تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » ( في رحــاب سورة الفاتحة . دروس تربوية )

( في رحــاب سورة الفاتحة . دروس تربوية ) 2024.

( ملاحظة .. علامة ( = ) بعدها كلام الطرف الآخر في الحوار )
– – – –
ابتداءً .. ليس الهدف في مذاكرتنا حول سورة الفاتحة كم المعلومات التي سنخرج بها ..
والفوائد وأقوال المفسرين ، فهذا امره يسير
سأحيلك إلى بعض التفاسير وانتهى الأمر ..
ولكن الذي يشغلني وأريده أن يشغلك هو : سؤال أرجو أن يصبح هاجسا عندك :
على أي شيء تربيني هذه الآيات ؟
سواء سورة الفاتحة خاصة أو آيات القرآن الكريم بشكل عام ..

لأن هذه الكتاب في الأصل كتاب تربية وتزكية للأنفس.. القرآن يصنع الإنسان
وبه ربى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه فكانوا كالنجوم
أعود إلى سورة الفاتحة : هذه الآيات القليلة ، ما هي المعاني الظاهرة والخفية التي تربيني عليها ، وتحثني لأتحقق بها..لأكون على الصورة التي يحبها الله ؟
هل اتضحت الفكرة أخي ؟؟
= نعم اتضحت بارك الله فيك ..

ولهذا قد لا نتعرض أصلا لأقوال المفسرين .. مع أننا عالة عليهم .. ولكن :
من شاء ان يرجع إليها ( ليقتطف ) لنا من أقولهم ( دروسا عملية ) نتربى عليها فهذا هو المطلوب الذي نبحث هنا عنه ..
أحببت أن أضع هذا في حسابك .. قبل الشروع في المقصود والله الموفق والهادي والمعين ..
= نعم ..جزاك الله خير الجزاء .. ولنشرع في المقصود على اسم الله ..

نعيش مع سورة يحفظها الصغار والكبار ولكن أكثر الناس لا يعرفون ما فيها من أعاجيب ..
ابتداء.. في هذه السورة إعجاز متجدد … يدل على أن هذا القرآن من الله عز وجل .. وليس لمحمد سوى البلاغ .. كيف ذلك ؟
وهذا من أعاجيب هذه السورة …؟
بل أحسب أن في هذه القضية وحدها أكثر من درس ، ولعل لنا وقفات
مع هذه الدروس المستبطنة في طيات هذه القضية ..
أعني قضية الإعجاز في هذه السورة …
= رائع .. ولكن هل يمكن أن توضح لي اين مكمن الإعجاز في هذه السورة ؟

ركز معي جيدا .. أرأيت لو أن أنساناً يحب الشعر _ مثلا – ويحب قصيدة معينة من الشعر تستهويه أكثر من غيرها ..
أو يحب الغناء __ عافانا الله من هذه الآفة ، وشفى كل مريض ! _ ..
كم مرة سيعيد الأول قراءة القصيدة والثاني سماع الأغنية ، في اليوم الواحد ؟؟
عشر مرات . عشرين .. مع ملاحظة أننا نقول : في اليوم الواحد ..
لنقل عشرين مرة ، بل ثلاثين .. كم يوماً سيستمر على هذا يسمعها ثلاثين مرة؟؟
أسبوعا .أسبوعين .. ثلاثة .. ثم ماذا ؟
= سيملها بالتأكيد .. سيبحث عن غيرها .. بل قد لا يطيق سماعها بعد ذلك !

