تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » د.الأهدل: أثر التربية الإسلامية أداء الواجبات والحقوق

د.الأهدل: أثر التربية الإسلامية أداء الواجبات والحقوق 2024.

أثر التربية الإسلامية في أمن المجتمع الإسلامي (96)

المبحث السادس عشر: أداء الواجبات والحقوق..

إن على أفراد المجتمع واجبات لغيرهم، ولهم حقوق، كذلك عند غيرهم..

والواجب أن يؤدي كل فرد ما عليه من الحقوق لغيره، كالزكاة التي هي ركن من أركان الإسلام، فقد فرضها الله سبحانه وتعالى على الأغنياء وبين مصارفها..

فتأخير أداء الزكاة عن وقتها فيه ظلم لأهلها الذين يستحقونها، وكذلك زكاة الفطر، والديون المستحقة، والكفارات، وأداء الشهادات، وغيرها.

إن هذه الحقوق عندما تؤدى في وقتها – ولا يؤخرها من وجبت عليه – يطمئن أهلها وينعمون بها وتقضي حاجاتهم، فيعيشون مع من أداها عيشه حب وإخاء وسلام..

أما إذا أخرها الذين وجبت عليهم وماطلوا في أدائها، فإن ذلك يحدث البغضاء والشقاق، وقد يؤدي إلى انتقام صاحب الحق من ظالمه، إما علناً وإما في الخفاء، وذلك يفقد الناس الأمن والطمأنينة.

والواجب على المجتمع الذي يريد أن ينعم بالأمن والاستقرار، أن يأخذ على يد من يماطل في أداء الحقوق والقيام بالواجبات، فقد حارب أبو بكر الصديق، رضي الله عنه والصحابة معه من منع الزكاة حتى أداها.

قال *** تيمية رحمه الله – وهو يتكلم عن أداء الأمانات -:
"ويدخل في هذا القسم – أي قسم الأموال التي يجب أداؤها إلى أهلها – الأعيان والديون الخاصة والعامة، مثل رد الودائع، ومال الشريك، والموكل والمضارب، ومال المولى ومال اليتيم وأهل الوقف، ونحو ذلك، وكذلك وفاء الديون من أثمان المبيعات، وبدل القرض، وصدقات النساء وأجور المنافع، ونحو ذلك". [السياسة الشرعية ص32ـ33].

ثم ساق الأدلة على ذلك وفصل القول في الغنيمة والصدقات والفيء [المرجع السابق ص37ـ43]. ثم تكلم عن الظلم الذي يقع من الرعاة أو الرعية في هذا الباب.. [المرجع السابق ص47 وما بعدها..].

ثم ذكر مصارف هذه الأموال، وختم ذلك بقوله:
"كما أن الصالحين أرباب السياسة الكاملة، هم الذين قاموا بالواجبات وتركوا المحرمات، وهم الذين يعطون ما يصلح الدين بعطائه، ولا يأخذون إلا ما أبيح لهم، ويغضبون لربهم إذا انتهكت محارمه..

ويعفون عن حظوظهم، وهذه أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم في بذله ودفعه وهي أكمل الأمور، وكلما كان إليها أقرب كان أفضل.

فليجتهد المسلم في التقرب إليها بجهد، وليستغفر الله بعد ذلك في قصوره أو تقصيره، بعد أن يعرف كمال ما بعث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم من الدين..

فهذا قول الله سبحانه وتعالى: (( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ))". [نفس المرجع ص55ـ67].

ومن أوجب الواجبات التي يجب القيام بها، أداء الموظف ما أسند إليه من ولي الأمر، كل في حدود عمله عن خبرة وأمانة وقدرة على التنفيذ..

فإن الموظف الذي يؤدي عمله بمحافظته على وقته وعدم تأخره عنه، وباستقبال أصحاب الحق بصدر رحب ووجه طلق، وأداء العمل الواجب عليه لكل صاحب حق في وقته، وعدم التفريق بين شخص وآخر، بسبب صداقة أو وساطة أو رشوة يحبه الناس ويأمنونه حقاً.

بخلاف من يعاملهم بضد ذلك، لما فيه من ظلم للناس وهضم للحقوق، وتقديم للمتأخر وتأخير للمتقدم، بدون حق بل بالباطل..

والموظف الذي يرتكب هذا المنكر وهو عدم قيامه بواجباته، أو التفريق بين الناس بدون حق، يحدث بذلك آثاراً سيئة من ضياع أوقات الناس وأعمالهم وأموالهم.

يضاف إلى الأحقاد والضغائن التي تمتلئ بها قلوب الناس، بسبب معاملته غير العادلة، وقلقهم على حقوقهم التي يرونها تهدر، وكرامتهم التي يرون الموظف يدوسها.

وما أكثر هؤلاء الفاسدين في بلدان المسلمين، الذين ينتشر بأعمالهم الفساد الإداري والمالي، وتضيع بتهاونهم وتقصيرهم حقوق الناس، وينال الظالمون بخيانتهم ما ليس لهم، ويحرم المظلومون مما هو خالص حقهم.

ولهذا يجب أن يختار لكل عمل من هو كفء له يؤدي فيه واجبه، وأن يحال بين الوظائف وذوي المطامع الشخصية ممن ليسوا بأكفاء، حتى يأمن الناس على حقوقهم متساوين في ذلك كله.. [راجع كت***ا المتعلق بهذا المعنى، وهو: الكفاءة الإدارية في السياسة الشرعية].

قال تعالى: (( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا )) [النساء:58].

موقع الروضة الإسلامي..
http://216.7.163.121/r.php?show=home…enu&sub0=start

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.