هذه مهدااااااااااااااااااااااء لك يا روحي …
حاورت نفسي الجزعاء ونزعت عنها لباس السكون، يا نفسي البائسة لا تتأوهي وحرري من الماضي والحاضر الشجون. قالت: يا عبد مم جزعي ؟ أمن لقاء المولى بتلك السنين ؟ أم من حفر قبري أمام التخوم ؟ بل الخطب يا عبد أعظم مما تقول. ومن حيرتي سألتها: فما الخطب يا عرضي المصون ؟ فبقولك شاب شعري ولم ترمش من العين الجفون. قالت: يا عبد جزعت أن أُلقى في السجون! سجون الذُل والهوان لا سجون العز والمنون. خشيت أن أحيد عن الدرب الذي رسمه لنا رب البنون، وأتيه في الحياة الدنيا بجنون.
رثيت لهذه النفس المؤمنة، فأي نفس لها أن تعانق السماء الذي عانقته هي؟ فهي النفس المثالية حقاً، وهي النفس التي سوف تعيد سفينة المسلمين إلى بحار المجد. وستعيد عزة المسلمين إلى قمم جبال المجد العاتية. رثيت لها لأنها وحيدة في هذه الحياة المريرة الجائرة، التي لم ترع حقوق الأمة الإسلامية النائمة شرعيتها في سيادة العالم، ذلك العالم المتخلف روحياً والفارغ نفسياً. ذلك العالم الذي يتغطّى بلحاف المادية المنهارة. ذلك العالم الذي يحكم فيه القوي الضعيف ويستعبده حتى في الأمور الشخصية والعلاقات الاجتماعية الخاصة.
عتاب ولوم أوجهه لتلك النفوس التي تملك قلبين في جوف واحد، تلك الأنفس التي تأسر الإسلام وتقيده بالأغلال، ثم تغطّي جسدها العاري به. والإسلام برئ منها براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام. فهذه الأنفس مسلمة الهوية والأوراق الثبوتية، لا مكان لها في حضيرة الإسلام الطاهرة المعطرة بالرياحين التي تلامس النفس والروح. وسوف ينكشف في يوم من الأيام زيف هذه الأقنعة التي ترتديها فتظهر عراها وخواءها. " ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ".
والنفس البشرية مثل الطفل، إن ربيتها على شئ فطمت عليه، فإن اعتادت ال**ل والخمول واللامبالاة والتسويف والمهانة، حُقّرت وذُلّت وسعت إلى الشهوات، واجتنبت الطاعات ولم تقدر على أعباء الطريق الطويل الشاقة. بينما إن رُوّضت منذ الصغر على الطاعات والخير انقادت إليك مثل الحمل الوديع.
والنفس كالطفــل إن تفطمـها *** عـلى حـب الـــــرضاع تفطــــــــم
فإن استطعت على ترويضها وقيادتها، عندها تستحق التهنئة على مجهودك، وانتصارك على ألدّ أعدائك، و**بك لصديق مثالي يرافقك في طريقك الشاق المليء بالحفر والأشواك. عندها تستحق التهنئة على عزتك وثباتك وشموخك وارتفاعك عن الأنفس الخاوية.
و شكرا لتفضلكم بقراءة الموضوع .