مساء ً هذا اليوم من عملي قررت الذهاب به الى الستشفى … رغم
التعب و الارهاق إلا ان التعب لأجله راحة … حملته و ذهبت … لقد كان
المنتظرون كثيرون … ربما نتأخر اكثر من ساعة … اخذت رقما ً للدخول
على الطبيب و توجهت للجلوس في غرفة الانتظار … وجوه كثيرة
مختلفة … فيهم الصغير و الكبير … الصمت يخيم على الجميع … يوجد
عدد من الكتيبات الصغيرة استأثر بها بعض الاخوة … اجلت ُ طرفي في
الحاضرين … البعض مغمض العينين لا تعرف فيم يفكر … و آخر يتابع
نظرات الجميع … و الكثير تحس على وجوهمهم القلق و الملل من
الانتظار … يقطع السكون الطويل صوت المنادي برقم كذا … الفرحة
على وجه المنادى عليه … يسير بخطوات سريعة … ثم يعود الصمت
للجميع … لفت نظري شاب في مقتبل العمر … لا يعنيه اي شيء
حوله … لقد كان معه مصحف جيب صغير يقرأ فيه … لا يرفع طرفه …
نظرت اليه و لم افكر في حاله كثيرا ً … لكنني عندما طال انتظاري عن
ساعة كاملة تحول مجرد نظري اليه الى تفكير عميق في اسلوب حياته
و محافظته على الوقت … ساعة كاملة من عمري ماذا استفدت منها و
انا فارغ بلا عمل و لا شغل … بل انتظار ممل … اذن المؤذن لصلاة
المغرب … ذهبنا للصلاة في مصلى المستشفى … حاولت ان اكون
بجوار صاحب المصحف … و بعد ان اتممنا الصلاة سرت معه و اخبرته
باعجابي به من محافظته على وقته … و كان حديثه يتركز على كثرة
الاوقات التي لا يستفيد منها اطلاقا ً و هي ايام و ليال ٍ تنقضي من
اعمارنا دون ان نحس او نندم …
و اخبرني انه يقرأ في الاوقات التي لا يستفاد منها كثيرا ً اضعاف ما يقرأ
في المسجد او في المنزل … بل ان قراءته في المصحف زيادة على
الاجر و المثوبة ان شاء الله تقطع عليه الملل و التوتر … و اضاف محدثي
قائلا ً انه الآن في مكان الانتظار منذ ما يزيد على الساعة و النصف … و
سألني متى ستجد ساعة و نصف لتقرأ فيها القرآن ؟ تأملت .. كم من
الاوقات تذهب سدى ؟! و كم من لحظة في حياتك تمر لا تحسب لها
حساب ؟! بل كم من شهر يمر عليك و لا تقرأ القرآن ؟!
اجلت ناظري … وجدت اني محاسب و الزمن ليس بيدي .. فماذا انتظر
؟؟ قطع تفكيري صوت المنادي … ذهبت الى الطبيب … اريد ان احقق
شيئا ً الآن … بعد ان خرجت من المستشفى اسرعت الى المكتبة …
اشتريت مصحفا ً صغيرا ً … قررت ان احافظ على وقتي … فكرت و انا
اضع المصحف في جيبي كم من شخص سيفعل ذلك ؟؟ و كم من الاجر
العظيم يكون للدال على ذلك ؟؟
منقول