إن الحمدلله ، نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحق ، فبلغ الرساله وأدى الأمانة ، ونصح الأمة ، وجاهد في الله حق جهاده ، فصلوات الله وسلامه عليه ، وعلى آله وأصحابه ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد :
فإنه يسرني أن أحضر لأعبر عما في نفسي في هذا الموضوع الخطير وهو (( دور المرأة في إصلاح المجتمع )) .
فأقول مستعينا بالله عز وجل ، طالبا منه التوفيق للصواب والسداد . إن دور المرأة في إصلاح المجتمع دور له أهميته الكبرى ، وذلك لأن إصلاح المجتمع يكون على نوعين :
النوع الأول : الإصلاح الظاهر :
وهو الذي يكون في الأسواق ، وفي المسجد ، وفي غيرها من الأمور الظاهرة . وهذا يغلب فيه جانب الرجال لأنهم هم أهل البروز والظهور
النوع الثاني : إصلاح للمجتمع فيما وراء الجدر :
وهو الذي يكون في البيت ، وغالب مهمته موكول إلى النساء ، لأن المرأة هي ربة البيت ، كما قال الله سحبانه وتعالى موجها الخطاب والأمر إلى النساء النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : { وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا } .
نظن بعد ذلك أنه لا ضير علينا إن قلنا : إن إصلاح نصف المجتمع أو أكثر يكون منوطا بالمرأة ، وذلك لسببين .
السبب الأول :
أن النساء كالرجال عددا ، إن لم يكن أكثر ، أعني أن ذرية آدم أكثرهم من النساء ، كما دلت على ذلك السنة النبوية ، ولكنها تختلف من بلد ، إلى بلد ومن زمن إلى زمن ، فقد تكون النساء في بلد ما أكثر من الرجال ، وقد يكون الع** في بلد آخر ، كما أن النساء قد يكن أكثر من الرجال في زمن ، والع** في زمن آخر .
على كل حال فإن للمرأة دورا كبيرا في إصلاح المجتمع .
السبب الثاني :
أن نشأة الأجيال أول ما تنشأ إنما تكون في أحضان النساء ، وبه يتبين أهمية ما يجب على المرأة في إصلاح المجتمع .
مقومـات إصـلاح المـرأة فـي المجتمـع
لكي تتحقق أهمية المرأة في إصلاح المجتمع ، لا بد للمرأة من مؤهلات أو مقومات لتقوم بمهمتها في الإصلاح … وإليكم جانبا من هذه المقومات :
المقوم الأول : صلاح المرأة :
أن تكون المرأة نفسها صالحة ، لتكون أسوة حسنة ، وقدوة طيبة لبنات جنسها ، ولكن كيف تصل المرأة إلى الصلاح ؟ لتعلم كل إمرأة أنها لن تصل إلى الصلاح إلا بالعلم ، وما أعنيه هو العلم الشرعي الذي تتلقاه ، إما من بطون الكتب – إن أمكنها ذلك – وإما من أفواه العلماء ، سواء أكان هؤلاء العلماء من الرجال أو من النساء .
وفي عصرنا هذا يسهل كثيرا أن تتلقى المرأة العلم من أفواه العلماء ، وذلك بواسطة الأشرطة المسجلة ، فإن هذه الأشرطة – ولله الحمد – لها دور كبير في توجيه المجتمع إلى ما فيه الخير والصلاح ، وإذا استعملت في ذلك .
إذن فلا بد لصلاح المرأة من العلم ، لأنه لا صلاح إلا بالعلم .
المقوم الثاني : البيان والفصاحة :
أي أن يمن الله عليها – أي على المرأة – بالبيان والفصاحة ، بحيث يكون عندها طلاقة لسان وتعبير بيان تعبر به عما في ضميرها تعبيرا صادقا ، يكشف ما في قلبها وما في نفسها من المعاني ، التي قد تكون عند كثير من الناس ، ولكن يعجز أن يعبر عنها ، أو قد يعبر عنها بعبارات غير واضحة وغير بليغة ، وحينئذ لا يحصل المقصود الذي في نفس المتكلم من إصلاح الخلق .
وبناء على ذلك نسأل : ماالذي يوصل إلى هذا ، أي يوصل إلى البيان والفصاحة والتعبير عما في النفس بعبارة صادقة كاشفة عما في الضمير ؟
نقول : الطريق إلى ذلك هو أن يكون عند المرأة شيء من العلوم العربية : نحوها ، وصرفها ، وبلاغها ، وحينئذ لا بد أن يكون للمرأة دروس في ذلك ولو قليلة ، بحيث تعبر عما في نفسها تعبيرا صحيحا تستطيع به أن توصل المعنى غلى أفئدة النساء اللاتي تخاطبهن .
