وحذر القائمون على القطاع من وجود حالات استغلال واضحة وراء فوضى الاسعار التي يشهدها السوق المحلي في الوقت الراهن، الأمر الذي يتطلب تدخل سريع من وزارات الاقتصاد والصناعة والامانة العامة للبلديات وبلديات الدولة وغرف التجارة لكبح جماح الانفلات السعري في أسعار مواد البناء، وغير المبرر، ووجود ما يمكن تسميتهم بعصابات الأسواق لتحقيق مكاسب على حساب المستهلك النهائي خاصة الراغبين في بناء مساكن خاصة ومعظمهم من المواطنين العاديين.
ونوهت مصادر القطاع في تصريحات خاصة إلى ان الخطر الأكبر من فوضى وانفلات السوق يتمثل في فقدان مصداقية الاستثمار في الدولة، كما بدأ انعكاسات الاسعار على السوق في رفض شركات المقاولات تنفيذ الالتزام بتحديد اسعار المشاريع الجديدة، بل وصل البعض منهم إلى رفض التعاقد على مشاريع جديدة خشية الخسائر الناجمة عن ارتفاع اسعار مواد البناء، خاصة مع تحميل بعض شركات المقاولات خسائر وصلت إلى خمسة وستة ملايين درهم في المشروع الواحد (بناء برج).
ويقول المهندس محمد غزوان الخادم مدير المشاريع في شركة بن زايد للمقاولات إن ما يحدث بسوق مواد البناء لا يخرج عن كونه حالة من الفوضى والانفلات بلا حدود ودون ضوابط واستغلال واضح، والمواطنين اصحاب مشاريع الفلل والمساكن الخاصة هم أول الضحايا، وسيزداد هذا الوضع سوءاً في ظل غياب دور الدولة والجهات المسؤولة تحت دعوة حرية السوق والتي اضحت اليوم هي الفوضى وليس الحرية، فلا يوةد في اي من دول المنطقة والعالم ما يحدث في الدولة حالياً، فأسعار طن الحديد تكاد ترتفع بمعدل يومي، ليصل طن الحديد اليوم إلى حوالي 2400 درهم بزيادة 100 درهم عن بداية الشهر للحديد القطري، وارتفع طن الحديد التركي إلى 2200 أي بزيادة نحو 1200 درهم عن عام مضى، ومازال الانفلات مستمر وسط توقعات بان يصل إلى 2800 وثلاثة آلاف درهم مع نهاية العام وربما يتجاوز ذلك بكثير.
وقال إن هذا الوضع الغريب وغير المسبوق، ادى إلى هروب شركات المقاولات من تنفيذ المشاريع، وكادت بعض الشركات تدخل دائرة الافلاس نتيجة تراكم الخسائر، إن لم يكن البعض قد أفلس فعلياً، مشيراً إلى أن آخر مستجدات السوق هو رفض شركات المقاولات تقديم تسعير بالمشاريع الجديد، نظراً لعدم ضمان ثبات السعر أو حدوث زيادة بمستوى معقول.
واضاف مهندس غزوان انه لا يمكن ان نبالغ في وصف ما يحدث بالسوق بأن هناك عصابة تتجكم في السوق، والدليل ان تحرك الاسعار يأتي من مختلف الموردين في وقت واحد ولجميع مواد البناء، بما في ذلك الاسمنت الذي ارتفع سعره 9 في المئة في 21 فبراير الماضي سط توقعات بحدوث زيادة جديدة في مايو المقبل، موضحاً ان كل زيادة ليس لها اي مبرر على الاطلاق، فليس هناك زيادات في التكاليف تماثل الزيادة في الاسعار.
وقال ان الهامش الذي كان يمكن تجاوزه في الاسعار لم يعد قائماً وتجاوزته الاسعار بشكل كبير، لدرجة ان خسائر شركات المقاولات وصلت إلى 6 ملايين درهم في احد الابراح، وهو ما يعني الاقتراب من كارثة اقتصادية على شركات المقاولات، في ظل عدم البحث عن بدائل للحديد التركي والقطري.
وقال غزوان ان هناك حديد روماني وبلغاري يمكن الاستفادة منه وعلى البلديات اعتماد استخدامه علاوة على ضرورة البحث عن انشاء شركة وطنية في هذا المجال واحياء شركة صناعات الإمارات حتى لا يقع السوق تحت رحمة المستغلين، منوهاً إلى خطر آخر يتمثل في ضرورة العمل بشكل سريع لحماية الملاك واصحاب الفلل من (غباء) مهندسي التصاميم في استخدام كميات حديد تسليح مبالغ فيها ولا توجد حاجة فعلية لاستخدامها، خاصة في المباني العادية، وهو ما يمثل اهداراً كبيراً.
