تضليل امريكي مكشوف 2024.

2002/12/06

في شهر آب (اغسطس) عام 1990، وبعد ايام من احتلال القوات العراقية للكويت، اعلنت الادارة الامريكية انها التقطت صورا عبر الاقمار الصناعية تؤكد حشد اكثر من ربع مليون جندي عراقي قرب الحدود السعودية، استعدادا لاحتلال آبار النفط في المنطقة الشرقية، والتقدم نحو الرياض.
الصور التي قدمها ديك تشيني وزير الدفاع الامريكي الي العاهل السعودي الملك فهد حول تلك الحشودات كانت مزورة، ولم يحاول احد في الاعلام الغربي المتحضر، او الاعلام العربي الغائب عن الوعي التأكد من مصداقية هذه الصور، ومدي صحتها، باستثناء صحافية واحدة، اسمها جين هيللر، تعمل في صحيفة سانت بطرسبرغ تايمز في فلوريدا، وحازت علي خمس جوائز صحافية، نجحت في اقناع رئيس تحريرها بشراء صورتين، بمبلغ 1600 دولار، من وكالة سويز كارتا التي تمثل شركة اقمار صناعية تجارية روسية مستقلة، واثبتت انه لا توجد مثل هذه الحشودات علي الاطلاق، بالامس اعلن آري فليشر المتحدث باسم البيت الابيض ان الرئيس جورج بوش لديه اساس قوي يؤكد ان العراق يملك اسلحة دمار شامل علي الرغم من عدم قدرة مفتشي الاسلحة التابعين للامم المتحدة علي العثور عليها حتي الان.
السؤال الذي يطرح نفسه بكل بساطة، هو انه اذا كان الرئيس بوش يملك فعلا مثل هذه الادلة القوية علي امتلاك العراق اسلحة دمار شامل فلماذا لا يقدمها للمفتشين الدوليين، طالما انهم موجودون حاليا في العراق، ويملكون حرية الحركة، ويجدون كل التعاون من قبل الحكومة العراقية.
الرئيس بوش لا يملك ادلة، ولكنه يملك الة عسكرية جبارة، وخطط غزو جاهزة ومعتمدة للعراق، ولذلك سيفبركها ، تماما مثلما فبرك الصور عن الحشودات العراقية علي حدود السعودية. ولن يجد من يشكك او يحاول البحث عن الحقيقة.
وليس صدفة ان يتحدث البيت الابيض عن هذه الادلة قبل يومين فقط من نهاية مهلة الشهر التي حددها مجلس الامن الدولي للحكومة العراقية لتقديم كشف بما لديها من اسلحة دمار شامل وغير شامل. واعلان هذه الحكومة استعدادها للتجاوب مع هذه المهلة بالكامل في الوقت المحدد.
ہ ہ ہ
انها الحرب الدعائية، او البروباغندا التي تمهد للحرب الكبري، وهناك ادارة خاصة في وزارة الدفاع الامريكية البنتاغون تشرف علي عمليات التزوير وبث الانباء الكاذبة، والمضللة، الي الصحف، وبعض المسؤولين العرب وغير العرب، وبما يخدم المخططات الاستعمارية الامريكية الجديدة.
فهذه الجهات هي التي احضرت الفتاة نيرة الصباح ***ة السفير الكويتي في واشنطن لكي تدعي انها شاهدت الجنود العراقيين يقذفون بالاطفال الخدج الي الارض لكي يستولوا علي الحاضنات، وبلغت درجة الاتقان في التمثيل الانفجار في البكاء تأثرا، لنكتشف بعد ذلك ان الامر كان تمثيلا اعدت فصوله شركة علاقات عامة متخصصة في الكذب والتزوير، مما اجبر منظمة العفو الدولية علي الاعتذار وسحب هذه الادعاءات، ولكن بعد ان انتهت الحرب، وبعد ا***ج القوات العراقية من الكويت و***ب البصرة.
حرب التضليل بدأت منذ ان كشفت الحكومة البريطانية عن ملف يحتوي علي ادلة عن امتلاك العراق اسلحة نووية وبيولوجية وكيماوية، وحددت مجمع ام المعارك الصناعي علي انه مصدر انتاجها، وكان هذا المعمل اول محطة للمفتشين بعد عودتهم، ولم يعثروا علي اي اثر لمثل هذه الاسلحة.
ويوم امس قام المفتشون بزيارة مفاجئة الي احد قصور الرئاسة العراقية، وتجولوا فيه بكل حرية، ولم يعثروا علي شيء. ولكن الغريب ان هؤلاء الذين يبحثون عن اسلحة كيماوية وبيولوجية لم يرتدوا اقنعة واقية، او ملابس مصنعة لحمايتهم من اخطارها، الامر الذي يؤكد انهم لم يكونوا في مهمة للبحث عن اسلحة دمار شامل، وانما للتجسس، واستفزاز القيادة العراقية، لعلها تغضب او تحاول وضع عراقيل تتخذها الادارة الامريكية ذريعة لاعلان الحرب.
ہ ہ ہ
السيد كوفي عنان امين عام الامم المتحدة يصرح بان التعاون العراقي مع المفتشين كان مثاليا حتي هذه اللحظة، فيرد الرئيس الامريكي باقوال مناقضة لذلك تماما، في كذب مفضوح، ولكن من يقول للملك الامريكي انه عار.
الاستعدادات للحرب مستمرة، والقوات تتدفق الي منطقة الخليج والقواعد الامريكية فيها، ومبعوثو الرئيس بوش يطوفون بالعواصم المعنية لشراء ذمم من يريد ثمنا مقابل المشاركة، واطلاق التهديدات لمن يفكر بالمعارضة، فمن يقف مع العدوان الامريكي سيكافأ، ومن يعارضه سيسحق، اما من يقف في الوسط الرمادي، فمصيره الاهمال لفترة وجيزة ثم السحق في نهاية المطاف.
بول ولفوفيتز نائب وزير الدفاع الامريكي حصل علي الموافقة التركية لاستضافة مئة الف جندي امريكي علي حدودها مع العراق، للتقدم نحو بغداد من الشمال، والكويت اقامت منطقة عسكرية مغلقة علي حدودها الشمالية انشأت فيها مطارات، وعنابر للدبابات والجنود، اما قطر فتستضيف مناورات جديدة تحت اشراف تومي فران** قائد القوات الامريكية في الخليج وبحضور رونالد رامسفيلد وزير الدفاع للتدريب علي سيناريوهات الغزو.
ہ ہ ہ
الرئيس العراقي طالب اهل بلاده بالصبر، وقال انه فعل كل ما يمكن فعله لتسهيل مهمة المفتشين، وفضح الاكاذيب الامريكية، ولكن هذه الاكاذيب مفضوحة اصلا، وليس امام العراقيين اي خيار آخر غير الصبر والمقاومة دفاعا عن شرفهم وكرامتهم.
العراق ربما يخسر هذه الحرب، فهو دولة من العالم الثالث تواجه دولة هي الاعظم ومعها لفيف من الباحثين عن فتات الغنائم، ولكن الولايات المتحدة لن تربح هذه الحرب، حتي لو نجحت في اطاحة النظام العراقي، لأن المشاكل والازمات ستبدأ لاحقا، بعد دخول بغداد ـ لا قدر الله ـ لان اسقاط حكم حركة طالبان، ودخول كابول لم ينه تنظيم القاعدة، ولم يؤد الي اعتقال زعيمه الشيخ اسامة بن لادن واركان قيادته.

منقول من جروب ياهوو

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Scroll to Top