تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » عزيزتي الأم الصديقة القارئة:

عزيزتي الأم الصديقة القارئة:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إنه فن التودد وحسن التعامل بين أفراد الأسرة وقد أطلقنا على هذا الفن ‘ الغزل ‘ وأولى خطوات هذا الفن هي: معرفة طرق ووسائل **ب أفراد الأسرة بعضهم لبعض وما هي وسائل تحقيق هذه الغاية ؟
إن هذه الوسائل تتلخص في إجابات على مجموعة من الأسئلة تدور دائماً في نفس الأبناء وذلك لأنها تمثل احتياجاتهم النفسية و العاطفية .

1- من يعلمني الحرية ؟
علينا أن نربى ال*** على الشخصية الحرة والأفق الواسع والنفسية الرحبة التي لا تعرف التفكير المحدود أو التعلق بالدنيا والماديات، وأن يشعر أنه حر لا يتقيد بوقف معين في الحكم على الأمور أو الأشخاص فيتخذ قرارات ارتجالية بناء على سوء ظن ، بل يتحرر من كل ذلك ويرتفع فوق كل هذه السلبيات.
مثلا: لو تأخر صديق عن موعده أو لم يحضر فليس معنى ذلك أن يغضب ال*** و يقطع علاقته به، بل عليه أن يتفهم أولا سبب تأخره وأن يلتمس له العذر وأن يظل على علاقته به.

2- من يتعاطف معي ؟
هناك أوقات يمر بها الأبناء يحتاجون فيها إلى تعاطفنا وتضامننا معهم تماماً، ولحظة قسوة أو إهمال من الوالدين في وقت الحاجة قد تخلف وتسبب مشاكل لا حصر لها.
فمثلاً: يحتاج ال*** أو البنت إلى من يخفف عنهما عند عودتهما من الامتحان وعندئذ يكون من الخطأ أن تسأل الأم فوراً: كيف كان الامتحان ؟ فإذا كان الجواب غير مرضى بدأت بالصراخ والتأنيب والتشاؤم ، فال*** في هذه اللحظة أحوج ما يكون إلى الحنان والعطف ! وكان على الأم أن تستقبله بالسلام والابتسام وتهيئة الجو حتى يرتاح أولاً ثم تسأله عن الامتحان ، فإذا كان الجواب غير مرضى قالت له: لا بأس التفت إلى المواد التالية وإن شاء الله تكون درجاتك فيها أفضل ! وهكذا, ولينتبه الآباء والأمهات فكثير من الأبناء وقعوا في هاوية الانحراف بسبب انعدام لحظات التعاطف في أوقات احتياجهم لذويهم .

3- من يجيب على أسئلتي ؟
إن من أكثر الأخطاء شيوعاً تجاهل أسئلة الأبناء فعلى الآباء أن يجيبوا على أسئلتهم واستفساراتهم ولو كانت محرجة أحياناً، لأن الأبناء إن لم يجدوا إجابة على أسئلتهم داخل المنزل فسيبحثون عنها خارج المنزل، وهنا يكمن الخطر ، فقد يحصلون على معلومات غير صحيحة أو مشوشة أو بطريقة مبتذلة من رفقاء السوء وهذا ما لا تحمد عقباه .
ولذلك عليهم – الآباء و الأمهات – أن تتسع صدورهم لأسئلة أبنائهم ولتكن الإجابة بما يتناسب مع السن والمرحلة التي يمر بها الأبناء .

4- من يتحمل صحبتي ؟
هل ينجح الآباء في مد جسور الصداقة بينهم وبين الأبناء ؟ وهل يحرصون على ذلك ؟
إن تكوين علاقة صداقة قوية بين الوالدين وأبنائهم أمر مهم جداً وضروري للغاية حتى يشعر الأبناء بالحنان والثقة والأمان ،وحتى نفتح لهم المجال ليتحدثوا بما يجول في خواطرهم وما يقابلهم من مشاكل في حياتهم , إن الوالدين اللذان يبنيان علاقتهما بالأبناء على الطريقة العسكرية- أي مجرد أوامر و تنفيذ- يخسرون كثيرا فإن هذه العلاقة الجافة الصارمة ستنهار وسيلجأ الأبناء لتكوين علاقات دافئة خارج المنزل للتعويض عن صداقة الوالدين المفقودة .

5- من هو اليتيم ؟
إن المنزل الذي يضم أباً وأماً لا يحيطان أبناءهما بالحب والرعاية والتوجيه ، هذا المنزل أشبه ما يكون بمنزل الأيتام الذي لا أم فيه ولا أب ، فوجودهما مثل غيابهما لا فرق.
وما هي فائدة وجود الأب الذي لا يرى أبنائه إلا وهم نائمين فهو يعمل ليل نهار كالآلة ولا يوجد عنده وقت لأي شيء آخر، وما هو دور الأم التي تنشغل دائماً بالتنظيف أو الهاتف ولا يتسع وقتها ولا تفكيرها لاستيعاب أبنائها ؟
إن اليتيم حقاً هو الطفل الذي استقال والداه من وظيفة التربية والرعاية والتوجيه ، مع أن هذه الوظيفة هي التجارة الرابحة التي سرعان ما يجنى الوالدان ثمارها .