أحسنت بارك الله فيك .. سيمل منها .. خاصة إذا تصورنا أنه يعيدها كل يوم ثلاثين مرة !!
بنفس المنطق قيس أي شيء ..يعني الذين يحبون محضرات عالم ما ، أو يقرأون لأديب ما .. الخ إذا كرروا ( الموضوع الواحد بعينه ) مرات في اليوم الواحد فإنهم لن يستمروا طويلا على ذلك سيملون ..أليس كذلك ؟
= بالتأكيد ما في ذلك شك ..
الآن انتبه للمفاجأة .. لو تصورنا إنسان عمره سبعين سنة .. بدأ يصلي وعمره عشر سنين .. كم سنة صلى ؟ ستين سنة يصلي بشكل يومي …
كم مرة قرأ الفاتحة ؟؟ فهل رأيناه مل منها ؟؟
= أبدا والله
هل تتصور أن مسلماً بلغ السبعين أو التسعين مل من قراءة الفاتحة ؟؟
قال علماؤنا : بالع** …..لو طالبناه بأن يخشع في قراءة الفاتحة في صلاة رباعية
فإنه سيجد الركعة الرابعة أحلى .. من الجميع !!!!!

= نعم ، حينما يستشعر المعاني في كل مرة ..
مع أنه لا زال يكرر السورة نفسها ولكن المعاني كأنما تتجدد أمامه !!
= أجل أجل صدقت والله .. سبحان الله .. كيف فاتني مثل هذه الأمر ..
فما معنى ذلك ؟ معناه أن هذا الكلام ، كلام رب .. كلام يتجدد ولا يبلى أبدا أبدا
= سبحان الله .. سبحانك يا رب .. آمنت بالله ..
هل اتضحت الصورة .. أليس في هذا إعجاز عجيب لا ينتبه له أكثر الخلق؟؟

= نعم والله وأنا أولهم … ما اشد غفلتنا عن كتاب ربنا وعجائبه ..
أليس هذا معنى جليل وعجيب ،
يزيد الإيمان تعميقا في القلب ،ويزيد اليقين رسوخا في النفس
= نعم والله ، ولقد هز نفسي حديثك هذا ..
المهم الآن .. علينا منذ الآن أن ننتبه لهذا المعنى كلما قرأنا السورة
معذرة ، أنا لا أعنيك ، أنا أعني نفسي قبل كل أحد ..
هذه واحدة … ولو أنجح معك اليوم فيها ، لتعود إلى سورة الفاتحة فتتدبر ما فيها
. فإني سأعتبر نفسي نجحت بامتياز .. هل ننتقل إلى المحور الثاني ؟
= نعم بارك الله فيك .. أنا في لهفة وشوق ..

طيب..ولكن قبل هذا أحب أن اسألك : كم مرة نقرأ الفاتحة في اليوم الواحد ؟؟
= لحظة.. 17 مرة من غير السنن والنوافل .. صح ..؟
ما شاء الله عليك .. بارك الله فيك.. كثيرون يخطئون في هذا السؤال..
على كل حال مع السنن والنوافل قد يصل العدد إلى أربعين أو ستين مرة بل يزيد.. تصور أخي الكريم : أربعين أو خمسين مرة تقرأ هذه السورة في اليوم الواحد ؟ .. سبحان الله ! بل أكثر من هذا وأعجب أن بعض السلف كان يصلي في اليوم الواحد مئات الركعات ..!! وهذا حاله كل يوم !! يعني أنه يعيد قراءة الفاتحة مئااات المرات في اليوم الواحد ، ويستمتع بها في كل مرة ..!
= سبحان الله …. سبحاان الله .. لا إله إلا الله ..

طيب ، ننتقل إلى المحور الثاني :
لماذا اختيرت هذه السورة بالذات لنكررها على هذه الشاكلة …؟؟
قال علماؤنا رحمهم الله :
لأن هذه السورة احتوت كل ما في القرآن الكريم من معاني وقضايا !!!!!!
= كيف؟

شبه بعضهم الأمر بالآتي :
كأنها (موجز الأخبار ) ثم تأتي الأخبار بالتفصيل …!!
ولهذا كان *** عباس رضي الله عنهما يصف الفاتحة بأنها (أساس القرآن)
ومن أسماء الفاتحة : ( أم القرآن ) ولها أسماء كثيرة ..سنتناولها فيما بعد
= راائع فائدة أخرى جليلة وعظيمة ..
المهم أن هذه السورة احتوت كل ما في القرآن ، بتركيز شديد ..
يعني أنها تناولت القضايا الكلية التي سنيبني عليها قوام هذا الدين كله ..