واضاف مهندس غزوان ان الاسمنت لم يكن بعيداً عن هذه الفوضى، فقد فوجئنا بزيادة سعر الاسمنت في الشعر الماضي بواقع 8 إلى 9 قي المئة على الطن، وقد ارتفع السعر ما يقارب 40 في المئة خلال عام ونصف العام تحت مبرر زيادة التكلفة، وهو غير صحيح على الاطلاق، بل هو استغلال لسياسة حرية السوق.
واشار إلى ان شركات الخرسانة السابقة التجهيز قامت هي الاخرى بفرض زيادة في السعر على المتر المكعب بأكثر من معدل الزيادة في سعر الأسمنت، حيث بلغت فروق الزيادة التي قامت شركات الخرسانة بفرضها بنحو 40 في المئة، وعاد غزوان وحذر من مخاطر ارتفاع الاسعار على سمعة الاستثمار العقاري في السوق المحلي والذي يمثل اليوم 70 في المئة من الواقع الاستثماري الحالي بالدولة وخاصة دبي.
ويقول اياد طوقان مدير المشتروات في مصانع جمعة الماجد للمنتجات الاسمنتية ان واقع السوق في المرحلة الراهنة يتسم بعدم الاستقرار والتغير السريع دون اسباب مبررة ومقبولة اقتصادياً فقبل شهرين كان الحديث عن سعر الفي درهم لطن الحديد أمر مستحيل الحدوث، ولكن الآن تجاوز الأمر ذلك يلصل إلى 2300 و2400، بل هناك تخوفات في السوق حالياً من الدخول لاسعار الآلاف الثلاثة للطن قبل نهاية العام، وخلال ثلاثة اشهر زاد السعر 25 في المئة، وخلال ستة اشهر زاد 70 في المئة، وخلال الشهور الستة القادمة فالسعر مرشح لنفس المستوى.
وقال طوقان ان الزيادة في الاسعار لخدمات الشحن والامداد، خاصة بعد استغلال شركات الشحن انتقال عدد من الشركات للعمل على خط الصين لنقل حديد التسليح يرفع اسعار الشحن إلى المنطقة، اضافة إلى أن عامل الاستغلال من جانب التجار للاسعار، والارتفاع الطفيف في المواد الخام، كل هذا لعب دوراً في زيادة اسعار الحديد، وان كان عامل استغلال التجار هو الاكثر تأثيراً.
وقال طوقان ان تبرير الموردين برفع الاسعار للحديد نتج عن اسباب خارجية أمر غير مقبول، خاصة ان هناك منتجات حديد اخرى مثل الحديد الصناعي ومنتجات الحديد ذات الطلب العادي، لم يحدث عليها زيادة كبيرة ومبالغ فيها في السعر، وهو ما يع** وجود سوء نية في زيادة الاسعار.
واضاف ان التوقعات في الاسعار للمواد الخام اصبحت صعبة لعدم وضوح الرؤية وبالتالي اصبح من شبه المستحيل ان تحدد شركات المقاولات اسعار التعاقدات المستقبلية، فسعر الحديد اصبح الآن من الأمور (الغيبية) ان جاز التعبير، حتى وصل البعض للقول ان (فيتامين الحديد) اصبح هو الآخر في مهب الريح كنوع من (التنكيت).
واوضح اياد طوقان ان اسعار الاسمنت شهدت ارتفاعاً هي الاخرى ليصل الطن حالياً إلى 215 و220 درهما للطن بعد اضافة 20 درهماً على الطن في الشهر الماضي وتحديدا اعتبارا من 20 فبراير ويتحدث السوق حاليا عن دخول دائرة 250 طرهما للطن قريباِ.
وقال إن عدم جدوى دخول اسمنت من الدول الاخرى لانتفاء المنافسة خاصة من عمان اصبحت من العوامل المساعدة لرفع هيئة منتجي الاسمنت السعر بشكل دوري، فخلال عام زاد السعر 60 درهما للطن، ولكن المطلوب ان تكون هناك وقفة سريعة وعاجلة لدراسة ما يجري بالسوق حتى لو كان هناك طلب مستمر خاصة ان الاسعار بدأت تمتد إلى منتجات اخرى مثل المنتجات الاسمنتية.
بارك الله فيك أخووي