وإلى حين اللقاء لكم منا خالص الحب والمودة
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الفطام النفسي

تقول إحدى الفتيات:
[ أنا ضعيفة الشخصية والسبب أهلي لأنهم يتدخلون في كل صغيرة وكبيرة في حياتي فتعودت الاعتماد عليهم في شئوني اليومية وفي أخذ قراراتي ].
وتقول أخرى: [ أشعر باليتم رغم وجود أمي فأنا أفعل كل شيء بمفردي وأتحمل نتائج قراراتي وبالتالي دائمًا أشعر بالقلق وعدم الاطمئنان ].

عزيزتي الأم الصديقة القارئة:
هناك من الأهل من يتدخل تدخلاً مباشرًا في كل صغيرة وكبيرة في حياة أبنائهم فيرتبون لهم مواعيد مذاكرتهم، ويحددون لهم أوقات راحتهم، وطريقة الإنفاق، ويختارون لهم شكل ولون الملابس التي يرتدونها. ويعينون لهم الأصحاب والأصدقاء الذين يتعاملون معهم إلى ذلك.
والأبناء الذين ينشئون على هذا الشكل من التربية يكبرون وقد اتصفوا بالتردد وضعف الشخصية وعدم القدرة على اتخاذ القرار، لأنهم لم ينالوا التدريب الكافي على القطع برأي من تلقاء أنفسهم، إذ هناك على الدوام من يفكر لهم.
والفريق الثاني من الأهل من يرى ترك الأبناء يتعلمون كل شيء بأنفسهم دون أدنى تدخل من جانب الأهل وذلك عن طريق التجربة [الفشل والنجاح] وتحمل نتيجة العمل الذي قاموا به والسؤال هنا:

ما هي حدود التدخل في حياة الأبناء؟
وكيف يتم تعويد المراهق على الاستقلال وتحمل المسؤولية؟
وما معنى الفطام النفسي؟

وبداية قبل التطرق إلى إجابات هذه الأسئلة لا بد أن نقر ونتفق على عدة نقاط وهي:
1ـ أن ال***ة المراهقة لم تعد طفلة بل أصبحت كائنًا جديدًا يعاند ويعارض وينتقد.
2ـ أن من حاجات مرحلة المراهقة إثبات الذات وتأكيد الهوية والحاجة إلى الاستقلال.
3ـ بالرغم من احتياج المراهق للاستقلال إلا أنه أيضًا في ذات الوقت يحتاج إلى مساعدة والديه أكثر من أي وقت مضى وقد نرى من مظاهر التمرد والعصيان والعناد وما يبديه المراهق من سلوك قد يبدو في ظاهره عداوة للأسرة إلا أنه في حقيقة الأمر يحب والديه ويحتاج للعطف والحب والاهتمام من قبلهم. ويمكننا القول أن المراهق يمر بمواقف تناقض فهو يحب ويكره ويحترم ويحتقر ويطيع ويعاند.وبعد فهمنا لهذه الأمور هيا بنا لنتعرف معًا على معنى الفطام النفسي.

الفطام النفسي:
يقول د. فؤاد البهي في كتابه الأسس النفسية للنمو من الطفولة إلى المراهقة، عن الفطام النفسي ما يلي:
يتخفف الفرد المراهق من علاقته بالأسرة واتصاله المباشر بها، ويتصل اتصالاً قويًا بأقرانه وزملائه، ثم يتخفف من علاقته بهم ليتصل من قريب بالمجتمع القائم ولهذا كان لزامًا على أهله وذويه أن يساعدوه على هذا التحرر ويتخففوا من سيطرتهم عليه شيئًا فشيئًا، حتى يمضي قدمًا في طريق نموه، وللمغالاة في رعاية المراهق وحمايته من كل أذى وكل خبرة شاقة أثر ضار على إعاقة عظامه النفسي، وخير للمراهق أن يعتمد على نفسه في شراء لوازمه وحاجياته وملابسه وفي اختيار أصدقائه، وفي قضاء أوقات فراغه، والاستمتاع بهواياته، وتأكيد مكانته بين إخوته بما يتناسب ومستواه ونشاطه، وخير للأسرة أن تمهد للمراهق الوسيلة الفعالة للاشتراك الإيجابي في مناقشة بعض المشاكل العائلية المباشرة وأن تحترم آرائه، وأن تدربه على التعاون مع والديه في بعض أمورهما، وعلى تكوين صداقة قوية بينه وبينهما. وهكذا يتحرر المراهق من خضوع طفولته وخنوعها، ويشعر بأهميته ويتدرب على حياته المقبلة في المجتمع الكبير.