ولهذا نكررها .. حتى نقرر في نفوسنا كل تلك المعاني المتفرقة المفصلة في ثنايا القرآن.. من باب التعزيز لها .. والـتأكيد عليها .. ويأتي الآن سؤالك : كيف ؟
قالوا : يمكن تقسيم السورة إلى ثلاثة أقسام واضحة المعالم ..
= ما هي …؟
ركز معي الآن أكثر : ….

المحور الأول : التعريف بالله سبحانه ..
المحور الثاني : توجيه العبادة له وحده ..وعدم الالتفات إلى سواه
المحور الثالث : توضيح أن العبادة أشمل من أن تكون مجرد شعائر .. ولكنها بناء حياة شاملة كاملة .. وهذا يقتضي صراع بين الخير والشر والحق والباطل ولذا يحتاج المسلم أن يكون مع أهل الحق لا يفارقهم … ويبتعد عن أهل الشر ولا يقرب منهم ولا يواليهم ..
= سبحاان الله .. سبحان الله .. كأني أكتشف سورة الفاتحة لأول مرة ..

هذه مجرد عناوين عريضة ، ورؤوس أقلام ..والتفاصيل ستأتي لاحقا !!
المحور الأول ( الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين )
تعريف مكثف بالله سبحانه وتعالى ..
المحور الثاني ( إياك نعبد * وإياك نستعين ) ..
لفت الأنظار إلى قضية العبادة والاستعانة ، وأنها لا تكون إلا لله وبالله .
المحور الثالث :
( اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضالين )
وهذه الفقرة دروسها كثيرة جدا .. لعلنا نقف معها ذات يوم _ بعون الله وتيسيره وتوفيقه وكرمه _
= ان شاء الله .. نسأل الله أن ييسر ويعين ويوفق ..

طيب بقيت نقطة في هذه القضية :
يلاحظ أمر عجيب للغاية : ابتدأت السورة بالتعريف بالله …….
وهي أول سورة تواجهنا إذا فتحنا القرآن أليس كذلك ؟
= بلى ..
هذا معناه أن قضية معرفة الله سبحانه هي :
قضية القضايا .. وبداية كل بداية .. ومربط الفرس ، وبيت القصيد ..
عندما ندعو إلى الله تعالى .. بداية كل بداية أن يعرف الإنسان ربه عز وجل
معرفة طيبة قوية واضحة تدفعه إلى محبته سبحانه ..

فالقاعدة تقول :
إذا عرف الإنسان ربه ……………… اتجه في تلقائية إليه بالعبادة ..
وهو المحور الثاني في السورة ..
لاحظ الترتيب.. معرفة بالله تقود إلى الإقبال على عبادته ، لتكون العبادة مبنية على معرفة ، وتأتي العبادة نتيجة معرفة قوية ، لتكون عبادة خالصة لله ..!
= لا اله إلا الله .. محمد رسول الله .. الله أكبر ..الله أكبر .. سأسجد سجدة شكر لله على هذا الكنز الذي ساقك الله لتقدمه لي هذا اليوم .. هذا والله كنز لا يقدر بثمن
اشكر الله وحده أخي .. أما أنا فلا أطلب منك سوى الدعاء ..

طيب نواصل ..
= تفضل بارك الله فيك ..
فإذا شرع في العبادة احتاج إلى : ( قدوة ) يتعلم منهم أمرين اثنين : أمر العبادة وأمر العقيدة .
ليرى تلك العقيدة التي عرفها نموذجا عمليا في دنيا الواقع ، وليس مجرد نظرية في الذهن !
وليرى كيف تكون العبادة الصحية لهذا الإله الذي عرفه وأقبل عليه ..!

