إذا نفذ سهم الشوق إلى الله سبحانه ، حتى يصل إلى قاع القلب ،
يفجر بالضرورة ينابيع الحب تترى
تجري بالخير في كل ثنية ، ومن خلال كل جارحة ،
ومن ثم يجد الناس عبق الأخلاق الزكية السنية ،
ويرون أنواراً للسلوك الحميد ، الذي افتقده واقع الحياة اليوم ،
حتى ظن كثيرون أنه لم يعد موجوداً إلا في بطون الكتب الصفراء القديمة ،
غير أن حقيقة الحقائق تقرر أن
هذا الصنف المتميز من الناس لا يزال يعطر الحياة من خلال عمق الإيمان بالله في قلبه
قومٌ كرام السجايا أينما نزلوا ****** يبقى المكان على آثارهم عبقا
– –
ولقد عرف العقلاء المنصفون أن جهة واحدة فقط في هذا العالم
هي التي يمكن أن تمنح هذا العطاء كله في زمن قصير مثالي ،
تلك الجهة هي :
جرعة إيمان عميق بالله ،
علامتها الواضحة إقبال قوي على تعاليم الله في مختلف دوائر التكليف ..
إن الإيمان العميق المتغلغل في أغوار القلب المنبثق عن معرفة جيدة لأسماء الله الحسنى ،
وصفاته العليا ، وآياته الكريمة في كتابه العظيم الخالد ،
إن هذا الإيمان لابد أن تنبثق عنه سلوكيات طاهرة لا أروع منها ،
ولا أحلى ، ولا أنقى ، ولا أقوى أثراً في دنيا الناس منها ،
ولقد شبّه بعض المفكرين هذا الأثر الملازم للإيمان العميق بالزهرة وأريجها ،
فما إن تتفتح الزهرة حتى يصاحبها أريجها العبق بالضرورة ، والزهرة التي لا عبـبر فيها ، ليست سوى زهرة ميتة لا روح فيها ، ولا خير منها !
فإذا لم تكن لإنسان سلوكيات طيبة واضحة مقيّدة بنصوص الوحي ،
فأعلم أن هذا الإنسان لا يملك في الحقيقة سوى دعاوى عريضة ،
وهل تكلّف الدعاوى صاحبها شيئاً ؟؟
إن أسهل شيء في دنيا الناس هي الدعاوى ،
ولكن هذه الدعاوى لا تنفع أصحابها شيئاً عند الله تعالى
كما قرر سبحانه ذلك في كتابه الكريم :
(( ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب ، من يعمل سوء يُجزأ به ))
فتأمل وافهم .. ثم اعمل ..
– –
وصـل :
كان أحد الصالحين يقول لتلميذٍ له :
يا بُـني .. إذا لم تبكِ شوقاً إلى الله جل جلاله .. فابكِ خوفاً ..!
والمعنى :
أن الشوق درجة راقية عالية رفيعة ..
أصحاب القلوب الحية التي اهتزت طرباً للفردوس ،
تسح دموعهم شوقاً إلى الله جل في علاه ..
نسأل الله أن ير** قلوبنا الشوق إلى لقائه ..
– – – — –
والله إني شعرت بقشعريرة في جسمي بعد قراءة كلماتك
ولا أقول سوى
نشكو إلى الله قسوة قلوبنا وكثرة ذنوبنا
جعلنا الله وإياك من اهل هذه المنزلة الرفيعة
اللهم آمين