المقوم الثالث : الحكمة :
أي أن يكون لدى المرأة حكمة في الدعوة ، وفي إيصال العلم إلى من تخاطب ، وحكمة في وضع الشيء في موضعه ، كما قال أهل العلم ، وهي من نعمة الله سبحانه وتعالى على العبد ، أن يؤتيه الله الحكمة . قال الله عز وجل : { يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا } [ سورة البقرة / 269 ] وما أكثر ما يفوت المقصود ويحصل الخلل ، إذا لم تكن هناك حكمة ! فمن الحكمة في الدعوة إلى الله عز وجل أن ينزل المخاطب المنزلة اللائقة به ، فإذا كان جاهلا عومل المعاملة التي تناسب حاله ، وإذا كان عالما ، ولكن عنده شيء من التفريط والإهمال والغفلة عومل بما تقتضيه حاله ، وإذا كان عالما ، ولكن عنده شيء من الاستكبار ورد الحق عومل بما تقتضيه حاله .
فالناس – إذن – على درجات ثلاث : جاهل ، وعالم متكاسل ، وعالم معاند ، ولايمكن أن تسوي كل واحد بالآخر ، بل لا بد أن ننزل كل إنسان منزلته ، ولهذا لما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم معاذا إلى اليمن قال له : (( إنك تأتي قوما أهل كتاب )) ، وإنما قال له النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ، ليعرف معاذا حالهم كي يستعد لهم بما تقتضيه هذه الحال ويخاطبهم بما تقتضيه هذه الحال أيضا .
العلامة الشيخ / محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
أي أن كون المرأة حسنة التربية لأولادها ، لأن أولادها هم رجال المستقبل ، ونساء المستقبل ، وأول ما ينشئون يقابلون هذه الأم ، فإذا كانت الأم على جانب من الأخلاق ، وحسن المعاملة ، وظهروا على يديها وتربوا عليها ، فأنهم سوف يكون لهم أثر كبير في إصلاح المجتمع .
لذلك يجب على المرأة ذات الأولاد أن تعتني بأولادها ، وأن تهتم بتربيتهم ، وأن تستعين إذا عجزت عن إصلاحهم وحدها ، بأبيهم أو بولي أمرهم ، إذا لم يكن لهم أب من إخوة ، أو أعمام ، أو بني أخوة ، أو غير ذلك .
ولا ينبغي للمرأة أن تستسلم للواقع
وتقول : سار الناس على هذا فلا أستطيع أن أغير ، لأننا لو بقينا هكذا مستسلمين للواقع ماتم الإصلاح إذ إن الإصلاح لابد أ يغير ما فسد إلى وجه الإصلاح ، ولا بد أن يغير الصالح إلى ماهو أصلح حتى تستقيم الأمور .
ثم إن التسليم للواقع أمر غير وارد في الشريعة الإسلامية ، ولهذا لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم في أمة مشركة يعبد أفرادها الأصنام ، ويقطعون الأرحام ، ويظلمون ويبغون على الناس بغير حق ، لم يستسلم صلى الله عليه وسلم ، بل لم يأذن الله له أن يستسلم للأمر الواقع ، بل قال سبحانه وتعالى : (( فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين )) فأمر سبحانه أن يصدع بالحق ، وأن يعرض عن المشركين ، ويتناسى شركهم وعدوانهم حتى يتم له الأمر ، وهذا هو الذي حصل ، نعم قد يقول قائل : إن من الحكمة أن نغير ، لكن ليس بالسرعة التي نريدها ، لأن المجتمع على خلاف ما نريد من الإصلاح . فحينئذ لا بد أن ينتقل الإنسان بالناس لإصلاحهم من الأهم إلى ما دونه ، أي يبدأ بإصلاح الأهم والأكثر إلحاحا ، ثم ينتقل بالناس شيئا فشيئا حتى يتم له مقصوده .
النشـــــاط فــــــي الدعــــــوة
أي أن تكون للمرأة دور في تثقيف بنات جنسها ، وذلك من خلال المجتمع / سواء أكان في المدرسة ، أو الجامعة ، أو في مرحلة ما بعد الجامعة كالدراسات العليا . كذلك أيضا من خلال المجتمع فيما بين النساء من الزيارات التي يحصل فيها من الكلمات المفيدة ما يحصل .
ولقد بلغنا – ولله الحمد – أن لبعض النساء دورا كبيرا في هذه المسألة ، وأنهن قد رتبن جلسات لبنات جنسها في العلوم الشرعية ، والعلوم العربية ، وهذا لا شك أمر طيب تحمد المرأة عليه ، وثوابه باق لها بعد موتها لقول النبي صلى الله عليه وسلم : إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث : إلا من صدقة جارية ، أو علم ينفع به ، أو ولد صالح يدعو له . (1)
فإذا كانت المرأة ذات نشاط في مجتمعها في نشر الدعوة : من خلال الزيارات ، أو من خلال المجتمعات في المدارس أو غيرها ، كان لها أثر كبير ، ودور واسع في إصلاح المجتمع .
هذا هو ما حضرني الآن بالنسبة لدرو المرأة في إصلاح المجتمع ، وذكر مقومات هذا الإصلاح .
هذا والله سبحانه أسأل أن يحعلنا هداة مهتدين ، وصالحين مصلحين ، وأن يهبنا منه رحمته إنه هو الوهاب . والحمدلله رب العالمين ، وصلى الله على نبينا محمد ، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
انه موضوع حساس جدا فالام مدرسة فكيف نعدها تربي الاجال وتتحمل الامانة الملقاة في ذمتها؟000000