ولذا طالبتنا السورة بالعيش مع ( الذين أنعمت عليهم )
هؤلاء الذين أنعم الله عليهم هم ( الذين عرفوا الله ) معرفة صحيحة وقوية ..
وهم الذين ( اتجهوا بالعبادة إليه ) عبادة خالصة لا تشوبها شائبة ..
= ما شاء الله عليك .. ما شاء الله .. الله أكبر .. فتح الله عليك وتقبل منك .
بهؤلاء ( الذين أنعم الله عليهم ) نقتدي ، وبهم نتأسى ..وهم الذين نوالي ونحب ..

وبالمقابل … معركة الخير والشر لا تنتهي ..
وهذا رد على الذين يظنون أن العبادة انعزال عن الحياة ….!!
هذا وهم … السورة نفسها تعلمنا أن حقيقة العبادة ..
أنها معركة وصراع بين الحق والباطل ..
الحق الذي يمثله ( الذين أنعم الله عليهم ) فهم مع الله ويعيشون من أجل الله ..
والباطل الذي يمثله ( غير المغضوب عليهم ) فهم مع الشيطان يسوقهم إلى جهنم وبئس المصير ..! يبقى سؤال في غاية الأهمية ..
= تفضل يا رعاك الله ..

من هم هؤلاء الذين نسأل الله أن نكون منهم ومعهم ( الذين أنعمت عليهم ) ؟
الجواب نجده في سورة أخرى واضحا كالشمس في رائعة النهار .. تأمل :

( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ :
مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً) (النساء:69)

لاحظ ( أنعمت عليهم ) في سورة الفاتحة .. ولاحظ ( أنعم الله عليهم ) في هذه السورة ..
وكأن هذه بيان وتوضيح لتلك ..!

= الله أكبر .. الله أكبر .. رااائع .. ما شاء الله ، لا قوة إلا بالله ..

وهذا يؤكد ما قلناه قبل قليل : أن سور القرآن ليست سوى تفسير وتوضيح للمعاني الكلية التي وردت في سورة الفاتحة .. يبقى أن أقول :
أنت مطالب منذ اليوم : أن تعيش مع سورة الفاتحة بكلية قلبك ،
تتذكر ما قلناه ، وتعيد النظر في آياتها مرات ومرات لتجد متعة رائعة ..
فلا تملك إلا أن تقول :

مساكين والله أهل الشهوات والملذات الأرضية .. إنهم محرومون من أروع متعة على ظهر هذه الأرض .. ولكن يا حسرة على العباد ..!
المهم أن تقبل على كتاب الله ، فلعل الله تعالى يفتح لك أبوابا من عنده ..
= أعدك أن أفعل ذلك ، واقول لك أنك نقلتني الليلة الى خارج الكرة الأرضية
بارك الله فيك .. إنما أرغب في دعاء في جوف ليل ، لعل الله يتقبل منك وينفعني به
= في هذه .. لا توصي .. سادعو لك دون أن تطلب ..

بارك الله في أنفاس حياتك.. ويسر الله لك كل طريق..وفرج الله عنك كل هم
وأسأل الله أن يملأ قلبك بنور محبته.. حتى تذوق حلاوة الأنس به ولذة الإقبال عليه ..
= آمييييييييييييييييييييين .. آمين اللهم استجب ..
طيب …. استودعك الله الذي لا تضيع ودائعه
وصيتي الدائمة لك :
لا تنس ذكر الله تعالى .. وتذكر انه معك أقرب إليك من كل شيء ، ومن كل أحد ..
لا تنس من هو معك على مدار الساعة
كان بعض الشيوخ يوصي تلميذ له عند السفر :
كن له صاحبا ، يكن لك معينا
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت ** أستغفرك وأتوب إليك

بارك الله فيك اخوي خليجية
بارك الله فيك اخوي خليجية
بارك الله فيك اخوي

الأخت الفاضلة / السنافية
………. رعاك الله وحفظك

جزاك الله خيرا وبارك فيك ..
وتقبل الله منا ومنك .

بوعبدالرحمن
جزاك الله خير
وبارك الرحمن فيك
واجارك من عذاب القبر وعذاب جهنم
وحرمك على النار
وادخلك الجنان بلا حساب ولا عقاب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.