ومما يستدل به على تعظيم شان النساء أن الرجل يستحلف بالله الذي لاشيء اعظم منه,وبالمشي إلى بيت الله,وبصدقه ماله,وعتق رقيقه,فيسهل ذلك عليه ولا يانف منه فان استحلف بطلاق امراته تربد وجهه,وطار الغضب من دماغه.يتمنع ويعصي ويغضب ويأبى حتى لو لم يكن يحبها,ولايستكفر منها.وان كانت نفسها قبيحة المنظر,دقيقة الحسب,خفيفة الصداق,قليلة النسب.
ليس ذلك إلا لما قد عظم الله من شان الزوجات في صدور الأزواج.ثم إن الله تعالى خلق من المرأة ولدا من غير ذكر,ولم يخلق من الرجل ولدا من غير انثى.فخض بالآية العجيبة والبرهان المنير المرأة دون الرجل,كما خلق المسيح في بطن مريم من غير ذكر.
ليس ينبغي لنا أن نقصر في حقوق المرأة .و ليس ينبغي لمن عظم حقوق الآباء أن يصغر حقوق الأمهات و كذلك الاخوة و الاخوات و البنين و البنات . لا يتكلف الرجال إلا لهن و لا يتقدمون إلا من أجلهن ، حتى تأتي الحيطان الرفيعة و الأبواب الوثيقة ،و الستور الكثيفة و الحشوة و الحواضن لم تتخذ الا للصون منهن و الاحتفاظ بما يجب في حفظ النعمة فيهن .
أنا لم نجد أحدا من الناس عشق والديه و لا ولده ، ولا من عشق مراكبه و منزله كما رأيناهم يموتون من عشق النساء . ولو أن رجلا من ادمث الناس و أشدهم تخليصا لكلامه ، و محاسبة نفسه ، جلس مع امرأة لا تزن بمنطق ولا تعرف بحسن الحديث ،ثم كان يعشقها بينهما في الاحاديث و لتلاقح بينهما في المعاني و الالفاظ ما كان لا يجري بين دغفل بن حنظلة (الشيباني الذهلي النسابة الخطيب) وبين *** لسان الحمرة ( وكان انسب العرب و أعظمهم بصرا) و إنما هذا على قدر تمكن الغزل في الرجل .
الجاحظ
#G#