حدود التدخل في حياة الأبناء:
هناك قاعدتان لتدخل الأهل في حياة الأبناء:
الأولى: مبدأ {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم:6]
الثانية: مبدأ [[ لاعبه لسبع وأدبه لسبع وصاحبه لسبع ثم اترك حبله على الغارب ]].

والمرحلة العمرية التي نحن بصدد الحديث عنها هي مرحلة المصاحبة فإن الأبناء في أشد الاحتياج إلى الصديق الوفي والناصح المخلص، والصاحب المتفاهم، وليس هناك أحد في الوجود كله أوفى وأخلص من الوالد ل***ه ولا أوفى وأخلص من الأم ل***تها.

يقول صاحب كتاب تربية المراهق في رحاب الإسلام:
[ فالتدخل من الأبوين ينبغي أن يكون في الأمور التي تستحق التدخل، وفي الأمور التي تكون فيها معرفة المراهق محدودة أو عندما تعرضه قراراته لخطورة ما، مع إهمال الأمور الهامشية الصغيرة التي لا تضر، والأمور التي يستطيع المراهق اتخاذ قرارات ناضجة فيها, والتوسط مطلوب في هذه الأحوال، ونساعد بذلك المراهق في الاعتماد على نفسه وفي أخذ القرارات ونتعامل معه بمرونة في حدود الأطر الدينية والقيم السليمة، وبذلك يعد المراهق ليكون شابًا له دوره في المجتمع وتعد المراهقة لتكون شابة لها دورها كذلك ] اهـ..

فالأم مثلاً تتيح ل***تها فرصة دخول المطبخ والعمل فيه، وعلى الأم أن تثني عليها، وتتقبل خطأها بنفس راضية، إذ تعد الفتاة لمرحلة الرشد والقيام بمهام جديدة والأب ينبغي أن يُسر بعمل ***ته، ولا يعتب على زوجته عند تكليفها بأي عمل.
وقد ثبت من خلال الأبحاث والإحصاءات أن الأبناء المراهقين الذين يتدخل الآباء في شئونهم بشكل إيجابي ويشعرونهم بالحب والاحترام كانوا أقل تعرضًا للأمراض النفسية ومشاكل الانحراف.
وانظري عزيزتي الأم إلى رأي د. سيد محمود الطواب في كتابه النمو الإنساني حيث يقول:
[يؤكد كل من جونالز وكلوز [وهم من علماء النفس] أن الآباء الأكفاء المثاليين الذي يشعون أفضل أنواع الاستقلال الذاتي هم أولئك الذين يدركون أن المراهقين هم أفراد مستقلون،ولهم كيان خارجي بهم، ويظهرون اهتمامًا حقيقيًا بأبنائهم، ولكن ليس لدرجة التدخل الزائد عن الحد].

كيف يتم تعويد المراهق على الاستقلال:
عزيزتي الأم القارئة:
إذا كان المراهق مكلفًا شرعًا وائتمنه ربه على الصلاة والصيام والحج وهي أعظم العبادات فلماذا لا يُؤتمن على وجوه الصرف المالي، وبعض مهارات الأسرة؟
لماذا لا يتدرب المراهقون، ولو بالتدريج من الأقل إلى الأكثر لينسجم مع طبيعة المراهق؟ ويتحدد بعدها دوره الجديد وإثبات ذاته وقيمته.
فإننا إذا منعنا المراهق من تحمل المسؤولية فسوف يوظف طاقاته في أمور أخرى غير مجدية كالانشغال بمشاهدة التلفاز ومتابعة المجلات وتضييع الأوقات.
ولا بد أن يراعى التدريج في تعويد الأبناء على التمتع بالاستقلال والحرية خلال مراحل نموه المختلفة، أما منح الحرية فجأة فقد يؤدي بالأبناء إلى إساءة فهم دوافع آبائهم وإحساس المراهقة بأنه قد فقد العون والسند الذي كان يعينه أيام الطفولة.

ومن الضروري أن يقتنع الأهل بأن المراهق يريد أن يشق طريقه بنفسه وأن ينظم حياته بنفسه فإذا ما حاول الآباء الاستمرار في السيطرة عليه ووضع القيود والقوانين متجاهلين نموه الطبيعي فإنه سيقاوم هذه القيود ويخرج عليها. وإن التدخل في كل صغيرة وكبيرة في حياة المراهق إما أن يدفعه إلى التمر أو إلى الخنوع والقلق , وبلغة علم النفس فإن المراهق يلجأ قد إلى العدوان أو إلى الانطواء والانسحاب.


الصراحة معلومات مهمة لكل رب وربة أسرة لتربية جيل ناضج فكرياً ,,
تسلم أخي الكريم على الموضوع ,, ويزاك الله خير عليه ,,

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.