تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » د.الأهدل: أثر التربية الإسلامية العدل

د.الأهدل: أثر التربية الإسلامية العدل 2024.

  • بواسطة
أثر التربية الإسلامية في أمن المجتمع الإسلامي (80)

الفرع الثالث: العدل بين الأزواج في الحكم.

وقد سن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في قصة طريفة، وقعت بين اثنتين من نسائه..

كما رواها أنس رضي الله عنه، قال:
كان النبي صلى الله عليه وسلم عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة فيها طعام، فضربت التي النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها يد الخادم، فسقطت الصحفة فانفلقت..

فجمع النبي صلى الله عليه وسلم فلق الصحفة، ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة، ويقول: ( غارت أمكم ).

ثم حبس الخادم حتى أتى بصحفة من عند التي هو في بيتها، فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي **رت صحفتها، وأمسك الم**ورة في بيت التي **رت فيها". [البخاري (6/157) والترمذي (3/631) وفيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( طعام بطعام وإناء بإناء ). وأبو داود (3/826)..].

وفي رواية عائشة رضي الله عنها بيان بأن صاحبة الصفحة الم**ورة هي صفية، وأن عائشة هي التي **رتها..

قالت عائشة رضي الله عنها:
ما رأيت صانعاً طعاماً مثل صفية، صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم طعاماً فبعثت به، فأخذني أفكل.. [رعدة شديدة بسبب الغيرة، راجع النهاية في غريب الحديث].

ف**رتُ الإناء فقلت:
يا رسول الله ما كفارة ما صنعت؟ قال: ( إناء بإناء وطعام مثل طعام ). [أبو داود (3/827ـ828)].

هذا وليعلم أن الأسرة في الفقه الإسلامي شاملة للزوجين ولجميع الأقارب الذين يعيشون في منزل واحد، أو منازل متقاربة أو متباعدة، وليست خاصة بالآباء والأولاد المباشرين كما قد يظن ذلك..

فهي تشمل الأبوين وآباءهم وأجدادهم وجداتهم، كما تشمل الأولاد وأولادهم، وإخوان الآباء وإخوانهم، وإخوان الأم وأخواتها، وأبناءهم وبناتهم..

وكل ذلك مفصل في كتب الفقه في النفقات والولايات والمواريث وغيرها. [راجع كتاب المغني ل*** قدامة (8/212ومابعدها)..].

وقال الشيخ محمد أبو زهرة، رحمه الله:
"كلمة الأسرة في الإسلام أوسع مدى من الأسرة في القوانين الأخرى..
فإن الأسرة في الإسلام تشمل الزوجين والأولاد الذين هم ثمرة الزواج وفروعهم..
كما تشمل الأصول من الآباء والأمهات، فيدخل في هذا الأجداد والجدات..
وتشمل أيضا فروع الأبوين، وهم الإخوة والأخوات وأولادهم..
وتشمل أيضاً فروع الأجداد والجدات، فيشمل العم والعمة وفروعهما، والخال والخالة وفروعهما..
وهكذا كلمة الأسرة تشمل الزوجين وتشمل الأقارب جميعاً، سواء منها الأدنون وغير الأدنين.

وهي حيثما سارت أوجدت حقوقاً وأثبتت واجبات، وتتفاوت مراتب هذه الحقوق بمقدار قربها من الشخص وبعدها عنه..

فالحقوق التي للأقارب الأقربين، أقوى من الحقوق التي تكون لمن هم أبعد منهم، وهكذا…" [تنظيم الإسلام للمجتمع ص63].

وبهذا المفهوم للأسرة يمكن أن تكون بعض القبائل أسرة واحدة، على كل فرد منها حقوق لمن قرب منه، وله حقوق كذلك.

المطلب الثاني: العدل بين الأولاد..

العدل بين الأولاد يجعلهم يطمئنون إلى آبائهم، ويُقَوِّي رابطتهم بهم، كما يمرنهم على مراعاة حقوق بعضهم على بعض، وعدم الاعتداء من بعضهم على بعض، لأن الوالدين هما القدوة الأولى للأولاد، فإذا رأى الأولاد من الآباء الاتصاف بالعدل دفعهم ذلك إلى الاقتداء بهم فاتصفوا به.

والمفاضلة بين الأولاد بغير سبب، تجعل المفضول يحقد على والده وعلى أخيه الذي فُضِّل عليه، كما تجعل الأولاد كلهم يقلدون والدهم في ذلك، ويطمعون في المفاضلة باستمرار.

ولقد حسم الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الأمر وشدد فيه، فأنكر على من فضَّل بعض أولاده على بعض، وأمر بالعدل، وسمى التفضيل جوراً.

كما روى النعمان بن بشير، رضي الله عنهما:
أن أباه أعطاه عطية، فقالت عمرة بنت رواحة "أم النعمان بن بشير": لا أرضى حتى تُشهِد رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم..

فقال:
إني أعطيت ***ي من عمرة بنت رواحة عطية، فأمرتني أن أشهدك يا رسول الله، قال: ( أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟ ) قال: لا، قال: ( فاتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم ) فرجع فرد عطيته.

وفي رواية:
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( فأرجعه ).

وفي رواية:
( فلا تشهدني إذاً، فإني لا أشهد على جور ).

وفي رواية:
( فأشهد على هذا غيري ) ثم قال: ( أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء؟ ) قال: بلى، قال: ( فلا إذا ).

وفي رواية:
( فلا يصلح هذا، وإني لا أشهد إلا على حق ). [البخاري (3/134) ومسلم (3/1241) والروايات الأربع المذكورة له].

وألفاظ الحديث واضحة في وجوب التسوية بين الأولاد، وفي أن المفاضلة بينهم بدون سبب مشروع، ظلم وباطل..

وقد أكد ذلك بالأمر بالتقوى والعدل، والأمر برد العطية، وبأنه لا يشهد إلا على حق، وأنه لا يشهد على جور..

وهذه الأمور لو فرضنا أن الأمر بإطلاقه لا يدل على الوجوب – وإن كان ذلك مرجوحاً – فإنها قرائن تمحض الأمر هنا للوجوب بدون أدنى شك..

وهذا يرد قول من ذهب إلى أن المفاضلة مكروهة فقط، وليست بحرام. [راجع شرح النووي على مسلم (11/66)].

وبهذا ينتهي هذا الباب المتعلق بتربية الأسرة، وقد حاولت الاختصار ما استطعت، كما حاولت الاكتفاء ببعض الأمور المتعلقة بذلك، ولم أتعرض للتفريعات خشية الإطالة.

وذلك – كما ترى – جدير بتثبيت الأمن والاستقرار في حياة الأسرة، لو طبق حق التطبيق، لما فيه من قيام كل فرد من أفراد الأسرة بحقوق الآخرين، وعدم الاعتداء من بعضهم على حقوق بعض.

بارك الله فيك وجزاك الله خير وجعله الله في ميزان حسناتك
جزاك الله خير أخي الشوق الزائد..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.