتاج أن نبحث عن بواعث إلحادها ، والظروف التي هيأت ذلك لهم – وأعظمها موضوع الحرية الفكرية – ، وكذلك جنايتهم على أنفسهم وعلى ذويهم ، قبل جنايتهم على المجتمع ،
ولا بأس هنا بالاستفادة من كتاب : لن تلحد ، لأبي عبدالرحمن بن عقيل ، وكذلك كتاب : صراع مع الملاحدة حتى العظم ، للشيخ : عبدالرحمن حبنكة الميداني ، وكذلك كتاب : حوار مع صديقي الملحد ، للدكتور مصطفى محمود ،
الموضوع يحتاج الى وقفات عدة ، وأرى أني قد أطلت فيه على غير العادة ،
دمتم بخير .
==========
تموتُ النفوسُ بأوصابها ***** ولم تدر ِ عوّادها ما بها
وما أنْصفتْ مهجة ٌ تشتكي ***** أذاها إلى غيرِ أحبابها
..الله يثبتنا ان شاء الله على الاسلام..
لاحول ولا قوة الا بالله..
الله يصبرنا ويرحمنا برحمته
جزاك الله الف خير اخوي ستار
جزاك الله خير على القصه أخوي ستار..
أخوكم ولد بوظبي
لاحول ولاقوة الا بالله
اللهم يامقلب القلوب ثبت قلبي على ذكرك يارب العالمين
اللهم أهدنا لما فيه الخير والصلااح ..
وأر**نا حسن الخاتمة يا كريم ..
نــــــــــورا ..